في حوار تنشره "الوطن" بالتزامن مع مجلة "الأهرام العربي" المصرية
- النهج الإصلاحي لملك البحرين يرتكز على قيم التعايش والسلام والازدهار
- مصر السند والمرجع في نصرة القضايا العربية
- نثمن دور الجالية المصرية في البحرين ومساهمتها في مسيرة البناء والتنمية
- نعتز بالتعاون مع "الأهرام"ولدينا استعداد دائم لمزيد من إثراء التعاون
- مملكة البحرين في رباط متين وعهد وثيق مع مصر في جميع الأوقات والظروف
- الملك حمد بن عيسى دعا خلال قمة القاهرة للسلام إلى دعم الجهود المصرية لوقف الحرب في غزة
- اللجنة المشتركة تعمل على إحداث تطوير شامل للعلاقات المتنامية بين بلدينا
- التقيت أبو الغيط لتفعيل إنشاء حاوية فكرية للبحوث والدراسات الاقتصادية
- "العاصمة الإدارية" حلم يجسد التحدي وهي مدينة ذكية تضيف الكثير للريادة المصرية
حاوره في القاهرة: هاني فاروق
الثوابت والقضايا العربية الرئيسة ستكون حاضرة في قمة البحرين، باعتبارها "قمة العرب"، وفي مقدمتها العمل على وقف الحرب في غزة، وحماية الشعب الفلسطيني، وتناول الأوضاع في السودان واليمن وليبيا والصومال وغيرها، آملين أن تسهم القمة في وقف نزيف الدم العربي، وحماية مقدرات شعوبنا وسيادة دولنا، بهذه الكلمات حدثنا الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"، التابع لوزارة الخارجية البحرينية، رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، في حوار أجراه الكاتب الصحفي هاني فاروق مدير تحرير جريدة الأهرام، وننفرد بنشره بالتزامن مع مجلة "الأهرام العربي"، حول آخر استعدادات بلاده لاستضافة القمة العربية المقبلة في السادس عشر من شهر مايو.
كما قد تناول الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، في حواره مع "الأهرام العربي" قضايا عديدة وموضوعات مختلفة، تطرق فيها إلى العلاقات الوطيدة بين البحرين ومصر، ودور مراكز الأبحاث في تعزيز العمل العربي المشترك، ومفهوم الشراكات الإنسانية.
وتطرق اللقاء إلى العلاقات الوطيدة بين البحرين ومصر، واصفاً أنها برهنت على "شراكة الإخاء والمحبة" بين البلدين، مشيراً إلى تطلع بلاده إلى مزيد من التعاون مع مصر كعنصر قوة واستقرار لشعبها وأمتها العربية، مشيداً بالجهود المضنية التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتحقيق التنمية والحياة الكريمة للشعب المصري الشقيق.
وإلى تفاصيل الحوار:
تشهد العلاقات البحرينية المصرية، زخماً كبيراً يتنامي بمرور السنين في ضوء العلاقات الأخوية المتميزة بين زعيمي البلدين، كيف تنظرون إلى واقع هذه العلاقة؟
- بداية أعرب عن اعتزازي بمؤسسة "الأهرام" وبمجلتكم الغراء، مثال المهنية والعراقة، كما يسرني أن أنقل تحيات ومشاعر المحبة والتقدير التي يكنها أهل البحرين للشقيقة مصر، والتي تبقى في الذاكرة والوجدان منبعاً للثقافة والريادة، وحصناً للأمن العربي.
وبالمثل نجد الترحيب والمودة من الشعب المصري للبحرين، قيادةً وشعباً، وهو الأمر الذي يعكس قوة ومتانة علاقات راسخة بين بلدينا، تتسم بالتطور الدائم والتكامل الاستراتيجي، بفضل الرعاية الخاصة من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم، وأخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، حفظهما الله ورعاهما.
لقد شهدت السنوات الأخيرة محطات عديدة ووقفات مجيدة، برهنت على "شراكة الإخاء والمحبة" بين البلدين، فنحن نقدر مواقف مصر المشرفة والداعمة للمملكة، باعتبارها السند والمرجع في نصرة القضايا العربية، ورفض التدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. كما نثمن دور وجهود الجالية المصرية في البحرين، ومساهمتها القيمة في مسيرة البناء والتنمية.
وفي المقابل، فإن مملكة البحرين في رباط متين وعهد وثيق مع مصر في جميع الأوقات والظروف، وكان موقف المملكة المبادر والداعم خلال ثورة 30 يونيو، وما بعدها، شاهداً على ثبات وخصوصية علاقاتنا الأزلية، وتأكيداً على أن استقرار مصر هو استقرار للمنطقة برمتها. ونستذكر أن جلالة الملك حمد عيسى آل خليفة المعظم كان أول زعيم يزور القاهرة، لمساندة إرادة الشعب المصري في دفاعه عن وطنه ومقدراته، قائلاً: "وسيبقى لمصر وأهلها مكانة عظيمة في عقولنا وقلوبنا فهي أرض الكنانة والسلام والأمان".
وتؤكد الزيارات والاتصالات المتبادلة والتنسيق المستمر بين زعيمي البلدين، تطابق الرؤى تجاه ما يحدث من تطورات، وما يستجد من تحديات.
