بلبل عذاري قصيدة ولدت من رحم الجمال ودهشة الحكايات، لتتفتح أمامنا قصيدةٌ تنثر الروعة والعذوبة، تحمل اسم «بلبل عذاري» حيث تنطلق القصيدة بتعابيرَ شاعريةٍ تأسر الألباب وتحير العقول، فهي محاكاةٌ للجمال الذي يتجسّد في صوت البلبل على غصنٍ يميل إلى المنهل.

إنها لحظةٌ مدهشة استدعت إعجاب واستغراب ودهشة مؤلف القصيدة الشيخ راشد بن عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة لهذا الطائر الجميل وهو يتجاوز حدوده ويصل إلى الأماكن البعيدة حيث الحمائم وأسراب الطيور المترقبة له.

وما أثار دهشته في تأليف القصيدة أكثر، هو أن هذا البلبل ليس مجرد طائرٍ يجوب الأرجاء، بل هو رفيقٌ للنبع، يساعده ويدعمه في رحلته نحو الرشفة المنشودة. يتعامل هذا البلبل مع الماء العذب كملاذٍ ينتظره بشوق، ويتعامل معه بحكمة وذكاء.

وعلى طرف عود يفتقر للتوازن، يحاول البلبل أن يجدد قوته ويستعيد توازنه، فهو يطفو فوق الماء المنساب ويراقب العالم من منظورٍ متفرّد. إذ لم يجرفه التيار الجارف، ولا يمكن أن ينسى رؤية هذا الطائر الجميل حين يتعدى النبع ويتجه نحو الجدول. في لحظة تلامس فيها الظمأ الرطوبة، يتبادل البلبل ورفيقه النوام موقعَهما، حيث يأخذ البلبل مكان النوام السابق.

وبينما يُسمع جري الماء العذب، ترتفع ترنيمة صوت البلبل تعانق أنفاس نخل النبع، فتنتشر روح الهدوء والسكينة في هذا الصمت الذي يحيط بالبلبل.

وعندما ينفض النوام أغصانه ويترك المكان للبلبل، يتألّق البلبل ويصدح بلحنٍ جديدٍ يعانق السماء، وينبض النخل بجمالٍ يتجاوز حدود الوصف.

فالبلبل يمتلك بصيرةً استثنائية تتخطى مدارك العقل، وتفهم معانيَ عميقةً لما يراه بأمثل. هذه الرؤية تحمل في طياتها عبرةً توجه مداركنا لتفهم الحياة وتتوج فهمنا المتزايد لتتجلى قصيدةٌ ساحرة بعنوان «بلبل عذاري».

تأخذنا في رحلةٍ شعرية متفردة، تصوغ لنا لحظاتٍ فريدة من نوعها، تجمع بين جمال الطبيعة ورونق الحياة.

*جمال الياقوت نائب رئيس التحرير لصحيفة سويفت نيوز السعودية الإلكترونية