أنس الأغبش - "تصوير: محمد عارف"

في أول لقاء لصحيفة عربية وخليجية..

- نتطلّع لقرارات تعزّز الحوار لمواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية

- القمة نقطة انطلاق نحو تعزيز التكامل الإقليمي اقتصادياً ومالياً

- نقدّر عاليا الدعم البحريني للسودان خلال الفترات الانتقالية

- السعودية وقطر قامتا بدور نشيط في تقديم المساعدات الإنمائية

- تأثير النزاع المسلّح على البنية التحتية في السودان تحدٍّ جسيم

- 80% من القطاع الصناعي يتركز داخل العاصمة الخرطوم


شدّد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني د. جبريل إبراهيم، على أن القمّة العربية الـ33 العادية التي تحتضنها البحرين اليوم، تعدُّ فرصة مثالية لإعادة التأكيد على التضامن العربي والعمل الموحّد نحو مستقبل أفضل يسوده السلام والاستقرار والازدهار لجميع شعوب ودول المنطقة، مبيّناً أن هناك تطلّعات كبيرة معقودة على القمة بأن تخرج بقرارات تعزّز الحوار والتعاون الإقليمي لمواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية.

وأكّد في حوار أجرته معه "الوطن"، وهو أول لقاء لصحيفة عربية وخليجية منذ دخوله الحكومة بعد اتفاق جوبا، ثقته بأن القمة ستشكل نقطة انطلاق نحو تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي في المجالات الاقتصادية والمالية، ما سيسهم في رسم مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً للوطن العربي بأسره، معبّراً عن تفاؤله بأن تخرج "قمة البحرين" بنتائج إيجابية تعود بالنفع على السودان وعلى مستوى الشرق الأوسط ككل.

ووصف الوزير العلاقات بين البحرين والسودان بـ"المتينة والمستدامة"، خصوصاً وأنها قائمة على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في شتّى المجالات، مؤكّداً تقديره نظير الدعم الذي قدّمته البحرين للسودان خلال الفترات الانتقالية والتحديات الاقتصادية التي واجهها.

وتطرق وزير المالية والتخطيط الاقتصادي إلى الآثار الاقتصادية التي خلّفتها الحرب في السودان التي دخلت عامها الثاني، مشيراً في هذا الصدد إلى أن تأثير النزاع المسلّح على البنية التحتية والقطاع الصناعي في السودان كان بمثابة تحدٍّ جسيم، خاصة عندما نأخذ في الاعتبار أن 80% من هذا القطاع يتركز داخل العاصمة الخرطوم.

وأوضح أن ميليشيات الدّعم السريع، من خلال أفعالها المتمثلة في ترويع السكان وإحراق المحاصيل، قد أعاقت الإنتاج الزراعي ودفعت العديد من العمال لمغادرة مناطق الإنتاج، لافتاً إلى أنه على الرغم من وجود أدلّة مرئية توثّق هذه الانتهاكات، إلا أن المجتمع الدولي لم يتحرك بالجدية المطلوبة تجاه هذه القضية.

وفي ما يأتي اللقاء:
كيف تقيّمون مستوى العلاقات المشتركة بين البحرين والسودان في المجالات كافة، وخصوصاً التعاون الاقتصادي؟

- يمكنني القول وبكل ثقة، إنها علاقات متينة ومستدامة، قائمة على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في شتى المجالات وتتميز بالعمق والتاريخ الطويل، حيث تشكّلت على مر السنين من خلال تبادل الزيارات الرسمية والتعاون في المحافل الدولية والإقليمية.

وفي ما يخص التعاون الاقتصادي بالتحديد، شهدنا تطوراً ملموساً ونمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، إذ يأتي هذا التطور نتيجة للجهود المشتركة لتعزيز الروابط الاقتصادية واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين.
إن مملكة البحرين تعدُّ شريكاً هاماً للسودان في عدة مجالات، بما في ذلك الاستثمار في الموارد الطبيعية، والتجارة، وتبادل الخبرات بمجالات التكنولوجيا والتطوير الصناعي.

نحن نقدّر عالياً الدّعم الذي قدمته مملكة البحرين للسودان خلال الفترات الانتقالية والتحدّيات الاقتصادية التي واجهناها. كما نتطّلع إلى تعزيز هذا التعاون من خلال إقامة مشاريع مشتركة جديدة وتبادل الخبرات والمعرفة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا، والتي من شأنها أن تعود بالنفع على اقتصادي البلدين.

