في ردها على "المخزون الاستراتيجي للسلع".. ​​​​​​​لا تسامح في عدم دقة النصوص العقابية حسن الستري رأت الحكومة أن المشروع بقانون المقدم من مجلس الشورى بشأن المخزون الاستراتيجي للسلع يفتقر إلى الضوابط الدستورية المقررة لصياغة التشريعات العقابية.وبينت الحكومة في مذكرتها الإيضاحية، أن النصوص العقابية تشكل أخطر القيود على الحرية، حيث يستخدم النص العقابي الحرمان منها وسيلة لتحقيق أهدافه، لذا، فإنه وإن جاز التسامح في قدر من عدم الدقة في بعض النصوص التشريعية، فإن ذلك مرفوض تماماً مع النصوص العقابية ولا تسامح فيه.وتابعت: انطلاقاً من ذلك، فإنه ولئن كانت سلطة المشرع في مجال إنشاء الجرائم وتحديد العقوبات التي تناسبها أنها سلطة تقديرية، إلا أن هذه السلطة يحدها قواعد الدستور، ولازم ذلك أنه يتعين على المشرع في هذا الشأن تحقيق التوازن بين كفالة أمن المجتمع من ناحية، وحفظ حقوق الأفراد وحرياتهم من ناحية أخرى. وعليه فإنه وفى مجال تأثيم المشرع لأفعال بعينها حال وقوعها فإنه ينبغي عليه إعمالاً لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة، تعيين حدود هذه الأفعال المؤثمة بصورة قاطعة، على نحو يحول دون التباسها بغيرها، حتى يكون المخاطبون بها على بينة من ماهية هذه الأفعال التي يتعين عليهم اجتنابها، وذلك تحقيقاً لهدف المشرع من العقوبة وهو الزجر الخاص للمجرم لقاء ما اقترفه من جرم، والردع العام لغيره لحمله على الإعراض عن إتيان ذلك الجرم.عبارات فضفاضةمتى كان ما تقدم، وكانت النصوص العقابية الواردة بمشروع القانون لم تحدد على وجه القطع ماهية الأفعال المنهي عن إتيانها بصورة يقينية، واعتمدت في صياغتها على عبارات فضفاضة غير واضحة بالشكل الكافي الذي يقطع بتحديد هذه الأفعال التي يريد المشرع إدخالها في نطاق التجريم، دون بيان عناصر الجريمة بالشكل الذي يجعل الفرد عند قراءة النص العقابي قادراً على تحديد الأفعال المنهى عن إتيانها على وجه الدقة، ويرى بوضوح حدود التجريم لئلا تساوره الشكوك في أفعاله، هل هي مجرمة أم أنها لا زالت على أصل إباحتها؟ ومن بين ذلك ما أورده مشروع القانون في مادته رقم (3/أ) منه من عبارات واسعة فضفاضة مثل عبارة (الإدارة المختصة)، والتي يلتزم المزود بإخطارها بكافة المعلومات والبيانات ذات الصلة بالسلع الاستراتيجية وإلا يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة (7) من مشروع القانون وهي الحبس والغرامة، دون أن يحدد ماهية هذه الإدارة، وكذلك عبارة (مخازن آمنة)، والتي يلتزم المزود بتخزين السلع فيها وإلا يعاقب بذات العقوبة، دون أن يبين المقصود بتلك المخازن، فضلاً عن أن هناك تشريعات أخرى تنظم هذه المسألة على النحو الوارد بالملاحظة الأولى، وهذه التشريعات بها عقوبات مقررة في هذا الخصوص، فأي العقوبتين يتم إنزالها لدى المخالفة؟ كما أن البند (3) من مشروع القانون لم يحدد الإجراءات والاحتياطات التي يعاقب المزود لدى مخالفتها بالعقوبة سالفة الذكر.مفهوم الشرعيةوأضافت الحكومة: من ناحية أخرى، فإن المادة (5) من مشروع القانون قد جرمت التواطؤ على رفض الشراء أو البيع أو التوريد بما من شأنه الإضرار بالمخزون الاستراتيجي للسلع دون تحديد نطاق تجريم فعل التواطؤ على نحو يخالف الضوابط الدستورية المقررة في هذا الشأن، والتي توجب بأن تكون النصوص العقابية واضحة جلية في معناها وأغراضها ونطاق تطبيقها، وأن تكون غير قابلة للتأويل، فغموض النص العقابي غالباً ما يكون سبباً لإهدار مفهوم الشرعية.