تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، بتوجيه كلمة سامية بمناسبة مرور خمسة وعشرين عامًا على تولي جلالته مقاليد الحكم. جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يصادف اليوم ذكرى رحيل فقيدنا الكبير، رحمه الله واسكنه فسيح جناته، صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وبغيابه قبل خمسة وعشرين عامًا، فقدت البحرين قائدًا وأبًا محبوبًا، وأخًا وصديقًا مخلصًا لكل فرد من أبناء وطنه، فكان رصيده الإنساني ونموذجه القيادي أصدق تجسيد لصورة البحرين المتحضرة ولخُلق إنسانها السمح والمعروف بوفائه وطيب خصاله، وهو ما أكسبه، رحمه الله، حب شعبه واحترام العالم أجمع.
ولقد نذرنا النفس، "كإبنٍ لعيسى وحافظًا لعهده"، بأن تتواصل مسيرة البناء والتطوير بذات العزم الوطني لخدمة مملكتنا العزيزة وحمل أمانتها العظيمة، والتي قطعنا من أجلها، أمام الله، عهدًا موثوقًا بأن تبقى نموذجًا متحضرًا، ووطنًا متقدمًا يفخر بكفاءة أبناءه وبناته، ويعتز بسعيهم المخلص لعلو شأن البحرين وصون كل ذرة من ترابها الوطني.
وعلى هذا العهد حافظنا وسرنا معكم، يدًا بيد، تحت راية مملكة البحرين الأبية، واستطعنا، بفضل المولى، بالرغم من كل الصعوبات والتحديات، بأن نضع مصلحة بلادنا ووحدتها فوق كل اعتبار، وهو نهج سيبقى في جوهره ثابتاً ولن نحيد عنه، ونحن نمضي، بكل تفاؤل وعزيمة وإصرار، لتحقيق ما نصبو له من نهوض وطني يسمو بطموحاته ويرتقي بآماله.
وفي مثل هذه اللحظات الهامة من ذاكرة الوطن، تتجدد لدينا مشاعر التقدير والاعتزاز بما تبدونه نحونا من التفاف وولاء صادق، فمن هذا الموقع، وفي ظل هذا المسجد المبارك،
بدأت مشاوراتنا للإعداد لمشروع ميثاق العمل الوطني، واستطعنا أن نحقق – معًا - هذا "الإنجاز البحريني" النابع من عمق مجتمعنا المتماسك، فأصبح، ولله الحمد، واقعًا معاشاً ومرجعاً راسخاً لمسيرتنا الوطنية.
ونستذكر وبكل فخر الموقف التاريخي لشعب مملكة البحرين بإجماعه الوطني على الميثاق، الذي جاء بمثابة البيعة لعهدٍ وعصرٍ جديد، حملنا لواءه، وبقوة الإيمان، سيراً على خطى رجل النهضة، والدي ووالد الجميع عيسى ابن سلمان، ومعه جيل الآباء من الرواد الذين أغنوا ساحات العمل على امتداد المسيرة العامرة بزخم عطائهم المخلص وعملهم الصالح.
وكما نهلنا وتعلمنا من سيرة ومسيرة روادنا الأوائل، يواصل ابن البحرين البار، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي عهدنا ورئيس مجلس الوزراء، بذات الحرص والالتزام لخدمة وطنه وأهله، وبمعية أنجالنا الكرام الذين يتولون مسئولياتهم بروح وطنية عالية ضمن "فريق البحرين" الواحد، ونحسبهم – جميعاً - في تكاتفهم كالبنيان المرصوص بتمسكهم بشرف خدمة وطنهم، والمحافظة على أمانته، والذود عن مصالحه.
وإننا على يقينٍ تام بأن راية الوطن ستبقى مرفوعة في ميادين العز والشموخ، بإذن المولى، وتحت حماية قواتنا الوطنية، الدفاعية والأمنية، برجالها ونسائها الأوفياء والشجعان، المحافظين على عهودهم والملتزمين بما أقسموا عليه أمام الله.
وبعونه تعالى، فإن انطلاقة البحرين مستمرة ومتواصلة، ولا تفريط فيها، وسيظل واجب صونها أول الواجبات وعلى رأس المسئوليات للحفاظ على رفعتها وتقدمها كمملكة حامية للحقوق والحريات، وواحة أمن وأمان للعيش المشترك، ومنارة مشعة بالتسامح والانفتاح الحضاري .. وهي تمد يدها بالمودة والمحبة والدعم والتعاون لجميع أشقائها وأصدقائها، وكما هو العهد بها على مر الأزمان .. وعاشت البحرين بلداً للكرام ومهداً للسلام.