إن التزامنا المشترك نحو تعميق هذا التعاون واستكشاف آفاق جديدة للشراكة، يعكس رؤيتنا الإيجابية لمستقبل العلاقات البحرينية-السودانية، خصوصاً في المجال الاقتصادي. ونأمل أن تسهم هذه الجهود في تحقيق التنمية المستدامة والرفاه لشعبينا وأن تكون نموذجاً يحتذى به في التعاون العربي العربي.

تنعقد القمة العربية في البحرين اليوم في وقت تشهد المنطقة أزمات متتالية، ما هي الآمال المعقودة منها لإعادة الاستقرار في الشرق الأوسط والسودان؟
- أولاً، نأمل في تعزيز الحوار والتعاون الإقليمي لمواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية، والعمل على إيجاد حلول جذريّة للصّراعات القائمة التي تعيق التقدم والاستقرار في المنطقة.

ثانياً، من المهم التركيز على دعم الاقتصادات العربية عبر تشجيع الاستثمارات البينية، وتعزيز التجارة العربية المشتركة، وتطوير المشاريع الإقليمية التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة.

ثالثاً، بالنسبة إلى السودان بشكل خاص، نتطّلع إلى الدّعم العربي المتجدّد لتجاوز التحدّيات الاقتصادية الراهنة، ودعم جهود الإصلاح الاقتصادي والتنموي الذي نقوم به. كما نأمل في تعزيز الدعم الفني والمالي للمشاريع الكبرى التي تعود بالنفع على الشعب السوداني وتسهم في استقرار البلاد.

أخيراً، القمّة فرصة مثالية لإعادة التأكيد على التضامن العربي والعمل الموحّد نحو مستقبل أفضل يسوده السلام والاستقرار والازدهار لجميع شعوب ودول المنطقة. نحن متفائلون، بأن القمة ستخرج بنتائج إيجابية تعود بالنفع على السودان وعلى الشرق الأوسط ككل.

وما هي أبرز الملفّات الاقتصادية والمالية التي سيتم عرضها أمام القمة التاريخية؟
- في ظل التحدّيات الاقتصادية والمالية التي تواجهها منطقتنا، يأتي انعقاد هذه القمة التاريخيّة كفرصة ذهبية لطرح ومناقشة عدد من الملفات الاقتصادية الرئيسة التي تهم الوطن العربي بأسره.
بين هذه الملفات، يبرز ملف الأمن الغذائي كأولوّية إستراتيجية، خاصة في ضوء التجربة الصعبة التي مرت بها دولنا خلال فترة الجائحة، حيث عانت من نقص في الغذاء نتيجة للاعتماد الكبير على الاستيراد من خارج المنطقة العربية.
وفي هذا الإطار، يعتبر السودان مرشحاً مثالياً لقيادة جهود تحقيق الأمن الغذائي العربي، بفضل موارده الطبيعية الوفيرة وإمكاناته الزراعية الهائلة.

إضافة إلى ذلك، تأتي أهمية تعزيز التجارة العربية المشتركة وتطوير المشاريع الإقليمية التي تسهم في التنمية المستدامة والشاملة على قائمة أولوياتنا. فمن خلال تحفيز التكامل الاقتصادي وتنشيط حركة السلع والخدمات بين دولنا، يمكننا تعزيز قدراتنا الإنتاجية والتصدّي للتحديات الاقتصادية بشكل أكثر فاعلية.

نحن على ثقة بأن هذه القمة ستشكّل نقطة انطلاق نحو تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي في المجالات الاقتصادية والمالية، ما سيسهم في رسم مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً للوطن العربي بأسره.

بالحديث عن الأوضاع المأساوية في السودان التي خلّفتها الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، كم تبلغ كلفة الخسائر الاقتصادية؟
- الأزمة التي يمر بها السودان منذ 15 أبريل 2023، استنفذت موارد البلاد الاقتصادية بشكل يفوق ما يمكن للأرقام التقديريّة التعبير عنه بدقّة في الوقت الراهن. تأثير النزاع المسلح على البنية التحتية والقطاع الصناعي في السودان كان بمثابة تحدٍّ جسيم، خاصة عندما نأخذ في الاعتبار أن 80% من هذا القطاع يتركّز داخل العاصمة الخرطوم.

هذا التركز الهيكلي، جعل الاقتصاد يتحمل خسائر فادحة، إذ أدّى إلى فقدان إيرادات ضخمة واستنفاد للعملات الأجنبية اللازمة لتلبية الاحتياجات من الاستيراد مما زاد من الضغوط على الجنيه السوداني.