ويهدف مشروع القانون لوضع إطار تشريعي لتنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الهامة والضرورية في المملكة، على نحو يحقق متطلبات توافرها بكميات كافية ومستدامة وآمنة، وتحقيق الأمن السلعي للأشخاص، وحماية الاقتصاد الوطني، وذلك باستقرار السوق المحلى ومنع الممارسات الاحتكارية، ووضع نسبة أمان من الجهات الحكومية المختصة يجب ألا تقل عنها كميات السلع الأساسية والضرورية في السوق المحلى، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمواجهة أي نقص في مخزون الأمان ومتابعتها مع المزودين من المستوردين.الغاية متحققةوأكدت الحكومة أن الغاية المرجو تحقيقها من مشروع القانون متحققة بالفعل، مشيرة بادئ ذي بدء الحكومة إلى أن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أنه يجب أن يكون مشروع القانون قد أتى بجديد، وليس ترديداً لما تضمنه بالفعل قوانين أخرى سارية، حتى وإن تم ذلك باللجوء إلى استخدام صياغات أو مسميات مختلفة عن تلك التي تتضمنها القوانين السارية، فالفكر الذي يقوم عليه مشروع القانون لابد وأن يحمل أحكاماً ومعاني جديدة، بحسبان أن المشرع يصوغ القوانين ليقرر بموجبها أحكاماً جديدة لمصلحة يقدرها، لا ليؤكد على ذات المعاني والأحكام التي تتضمنها نصوص قائمة بالفعل.وتابعت: لما كان ذلك، وكانت الغاية من مشروع القانون المعروض تتحدد في تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الهامة والضرورية وتحقيق متطلبات توافرها بكميات كافية ومستدامة وآمنة بحيث تعمل الوزارة بالتنسيق مع الجهات المختصة على تحديد أصنافها وكمياتها وحجم المخزون منها، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة التي تكفل مواجهة أي نقص في مخزون الأمان من السلع الغذائية الرئيسية، وهذه الغاية متحققة بالفعل من خلال الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي.وأكدت أن الغاية التي يهدف إليها مشروع القانون متحققة بالفعل من خلال استراتيجية الحكومة المقررة بشأن الأمن الغذائي وفقاً لبرنامج عمل الحكومة من خلال مشروع الأمن الغذائي الوطني" الذي وجه به حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، خلال تفضله بافتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي الشورى والنواب، وتسعى وزارة شئون البلديات والزراعة على تنفيذ ذلك المشروع بالتنسيق والتعاون مع كافة الجهات المعنية ذات العلاقة بالأمن الغذائي.مخزون استراتيجي آمنوأشارت الحكومة في هذا الصدد إلى أنه ولئن كان موضوع الأمن الغذائي تتداخل فيه جهات عدة، إلا أن التنسيق مستمريين هذه الجهات المعنية، وقد أسفر ذلك التعاون المنشود إلى أن مملكة البحرين لم تشهد أي فجوات غذائية بالرغم من الظروف الطارئة التي اجتاحت العالم والمحيط الإقليمي للمملكة وخاصة في ظل جائحة فيروس كرورنا، إذ أنه إزاء تظافر جهود الجهات الرسمية الحكومية المعنية بالأمن الغذائي وكذلك تعاون القطاع الخاص فقد شهدت المملكة استقراراً واكتفاء في الأمن الغذائي، فضلاً عن وجود مخزون استراتيجي آمن من السلع الأساسية.