سماهر سيف اليزل
المملكة الأولى عربياً في إنشاء لجنة «الحق في الصحة»الأطباء والممرضون البحرينيونيشكّلون أغلبية القوى العاملة بالقطاع الصحيالبحرين تطبّق نظام الرعاية الصحية العالمية منذ 1960المملكة تبنّت إعلان المآتا العالميبشأن الرعاية الصحية الأولية في 1978تحتفل مملكة البحرين إلى جانب دول العالم في السابع من أبريل من كل عام بيوم الصحة العالمي؛ الذي جاء هذا العام بشعار «صحتي.. حقي»، وقد تم اختيار موضوع هذا العام للدفاع عن حق كل شخص في أي مكان في الحصول على الخدمات الصحية والتعليم والمعلومات، فضلاً عن مياه الشرب المأمونة والهواء النقي والتغذية الجيدة والسكن الجيد والعمل اللائق والظروف البيئية الملائمة، والتحرر من التمييز. ويهيئ شعار هذا العام الفرصة لاستعراض منجزات مملكة البحرين في تقديم حق الصحة، حيث تُعدّ مملكة البحرين الأولى عربياً في إنشاء لجنة «الحق في الصحة»، وهي لجنة تُعنى بفرض رقابة علي حقوق المواطن والمقيم الصحية، وتعمل بشكل مستمر على مراجعة السياسات والاستراتيجيات والموازنات لتتماشى مع العدالة والمساواة في تقديم الخدمات الصحية، وضمان حصول الفئات الأكثر حاجة عليها؛ مثل المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة، الأمر الذي يقتضي الحصول على مستوى من الصحة بأعلى مستوى يمكن بلوغه. ولاشك أن حق المواطن والمقيم في الحصول على الرعاية الصحية أصبح أحد دعائم المجتمع الرئيسة، ومظهراً حضارياً، وأساساً مهماً لاستقراره ورضاه، ولقد امتد مفهوم الرعاية الصحية ليشمل، بالإضافة إلي تقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية والتأهيلية، مفهوم الحفاظ علي الصحة العامة ضمن إطار التنمية البشرية للمجتمع والحفاظ على حقوق الإنسان، وتعتمد الرعاية الصحية على أسس محددة في مقدمتها: توافر هذه الرعاية للمواطن بالقرب من مكان معيشته وعمله، بجوده عالية، وتمكّن المواطن من الحصول عليها. ويتضمّن الحق في الصحة استحقاقات للإنسان سواء كان مريضاً أو سليماً، وتشمل الحق في نظام لحماية الصحة يتيح للجميع فرصة متساوية للتمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه في مجال الصحة، والحق في الوقاية والعلاج ومكافحة الأمراض، والحق في الحصول على الأدوية الجوهرية، والحق في الحفاظ على صحة الأم والطفل والصحة الإنجابية، والحق في الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية على قدم المساواة وفي الوقت المناسب، والحق في توفر المعلومات فيما يتعلق بالصحة، والحق في مشاركة السكان في صنع القرارات المتصلة بالصحة على الصعيدين الوطني والمجتمعي، والحق في عدم الخضوع للعلاج الطبي بدون موافقة، لذا تحرص وزارة الصحة على تنظيم فعاليات وأنشطة تهدف إلى التعريف بحقوق المرضى، بالإضافة إلى تقديم معلومات تثقيفية وتوعوية حول حقوق ومسؤوليات المريض، والتي لها تأثير إيجابي في تحسين نوعية الخدمة الصحية المقدمة. وللبحرين تاريخ مميز في هذا الأمر، حيث أنها تطبق نظام الرعاية الصحية العالمية منذ 1960، وكان أول مستشفى في البحرين هو مستشفى البعثة الأمريكية الذي افتتح في 1893 كمستوصف، ثم مجمع السلمانية الطبي في 1957، كما تتميز البحرين بأن الأطباء والممرضين البحرينيين يشكلون أغلبية القوى العاملة في البحرين في قطاع الصحة، على خلاف دول الخليج. وعززت مملكة البحرين من إنجازاتها الصحية في ظل منظومة تشريعية وتنظيمية متكاملة من خلال جهود وزارة الصحة في تطوير الخدمات الصحية بالتعاون مع القطاع الخاص، وإنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية «نهرا» عام 2009، والمجلس الأعلى للصحة في عام 2013، وإقرار القانون رقم 23 لسنة 2018 بشأن الضمان الصحي، وغيرها من التشريعات المتطورة بالتوافق مع الدستور والقانون رقم (3) لسنة 1975 بشأن الصحة العامة وتعديلاته، والتزامات المملكة بموجب المواثيق الحقوقية الدولية نحو «مجتمع صحي ينعم برعاية وقائية شاملة ومستدامة ومعززة للصحة».