تقترب الحكومة اليابانية من إطلاق خطة نهضة نووية واسعة بعد مرور 13 عامًا على كارثة فوكوشيما النووية، لكن العودة السلسة أثبتت صعوبة بالنسبة للدولة التي كانت ذات يوم أكبر منتج للطاقة النووية في العالم.
وقال تحليل نشره موقع أويل برايس إنه في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة تقديم تعهدات نبيلة بشأن تنشيط الصناعة، الأمر الذي من شأنه أن يدعم استقلال اليابان في مجال الطاقة بالإضافة إلى مسار إزالة الكربون، فقد ظل توليد الطاقة النووية راكدًا بين 5 و8% من مزيج الطاقة في البلاد لسنوات حتى الآن.
ويبدو أن هدف اليابان لتوليد 20% إلى 22% من الطاقة النووية بحلول عام 2030 بعيد المنال على نحو متزايد مع اقتراب ذلك الموعد النهائي، كما يبدو تعهدها الأخير بزيادة طاقتها النووية إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2050 غير مرجح نسبيا ما لم تغير البلاد نهجها بشكل جدي. ووفقا للمحللين، فإن "الفجوة المتسعة بين الرؤية والواقع السياسي تعرض للخطر أهداف سياسة الطاقة المهمة مثل أمن الطاقة وإزالة الكربون من إمدادات الطاقة".
ذكرى فوكوشيما المؤلمة
ومنذ مأساة فوكوشيما النووية عام 2011، تجنبت السياسة والرأي العام اليابانيان إلى حد كبير استخدام الطاقة النووية، وذلك بعد أن أدى أقوى زلزال تم تسجيله في اليابان على الإطلاق إلى تسونامي اصطدم بمحطة فوكوشيما للطاقة النووية. وكانت النتيجة أسوأ كارثة نووية منذ تشيرنوبيل، وما أعقب ذلك من تغيير جذري في سياسة الطاقة اليابانية. واجتمع الرأي العام الياباني لإدانة إنتاج الطاقة النووية في مجتمعاتهم.
ولكن الآن، وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان، بدأ الخوف المتولد عن فوكوشيما يتلاشى، وبدأت الفوائد التي لا تعد ولا تحصى من الطاقة النووية في الظهور مرة أخرى على المقايضات في البلاد.
التحول إلى الطاقة النظيفة
واليابان، التي كانت ذات يوم رائدة في مجال المناخ، تأخرت الآن كثيرا في التحول إلى الطاقة النظيفة. وخلال العقد الذي تلا مأساة فوكوشيما، أصبحت البلاد تعتمد بشكل كبير على واردات الوقود الأحفوري الأجنبي، ونتيجة لذلك، شهدت البلاد ارتفاعًا كبيرًا في انبعاثات الغازات الدفيئة. وكان اعتماد البلاد المتزايد على الفحم على مدى السنوات الـ 13 الماضية يمثل مشكلة كبيرة بشكل خاص بالنسبة للبصمة الكربونية للبلاد. ولذلك فإن الطاقة النووية، وهي بديل للطاقة خالية من الكربون، تمثل فرصة كبيرة للبلاد لترسيخ مكانتها على رأس حركة إزالة الكربون.
جهد كبير منتظر
وينتظر البلاد جهد كبير. وحتى الآن، هناك 33 مفاعلاً نووياً تجارياً فقط من أسطول البلاد المكون من 55 مفاعلاً نووياً تجارياً في حالة صالحة للعمل، ويخضع 27 منها فقط لعملية السماح باستئناف العمليات، وهي التي في حال تم تشغيلها، ستوفر قريبًا حوالي 14% من احتياجات اليابان من الطاقة. وفي حين أن هذه مساهمة كبيرة، إلا أنها بعيدة كل البعد عن أهداف الطاقة النووية التي تتبناها البلاد.
لكن في الوقت نفسه، تبدو انتقادات بشأن هذا المسار. ففي حين يرى البعض أن هذا بمثابة صرخة حاشدة لمضاعفة الجهود المبذولة في مجال الطاقة النووية على وجه السرعة، يشعر آخرون أن هذا النهج الخاطئ وأنه بدلا من ذلك فإن التركيز نحو التوسع السريع في مصادر الطاقة المتجددة هو الأفضل لليابان.
واليابان ليست الدولة الوحيدة التي تراهن حاليًا بشكل كبير على الطاقة النووية، إذ تشهد الطاقة النووية نهضة على المستوى العالمي مع تلاشي ذكريات الكوارث مثل فوكوشيما واستمرار تضخم الحاجة الملحة إلى بدائل الطاقة الخالية من الكربون.