ونتطلع إلى مزيد من التعاون مع مصر في ظل تاريخها العريق ودورها المحوري، كعنصر قوة واستقرار لشعبها وأمتها العربية. كما نحيي الجهود المضنية التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتحقيق التنمية والحياة الكريمة للشعب المصري الشقيق.
من وجهة نظركم كيف تصبح العلاقات البحرينية المصرية، نموذجاً للعلاقات البينية العربي، والعمل العربي المشترك؟
- إن الرؤى والأهداف والتطلعات المشتركة بين البلدين الشقيقين، تتلقى دوماً من أجل الخير والنماء، لأن البلدين يعملان معاً لمصلحة شعبيهما، وتأييد قضايا الحق والعدل، وفقاً للمواثيق الدولية والإنسانية.
وبالفعل تعتبر العلاقات بين البلدين نموذجاً للتعاون الثنائي، وقدوة في دعم العمل العربي المشترك، وهناك توافق تام على ضرورة التوصل إلى حلول مستدامة لكافة الأزمات التي تقوض أمن واستقرار دول المنطقة، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، ومكافحة الإرهاب وتنظيماته.
لقد دعا الملك حمد بن عيسى خلال قمة القاهرة للسلام في أكتوبر الماضي، إلى دعم الجهود المصرية لوقف الحرب في غزة، وحماية المدنيين، بالتزامن مع تسوية شاملة وعادلة للنزاع، وفقاً لمبدأ حل الدولتين، وبما يكفل للشعب الفلسطينى حقه فى إقامة دولته المستقلة.
وفيما يتعلق بملف السد الإثيوبي، أعلنت البحرين التضامن الكامل مع مصر في كل ما يحفظ حقوقها وأمنها المائي، ويضمن حصتها التاريخية من مياه النيل.
وهناك حرص على تعزيز فرص التعاون، وفتح آفاق جديدة، وتذليل أية عقبات أمام حركة التجارة والاستثمارات، استرشاداً برؤية البحرين الاقتصادية 2030، ورؤية مصر 2030.
ويسرنا انعقاد الاجتماع الأول للجنة الحكومية البحرينية المصرية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، والذي تمخض عنه الموافقة على 15 مبادرة للتعاون، و13 مذكرة تفاهم. بالإضافة إلى أكثر من 47 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بين الجانبين دخلت حيز التنفيذ، كما تعتبر "اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة"، خطوة نوعية لدعم التصنيع العربي.
وتوجد حالياً مشروعات تنموية مشتركة في كافة المجالات، لاستثمار المزايا النسبية في البلدين، لاسيما في قطاع الطاقة، وريادة الأعمال، وخدمات التكنولوجيا التقنية والمالية، علماً بأن حجم الاستثمارات البحرينية في مصر يتجاوز ثلاثة مليارات دولار.
وأؤكد بتفاؤل كبير أن اللجنة المشتركة للتعاون، والتي تحظى بدعم ورعاية الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تعمل على إحداث تطوير شامل للعلاقات المتنامية بين بلدينا.
زار الفريق الركن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي، القاهرة مؤخراً حيث التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي.. كيف تنظرون إلى نتائج هذه الزيارة وأهميتها في تقوية الشؤون الدفاعية والأمنية للبلدين؟
- الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس، في توقيتها ونتائجها، وشهدت اجتماعات مثمرة لصاحب السمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، والفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي.
الشيخ ناصر رجل دولة من الطراز الأول، وعنوان رئيسي للتميز والمسؤولية، وتأتي هذه الزيارة امتداداً لزيارات أخوية سابقة، جوهرها أن مصيرنا واحد، وأمن دول الخليج من أمن مصر، والعكس صحيح.
وأنوه بالتعاون القائم بين قوة دفاع البحرين والجيش المصري، في ضوء أعمال لجنة التعاون العسكري المشتركة. ويسجل التاريخ في هذا الإطار، مشاركة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، في افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية، وحضور سمو مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي، افتتاح قاعدتي (برنيس) العسكرية و(3 يوليو) البحرية، بالإضافة إلى العديد من المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة.
ولدينا أيضاً شراكة أمنية استراتيجية، فقد وقـع البلدان اتفاقيـة أمنية في عام 2006 تعنى بالتعاون الشرطي بكافة أشكاله، والذي يشهد تطوراً ملموساً مع توالي اجتماعات اللجنة الأمنية المشتركة، وقد اقترح الجانب البحريني خلال زيارة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية للمنامة الشهر الماضي، وتشكيل فريق عمل موحد لتحليل المخاطر والتهديدات الحديثة، مثل: الهجمات السيبرانية، الطائرات المسيرة "درون"، والاستخدام غير القانوني لبعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
خلال زيارتكم الأخيرة للقاهرة اجتمعتم مع معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووقعتم مذكرة تعاون مع الجامعة، هل يمكن تسليط الضوء على أبعاد هذا التعاون؟ وكيف يصب في صالح القمة العربية المقبلة التي تستضيفها مملكة البحرين في شهر مايو المقبل؟
- التقيت أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، بمناسبة توقيع اتفاقية تعاون بين مركز "دراسات" والأمانة العامة للجامعة العربية، بشأن تخصيص المنتدى السنوي السابع للمركز، والمقرر عقده في شهر مايو المقبل بالتزامن مع قمة البحرين العربية، لبحث الخطوات العملية الخاصة بتفعيل توصية "إنشاء حاوية فكرية للبحوث والدراسات في الاستدامة والتنمية الاقتصادية"، والتي صدرت عن قمة جدة العام الماضي.
