أيمن شكل
علاقات استراتيجية وثيقة و246 مليار دولار التجارة البينية في 2023
إذ ما جاء ذكر "طريق الحرير"، جاء ذكر الصين التي أطلقت مشروعها لربط طرق التجارة مع دول الجوار الجغرافي والجوار الأوسع، ومن هنا يمكن فهم أهمية
الموقع الجيوستراتيجي لدول الخليج العربي، بتوسطه منطقة الشرق الأوسط وهي المنطقة الأكثر أهمية عالمياً لمركزيتها بين القارات الثلاث الآسيوية والإفريقية والأوروبية، علاوة على كونها نقطة اتصال وتواصل لجميع الدول المتقاربة معها، وهو ما منحها أهمية تتمثل في ربطها الدول والأسواق التجارية لكثير من دول العالم ببعضها البعض.
ولقد كان المحدد الاقتصادي هو المدخل الأساس للصين لبناء علاقات قوية من المصالح، مع دول الخليج العربي، بينما رأت دول الخليج في التجربة الصينية بشأن التحول الاقتصادي والتنمية الشاملة نموذجاً يُحتذى به باعتبارها الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي قضت على الفقر، والفرصة لفتح بوابة شراكة بمجالات التنمية والتعاون وتحقيق المكاسب المشتركة.
ولم تبدأ الصين هذه السياسة منذ فترة وجيزة، ولكنها وضعت استراتيجية عنونتها بمبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013، والتي تهدف لاستيعاب توسع قدراتها الصناعية والتجارية، عن طريق الاعتماد على شراكات دولية ذات مسارات تجارة جديدة، خاصة مع صعوبة الأوضاع في بحر الصين الجنوبي والذي يمثل أحد أهم مسارات التجارة الصينية إلى العالم، فكان الحل الأمثل هو إعادة بناء مشروع "طريق الحرير" الذي يعمل على ربط جمهورية الصين بطرق تجارية مع دول الجوار الجغرافي والجوار الموسع لتتمكن من تأمين طرق التجارة لديها عبر تلك الدول إلى العالم أجمع.
ومثلت دول الخليج العربي أحد أهم محطات هذا الطريق من بين العديد من الدول التي تجمعها المبادرة، باعتبارها تمتلك أحد أهم المواقع الجغرافية، علاوة على امتلاكها لمصادر الطاقة والتي تمثل عامل حاسم في تنشيط الصناعة الصينية، ونتيجة لذلك فقد سعت الصين ودول الخليج العربي إلى بناء علاقات تجارية بينية تحقق منافع للجانبين.
هناك أثر واعد لعلاقات التعاون الاقتصادي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي العربي، لتتوسع إلى إنشاء علاقات بينية وشراكة حقيقية تعود بالنفع والفائدة على الطرفين، حيث أصدرت الصين وثيقة لسياسة هذه المبادرة تجاه دول الخليج العربي في عام 2016، والتي تضمنت إجراء تعاون على مستوى الطاقة، يتمثل بتوريد الصين بمصادر الطاقة متمثلة بالنفط والغاز الطبيعي مقابل الاستفادة من موارد هذه الطريق العائدة على دول الخليج العربي، بالإضافة إلى فتح المجال أمام الشركات الصينية المتعلقة بالإنشاءات وكذلك الشراكة التجارية في مختلف الأنشطة والمجالات، وفتح الأسواق الخليجية أمام الصناعات الصينية.
أيضاً فإن المزيد من الشراكات الواعدة تبرز في الوقت الراهن حيث تمثل دول الخليج العربي بالنسبة للصين شريكاً موثوقاً في تقنيات الطاقة المتجددة والأقمار الصناعية ودراسات الفضاء والشراكات الصناعية وتنشيط التجارة والصناعة في دول الخليج العربي ككل.
وعلى صعيد التجارة البينية لدول مجلس التعاون الخليجي والصين، فإنها تعدّ أكبر شريك تجاري لدول المجلس، حيث تجاوز إجمالي التبادل التجاري بين الصين ودول التعاون 246 مليار دولار أمريكي في عام 2023، إذ بلغ حجم التجارة ما بين البحرين والصين في العام الماضي نحو 2.186 مليار دولار أمريكي، فيما بلغ حجم التجارة بين المملكة العربية السعودية والصين ما يقارب 96.54 مليار دولار، وبلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية بين الصين والإمارات نحو 95 مليار دولار، وبلغ إجمالي التجارة الثنائية بين الصين والكويت 22.39 مليار دولار أميركي، وبلغ حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان والصين حوالي 30 مليار دولار، كذلك بلغت التجارة بين قطر والصين بما يعادل 21.8 مليار دولار في عام 2023.
