"شغف" يستكشف رحلة 60 عاماً من ممارسته المهنة
حوراء مرهون
النوخذة عبدالله سلمان التصق بالبحر برفقة والده منذ كان طفلاً في الخامسة من عمره، وأصبح "نوخذة" مبكراً جداً في سن الثانية عشرة، ليجلس على مقعد الزعامة في جالبوت ممتلئ بالبحارة الأشداء.
كاميرا "الوطن"، وضمن حلقة جديدة من برنامج "شغف" الذى تبثه على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، أبحرت في جالبوت النوخذة عبدالله سلمان من منطقة المحرق لتستكشف رحلة الشغف التي لازمته مع هذه المهنة والتي امتدت لأكثر من ستين عاماً.
وفي ما يلي نص اللقاء:
- عرفنا بنفسك؟
اسمي عبدالله سلمان داوود، أبلغ من العمر 68 عاماً، قضيت جل عمري في البحر، وفتحت عيني في سن الخامسة وأنا أعمل مع "الروايّة"، المهنة التي تتطلب نقل الطعام والشراب واحتياجات الصيادين إلى البانوش أو الجالبوت. وحين بلغت الثانية عشرة أصبحت نوخذة لي قرار الأمر والنهي على متن الجالبوت.
وقد ورثت هذه المهنة من أبي وجدي، ثم ورثتها لأبنائي الثمانية، وكلهم الآن بحارّة أبطال.
- حدثني عن ذكرياتك في البحر؟
قديماً، كان العمل في البحر به خير وفير، وكنا نبحر لكل مكان في الخليج بلا حدود، ولكن الآن تحكمنا الحواجز والحدود.
هذه المهنة تمثل رزق الآباء والأجداد، كان أجدادي قديماً يبحرون "القطاعة" بين البحرين والهند والبصرة، لنقل البضائع مثل التمر وخشب البامبو.
- لماذا تعلقت بالبحر؟
أجمل ما في البحر أنك تطلب الرزق من الرحمن وليس من المخلوق، والله من يحدد لك رزقك، أحياناً يكون الصيد وفيراً وفي أحيان أخرى تعود خاوي اليدين. البحر رزق للفقير والتاجر في الآن ذاته.
- يبلغ عمر الجالبوت الذي تملكه 140 عاماً، فما الفرق بين الجالبوت والبانوش؟
الجالبوت يتميز بالثبات والهدوء أمام الهواء والرياح، أما البانوش فهو أسرع. لذا قديماً كنا نفضل الجالبوت لأنه لا يميل مع الريح.
الجالبوت الذي أملكه عمره 140 سنة وكان مملوكاً لعائلة مطر، واشتراه والدي وورثته أنا، وكنا نستخدمه لنقل البضائع والسيارات وتوصيل الناس بين دول الخليج.
وقد حافظت على الجالبوت طوال هذه السنوات بالصيانة المستمرة، ولأنه أساساً صنع من خشب هندي بجودة عالية.
- ماذا علمتك المهنة؟
علمتني "اليباس" أو الشدة، وأن يتبع الناس قائداً واحداً بكلمة واحدة لا تصبح اثنتين. كلمة النوخذة لا تناقش ولا تتبدل، لأنه إذا لم يكن شديداً سيصبح ألعوبة وأضحوكة في المركب. وقد أحببت المهنة ومحال أن أترك البحر.
ما هي فترة الغوص؟
إجمالاً نغوص في الصيف لا الشتاء، وينقسم الغوص في البحرين لأربع مواسم، الغوص "العود" 4 أشهر و 10 أيام، الغوص "الخوانج" عند دخول الشتاء وخروج الصيف، والغوص "المطامس"، وغوص "التيّني" في الشتاء.
- ما أشهر الأمثال في البحر؟
هناك مثل يدل على بأس النوخذة يقول: "طبعان دوس على ترّيجة"، ويعني أن البحارة يخبرون النوخذة بأن مركبه قد غرق ويتوقعون منه أن يقلق ويخاف ولكنه يرد عليهم بهذا المثل:" طبعان دوس على تريجّه ومادام أنا فيه وفي البحر يوصل البندر" ليؤكد قوة النوخذة وبأنه لا يهاب شيئا ويثق بأنه مادام في المركب سيصل المركب بسلام.
وهنالك مقولة أخرى: "صمخ النواخذة" وهي تعني بأنه يسمع كل شيء ولكن لا يهتم لكل الأمور، مثل "المطر اللي ما يبلك ما يهمك".
هل تذكر بعضاً من الأغاني التي كنتم ترددونها؟
لم نكن نردد الأغاني والألحان، إنما المواويل جهراً، على سبيل المثال: "هولو يا مليه.. هولو يا مليه"، وهو موال نردده للعمل في الجالبوت وبعد أن ننهي العمل نقول: "وهذا الشغل تمامه، الحمدلله على السلامة".
وموال آخر يقول: " قوموا العبو يا عزوتي مادام راسي عدل، ولين مت يا عزوتي خلو اللعب لعداي، هذا من الله ماهو منكم".
وبعد العودة من موسم الغوص الكبير تتجمع النساء عند البحر مرتديات ثوب النشل والمشموم ويُحضرْن معهن سعف النخيل يحرقْنه بالنار ويرمِينَه في البحر ثم يُردّدْن: "جويناك يا بحر"، ويحضرْن قطاً ليقول: "مياو" ويردّدْن خلفه "ياو" بمعنى جاء الغواصة باللهجة المحرقية.