وتهدف هذه الخطوة النوعية إلى تقديم الدعم الفكري لأعمال القمة العربية، وتفعيل الحوار والنقاش بين الخبراء والباحثين حول قضايا الاستدامة والتنمية، وصياغة استراتيجيات شاملة، وفي هذا السياق، أثمن الدور الكبير الذي يضطلع به أمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة في تطوير التعاون بين مراكز الأبحاث في العالم العربي، وإيجاد آليات فاعلة لمعالجة التحديات التنموية.
ونعتز بأن مركز "دراسات" يوظف أدواته المتنوعة وخبراته المتراكمة، لاستثمار البحث العلمي في دعم منظومة العمل العربي المشترك، تحت شعار "مجتمع فكري ومعرفي واحد".
في رأيكم ما هي أهمية مراكز الفكر والبحوث في تعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة؟ وما أفق التعاون بين مركز "دراسات" ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية؟
- هناك فرق جوهري بين مراكز الفكر ومراكز الأبحاث، فرغم التشابه بينهما شكلاً إلا أن هناك اختلافاً في الغاية والمضمون، فمراكز الأبحاث تقدم إنتاجاً علمياً وأكاديمياً. أما اهتمام مراكز الفكر فينصب على بلورة رؤى ومقترحات تستشرف المستقبل، وتسهم في صناعة القرار الاستراتيجي، وللأسف نصيب الدول العربية من تلك المراكز لا يتعدى 5% عالمياً.
وبصفة عامة، تعتبر مراكز الدراسات أداة مهمة لبناء السياسات، ومواجهة التحديات والمخاطر من خلال تقديم المقترحات والبدائل المتاحة. كما أنها ركيزة للبحث العلمي الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية، فلا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة بمعزل عن مجتمع المعرفة.
وبالنسبة للتعاون بين مركز "دراسات" ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإننا نعتز بهذا الأمر الذي جاء بناء على دعوة كريمة من الملك حمد بن عيسى، بأن تسهم مراكز الفكر في رسم السياسات والاستراتيجيات طويلة الأجل، ودعم اتخاذ القرار. وتوجد اتفاقية بين الجانبين لتطوير البحوث، وإقامة الفعاليات والأنشطة ذات الصلة، إلى جانب دعم برامج التدريب، ولدينا استعداد دائم لمزيد من إثراء التعاون مع مركز الأهرام، خصوصاً أن المؤسستين لديهما الكفاءة العالية، والقدرة البحثية الرصينة، والسمعة الدولية المرموقة.
تم تعيينكم في يوليو الماضي رئيساً لمجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، حدثنا عن رؤيتكم لطبيعة رسالة المركز، ودوره خلال الفترة المقبلة؟
- البحرين بلد الأمان وموطن التعايش ومركز الحوار، تلاقت في ربوعها الثقافات والحضارات، وتعايشت في رحابها العقائد والأديان، والمملكة مكان آمن لممارسة الجميع معتقداتهم وطقوسهم الدينية بكل حرية واطمئنان. وهذه الحقائق تعتبر ركائز رئيسية في فكر ونهج جلالة الملك المعظم، لإرساء التعايش والإخاء الإنساني، وتبلور في وثيقة عالمية هي"إعلان مملكة البحرين"، والذي يتضمن عبارات سامية منها: "إن البشر سواسية دون تفرقة أو تمييز"، "وإن الإيمان يضيء طريقنا للسلام". ويسعدنا تدشين الإعلان في عدد من العواصم الكبرى، كانت القاهرة من بينها، كأول عاصمةعربية وأفريقية.
وجاء إنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، كمبادرة ملكية لحماية الحريات الدينية، ونشر ثقافة السلام والوئام بين مختلف الثقافات والحضارات.
وشرع المركز منذ التأسيس، في التعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية للاستفادة من المبادرات الملكية الإنسانية مثل: إنشاء "كرسي الملك للحوار بين الأديان ودراسات التعايش السلمي" في جامعة سابينزا بإيطاليا، وإطلاق "جائزة الملك حمد للتعايش السلمي"، واستضافة "ملتقى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" تزامناً مع الزيارة التاريخية لقداسة بابا الفاتيكان، وبحضور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف.
ومنذ إعادة تشكيل مجلس الأمناء، دشن المركز مرحلته الثانية عبر بناء هوية خاصة به، وتبني آليات عمل مبتكرة، إدراكاً لطبيعة دوره وأهدافه.
وبالرغم من سنواته المعدودة، إلا أن المركز، نجح في ترسيخ مكانته الدولية، وسنعمل بأقصى جهد كي يتبوأ مكانة ريادية على مستوى العالم. ولدينا أجندة عمل تتضمن مسارات متعددة في مجالات الحريات الدينية، ومكافحة التطرف والعنصرية والكراهية، وزيادة وعي الشباب، والدبلوماسية الوقائية، والبيئة وغيرها.