الرعاية الصحية الأوليةتعتبر الرعاية الصحية الأولية حجر الأساس للخدمات الصحية في البحرين وهي خط الاتصال الأول للفرد بالرعاية الصحية، وتشمل العديد من الخدمات ليتمتع البشر بصحة سليمة وجيدة، ومن ضمن هذه الخدمات: تعزيز السلوكيات الصحية والاكتشاف المبكر للأمراض والتشخيص والعلاج وإعادة التأهيل.ولقد تبنّت مملكة البحرين إعلان المآتا العالمي في عام 1978، والذي يشير إلى أن الرعاية الصحية الأولية هي مفتاح تحقيق الصحة للجميع من خلال إستراتيجية عالمية، ويؤكد على الحاجة إلى تحقيق مستوى من الصحة لجميع الناس في العالم من أجل جعلهم أناس منتجين في المجتمع. لذا حرصت الحكومة البحرينية على تطبيق النص الثامن من دستور المملكة في مجال الرعاية الصحية وتنص على ما يلي:* لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية، وتُعنى الدولة بالصحة العامة، وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف أنواع المستشفيات والمؤسسات الصحية.* يجوز للأفراد والهيئات إنشاء مستشفيات أو مستوصفات أو دُور علاج بإشراف من الدولة، ووفقا للقانون.ويتميز النظام الصحي في البحرين كذلك بكونه يجمع ما بين تقديم الخدمات الصحية بشكل مبتكر والاهتمام بالشراكة المجتمعية مع جميع القطاعات الصحية ومختلف المؤسسات في المملكة، وهذا بالإضافة إلى تمتع الكادر الصحي بالمهارات اللازمة لتعزيز الصحة والرفاهية للجميع. ومن الملاحظ بصورة جلية أن مملكة البحرين وظفت جهودها للمساهمة في التغطية الصحية الشاملة وتقديم أفضل الممارسات الصحية، فكانت سباقة مثلاً في مشاركة منطقة شرق المتوسط بتجاربها الناجحة، وكان لها حضور جليّ على المستوى العالمي. ومن هذه الإنجازات التي تدل على قوة ونجاح النظام الصحي إعلان منظمة الصحة العالمية عن استمرارية تخلص مملكة البحرين من الحصبة والحصبة الألمانية المتوطنة خلال العام الماضي. وكذلك بالإضافة لتعهد مملكة البحرين بمكافحة انتشار الأمراض غير المعدية، فقد تم اختيار مملكة البحرين كواحدة من 25 دولة على مستوى العالم لتنفيذ خطة منظمة الصحة العالمية لتسريع وتيرة وقف السمنة، مما أسهم في تحقيق مستقبل صحي للجميع في مملكة البحرين.وتعتبر مملكة البحرين شريكاً استراتيجياً لمنظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط لتحقيق «الصحة للجميع وبالجميع» على نهج رؤية 2023. وقامت وزارة الصحة، من مبدأ تقديم الرعاية الصحية اللائقة والمجانية بإطلاق نظام «I-SEHA»، وهو جزء من استراتيجية وزارة الصحة التي تعتمد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات «ICT» لتحسين نتائج الرعاية الصحية وتعزيز تجربة المرضى بشكل عام.إحدى الميزات الرئيسة لبرنامج «I-SEHA» هو نظام السجلات الصحية الإلكتروني «EHR»، الذي يسمح لجميع مقدّمي الرعاية الصحية بالوصول إلى سجلات المرضى وتاريخهم الطبي عبر الإنترنت، مما يحسّن من دقة وكفاءة الرعاية الصحية، ويمكن للمرضى الوصول إلى سجلاتهم الصحية عبر بوابة رقمية آمنة، مما يسمح لهم بأخذ دور أكثر نشاطاً في رعايتهم الصحية.