محمد الرشيداتضمن آفاق رحبة من التعاون على الأصعدة كافّةأكثر من 3 عقود على تاريخ العلاقات التي تجمع مملكة البحرين بجمهورية روسيا الاتحادية الصديقة، لتأتي شاهدة على ما تحقق من تعاونات ثنائية كانت سبباً في تسجيل إنجازات تناقلت بين مستويات العمل كافّة، إما على الصعيد الاقتصادي أوالتجاري أو الصحي أو التعليمي ومن ثَمّ السياحي وحتى الثقافي أيضاً.ولم يتأتَ ذلك، لولا التقارب الثنائي بين قيادتي البلدين وحرصهما المستمر في فتح مسارات تنموية لا حدود لسمائها، عزّزت وما زالت ترنو بآفاقها نحو مزيد من التقدّم والازدهار وفي شتى المجالات.إن الارتقاء بالعمل الثنائي بين المنامة وموسكو جاء من بوابة الاتفاقيات والشراكات التي تم التوقيع عليها في السابق، وذلك كنتاج فعلي وثمرة زيارات رسمية كان قد قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظّم إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومنها على رأس وفد رفيع المستوى، الأمر الذي أوعد بإحلال ركائز متينة من الأسس التي تتكىء عليها العلاقة الوطيدة التي تجمع البحرين بروسيا، و ما دعّمها هي الرغبة الحقيقية التي تسكن فكر القيادة الروسية وقناعتها التامّة بمكنون الثقل السياسي للبحرين وموقعها الجغرافي الهام باعتبارها المدخل للخليج وبوابة للشرق الأوسط بشكل عام.إن واقع الأمر يُفصح عمّا تتصف به علاقات الصداقة البحرينية الروسية، فهي من تتعدّى الحدود التقليدية المتعارف عليها بين الدول، عبر العودة إلى تاريخية وعمق وشمولية الروابط بينهما من جهة، وانفتاح الجانبين على المجتمع الدولي من جهة ثانية، ناهيك عن توحيد الرؤى وتشابهها تّجاه مختلف القضايا الإقليمية والعالمية، خصوصاً وأن البحرين تنظر لموسكو باعتبارها طرفاً دولياً مؤثراً في السلم والأمن الدوليين، في حين تُقدّرُ روسيا ما تحظى به المنامة من مكانة داخل محيطها الإقليمي وقدرتها بحكم سياستهأ الخارجية القائمة على احترام قيم التعايش والتسامح وعدم التدخل في شؤون الغير، على التوسط وحلحلة الكثير من القضايا المتنازع عليها والمشكلات التي تعصف بالعالم ككل بين الحين والآخر.وعمد البلدان إلى الاتفاق على جملة من السياسات الفاعلة وتبنّي العديد من المواقف الداعمة المشتركة، وتحديداً فيما يتعلّق بمكافحة الإرهاب، والتطابق في وجهات النظر بينهما حيال مختلف القضايا، خاصة بشأن سياسة احترام سيادة واستقلال البلدان على اختلاف مكان وجودها، والدفاع عن المبادىء النبيلة لمجال حقوق الانسان، ونشر ثقافة الاعتدال والسماحة والسلام، والانفتاح الثقافي الرفيع على الجميع، إلى جانب التسوية السلمية لعديد الأزمات الراهنة في الشرق الأوسط.وإلى جانب ما سبق، فإن التعاون البحريني الروسي ورغم أهمية المساعي والجهود الدبلوماسية والرسمية لتأطيره وتنظيمه وتنميته، إلّا أنه يجد مساحة من التمدد والتوسّع في محيط الشراكات على صعيد الجمعيات والشركات والمؤسسات الأهلية، إذ حرص القطاع الخاص على تفعيل دوره والمشاركة في الأخذ بيد تلك العلاقات إلى مستويات رحبة من بوابة العمل على الاستفادة من الخبرات المتراكمة التي يملكها الجانب الروسي في العديد من المجالات، ونجاح مجلس الأعمال البحريني-الروسي الذي يتكون بالأساس من الغرف التجارية المشتركة للبلدين في تعزيز التعاون الثنائي وتحقيق الأهداف المشتركة، بالشكل الذي يرتقي بطموحات رجال الأعمال وتطلعات الشعبين الشقيقين.بدورها، برعت اللجنة البحرينية ـ الروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، في تجسيد حقيقة الاهتمام والحرص على تفعيل آليات العمل والتنسيق البيني، بدءاً من التوقيع على مذكرة تفاهم تقضي بتأسيس مركز لصادرات الأغذية الروسية وبخاصة من القمح تحتضن مقرّه البحرين، وبما يحاكي تلبية احتياجات دول المنطقة ككل، إلى جانب التفاهمات المشتركة في مجال الطيران والنقل الجوي، وتنشيط السياحة بين البلدين، عطفاً على ذلك، الاتفاق على إنشاء شركات أسمدة وبترول، وفتح خطوط طيران مباشر بين البلدين.كذلك، مناقشة ودراسة مجالات التعاون الأخرى الخاصّة بمجال الصناعة والطيران والفضاء وتحلية المياه والطاقة والزراعة والعلوم والتعليم وصناعة الأدوية والإلكترونيات وغيرها من الفرص الاستثمارية ذات الصلة، التي يمكن أن توفّرها البحرين وتستفيد منها بالنظر إلى بيئتها الجاذبة للاستثمار، والسعي الروسي لفتح آفاق جديدة لتدفقاتها الاستثمارية إلى الخارج، وبخاصة إلى دول الخليج العربية، إيماناً من موسكو بأهمية موقع المملكة الاستراتيجي كبوابة رئيسية لسوق واسعة تتمثّل بسوق دول مجلس التعاون الخليجي.