وتبقى هذه المبادرات النبيلة، دائماً مصدر خير وأمل لصالح البشرية وازدهار الشعوب، وصولًا إلى عالم أكثر سلاماً وتعايشاً.
في ضوء ترؤسكم لوفد بلادكم في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، ما أبرز الملفات التي ستطرح في قمة البحرين العربية؟، وماذا عن استعدادات بلادكم لاستضافة القمة؟
- بطبيعة الحال، ستكون الثوابت والقضايا العربية الرئيسية حاضرة في قمة البحرين، باعتبارها "قمة العرب"، وفي مقدمتها العمل على وقف الحرب في غزة، وحماية الشعب الفلسطيني، وتناول الأوضاع في السودان واليمن وليبيا والصومال وغيرها، آملين أن تسهم القمة في وقف نزيف الدم العربي، وحماية مقدرات شعوبنا وسيادة دولنا.
وقد بدأت الاستعدادت مبكرًا لانعقاد القمة، باستقبال الملك حمد، في شهر يناير الماضي، الأمين العام لجامعة الدول العربية. وجاري الانتهاء من كافة الترتيبات المطلوبة.
وفي هذا الصدد، تم تشكيل لجنة وطنية للإعداد والتحضير للقمة، برئاسة الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، فيما يترأس اللجنة العامة السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة.
ولا شك أن استضافة ورئاسة مملكة البحرين "بلد السلام والوئام" للقمة العربية المقبلة، يؤكد ما توليه المملكة من دعم كامل لمسيرة العمل العربي المشترك، وتعزيز القدرات لمواجهة التحديات الراهنة.
زرتم العاصمة الإدارية الجديدة وتفقدتم أبرز معالمها.. ما انطباعاتكم خلال تلك الزيارة؟
- تفقدت عددًا من المعالم العمرانية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ووقفت على مدى الإنجاز الهائل من روعة التصميم، ودقة التنفيذ، وضخامة البناء. وهذا الحلم الذي يجسد التحدي والطموح تحول إلى صرح حضاري في زمن قياسي، وواقع مذهل يليق بمكانة ومستقبل مصر. ونحن اليوم أمام "مدينة ذكية" متكاملة بمواصفات عالمية، وواجهة استثمارية وسياحية، تضيف الكثير للريادة المصرية، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وبالتأكيد ستظل مملكة البحرين، بقيادة الملك حمد بن عيسى، سنداً قوياً وشريكاً للشقيقة مصر، وسوف نمضي معاً على درب الرقي والتقدم.
-----------------------------
الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة في سطور
يمتلك سعادة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، سيرة حافلة ومسيرة ناجحة في العمل الدبلوماسي والأكاديمي والإنساني، ويعد بحق شخصية عربية ودولية بارزة، تأثيراً ومكانةً، وقامة وطنية جديرة بالثقة والتقدير، وله بصمات مشهودة في النهضة الشاملة التي تشهدها مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم.
ويشغل الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد عدة مواقع مهمة في المملكة، نظراً لما يتمتع به من كفاءة وجدارة ومسؤولية، إذ يتولى منصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، لينجح في تمثيل بلاده في مختلف المحافل العالمية بشكل مشرف، ويسطر نجاحات باهرة، دوراً وحضوراً، في هذا الميدان الصعب، والذي يتطلب إجادة دائمة، وبراعة في التحليل والتفاوض، وعناية فائقة في المواقف والقرارات.
ونتيجة ثقة القيادة في قدراته المتميزة ومهاراته المتنوعة، أُسندت إليه مهام أخرى، من أبرزها رئاسة مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" ليحقق خلال فترة وجيزة طفرة نوعية في أداء المركز الذي بات مؤسسة بحثية ومعرفية دولية رفيعة الشأن. كما تم اختياره لعضوية المجلس الاستشاري الأعلى لمجموعة الفكر المعنية بقمة مجموعة العشرين.
ولأنه يؤمن بالرؤية الملكية للإصلاح الشامل، والتي ترتكز على ضرورة الربط بين القيم والثوابت الحضارية، وحتمية التعايش المشترك بين البشر دون تمييز، جاء المرسوم الملكي بتعيينه رئيساً لمجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، في موقع جديد يستطيع أن يقدم من خلاله إسهامات جديدة لرسالة سامية، عالمية التوجه ونبيلة الغاية.
والدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد، حاصل على درجة الماجستير في القانون من كلية الملكة ماري بالمملكة المتحدة، ثم نال درجة الدكتوراة في العلاقات الدولية والدبلوماسية من المدرسة العليا للدراسات الدولية في فرنسا. وفي عام 2018 حصل على وسام الكفاءة من الدرجة الأولى في بلاده.
ولعل ما يميز شخصيته المتألقة، أنه يتصف بالالتزام والمثابرة، ويتسم بالعزيمة والواقعية، وحُسْن الإطِّلَاع والإقناع، وبُعد النظر، بالإضافة إلى سمات أخرى مشرقة ورائعة، تحمل إلى الآخرين صورة نهضة البحرين، وبريق نهجها الإصلاحي الزاهر، بقيادة ملكها المعظم.