كما استكشفت البحرين مجال التطبيب عن بُعد والاستشارات عن بُعد، خاصة خلال جائحة كورونا (كوفيد 19)، من خلال إطار متكامل يشمل جميع أصحاب المصلحة ذات الصلة في نظام واحد وهو تطبيق الهواتف المتنقلة «مجتمع واعي» (BeAware). وأطلقت البحرين منصة للتطبيب عن بُعد «صحتي» Sehati، التي تسمح للمرضى بالتشاور مع مقدّمي الرعاية الصحية عن بُعد، كما استخدمت البحرين روبوتات دردشة لتقديم نصائح طبية والإجابة على أسئلة المرضى.ونظام التكامل الصحي الرقمي «DHIS» هو مبادرة رئيسة للحكومة الإلكترونية في مملكة البحرين. إنه مشروع لإنشاء منصة موحدة لبيانات الصحة في مملكة البحرين، والذي يسمح بتبادل بيانات الصحة بين مختلف الوكالات الحكومية ومقدمي الخدمات الصحية، مما يحسّن من جودة الرعاية الصحية للمرضى.ويتمّ تطوير نظام «DHIS» من قبل وزارة الصحة في البحرين بالتعاون مع هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية «iGA». من المتوقع الانتهاء من المشروع العام الجاري.وسيكون لنظام «DHIS» عدد من الفوائد للنظام الصحي في البحرين، بما في ذلك:* تحسين جودة الرعاية الصحية: من خلال تبادل بيانات الصحة بين الجهات ومقدمي الخدمات المختلفين، إذ يساعد نظام «DHIS» على ضمان حصول المرضى على أحدث المعلومات حول رعايتهم الصحية. وهذا سيؤدي إلى تشخيص وعلاج أفضل للأمراض.* زيادة الكفاءة: سيساعد نظام «DHIS» في تبسيط النظام الصحي من خلال القضاء على إدخال البيانات المكررة. وهذا سيوفر الوقت للمهنيين الصحيين للتركيز على رعاية المرضى.* خفض التكاليف: سيساعد نظام «DHIS» في خفض تكاليف الرعاية الصحية من خلال تتبع وإدارة الموارد بشكل أسهل. وهذا سيوفر المال للحكومة ومقدمي الخدمات الصحية.والمشرع في مملكة البحرين أَولى اهتماماً خاصّاً بالحق في الصحة من خلال سنّ العديد من التشريعات ذات العلاقة بتعزيز وحماية هذا الحق، وعلى رأسها المرسوم رقم (5) لسنة 2013 بإنشاء المجلس الأعلى للصحة، فضلاً عن انضمام مملكة البحرين بموجب القانون رقم (10) لسنة 2007 إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى إصدار قانون الضمان الصحي بموجب القانون رقم (23) لسنة 2018، والذي يهدف إلى تحسين جودة وكفاءة الخدمات الصحية، وتوفير مظلة علاج شاملة لكل المرضى من المواطنين والمقيمين بالبحرين، وسيساهم هذا النظام في تمتع الجميع بأعلى مستوى من الرعاية الصحية.يشار إلى أن العالم يحتفل بيوم الصحة العالمي في 7 أبريل من كل عام إحياء لذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية في عام 1948، وتأتي حملة هذا العام بعنوان «صحتي.. حقي»، حيث تتزايد التهديدات المحدقة بحق ملايين الأشخاص في الصحة في جميع أنحاء العالم، وتلوح في الأفق أمراض وكوارث تسبب الوفاة والعجز. وتدمر النزاعات حياة الأفراد وتسبب الموت والألم والجوع والضوائق النفسية. ويؤدي حرق الوقود الأحفوري إلى أزمة المناخ ويسلبنا في الوقت ذاته حقنا في استنشاق الهواء النقي، إذ أن تلوث الهواء الداخلي والخارجي يسبب وفاة فرد واحد كل 5 ثوانٍ.وقد خلص مجلس منظمة الصحة العالمية المعني باقتصاديات الصحة للجميع إلى أن الحق في الصحة، باعتباره من حقوق الإنسان، يحظى بالاعتراف في دساتير ما لا يقل عن 140 بلداً. ومع ذلك، لا تسنّ البلدان ولا تطبّق قوانين تكفل حق سكانها في الحصول على الخدمات الصحية. وهذا يؤكد أن ما لا يقل عن 4.5 مليار شخص -أي أكثر من نصف سكان العالم- لم يستفيدوا بالكامل من الخدمات الصحية الأساسية في عام 2021.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90