إضافة إلى ذلك، تعرّض القطاع الزراعي لأضرار بالغة، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً لاقتصاد يعتمد جزء ليس كبيراً منه على الزراعة. وعلى الرغم من الإنتاجية العالية التي استمرت خلال فترة الحرب، إلا أن دخول ميليشيات الدعم السريع لمدني في ديسمبر الماضي بولاية الجزيرة خلق وضعاً مأساوياً.

هذه الميليشيات، من خلال أفعالها المتمثّلة في ترويع السكان وإحراق المحاصيل، قد أعاقت الإنتاج الزراعي ودفعت العديد من العمال لمغادرة مناطق الإنتاج. وعلى الرغم من وجود أدلّة مرئية توثق هذه الانتهاكات، إلا أن المجتمع الدولي لم يتحرك بالجدية المطلوبة تجاه هذه القضية.

تقدير الخسائر الاقتصادية بدقة يبقى تحدياً، نظراً لصعوبة الوصول إلى جميع المناطق، هناك ضرورة ملحة لإرسال فرق تقييم ميدانية، إلى جانب خبراء ماليين واقتصاديين لإجراء تقييمات دقيقة على الأرض.

كل الأرقام التي تتحدّث عنها جهات تسمى نفسها بالاقتصادية، هي مجرد تكهنات لا علاقة بها ببيانات وحقائق علمية مربوطة مع الواقع ومع ذلك، وبكل تأكيد فإن الدمار واسع النطاق والخسائر تقدر بمليارات الدولارات.

وكم تحتاج البلاد من وقت لإعادة إعمار البنية التحتية وتأهيل الاقتصاد من جديد؟
- إن مسألة تقدير الوقت اللازم لإعادة إعمار البنية التحتية وتأهيل الاقتصاد من جديد في السودان قضية معقّدة تنطوي على العديد من المتغيرات والتحديات. ولا يوجد جواب محدّد يمكن تقديمه في هذا الإطار نظراً لتفرد الوضع الحالي ومدى الأضرار التي لحقت بالبلاد.
ومع ذلك، إذا نظرنا إلى التجارب الدولية في مجال إعادة الإعمار وتأهيل الاقتصادات بعد النزاعات، فإن العنصر الحاسم يكمن في الجهود الدولية المشتركة والدعم الذي يمكن أن تقدمه الأسرة الدولية من أصدقاء وشركاء.
كرئيس لجنة إعادة الإعمار في السودان، أود أن أؤكد على أننا، ورغم الصعوبات والتحدّيات الجسام التي نواجهها، نحافظ على نظرة متفائلة تجاه مستقبل بلادنا.

نحن على ثقة بأن السودان، وبدعم من شركائنا الدوليين وبفضل الإرادة القوية لشعبنا، قادر على النهوض مجدّداً وبناء مستقبل أفضل.

هذا النزاع، مع كل ما حمله من معاناة وتحديات، يُعتبر أيضاً فرصة للتعلم والنمو، وللبناء على أسس أقوى وأكثر استدامة.

نحن ملتزمون بالعمل على إعادة تأهيل الاقتصاد وتحسين البنية التحتية بما يخدم مصالح الشعب السوداني ويعزز من مرونتنا في مواجهة التحديات المستقبلية. وأود أن أقول لكل السودانيين وأصدقائنا حول العالم: "تفاءلوا بمستقبل السودان، فبالعزيمة والدعم المشترك، سننهض أقوى وأفضل من ذي قبل، فالطريق قد يكون طويلاً، ولكن بالتعاون والعمل الدؤوب، سنحقق ما نصبو إليه من أجل خير بلادنا".

وبكم تقدّر خسائر الجنيه السودان أمام الدولار الأمريكي منذ أبريل العام 2023 وحتى الآن؟
- منذ أبريل العام 2023 وحتى الآن، شهد الجنيه السوداني انخفاضاً ملحوظاً في قيمته مقابل الدولار الأمريكي. هذا التراجع في قيمة الجنيه السوداني يمكن أن يُنظر إليه ضمن السياق الأوسع لتأثير الحرب على الاقتصاد المحلي، حيث من الشائع أن تفقد العملات المحلية جزءاً كبيراً من قيمتها أمام العملات الأجنبية.