- النهج الإصلاحي لملك البحرين يرتكز على قيم التعايش والسلام والازدهار
- مصر السند والمرجع في نصرة القضايا العربية
- نثمن دور الجالية المصرية في البحرين ومساهمتها في مسيرة البناء والتنمية
- نعتز بالتعاون مع "الأهرام"ولدينا استعداد دائم لمزيد من إثراء التعاون
- مملكة البحرين في رباط متين وعهد وثيق مع مصر في جميع الأوقات والظروف
- الملك حمد بن عيسى دعا خلال قمة القاهرة للسلام إلى دعم الجهود المصرية لوقف الحرب في غزة
- اللجنة المشتركة تعمل على إحداث تطوير شامل للعلاقات المتنامية بين بلدينا
- التقيت أبو الغيط لتفعيل إنشاء حاوية فكرية للبحوث والدراسات الاقتصادية
- "العاصمة الإدارية" حلم يجسد التحدي وهي مدينة ذكية تضيف الكثير للريادة المصرية
حاوره في القاهرة: هاني فاروق
الثوابت والقضايا العربية الرئيسة ستكون حاضرة في قمة البحرين، باعتبارها "قمة العرب"، وفي مقدمتها العمل على وقف الحرب في غزة، وحماية الشعب الفلسطيني، وتناول الأوضاع في السودان واليمن وليبيا والصومال وغيرها، آملين أن تسهم القمة في وقف نزيف الدم العربي، وحماية مقدرات شعوبنا وسيادة دولنا، بهذه الكلمات حدثنا الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"، التابع لوزارة الخارجية البحرينية، رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، في حوار أجراه الكاتب الصحفي هاني فاروق مدير تحرير جريدة الأهرام، وننفرد بنشره بالتزامن مع مجلة "الأهرام العربي"، حول آخر استعدادات بلاده لاستضافة القمة العربية المقبلة في السادس عشر من شهر مايو.
كما قد تناول الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، في حواره مع "الأهرام العربي" قضايا عديدة وموضوعات مختلفة، تطرق فيها إلى العلاقات الوطيدة بين البحرين ومصر، ودور مراكز الأبحاث في تعزيز العمل العربي المشترك، ومفهوم الشراكات الإنسانية.
وتطرق اللقاء إلى العلاقات الوطيدة بين البحرين ومصر، واصفاً أنها برهنت على "شراكة الإخاء والمحبة" بين البلدين، مشيراً إلى تطلع بلاده إلى مزيد من التعاون مع مصر كعنصر قوة واستقرار لشعبها وأمتها العربية، مشيداً بالجهود المضنية التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتحقيق التنمية والحياة الكريمة للشعب المصري الشقيق.
وإلى تفاصيل الحوار:
تشهد العلاقات البحرينية المصرية، زخماً كبيراً يتنامي بمرور السنين في ضوء العلاقات الأخوية المتميزة بين زعيمي البلدين، كيف تنظرون إلى واقع هذه العلاقة؟
- بداية أعرب عن اعتزازي بمؤسسة "الأهرام" وبمجلتكم الغراء، مثال المهنية والعراقة، كما يسرني أن أنقل تحيات ومشاعر المحبة والتقدير التي يكنها أهل البحرين للشقيقة مصر، والتي تبقى في الذاكرة والوجدان منبعاً للثقافة والريادة، وحصناً للأمن العربي.
وبالمثل نجد الترحيب والمودة من الشعب المصري للبحرين، قيادةً وشعباً، وهو الأمر الذي يعكس قوة ومتانة علاقات راسخة بين بلدينا، تتسم بالتطور الدائم والتكامل الاستراتيجي، بفضل الرعاية الخاصة من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم، وأخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، حفظهما الله ورعاهما.
لقد شهدت السنوات الأخيرة محطات عديدة ووقفات مجيدة، برهنت على "شراكة الإخاء والمحبة" بين البلدين، فنحن نقدر مواقف مصر المشرفة والداعمة للمملكة، باعتبارها السند والمرجع في نصرة القضايا العربية، ورفض التدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. كما نثمن دور وجهود الجالية المصرية في البحرين، ومساهمتها القيمة في مسيرة البناء والتنمية.
وفي المقابل، فإن مملكة البحرين في رباط متين وعهد وثيق مع مصر في جميع الأوقات والظروف، وكان موقف المملكة المبادر والداعم خلال ثورة 30 يونيو، وما بعدها، شاهداً على ثبات وخصوصية علاقاتنا الأزلية، وتأكيداً على أن استقرار مصر هو استقرار للمنطقة برمتها. ونستذكر أن جلالة الملك حمد عيسى آل خليفة المعظم كان أول زعيم يزور القاهرة، لمساندة إرادة الشعب المصري في دفاعه عن وطنه ومقدراته، قائلاً: "وسيبقى لمصر وأهلها مكانة عظيمة في عقولنا وقلوبنا فهي أرض الكنانة والسلام والأمان".
وتؤكد الزيارات والاتصالات المتبادلة والتنسيق المستمر بين زعيمي البلدين، تطابق الرؤى تجاه ما يحدث من تطورات، وما يستجد من تحديات.