وفي سبيل تحقيق ذلك قامت الحكومة بالآتي:1- إعداد استراتيجية وطنية للأمن الغذائي للفترة 2020-2030، وذلك بالتنسيق والتعاون مع | المنظمة العالمية للأغذية والزراعة (FAO)؛ حيث تم في تلك الاستراتيجية تحليل "المحددات المختلفة للأمن الغذائي" والتي كان الهدف منها ضمان التخطيط والتنفيذ الفعال لاستراتيجية الأمن الغذائي المستدام للمملكة من خلال إجراءات وسياسات داعمة لتعزيز الأمن الغذائي، ويمكن تلخيص محددات الأمن الغذائي وفقاً لتلك الاستراتيجية في: الإنتاج الغذائي المحلي - الاستثمارات الداخلية والخارجية – التجارة - المخزون الغذائي والاحتياطات الاستراتيجية - الفاقد والمهدر من الأغذية - السلامة الغذائية - تغير المناخ وإدارة الموارد الطبيعية والاستدامة البيانات وإدارة الموارد والبحوث - التخطيط والتنسيق والتنفيذ.-2 تدشين لوحة مؤشرات الأمن الغذائي بمملكة البحرين، وذلك بالتعاون مع هيئة المعلومات والحكومة الالكترونية (www.bfd.gov.bh)، والذي يتم من خلاله إصدار تقارير شهرية وسنوية بهذا الشأن، حيث تساعد لوحة مؤشرات الأمن الغذائي والتقارير التابعة لها أصحاب القرار في استشراف وضع الامن الغذائي بالمملكة.3- تقوم إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة - شهرياً بالتواصل مع عدد من الوكلاء الرئيسيين للسلع الغذائية الاستراتيجية وذلك لتحصيل البيانات المتعلقة بمستويات المخزون الغذائي لقائمة من المواد الغذائية الاستراتيجية، وتحميل هذه الاحصائيات على نظام لوحة مؤشرات الأمن الغذائي المشار إليها أعلاه وإصدار التقارير التابعة لها من خلال النظام.4- تقوم وزارة الصناعة والتجارة باعتماد البيانات الواردة من وكالة الزراعة والثروة البحرية بوزارة شؤون البلديات والزراعة والمتعلقة بالإنتاج النباتي والحيواني والسمكي المحلي عبر نظام لوحة مؤشرات الأمن الغذائي والتي ينتج عنها تقرير ناتج السلع المحلية مقارنة بالسلع المستوردة.5- السعي الى تحقيق الاكتفاء الذاتي لبعض المنتجات الغذائية والحيوانية؛ وذلك من خلال تبني الحكومة لعدد من الأهداف الاستراتيجية في هذا المجال، والتي تتحدد في تحقيق أمن غذائي نسبي، وتشجيع الاستثمار الزراعي، والرعاية الصحية الزراعية، والمحافظة على الموارد الطبيعية، والتطوير الزراعي واستخدام التقنيات الحديثة والاهتمام بالقطاع السمكي، والسماح بالاستثمار فيه.6- لقطاع الصناعة في وزارة الصناعة والتجارة مساهمة بارزة في هذا الشأن، حيث إنها تعمل وفق استراتيجية متكاملة تساهم بدور كبير في توفير وتحقيق الأمن الغذائي في مملكة البحرين، وفى سبيل ذلك أصدرت الوزارة المذكورة قرارها رقم (32) لسنة 2023 بإنشاء وتشكيل فريق عمل لمتابعة السلع الغذائية والاستهلاكية الرئيسية برئاسة وزير الصناعة والتجارة وعضوية عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومن أبرز مهام فريق العمل المذكور تحديد السلع الغذائية والاستهلاكية الرئيسية، ومتابعة ورصد الحركة في الأسواق للسلع الغذائية والاستهلاكية الرئيسية بالإضافة إلى توحيد الجهود وإشراك القطاع الخاص لتوفير السلع الغذائية والاستهلاكية الرئيسية وضمان عدم نقصها، مع ضمان توفير خطط لحالات الطوارئ . فمن جميع ما تقدم يتضح أن أهداف الاقتراح بقانون الماثل متحققة بالفعل من خلال استراتيجية الحكومة المقررة بشأن الأمن الغذائي وفقاً لبرنامج عمل الحكومة من خلال مشروع الأمن الغذائي الوطني" الذي وجه به حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، خلال تفضله بافتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي الشورى والنواب، ومن ثم ترى الحكومة أنه ليس هناك حاجة لمشروع القانون.