مأساة بدأت بسماعات الأذن وانتهت بإرادة نجاح للارتقاء صوب أعلى المراكز


مريم حمد قابيل - طالبة إعلام في جامعة البحرين

مأساة بدأت مع ولع بسماعات الأذن ومكبرات الصوت، فما كان عشقاً للأصوات العالية انتهى بعدم القدرة على الاستماع لأي أصوات، هي ربما الإضاءة الأولى على حكاية أسماء جعفر محمد طالبة الإعلام في تخصص الإذاعة والتلفزيون في جامعة البحرين، إلا أن وجع المأساة لم يبق ألماً وحسرة على طول الخط، مع عزيمة وإرداة كبيرة تحولت الإعاقة إلى دافع للإنجاز وتفوق دراسي.

ورغم ما تخلل رحلة حياة أسماء حتى اللحظة من معوقات وصعوبات وحتى التنمر، فإن النهج الراسخ في البحرين لدعم كل أصحاب الإعاقة وتنمية قدراتهم ومهاراتهم، أوصلها اليوم لتكون بين متفوقي طلاب جامعتها، وباتت قادرة على رسم أحلام كبيرة تريد من خلالها أن ترد بعض أفضال وطنها عليها.

وفيما يأتي نص اللقاء الكامل مع أسماء جعفر

من هي أسماء؟

- أسماء جعفر محمد طالبة إعلام تخصص الإذاعة والتلفزيون، كنت طفلة تعيش حياتها بشكل طبيعي، وقد عشت طفولة متميزة ولطالما كنت طالبة متفوقة دراسياً.

متى بدأ معك فقدان السمع؟

- بدأ معي فجأة فقدان السمع في المرحلة الإعدادية، وهنا حدث التغيير عندما بدأ مستواي الدراسي ينخفض تدريجياً، إلى أن أخفقت في مقرر دراسي، ولم أكن على علم بالسبب في ذلك لوقت، حتى اكتشفت أني أعاني من فقدان السمع.

ما هو سبب فقدان السمع؟

- كنت من هواة استخدام سماعات الأذن ومكبرات الصوت بكثرة أثناء الاستماع إلى المقاطع، وكان ذلك السبب الرئيس حيث كان له تأثير سلبي كبير على الخلايا السمعية والتي أوصلتني إلى درجة فقدان السمع، وهنا أتقدم بنصيحة لمستخدمي السماعات أو المكبرات الصوتية بأن يتم استخدامها باعتدال وبشكل محدود.

ما هو سبب اختيارك تخصص الإذاعة والتلفزيون على الرغم من وجود إعاقة سمعية؟

- التخصص كان حلماً بالنسبة لي، والإعاقة السمعية جعلتني أندفع أكثر لمواجهة التحديات، وكان هناك معركة بيني وبين الدراسة للوصول إلى حلمي.

كيف تعايشتِ مع فترة فقدان السمع؟

- بدأت التعايش بالاقتناع ودعم الأهل والأصدقاء وفي مقدمتهم الوالدان.

في بداية مسيرتك كيف واجهت التنمر؟

- تعرضت لكثير من التنمر بسبب عدم رؤيتهم للسماعة الطبية تحت حجابي، فكنت أتعرض لمواقف محرجة أمام الناس وما كانت ردة فعلي في البداية سوى ابتسامة، أما فيما بعد فقد استقبلت استغراب الناس بإخبارهم أن لدي مشكلة في السمع، وأني أرتدي سماعة طبية تساعدني على السمع. إلى الآن أواجه التنمر بسبب عدم قدرتي على السمع وتمييز الأصوات من بعيد، ولكن بت أستطيع الرد على المتنمرين.

وكيف تغلبت على التنمر؟

- لا أنكر أنني قد انهرتُ في بعض من المواقف، ولكن نحن لا نعرف ظروف الأشخاص فلا يمكن أن نتنمر على أشخاص ليس لديهم المقدرة على تعديل وجهات النظر وتمكنت من التغلب على التنمر بمواجهة المتنمرين والرد عليهم.

من كان الداعم الأول لكِ خلال مسيرتك العلمية؟

- أولاً نفسي، ثانياً دعم الوالدين اللذين حرصا على التحاقي بالجامعة، وأخيراً بعض الأصدقاء ممن كانوا مشجعين لي لمواجهة العقبات التي أمر بها.