ونتطلع إلى مزيد من التعاون مع مصر في ظل تاريخها العريق ودورها المحوري، كعنصر قوة واستقرار لشعبها وأمتها العربية. كما نحيي الجهود المضنية التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتحقيق التنمية والحياة الكريمة للشعب المصري الشقيق.
من وجهة نظركم كيف تصبح العلاقات البحرينية المصرية، نموذجاً للعلاقات البينية العربي، والعمل العربي المشترك؟
- إن الرؤى والأهداف والتطلعات المشتركة بين البلدين الشقيقين، تتلقى دوماً من أجل الخير والنماء، لأن البلدين يعملان معاً لمصلحة شعبيهما، وتأييد قضايا الحق والعدل، وفقاً للمواثيق الدولية والإنسانية.
وبالفعل تعتبر العلاقات بين البلدين نموذجاً للتعاون الثنائي، وقدوة في دعم العمل العربي المشترك، وهناك توافق تام على ضرورة التوصل إلى حلول مستدامة لكافة الأزمات التي تقوض أمن واستقرار دول المنطقة، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، ومكافحة الإرهاب وتنظيماته.
لقد دعا الملك حمد بن عيسى خلال قمة القاهرة للسلام في أكتوبر الماضي، إلى دعم الجهود المصرية لوقف الحرب في غزة، وحماية المدنيين، بالتزامن مع تسوية شاملة وعادلة للنزاع، وفقاً لمبدأ حل الدولتين، وبما يكفل للشعب الفلسطينى حقه فى إقامة دولته المستقلة.
وفيما يتعلق بملف السد الإثيوبي، أعلنت البحرين التضامن الكامل مع مصر في كل ما يحفظ حقوقها وأمنها المائي، ويضمن حصتها التاريخية من مياه النيل.
وهناك حرص على تعزيز فرص التعاون، وفتح آفاق جديدة، وتذليل أية عقبات أمام حركة التجارة والاستثمارات، استرشاداً برؤية البحرين الاقتصادية 2030، ورؤية مصر 2030.
ويسرنا انعقاد الاجتماع الأول للجنة الحكومية البحرينية المصرية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، والذي تمخض عنه الموافقة على 15 مبادرة للتعاون، و13 مذكرة تفاهم. بالإضافة إلى أكثر من 47 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بين الجانبين دخلت حيز التنفيذ، كما تعتبر "اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة"، خطوة نوعية لدعم التصنيع العربي.
وتوجد حالياً مشروعات تنموية مشتركة في كافة المجالات، لاستثمار المزايا النسبية في البلدين، لاسيما في قطاع الطاقة، وريادة الأعمال، وخدمات التكنولوجيا التقنية والمالية، علماً بأن حجم الاستثمارات البحرينية في مصر يتجاوز ثلاثة مليارات دولار.
وأؤكد بتفاؤل كبير أن اللجنة المشتركة للتعاون، والتي تحظى بدعم ورعاية الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تعمل على إحداث تطوير شامل للعلاقات المتنامية بين بلدينا.
زار الفريق الركن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي، القاهرة مؤخراً حيث التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي.. كيف تنظرون إلى نتائج هذه الزيارة وأهميتها في تقوية الشؤون الدفاعية والأمنية للبلدين؟
- الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس، في توقيتها ونتائجها، وشهدت اجتماعات مثمرة لصاحب السمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، والفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي.
الشيخ ناصر رجل دولة من الطراز الأول، وعنوان رئيسي للتميز والمسؤولية، وتأتي هذه الزيارة امتداداً لزيارات أخوية سابقة، جوهرها أن مصيرنا واحد، وأمن دول الخليج من أمن مصر، والعكس صحيح.
وأنوه بالتعاون القائم بين قوة دفاع البحرين والجيش المصري، في ضوء أعمال لجنة التعاون العسكري المشتركة. ويسجل التاريخ في هذا الإطار، مشاركة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، في افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية، وحضور سمو مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي، افتتاح قاعدتي (برنيس) العسكرية و(3 يوليو) البحرية، بالإضافة إلى العديد من المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة.
ولدينا أيضاً شراكة أمنية استراتيجية، فقد وقـع البلدان اتفاقيـة أمنية في عام 2006 تعنى بالتعاون الشرطي بكافة أشكاله، والذي يشهد تطوراً ملموساً مع توالي اجتماعات اللجنة الأمنية المشتركة، وقد اقترح الجانب البحريني خلال زيارة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية للمنامة الشهر الماضي، وتشكيل فريق عمل موحد لتحليل المخاطر والتهديدات الحديثة، مثل: الهجمات السيبرانية، الطائرات المسيرة "درون"، والاستخدام غير القانوني لبعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
خلال زيارتكم الأخيرة للقاهرة اجتمعتم مع معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووقعتم مذكرة تعاون مع الجامعة، هل يمكن تسليط الضوء على أبعاد هذا التعاون؟ وكيف يصب في صالح القمة العربية المقبلة التي تستضيفها مملكة البحرين في شهر مايو المقبل؟
- التقيت أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، بمناسبة توقيع اتفاقية تعاون بين مركز "دراسات" والأمانة العامة للجامعة العربية، بشأن تخصيص المنتدى السنوي السابع للمركز، والمقرر عقده في شهر مايو المقبل بالتزامن مع قمة البحرين العربية، لبحث الخطوات العملية الخاصة بتفعيل توصية "إنشاء حاوية فكرية للبحوث والدراسات في الاستدامة والتنمية الاقتصادية"، والتي صدرت عن قمة جدة العام الماضي.