اعتماد اللوائح الفنية الخليجية الموحدةوذكرت الحكومة أن المادة (3) من مشروع القانون قد ألزمت مزود السلع بالقيام بتخزين السلع الاستراتيجية في مخازن آمنة تتوافر بشأنها الاشتراطات والمواصفات التي تحددها اللائحة التنفيذية لمشروع القانون حال أن هذه المسألة منظمة وفق تشريعات وطنية قائمة، إذ أن هناك تنظيم لهذه المخازن سواء كانت عامة أو خاصة، وقد تضمنت المادة (163) من قانون التجارة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1987 النص على أن (يصدر الوزير المعني بشؤون التجارة قراراً بتنظيم المخازن العامة. ويضع كل مخزن لائحة خاصة لتنظيم نشاطه بما يتفق ونوع العمل فيه وطبيعة البضاعة التي يقوم بتخزينها والمكان الذي يباشر فيه عمله ويجب أن تشتمل هذه اللائحة على وجه الخصوص كيفية تعيين أجرة التخزين).كما صدر القرار رقم (97) لسنة 2015 بشأن اعتماد اللوائح الفنية الخليجية الموحدة للمنتجات الغذائية والزراعية كلوائح فنية وطنية، والتي نظم فيها الاشتراطات العامة لنقل وتخزين الأغذية المبردة والمجمدة، واخرى نظمت اشتراطات مخازن حفظ المواد الغذائية الجافة والمعبأة، وقد وضعتا وفق أفضل الممارسات المعمول بها خليجياً وقد جاءتا نتيجة أبحاث ودراسات متطورة في هذا الشأن، بما يجعلهما أكثر فاعلية.وأردفت الحكومة في المذكرة الإيضاحية: بهذه المثابة يتضح أن الأهداف التي يرمي مشروع القانون المعروض إلى بلوغها متحققة بالفعل من خلال استراتيجية الحكومة المقررة بشأن الأمن الغذائي وفقاً لبرنامج عمل الحكومة من خلال مشروع الأمن الغذائي الوطني" الذي وجه به حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، خلال تفضله بافتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي الشورى والنواب، والتشريعات القائمة، ومن ثم ترى الحكومة أنه ليس هناك حاجة ملحة ولا ضرورة ملجئة تدعو لمشروع القانون الماثل، فضلاً عن اعتبارات عدم الإسراف في وضع التشريعات دون مبرر مقبول.يشار إلى أن مشروع القانون يتألف - فضلاً عن ديباجته من ست عشرة مادة؛ تناولت المادة (1) منه تعريفاً لبعض الكلمات والعبارات الواردة بمشروع القانون وألزمت المادة (2) الوزارة المختصة بشؤون التجارة بالتنسيق مع الجهات المختصة لتحقيق متطلبات توافر السلع الاستراتيجية بكميات كافية ومستدامة وآمنة وتحديد حجم المخزون منها. وحددت المادة (3) الأحكام التي يتعين على المزود الالتزام بها. ومنحت المادة (4) من مشروع القانون الوزير المختص بشؤون التجارة الصلاحيات اللازمة لمواجهة الأزمات والظروف الاستثنائية وحالات الخطر. وعددت المادة (5) الأفعال المؤثمة والتي يحظر على أي شخص القيام بها. أما المادة (6) فقد منحت الضبطية القضائية للموظفين الذين يعينهم الوزير للتحقق من تنفيذ أحكام هذا القانون والقرارات التي تصدر تنفيذاً له. وأفردت المواد من (7) إلى (13) العقوبات الأصلية والتكميلية حال مخالفة أحكام هذا القانون. وألغت المادة (14) كل نص يخالف أحكام هذا القانون. وفوضت المادة (15) من مشروع القانون الوزير لإصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون والقرارات التنفيذية له على أن تصدر خلال ستة أشهر من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. وأخيراً جاءت المادة (16) كمادة تنفيذية.