{{ article.visit_count }}
حوراء مرهون
النوخذة عبدالله سلمان التصق بالبحر برفقة والده منذ كان طفلاً في الخامسة من عمره، وأصبح "نوخذة" مبكراً جداً في سن الثانية عشرة، ليجلس على مقعد الزعامة في جالبوت ممتلئ بالبحارة الأشداء.
كاميرا "الوطن"، وضمن حلقة جديدة من برنامج "شغف" الذى تبثه على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، أبحرت في جالبوت النوخذة عبدالله سلمان من منطقة المحرق لتستكشف رحلة الشغف التي لازمته مع هذه المهنة والتي امتدت لأكثر من ستين عاماً.
وفي ما يلي نص اللقاء:
- عرفنا بنفسك؟
اسمي عبدالله سلمان داوود، أبلغ من العمر 68 عاماً، قضيت جل عمري في البحر، وفتحت عيني في سن الخامسة وأنا أعمل مع "الروايّة"، المهنة التي تتطلب نقل الطعام والشراب واحتياجات الصيادين إلى البانوش أو الجالبوت. وحين بلغت الثانية عشرة أصبحت نوخذة لي قرار الأمر والنهي على متن الجالبوت.
وقد ورثت هذه المهنة من أبي وجدي، ثم ورثتها لأبنائي الثمانية، وكلهم الآن بحارّة أبطال.
- حدثني عن ذكرياتك في البحر؟
قديماً، كان العمل في البحر به خير وفير، وكنا نبحر لكل مكان في الخليج بلا حدود، ولكن الآن تحكمنا الحواجز والحدود.
هذه المهنة تمثل رزق الآباء والأجداد، كان أجدادي قديماً يبحرون "القطاعة" بين البحرين والهند والبصرة، لنقل البضائع مثل التمر وخشب البامبو.
- لماذا تعلقت بالبحر؟
أجمل ما في البحر أنك تطلب الرزق من الرحمن وليس من المخلوق، والله من يحدد لك رزقك، أحياناً يكون الصيد وفيراً وفي أحيان أخرى تعود خاوي اليدين. البحر رزق للفقير والتاجر في الآن ذاته.
- يبلغ عمر الجالبوت الذي تملكه 140 عاماً، فما الفرق بين الجالبوت والبانوش؟
الجالبوت يتميز بالثبات والهدوء أمام الهواء والرياح، أما البانوش فهو أسرع. لذا قديماً كنا نفضل الجالبوت لأنه لا يميل مع الريح.
الجالبوت الذي أملكه عمره 140 سنة وكان مملوكاً لعائلة مطر، واشتراه والدي وورثته أنا، وكنا نستخدمه لنقل البضائع والسيارات وتوصيل الناس بين دول الخليج.
وقد حافظت على الجالبوت طوال هذه السنوات بالصيانة المستمرة، ولأنه أساساً صنع من خشب هندي بجودة عالية.
- ماذا علمتك المهنة؟
علمتني "اليباس" أو الشدة، وأن يتبع الناس قائداً واحداً بكلمة واحدة لا تصبح اثنتين. كلمة النوخذة لا تناقش ولا تتبدل، لأنه إذا لم يكن شديداً سيصبح ألعوبة وأضحوكة في المركب. وقد أحببت المهنة ومحال أن أترك البحر.
ما هي فترة الغوص؟
إجمالاً نغوص في الصيف لا الشتاء، وينقسم الغوص في البحرين لأربع مواسم، الغوص "العود" 4 أشهر و 10 أيام، الغوص "الخوانج" عند دخول الشتاء وخروج الصيف، والغوص "المطامس"، وغوص "التيّني" في الشتاء.
- ما أشهر الأمثال في البحر؟
هناك مثل يدل على بأس النوخذة يقول: "طبعان دوس على ترّيجة"، ويعني أن البحارة يخبرون النوخذة بأن مركبه قد غرق ويتوقعون منه أن يقلق ويخاف ولكنه يرد عليهم بهذا المثل:" طبعان دوس على تريجّه ومادام أنا فيه وفي البحر يوصل البندر" ليؤكد قوة النوخذة وبأنه لا يهاب شيئا ويثق بأنه مادام في المركب سيصل المركب بسلام.
وهنالك مقولة أخرى: "صمخ النواخذة" وهي تعني بأنه يسمع كل شيء ولكن لا يهتم لكل الأمور، مثل "المطر اللي ما يبلك ما يهمك".
هل تذكر بعضاً من الأغاني التي كنتم ترددونها؟
لم نكن نردد الأغاني والألحان، إنما المواويل جهراً، على سبيل المثال: "هولو يا مليه.. هولو يا مليه"، وهو موال نردده للعمل في الجالبوت وبعد أن ننهي العمل نقول: "وهذا الشغل تمامه، الحمدلله على السلامة".
وموال آخر يقول: " قوموا العبو يا عزوتي مادام راسي عدل، ولين مت يا عزوتي خلو اللعب لعداي، هذا من الله ماهو منكم".
وبعد العودة من موسم الغوص الكبير تتجمع النساء عند البحر مرتديات ثوب النشل والمشموم ويُحضرْن معهن سعف النخيل يحرقْنه بالنار ويرمِينَه في البحر ثم يُردّدْن: "جويناك يا بحر"، ويحضرْن قطاً ليقول: "مياو" ويردّدْن خلفه "ياو" بمعنى جاء الغواصة باللهجة المحرقية.