كيف أبدعتِ في الدراسة على الرغم من الصعوبات التي واجهتك؟

- الدراسة كانت تحدياً لي وللأشخاص الذين رأوا أن ليس لدي المقدرة على إكمال بقية حياتي واعتقدوا أنني لن أصل إلى طموحاتي، واليوم تستمر طموحاتي وبينها أن أصل إلى مرحلة الماجستير وسوف أتقدم للحصول على رخصة طيران خاصة، وإضافة إلى ذلك الدراسة في المعهد العالي للفنون (في دولة الكويت).

ما هو الدافع الأكبر الذي جعلكِ تدخلين مجال الإعلام وبالأخص الإذاعة والتلفزيون؟

- بسبب حُبِي للحركة والعمل المستمر المتنوع، كما أيضاً حب استكشاف الأماكن الجديدة التي تتيح لي فرصة توسيع معرفتي الثقافية، إلى جانب ذلك أستمتع بتنوع محتوى عملي الذي يختلف يوماً عن آخر فيوماً لدي اجتماع وآخر للإنتاج والإخراج.

ما هي المرحلة التي تطمحين للوصول إليها؟ وهل هناك أهداف تسعين لتحقيقها؟

- أتمنى أن أرضي الله والوالدين وأكون أنا فخورة بنفسي بالمرحلة التي وصلت إليها، وأتمنى أن أكمل دراستي الجامعية لاكتساب المعلومات التي تساعدني على إفادة الناس، كما أريد أن أكون مصدر إلهام حتى لو كان لشخص واحد فقط.

برأيك هل الإعاقة عائق للدراسة؟

- لا يوجد عائق للدراسة، بل هناك مجتمع معيق، والإعاقة هي دافع للدراسة.

في عام 2020 كان لك مقطع فيديو في صفحتك على الإنستغرام حول موجز إخباري حدثينا عنه وهل تحقق؟

- هذا الموجز كان في أولى سنواتي الجامعية أثناء أحد مقرراتي حيث كان متطلباً عليَ نشره، لا لم أحققه حتى الآن، ولكن حققت ما يقاربه في أن يكون لدي بعض المقابلات كما أني شاركت في مؤتمر أقيم في دولة الكويت.

كيف طورت مهاراتكِ بعد الإعاقة؟

- طورت مهاراتي عبر حب المطالعة والاستكشاف وممارسة الهواية في المنزل من خلال الوقوف أمام والدي الذي يقومُ بتقييمي من حركة الإلقاء ولغة الجسد والجلسة الصحيحة.

ما هي الإنجازات التي تريدين تقديمها للبحرين بما أنكِ دخلتِ مجال الإذاعة والتلفزيون في مشوارك الإعلامي؟

- أتمنى أن أكون مذيعة أو شخصية مهمة في إحدى الدول باسم البحرين وأقدم للبحرين إنجازات ترد الجميل لوطني الذي أعطاني حقوقي كفرد من أفراد الإعاقة.

من خلال رحلتكِ إلى الكويت حدثينا عن موضوع الندوة؟

- كانت الندوة منظمة من مجلس الشباب الكويتي ومنصة القمة لضعاف السمع وصلتني دعوة منهم قبل ثلاثة أشهر وكانت بمناسبة يوم السمع العالمي الذي عقد في 3 مارس، وكان اللقاء مثمراً ورأيت أشخاصاً رغم إعاقتهم السمعية وصلوا إلى مراكز مرموقة وحققوا إنجازات ذات قيمة في المجتمع.

نصيحة تقدمينها لمن لديهم إعاقة سمعية وخصوصاً فئة الشباب؟

- النصيحة التي أقدمها لكل الشباب أن الإنسان لديه قوة، ولكن لا يراها، وبالتالي عليه أن يؤمن بنفسه ويفعل كل ما يريده لأنهُ قادر على المستحيل، فلا تقرر أنك لا تستطيع فهل جربت؟ فأنا أجزم أن كل إنسان لديه قدرات.

نصيحة تقدمينها لمن يستخدمون سماعات الهاتف في أغلب الأوقات للاستمتاع بالموسيقى الصاخبة؟

- ربما كان هذا درساً لي، ولكن انتبه وحافظ على نعمة السمع.