كما أن هذا الانخفاض في قيمة الجنيه له جذوره في عدة عوامل، بما في ذلك ضعف الإيرادات القومية وتحول المخزون النقدي نحو الاستيراد بشكل كبير، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على العملة المحلية.
هذا الوضع يتفاقم مع توسع الحرب واستمرارها، حيث يتأثّر الاقتصاد بشكل مباشر من خلال تعطل الإنتاج والتجارة، وكذلك من خلال الاضطرابات في النظام المالي والمصرفي.

ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن هذه التحديات، رغم صعوبتها، ليست فريدة من نوعها ويمكن التغلب عليها بالسياسات الاقتصادية الصحيحة وبدعم من المجتمع الدولي. فنحن ملتزمون بالعمل على استقرار العملة وتعزيز الاقتصاد السوداني من خلال إجراءات مدروسة ومنسّقة تشمل تحسين الإيرادات، وتعزيز الإنتاجية، وتوسيع قاعدة الصادرات، وتحقيق الاستقرار في السوق المالية.

إن التحدّيات التي نواجهها اليوم تتطلب منا جميعاً حكومة ومواطنين مع شركائنا الدوليين، العمل معاً لتجاوز هذه الفترة الصعبة. ونحن عازمون على اتخاذ كل الخطوات اللازمة لضمان أن يخرج السودان من هذه الأزمة أقوى وأكثر استقراراً.

الجنيه السوداني تدهور بحوالي 30% في الفترة الأخيرة، وعادة تتدهور العملات الوطنية في حاله الحروب، وعلى الرغم من ذلك استطعنا تثبيت العملة لفترة طويلة والتدهور الأخير ناتج بسبب المضاربة في العملة من بعض التجار وعدم توريد حصائل الصادر من بعض التجار والشركات وشراء بعض شركات الاستيراد الخاص للدولار من السوق الموازي. وسيتم وضع ضوابط إدارية واقتصادية لوقف هذا التدهور.

طال النهب خلال احتدام الصراع معظم المصارف السودانية، كم بلغ إجمالي ما تم نهبه؟ وكيف سيتم استعادة تلك الأموال؟
- خلال فترات النزاع والاضطرابات، تصبح المؤسسات المالية عرضة للنهب والسرقة، ما يسفر عن خسائر مالية هائلة ويزيد من صعوبة جهود إعادة الاستقرار الاقتصادي.

ميليشيات الدعم السريع على سبيل المثال سرقت 2.7 طن ذهب و 9 أطنان فضة من المصفاة، بالإضافة إلى ما يعادل 350 مليون دولار في الأيام الأولى للحرب.

لكن استرجاع هذه الأموال، يمثّل تحدّياً كبيراً يتطلّب 6 إستراتيجيات تشمل أولاً، إجراءات التحقيق الأمنية والقانونية، حيث إنه من الضروري تحديد المسؤولين عن عمليات النهب وملاحقتهم قضائياً، وفي حالتنا في السودان المتهم الأول هو الدعم السريع، ويتطلّب جمع أدلّة دقيقة لتطبيق الإجراءات القانونية بفعالية.

وثانياً تحسين الإجراءات الأمنية، إذ يجب على المؤسسات المالية تعزيز إجراءاتها الأمنية لحماية أصولها وتجنّب تكرار مثل هذه الحوادث، وثالثاً، التعاون الدولي؛ فقد تتطلّب عملية استعادة الأموال التعاون مع جهات ودول أخرى، خاصّة إذا تم تحويل الأموال المسروقة إلى الخارج.

ويشمل الإجراء الرابع استخدام التكنولوجيا المالية، حيث يمكن للتقنيات المتقدّمة، مثل تحليل البيانات وتتبع المعاملات، المساعدة في تتبع الأموال المسروقة واستعادتها، فيما يشمل الإجراء الخامس تقوية النظام المالي، إذ من المهم تطوير وتنفيذ إصلاحات في النظام المالي والمصرفي لزيادة الشفافية والحد من إمكانية تكرار النهب والسرقة.

وأخيراً، الحصول على دعم المجتمع الدولي، بالاستفادة من خبرات ودعم المنظمات والمؤسسات الدولية الأمر الذي يمكن أن يعزّز من فعالية جهود التحقيق والاسترداد.

وهل تأثّرت ودائع العملاء في البنوك جراء تلك الأحداث؟
- نعم، تأثرت ودائع العملاء في البنوك السودانية بشكل كبير جراء الحرب. وضع الحرب أثّر بشكل مباشر على النظام المالي والمصرفي، بما في ذلك ودائع العملاء من الذهب والمال النقدي المحتفظ به في البنوك التجارية وفروعها المختلفة.