وتهدف هذه الخطوة النوعية إلى تقديم الدعم الفكري لأعمال القمة العربية، وتفعيل الحوار والنقاش بين الخبراء والباحثين حول قضايا الاستدامة والتنمية، وصياغة استراتيجيات شاملة، وفي هذا السياق، أثمن الدور الكبير الذي يضطلع به أمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة في تطوير التعاون بين مراكز الأبحاث في العالم العربي، وإيجاد آليات فاعلة لمعالجة التحديات التنموية.
ونعتز بأن مركز "دراسات" يوظف أدواته المتنوعة وخبراته المتراكمة، لاستثمار البحث العلمي في دعم منظومة العمل العربي المشترك، تحت شعار "مجتمع فكري ومعرفي واحد".
في رأيكم ما هي أهمية مراكز الفكر والبحوث في تعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة؟ وما أفق التعاون بين مركز "دراسات" ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية؟
- هناك فرق جوهري بين مراكز الفكر ومراكز الأبحاث، فرغم التشابه بينهما شكلاً إلا أن هناك اختلافاً في الغاية والمضمون، فمراكز الأبحاث تقدم إنتاجاً علمياً وأكاديمياً. أما اهتمام مراكز الفكر فينصب على بلورة رؤى ومقترحات تستشرف المستقبل، وتسهم في صناعة القرار الاستراتيجي، وللأسف نصيب الدول العربية من تلك المراكز لا يتعدى 5% عالمياً.
وبصفة عامة، تعتبر مراكز الدراسات أداة مهمة لبناء السياسات، ومواجهة التحديات والمخاطر من خلال تقديم المقترحات والبدائل المتاحة. كما أنها ركيزة للبحث العلمي الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية، فلا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة بمعزل عن مجتمع المعرفة.
وبالنسبة للتعاون بين مركز "دراسات" ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإننا نعتز بهذا الأمر الذي جاء بناء على دعوة كريمة من الملك حمد بن عيسى، بأن تسهم مراكز الفكر في رسم السياسات والاستراتيجيات طويلة الأجل، ودعم اتخاذ القرار. وتوجد اتفاقية بين الجانبين لتطوير البحوث، وإقامة الفعاليات والأنشطة ذات الصلة، إلى جانب دعم برامج التدريب، ولدينا استعداد دائم لمزيد من إثراء التعاون مع مركز الأهرام، خصوصاً أن المؤسستين لديهما الكفاءة العالية، والقدرة البحثية الرصينة، والسمعة الدولية المرموقة.
تم تعيينكم في يوليو الماضي رئيساً لمجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، حدثنا عن رؤيتكم لطبيعة رسالة المركز، ودوره خلال الفترة المقبلة؟
- البحرين بلد الأمان وموطن التعايش ومركز الحوار، تلاقت في ربوعها الثقافات والحضارات، وتعايشت في رحابها العقائد والأديان، والمملكة مكان آمن لممارسة الجميع معتقداتهم وطقوسهم الدينية بكل حرية واطمئنان. وهذه الحقائق تعتبر ركائز رئيسية في فكر ونهج جلالة الملك المعظم، لإرساء التعايش والإخاء الإنساني، وتبلور في وثيقة عالمية هي"إعلان مملكة البحرين"، والذي يتضمن عبارات سامية منها: "إن البشر سواسية دون تفرقة أو تمييز"، "وإن الإيمان يضيء طريقنا للسلام". ويسعدنا تدشين الإعلان في عدد من العواصم الكبرى، كانت القاهرة من بينها، كأول عاصمةعربية وأفريقية.
وجاء إنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، كمبادرة ملكية لحماية الحريات الدينية، ونشر ثقافة السلام والوئام بين مختلف الثقافات والحضارات.
وشرع المركز منذ التأسيس، في التعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية للاستفادة من المبادرات الملكية الإنسانية مثل: إنشاء "كرسي الملك للحوار بين الأديان ودراسات التعايش السلمي" في جامعة سابينزا بإيطاليا، وإطلاق "جائزة الملك حمد للتعايش السلمي"، واستضافة "ملتقى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" تزامناً مع الزيارة التاريخية لقداسة بابا الفاتيكان، وبحضور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف.
ومنذ إعادة تشكيل مجلس الأمناء، دشن المركز مرحلته الثانية عبر بناء هوية خاصة به، وتبني آليات عمل مبتكرة، إدراكاً لطبيعة دوره وأهدافه.
وبالرغم من سنواته المعدودة، إلا أن المركز، نجح في ترسيخ مكانته الدولية، وسنعمل بأقصى جهد كي يتبوأ مكانة ريادية على مستوى العالم. ولدينا أجندة عمل تتضمن مسارات متعددة في مجالات الحريات الدينية، ومكافحة التطرف والعنصرية والكراهية، وزيادة وعي الشباب، والدبلوماسية الوقائية، والبيئة وغيرها.