ومازالت العديد من الشركات الصينية تواصل البحث عن فرص الاستثمار في البحرين حيث تسعى شركات للدخول في مناقصات مشروع مترو البحرين، وتخطط أخرى للمشاركة في مشروع إنشاء منشأة تحويل النفايات إلى طاقة، وتأمل الصين أن تصل إلى تعاون مع البحرين بشأن استكشافات النفط والغاز.
وفي المملكة العربية السعودية فإن اتفاقيات أبرمت مع كبرى شركات البناء الصينية لإنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والتجارية إضافة إلى مرافق الخدمات العامة، و تحتل الصين المرتبة الأولى لواردات المملكة التي شكّلت ما نسبته 19.9% من إجمالي الواردات.
وفي الإمارات يمثل قطاع السياحة أحد المحاور الرئيسة للعلاقة الاقتصادية بين الدولتين، لكن الصناعة والتجارة والبنية التحتية تعتبر محاور راسخة منذ سنوات بعيدة بما تمثله الإمارات من مركز تجاري مهم في المنطقة.
وتعد الكويت تاسع أكبر مصدر لواردات النفط الخام للصين، فيما تتواجد حوالي 60 شركة صينية في الكويت حالياً شاركت في أكثر من 80 مشروع مقاولات هندسية.
وهناك أكثر من 165 شركة صينية في السوق القطري فيما ترغب 20 مؤسسة صينية في الاستفادة من الفرص التي تطرحها الأسواق القطرية،
ويمثل التعاون الصيني العماني في مبادرة الحزام والطريق أحد أهم مرتكزات العلاقة الممتدة لـ 46 عاما من والتي شملت شتى المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية.
وفي المجمل فإن العلاقات الخليجية مع الصين تشهد نمواً مضطرداً يحرص عليه الطرفين ويظهر بوضوح في التحركات الدبلوماسية على مستوى القادة في الأيام الحالية.
علاقات استراتيجية وثيقة و246 مليار دولار التجارة البينية في 2023
إذ ما جاء ذكر "طريق الحرير"، جاء ذكر الصين التي أطلقت مشروعها لربط طرق التجارة مع دول الجوار الجغرافي والجوار الأوسع، ومن هنا يمكن فهم أهمية
الموقع الجيوستراتيجي لدول الخليج العربي، بتوسطه منطقة الشرق الأوسط وهي المنطقة الأكثر أهمية عالمياً لمركزيتها بين القارات الثلاث الآسيوية والإفريقية والأوروبية، علاوة على كونها نقطة اتصال وتواصل لجميع الدول المتقاربة معها، وهو ما منحها أهمية تتمثل في ربطها الدول والأسواق التجارية لكثير من دول العالم ببعضها البعض.
ولقد كان المحدد الاقتصادي هو المدخل الأساس للصين لبناء علاقات قوية من المصالح، مع دول الخليج العربي، بينما رأت دول الخليج في التجربة الصينية بشأن التحول الاقتصادي والتنمية الشاملة نموذجاً يُحتذى به باعتبارها الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي قضت على الفقر، والفرصة لفتح بوابة شراكة بمجالات التنمية والتعاون وتحقيق المكاسب المشتركة.
ولم تبدأ الصين هذه السياسة منذ فترة وجيزة، ولكنها وضعت استراتيجية عنونتها بمبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013، والتي تهدف لاستيعاب توسع قدراتها الصناعية والتجارية، عن طريق الاعتماد على شراكات دولية ذات مسارات تجارة جديدة، خاصة مع صعوبة الأوضاع في بحر الصين الجنوبي والذي يمثل أحد أهم مسارات التجارة الصينية إلى العالم، فكان الحل الأمثل هو إعادة بناء مشروع "طريق الحرير" الذي يعمل على ربط جمهورية الصين بطرق تجارية مع دول الجوار الجغرافي والجوار الموسع لتتمكن من تأمين طرق التجارة لديها عبر تلك الدول إلى العالم أجمع.
