سماهر سيف اليزل
تبادل ثقافي وسياحي شكل نقطة مشرقة للتعاون
بدأت العلاقة بين مملكة البحرين وجمهورية الصين الشعبية في عام 1989، لتشهد مسيرة الـ35 عاماً ترسيخاً لأواصر التعاون الخليجي والعربي مع بكين، فمنذ بدء العلاقات تحرص مملكة البحرين على تعزيز التعاون البناء والعلاقات المشتركة مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة حيث كثف المسؤولون في البلدين الجهود للارتقاء بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والسياحية بينهما، بما يخدم مصالح شعبيهما، وذلك عبر جهد متواصل لاستكشاف وتنمية الفرص الواعدة التي يمكن أن تنهض بهذه العلاقات في كافة المسارات والمجالات، بما يحقق تطلعات البلدين والشعبين الصديقين، في ظل ما تشهده العلاقات البحرينية الصينية الوطيدة من تطور ونماء.
وعملت العلاقات البحرينية الصينية على فتح آفاق رحبة من التنسيق والتفاهم عبر دعم تطوير العلاقات الثنائية في مختلف القطاعات التنموية والحيوية، ورفع مستوى المبادرات والمشاريع الثقافية والسياحية والتعليمية المشتركة.
حيث شكلت العلاقات بين مملكة البحرين وجمهورية الصين الشعبية الصديقة رافداً مهماً لتقوية أواصر التقارب والتعاون الخليجي والعربي مع الجانب الصيني، بالنظر إلى ما حققه التعاون بين البلدين من تقدم على مختلف المسارات، على مدى أكثر من ثلاثة عقود، والذي جعل منها واحدة من النماذج الناجحة في فضاء العلاقات الدولية القائمة على أسس ثابتة من الاحترام المتبادل والتفاهم والتنسيق المشترك.
وعلى صعيد التعاون الثقافي، يحرص الجانبان البحريني والصيني على تعزيز التبادل الثقافي باعتباره أداة فعالة لتعميق روابط الصداقة بين الشعوب، وقد تم تأطير التعاون الثقافي بين البلدين بموجب اتفاق ثقافي بين حكومة مملكة البحرين وحكومة جمهورية الصين الشعبية دخل حيز النفاذ بموجب المرسوم رقم (16) لسنة 1991، إضافة إلى برامج التبادل الثقافي والفني القائمة بين البلدين، مثل مهرجان الصين الثقافي وأسبوع الثقافة الصينية وغيرها، ودعوة بعض الفنانين البحرينيين للمشاركة في أنشطة التبادل الثقافي في الصين.
كذلك انعكست هذه العلاقات المتقدمة على المجالات الثقافية، حيث تعزّزت مكانة اللغة الصينية في المؤسسات التعليمية في البحرين لاسيما في جامعة البحرين، كما يقصد العديد من الطلبة البحرينيين المؤسسات التعليمية في الصين.
حيث تأسس معهد كونفوشيوس في جامعة البحرين في أبريل من العام 2014، ويقوم المعهد بتدريس اللغة الصينية للراغبين في تعلمها، ويعمل على تعزيز الروابط الثقافية والعلمية بين العاصمتين بكين والمنامة، وتم تسجيل أكثر من 5000 طالب بحريني في دورات اللغة الصينية، وأكمل أكثر من 400 موظف حكومي دراساتهم في اللغة الصينية على مدى السنوات الماضية.
وعزز إطلاق طيران الخليج لرحلات جوية مباشرة ما بين البلدين المعرفة والعلاقات المتبادلة ما بين شعبي البلدين، خصوصاً وأن السوق الصيني أحد أهم الأسواق في العالم تصديراً للسياح بإجمالي يصل لنحو 157 مليون سائح سنوياً.
وفي سعيها لتقوية هذه العلاقات وتوطيدها استضافت هيئة البحرين للسياحة والمعارض ورشة عمل بمشاركة 100 ممثل عن وكالات السفر وشركات إدارة الوجهات ومؤسسات الضيافة وغيرهم من شركات سياحية على مستوى مملكة البحرين لتعريفهم بفرص السياحة المتاحة والقائمة مع السوق الصيني وتحديد احتياجات السواح الصينيين.
كما أطلقت هيئة البحرين للسياحة والمعارض جولة سياحية ترويجية في مدينتي شنغهاي وغوانغتشو في جمهورية الصين الشعبية بمشاركة واسعة من أبرز الهيئات والمنشآت في قطاعات السفر والسياحة والطيران والفنادق من البلدين، وذلك في إطار الترويج لمملكة البحرين كوجهة سياحية بارزة في الأسواق الإقليمية والعالمية، وإبراز المقومات السياحية لدعم الجهود التي تعزز من إسهام القطاع بشكل إيجابي في الناتج المحلي بالتوافق مع الاستراتيجية السياحية لمملكة البحرين للأعوام 2022 – 2026.
