تجربة رائدة للبحرين برعاية وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة


يحق لمملكة البحرين أن تفتخر بتجربتها التربوية الإنسانية الرائدة في دمج الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة القابلين للتعلم في المدارس الحكومية، ومن ضمنهم ذوو اضطراب التوحد، الذين يحققون نجاحات مشرفة متتالية في الميدان التربوي بعد توفير كافة الإمكانات اللازمة لدمجهم.

وبمناسبة اليوم العالمي للتوحد، والذي يصادف الثاني من أبريل من كل عام، تجدر الإشارة إلى ما حققته مملكة البحرين من إنجازات على هذا الصعيد، ومنها التوسع المستمر في دمج طلبة التوحد، فبعد أن كان عددهم 11 طالباً وطالبة في العام 2010 في 3 مدارس، ارتفع عددهم إلى 134 طالباً وطالبة في 2022 في 24 مدرسة، و نجح 56 طالباً وطالبة منهم في الانتقال الكلي من صفوفهم الخاصة إلى الصفوف العادية، نتيجة ما حققوه من نقلة نوعية أكاديمياً وسلوكياً واجتماعياً.

وتشمل تجربة دمج طلبة التوحد 21 مدرسة ابتدائية، و3 مدارس إعدادية، موزعين على مختلف المحافظات، بعد أن كانت مقتصرة على الابتدائي فقط، حرصاً من الجهات المعنية على مواصلة دعم الطلبة وتطويرهم في المرحلة الدراسية الأعلى.

وجاء الاهتمام بدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الحكومية تجسيداً لما نص عليه دستور المملكة وقانون التعليم من أن التعليم حقٌ تكفله الدولة للجميع، على اختلاف قدراتهم واحتياجاتهم وظروفهم الصحية، وقد استوفت وزارة التربية والتعليم كافة متطلبات نجاح التجربة، من كوادر تربوية مؤهلة، وصفوف بمواصفات خاصة، وبرامج أكاديمية وسلوكية واجتماعية متطورة، مما ساهم في حصول المملكة على إشادات عديدة ومراكز متقدمة في التقارير المتعلقة بتوفير التعليم للجميع، والصادرة عن منظمات عالمية كاليونسكو.

وتوفر وزارة التربية والتعليم في مدارس الدمج صفوفاً خاصة لطلبة التوحد، بمواصفات تربوية عالمية، إذ ينقسم كلٍ صف منها إلى أركان عدة، بهدف إبعاد الطلبة عن المشتتات المعيقة لعملية تعليمهم والمحافظة على سلامتهم، ومنها ركن للتدريس الفردي، وآخر خاص بالتدريس والعمل الجماعي، وركن للتلفزيون واللعب، وآخر لتزويد الطلبة بالمهارات الحياتية كآداب تناول الطعام، كما يحوي كل صف أدوات للتعلم الإلكتروني كالسبورة الذكية.

وتشمل البرامج التعليمية المقدمة لهؤلاء الطلبة؛ برنامج تطوير التواصل الاجتماعي واللغوي باستخدام الصور، وبرنامج تعزيز السلوكيات الاجتماعية الإيجابية، وبرنامج تنظيم الوقت باستخدام الجداول المصورة، وبرنامج التخاطب الهادف إلى تقوية الجانب اللغوي لدى الطلبة، كما يتم دمج الطلبة جزئياً ثم كلياً في الصفوف العادية، بحسب مستوى تطورهم.

وتولي الوزارة الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذوي الإعاقة، اهتماماً خاصاً، وتسعى إلى دمج القابلين منهم للتعلم بكافة فئاتهم متلازمة داون التوحد الإعاقات الحركية والسمعية والبصرية الإعاقة الذهنية البسيطة في المدارس الحكومية، وتكفل توفير كافة التسهيلات والأجهزة المعينة التي تساعد كل فئة من هذه الفئات على تلقي العلوم والمعارف مع سائر الطلبة من دون تمييز، وذلك حرصاً منها على توفير الخدمات التعليمية المتكافئة للجميع ووفقاً للإمكانات المتاحة.

وبحسب آخر إحصاءات وزارة التربية والتعليم، بلغ عدد الطلبة والطالبات من ذوي الإعاقة الحاصلين على شهادة ثانوية عامة خلال الخمس سنوات السابقة منذ العام الدراسي 2018-2019 وحتى 2022-2023، 250 طالباً وطالبة.

وبلغ عدد الطلبة من ذوي الإعاقة المسجلين بمؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة للعام الأكاديمي 2023-2024، بلغ 234 طالباً وطالبة.

وبالإضافة إلى ذلك خصّصت الوزارة بعثات دراسية للطلبة خريجي الثانوية العامة من ذوي الاحتياجات الخاصة لإكمال دراستهم في مؤسسات التعليم العالي، وذلك بغضّ النظر عن معدلاتهم التراكمية، تشجيعاً منها لهذه الفئة من الطلبة ودعماً لهم لاستكمال مسيرتهم التعليمية، وقد استفاد161 طالباً وطالبة منهم خلال الخمس سنوات الماضية من تلك البعثات لمواصلة دراستهم الجامعية.