فالسودان يعتبر من الدول الغنيّة بالذهب، ولذا يفضّل الكثير من الأفراد والشركات الاحتفاظ بجزء من أصولهم على شكل ذهب في البنوك، حيث قامت ميليشيا الدعم السريع باستهدافه منذ أول يوم.

فروع البنوك والمؤسسات المالية في مناطق النزاع تعرّضت للنهب ولم يسلم أي فرع منها من النهب.

وكيف سيتم تعقّب الجناة من أجل تقديمهم للعدالة؟
- القانون سيحاسب كل من أجرم في حق الشعب السوداني.

هل هناك دول أو منظّمات عالمية أبدت استعدادها لتمويل السودان والوقوف إلى جانبه بعد انتهاء الحرب؟
- هناك عدة دول ومنظمّات عالمية أظهرت استعدادها للوقوف إلى جانبه ودعمه مالياً وفنياً في مرحلة ما بعد النزاع. من بين هذه الدول تبرز المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وتُعرف كل من قطر والسعودية بدورهما النشيط في تقديم المساعدات الإنمائية واستثماراتهما في البنية التحتية والمشروعات التنموية في الدول التي تمر بمراحل تحول أو إعادة بناء.

يمكن لهذا الدعم أن يتّخذ أشكالاً متعدّدة، من الدعم المالي المباشر إلى المشاركة في مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية.

بالإضافة إلى ألمانيا واليابان اللتين لهما تجارب سابقة في إعادة الإعمار بعد تعرضهما للحروب؛ فألمانيا التي مرت بتجربة فريدة من نوعها في إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، تحمل خبرة غنية ومفيدة للسودان.

زيارات المؤسسات الألمانية للسودان والنقاشات مع الحكومة، تشير إلى استعداد برلين لنقل هذه التجربة وتقديم الدعم الفني والمالي. ويمكن أن يشمل هذا الدعم تقديم المشورة في مجالات إعادة البناء، تطوير البنية التحتية، تعزيز النظام الديمقراطي، ودعم الاقتصاد.

أما اليابان، التي عاشت تجربة إعادة بناء ملحوظة بعد الحرب العالمية الثانية، فتعدُّ مثالاً آخر للدولة التي يمكن أن توفّر دعماً قيماً للسودان في مرحلة ما بعد الحرب. التكنولوجيا المتقدمة، إعادة تأهيل البنية التحتية، والاستثمار في التعليم والتكنولوجيا هي مجالات يمكن أن تكون ذات أولوية في التعاون بين اليابان والسودان.

بالإضافة إلى هذه الدول، هناك العديد من المنظّمات العالمية التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في دعم السودان، مثل البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة. هذه المنظمات يمكن أن تقدّم مساعدات ماليّة، خبرة فنيّة، ودعماً في تطوير السياسات اللازمة لإعادة الاستقرار والتنمية المستدامة.

ومن المهم أن يتم هذا الدّعم في إطار تعاون متعدد الأطراف، يشمل الحكومة السودانية، المجتمع المدني، القطاع الخاص، والشركاء الدوليين.

فإشراك جميع الأطراف ضروري لضمان إعادة بناء شاملة ومستدامة تعزز السلام والاستقرار وتفتح الطريق أمام تنمية اقتصادية مستدامة في السودان.

وما هو موقف صندوق النقد الدولي تجاه دعمه للسودان في ظل هذه الظروف؟
- التقينا ممثلين منهم على هامش مؤتمر مجموعة البنك الإسلامي في العاصمة السعودية الرياض وأبدوا تفهمّاً كبيراً للأوضاع في السودان واستعداداً للمساعدة. ونجري محادثات الآن لبلورة مشاريع يمكنهم المساعدة فيها.

وكم عدد الوظائف التي فقدها الاقتصاد السوداني بفعل الحرب؟
- يصعب الحصر بدقّة نتيجة عدم تمكّن الدولة من إجراء إحصاء شامل بعد.

كان مقرّراً اكتمال إعفاء ديون السودان الخارجية بيونيو المقبل، هل من محادثات مع المانحين لإتاحة المزيد من الوقت لسدادها؟
- هنالك محادثات كما ذكرت تمّت مع ممثلين منهم في العاصمة السعودية الرياض وأعقبنا ذلك بمحادثات مع عدد من المسؤولين. وكيل التخطيط في الوزارة د. محمد بشار، شارك في اجتماعات الربيع للبنك الدولي، وهنالك مؤشرات جيدة للاستئناف بنهاية الحرب.