ومثلت دول الخليج العربي أحد أهم محطات هذا الطريق من بين العديد من الدول التي تجمعها المبادرة، باعتبارها تمتلك أحد أهم المواقع الجغرافية، علاوة على امتلاكها لمصادر الطاقة والتي تمثل عامل حاسم في تنشيط الصناعة الصينية، ونتيجة لذلك فقد سعت الصين ودول الخليج العربي إلى بناء علاقات تجارية بينية تحقق منافع للجانبين.
هناك أثر واعد لعلاقات التعاون الاقتصادي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي العربي، لتتوسع إلى إنشاء علاقات بينية وشراكة حقيقية تعود بالنفع والفائدة على الطرفين، حيث أصدرت الصين وثيقة لسياسة هذه المبادرة تجاه دول الخليج العربي في عام 2016، والتي تضمنت إجراء تعاون على مستوى الطاقة، يتمثل بتوريد الصين بمصادر الطاقة متمثلة بالنفط والغاز الطبيعي مقابل الاستفادة من موارد هذه الطريق العائدة على دول الخليج العربي، بالإضافة إلى فتح المجال أمام الشركات الصينية المتعلقة بالإنشاءات وكذلك الشراكة التجارية في مختلف الأنشطة والمجالات، وفتح الأسواق الخليجية أمام الصناعات الصينية.
أيضاً فإن المزيد من الشراكات الواعدة تبرز في الوقت الراهن حيث تمثل دول الخليج العربي بالنسبة للصين شريكاً موثوقاً في تقنيات الطاقة المتجددة والأقمار الصناعية ودراسات الفضاء والشراكات الصناعية وتنشيط التجارة والصناعة في دول الخليج العربي ككل.
وعلى صعيد التجارة البينية لدول مجلس التعاون الخليجي والصين، فإنها تعدّ أكبر شريك تجاري لدول المجلس، حيث تجاوز إجمالي التبادل التجاري بين الصين ودول التعاون 246 مليار دولار أمريكي في عام 2023، إذ بلغ حجم التجارة ما بين البحرين والصين في العام الماضي نحو 2.186 مليار دولار أمريكي، فيما بلغ حجم التجارة بين المملكة العربية السعودية والصين ما يقارب 96.54 مليار دولار، وبلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية بين الصين والإمارات نحو 95 مليار دولار، وبلغ إجمالي التجارة الثنائية بين الصين والكويت 22.39 مليار دولار أميركي، وبلغ حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان والصين حوالي 30 مليار دولار، كذلك بلغت التجارة بين قطر والصين بما يعادل 21.8 مليار دولار في عام 2023.
ومازالت العديد من الشركات الصينية تواصل البحث عن فرص الاستثمار في البحرين حيث تسعى شركات للدخول في مناقصات مشروع مترو البحرين، وتخطط أخرى للمشاركة في مشروع إنشاء منشأة تحويل النفايات إلى طاقة، وتأمل الصين أن تصل إلى تعاون مع البحرين بشأن استكشافات النفط والغاز.
وفي المملكة العربية السعودية فإن اتفاقيات أبرمت مع كبرى شركات البناء الصينية لإنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والتجارية إضافة إلى مرافق الخدمات العامة، و تحتل الصين المرتبة الأولى لواردات المملكة التي شكّلت ما نسبته 19.9% من إجمالي الواردات.
وفي الإمارات يمثل قطاع السياحة أحد المحاور الرئيسة للعلاقة الاقتصادية بين الدولتين، لكن الصناعة والتجارة والبنية التحتية تعتبر محاور راسخة منذ سنوات بعيدة بما تمثله الإمارات من مركز تجاري مهم في المنطقة.
وتعد الكويت تاسع أكبر مصدر لواردات النفط الخام للصين، فيما تتواجد حوالي 60 شركة صينية في الكويت حالياً شاركت في أكثر من 80 مشروع مقاولات هندسية.
وهناك أكثر من 165 شركة صينية في السوق القطري فيما ترغب 20 مؤسسة صينية في الاستفادة من الفرص التي تطرحها الأسواق القطرية،
ويمثل التعاون الصيني العماني في مبادرة الحزام والطريق أحد أهم مرتكزات العلاقة الممتدة لـ 46 عاما من والتي شملت شتى المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية.
وفي المجمل فإن العلاقات الخليجية مع الصين تشهد نمواً مضطرداً يحرص عليه الطرفين ويظهر بوضوح في التحركات الدبلوماسية على مستوى القادة في الأيام الحالية.