كما يضطلع مجلس التعليم العالي بتشكيل فرق معاينة ميدانية بهدف التأكد من مراعاة مؤسسات التعليم العالي في كل مرفق من مرافقها لمتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة بحسب نوع الحاجة الإعاقة، وذلك تنفيذاً للقرارات الصادرة عن مجلس أمناء مجلس التعليم العالي، والتي تتعلق باستحداث مؤسسات تعليم عالي، أو برامج أكاديمية جديدة في تلك المؤسسات.

وتوفر مؤسسات التعليم العالي عدداً من الخدمات لطلبتها من ذوي الإعاقة أثناء فترة أداء الامتحانات كتخصيص مرافقين وتوفير التسهيلات اللازمة لهم، وغيرها من الخدمات المتاحة لهذه الفئة من الطلبة، تنفيذاً للقرارات الصادرة عن مجلس أمناء مجلس التعليم العالي، كما يوجد في كل مؤسسة وحدة مركز للإرشاد والتوجيه الطلابي تقدم خدماتها لكافة الطلبة، ومنهم الطلبة من ذوي الإعاقة، وتعمل على معالجة أي مشكلة قد تواجه تقدمهم أكاديمياً، نفسياً وصحياً، كما تتولى متابعة توفير كافة التسهيلات المطلوبة بحسب حاجاتهم الفردية، حيث يقوم مجلس التعليم العالي بمتابعة أداء هذه الوحدات والمراكز بصورة مستمرة، بما يمكن من دمج هؤلاء الطلبة في المجتمع البحريني ويحقق الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، والذي يُركز على الحد من أوجه عدم المساواة في الحصول على الخدمات، سواء داخل البلدان أو فيما بينها.

وقد ألزم مجلس أمناء مجلس التعليم العالي جميع مؤسسات التعليم العالي بتوفير الإمكانات والتسهيلات اللازمة في مرافقها وتذليل العقبات التي قد تعتري الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك تنفيذاً للسياسات التعليمية الرسمية وحرصاً منه على تمكين هذه الفئة من الطلبة من استكمال دارستهم الجامعية والحصول على خدمة تعليمية جامعية تتلاءم مع احتياجاتهم.

من جانبها تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بدعم كافة الجهود لرفع مستوى تقديم الخدمات التأهيلية و التعليمية في المراكز التأهيلية الأهلية، من خلال تغطية التكلفة السنوية لتأهيل المستفيدين من المراكز التأهيلية البالغ عددها 12 مركزاً، يستفيد منها 467 مستفيداً سنوياً، من ضمنها المراكز الخاصة بتأهيل ذوي التوحد وعددها 6 مراكز تأهيلية.

كما تعمل الوزارة على تشجيع المستثمرين ورجال الأعمال لإنشاء و ترخيص مراكز التأهيل الخاصة وذلك من خلال تسهيل سرعة إجراءات الترخيص وفقاً للأنظمة القانونية والإدارية المعمول بها في هذا الشأن، كما تسعى الوزارة جاهدة لتنفيذ خططها المستقبلية في دعم الطلبة في هذه المراكز بمنحة تأهيل سنوية، إذ بلغ عدد المراكز التأهيلية الخاصة 28 مركزاً موزعين على كافة المحافظات، يستفيد منها 717 مستفيداً سنوياً، 26 مركزاً منها خاص بتقديم خدمات لذوي التوحد.

وبينت الوزارة أنه يوجد 7 مراكز أهلية مسجلة لتأهيل ذوي التوحد، وأن أغلب المراكز الخاصة تقدم خدمات التأهيل لذوي التوحد. وتستقبل هذه المراكز حالات ذوي التوحد للأعمار من 3 سنوات وحتى 45 سنة في بعض المراكز. وتقدم المراكز العديد من الخدمات لفئة التوحد منها تطبيق أساسيات برنامج تحليل السلوك التطبيقي ABA" "أيفر" "لوفاس" الذي استمد من برنامج تعديل السلوك حيث يستخدم فيه التعزيز الإيجابي، والتواصل البصري ومهارات التقليد وتشمل تقليد كل من الحركات العضلية الدقيقة والكبيرة واللفظية والإيمائية وتقليد التعليمات البسيطة ومن ثم الانتقال إلى مهارات اللغة الاستقبالية والتعبيرية وكذلك مهارات ما قبل الأكاديمي ومهارات العناية بالذات ويطبق البرنامج على مستويات مختلفة من القدرات بالإضافة إلى استخدام بعض البرامج في التكامل الحسي لتطوير الحواس بصورة تكاملية وغيرها من البرامج كذلك فإن المراكز تقدم التأهيل الأكاديمي والمهني وعلاج النطق واللغة وغيرها من الخدمات.