وتبقى هذه المبادرات النبيلة، دائماً مصدر خير وأمل لصالح البشرية وازدهار الشعوب، وصولًا إلى عالم أكثر سلاماً وتعايشاً.
في ضوء ترؤسكم لوفد بلادكم في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، ما أبرز الملفات التي ستطرح في قمة البحرين العربية؟، وماذا عن استعدادات بلادكم لاستضافة القمة؟
- بطبيعة الحال، ستكون الثوابت والقضايا العربية الرئيسية حاضرة في قمة البحرين، باعتبارها "قمة العرب"، وفي مقدمتها العمل على وقف الحرب في غزة، وحماية الشعب الفلسطيني، وتناول الأوضاع في السودان واليمن وليبيا والصومال وغيرها، آملين أن تسهم القمة في وقف نزيف الدم العربي، وحماية مقدرات شعوبنا وسيادة دولنا.
وقد بدأت الاستعدادت مبكرًا لانعقاد القمة، باستقبال الملك حمد، في شهر يناير الماضي، الأمين العام لجامعة الدول العربية. وجاري الانتهاء من كافة الترتيبات المطلوبة.
وفي هذا الصدد، تم تشكيل لجنة وطنية للإعداد والتحضير للقمة، برئاسة الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، فيما يترأس اللجنة العامة السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة.
ولا شك أن استضافة ورئاسة مملكة البحرين "بلد السلام والوئام" للقمة العربية المقبلة، يؤكد ما توليه المملكة من دعم كامل لمسيرة العمل العربي المشترك، وتعزيز القدرات لمواجهة التحديات الراهنة.
زرتم العاصمة الإدارية الجديدة وتفقدتم أبرز معالمها.. ما انطباعاتكم خلال تلك الزيارة؟
- تفقدت عددًا من المعالم العمرانية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ووقفت على مدى الإنجاز الهائل من روعة التصميم، ودقة التنفيذ، وضخامة البناء. وهذا الحلم الذي يجسد التحدي والطموح تحول إلى صرح حضاري في زمن قياسي، وواقع مذهل يليق بمكانة ومستقبل مصر. ونحن اليوم أمام "مدينة ذكية" متكاملة بمواصفات عالمية، وواجهة استثمارية وسياحية، تضيف الكثير للريادة المصرية، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وبالتأكيد ستظل مملكة البحرين، بقيادة الملك حمد بن عيسى، سنداً قوياً وشريكاً للشقيقة مصر، وسوف نمضي معاً على درب الرقي والتقدم.
-----------------------------
الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة في سطور
يمتلك سعادة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، سيرة حافلة ومسيرة ناجحة في العمل الدبلوماسي والأكاديمي والإنساني، ويعد بحق شخصية عربية ودولية بارزة، تأثيراً ومكانةً، وقامة وطنية جديرة بالثقة والتقدير، وله بصمات مشهودة في النهضة الشاملة التي تشهدها مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم.
ويشغل الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد عدة مواقع مهمة في المملكة، نظراً لما يتمتع به من كفاءة وجدارة ومسؤولية، إذ يتولى منصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، لينجح في تمثيل بلاده في مختلف المحافل العالمية بشكل مشرف، ويسطر نجاحات باهرة، دوراً وحضوراً، في هذا الميدان الصعب، والذي يتطلب إجادة دائمة، وبراعة في التحليل والتفاوض، وعناية فائقة في المواقف والقرارات.
ونتيجة ثقة القيادة في قدراته المتميزة ومهاراته المتنوعة، أُسندت إليه مهام أخرى، من أبرزها رئاسة مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" ليحقق خلال فترة وجيزة طفرة نوعية في أداء المركز الذي بات مؤسسة بحثية ومعرفية دولية رفيعة الشأن. كما تم اختياره لعضوية المجلس الاستشاري الأعلى لمجموعة الفكر المعنية بقمة مجموعة العشرين.
ولأنه يؤمن بالرؤية الملكية للإصلاح الشامل، والتي ترتكز على ضرورة الربط بين القيم والثوابت الحضارية، وحتمية التعايش المشترك بين البشر دون تمييز، جاء المرسوم الملكي بتعيينه رئيساً لمجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، في موقع جديد يستطيع أن يقدم من خلاله إسهامات جديدة لرسالة سامية، عالمية التوجه ونبيلة الغاية.
والدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد، حاصل على درجة الماجستير في القانون من كلية الملكة ماري بالمملكة المتحدة، ثم نال درجة الدكتوراة في العلاقات الدولية والدبلوماسية من المدرسة العليا للدراسات الدولية في فرنسا. وفي عام 2018 حصل على وسام الكفاءة من الدرجة الأولى في بلاده.
ولعل ما يميز شخصيته المتألقة، أنه يتصف بالالتزام والمثابرة، ويتسم بالعزيمة والواقعية، وحُسْن الإطِّلَاع والإقناع، وبُعد النظر، بالإضافة إلى سمات أخرى مشرقة ورائعة، تحمل إلى الآخرين صورة نهضة البحرين، وبريق نهجها الإصلاحي الزاهر، بقيادة ملكها المعظم.