وشملت الجولة فعاليتين ترويجيتين أقيمتا في كل من شنغهاي وغوانغتشو، حيث دعت هيئة البحرين للسياحة والمعارض وكالات السفر الصينية بتقديم العروض والباقات السياحية الهامة التي توفرها المملكة للزوار والسياح، والمنتجات السياحية البحرينية المتنوعة، كما شملت الفعاليات أيضاً اجتماعات ولقاءات بين شركات إدارة الوجهات والفنادق البحرينية مع وكلاء السفر ومنظمي الرحلات السياحية الصينيين، وذلك لبحث سبل تنظيم باقات سياحية مشتركة وتدشين برامج متخصصة لجذب السياح الصينيين إلى المملكة وحثهم على الإقامة فيها لأطول فترة ممكنة.
وركزت الجولة بشكل أساسي على الترويج لمملكة البحرين كوجهة سياحية مميزة تجمع بين التراث الثقافي والتطور الحضري، وما تزخر به من منشآت فندقية وسياحية فاخرة عالمية المستوى، وما تضمه من مراكز جذب سياحي ومواقع أثرية وطبيعية وتاريخية، واحتضانها لمركز البحرين العالمي للمعارض الحائز على جائزة «أفضل مركز معارض ومؤتمرات جديد في العالم لعام 2023» واستضافتها للعديد من الفعاليات والمعارض والأنشطة الترفيهية والثقافية والفنية التي تقام على مدار العام، ما يجعلها وجهة مثالية للسياح الصينيين الباحثين عن تجارب سياحية مميزة باعتبار الصين من أهم الأسواق المصدرة للسياح في المنطقة والعالم. والجدير بالذكر أنه تم لقاء مكاتب ومنظمي السفر والرحلات السياحية معاً لتوقيع اتفاقيات تخدم كلا البلدين في هذا المجال.
وأكدت هيئة البحرين للسياحة والمعارض تواصل العمل والتنسيق المشترك جنباً إلى جنب مع شركائها من القطاع الخاص بهدف تطوير المنتجات السياحية الفريدة التي تدعم نمو الاقتصاد الوطني، وترفع من أعداد الزوار الوافدين للمملكة.
في هذا الإطار، شهدت البحرين عام 2018 أعلى معدل إنفاق للسياح الصينيين في الرحلة الواحدة بواقع 2,567 دولار أمريكي.
أما عن التبادل الثقافي بين البحرين والصين، ففي السنوات الأخيرة، كُثّف التبادل الثقافي بين البلدين بشكل متزايد لتعزيز وتوطيد أساس الرأي العام والتوافق الاجتماعي للبلدين، ما يُعتبر نقطة مشرقة للعلاقات الثنائية.
من عام 2012 إلى عام 2020 وقبل تفشي وباء كورونا، أرسل الجانب الصيني وفداً ثقافياً فنياً لزيارة البحرين كل عام، ونجح في إقامة نشاطات ثقافية وفنية كبيرة، مثل مهرجان الثقافة الصينية وأسبوع الثقافة الصينية وعيد الربيع السعيد وعرض ألعاب البهلوان والباليه وغيرها من العروض الفنية، ودعا الفنانين البحرينيين إلى زيارة الصين والمشاركة في أنشطة التبادل الثقافي.
وتم توقيع «اتفاقية بين الحكومتين حول التأسيس المتبادل للمراكز الثقافية» والبرنامج التنفيذي للاتفاقية الثقافية بين وزارة الثقافة والسياحة لجمهورية الصين الشعبية وهيئة البحرين للثقافة والآثار للأعوام 2021-2025، وتقوم الجهات الثقافية المعنية للبلدين بمناقشة الموضوعات المتعلقة بالمراكز
وتُعتبر مدينة التنين مركزاً تجارياً كبيراً في تجارة البيع بالجملة والتجزئة وإعادة التصدير، وتتكون بشكل أساسي من التجّار الصينيين وتشمل 787 وحدة تجارية وأكثر من 100 ألف نوع من المنتجات. ويبلغ مُعدّل زائريها اليومي حوالي 20 ألف نسمة، ويتجاوز أعلى عدد من زائريها يومياً 30 ألف نسمة وأكثر من 60% من الزوار من الدول المجاورة مثل المملكة السعودية والكويت، لا تساهم مدينة التنين في زيادة التجارة الثنائية الصينية البحرينية فقط، بل تدفع في تنمية البحرين في التمويل والخدمات اللوجستية والسياحة والتموين وغيرها من المجالات أيضاً، فقد أصبحت مدينة التنين واحدة من مراكز البحرين للسياحة والتسوق والترفيه والتسلية.