محمد الرشيدات
توجّه للتوسّع بالبرامج وإدماجها في الجامعات..

حبيب: إيجاد الشواغر الوظيفية للمتخرّجين قبل إدماج الهندسة الزراعية

دسمان: برامج تحويلية للدبلوم الزراعي يليها باقي المراحل الجامعية


دقّت "الوطن"، باب التساؤلات حول أبرز ما تفتقر إليه بعض الجامعات من تخصصات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشأن الزراعي، ولعلّ من أهمّها، الهندسة الزراعية على سبيل الحصر، حيث أكد وزير شؤون البلديات والزراعة وائل المبارك، أن البحث جارٍ عن التخصصات الأكاديمية التي تفتقر إلى وجودها الصروح الأكاديمية المتقدّمة، ويوجد فيها نقص بعدد المبحرين بعلومها، ومن بينها الهندسة الزراعية، وذلك بعد أن تم رصد احتياجات السوق وقراءة متطلباته.

وأشار، إلى أن هناك توجّه حالي للتوسّع بتلك البرامج، وبذل الإمكانات اللازمة لإدماجها ضمن الكليات والأقسام التي تحتويها الجامعات.

وأضاف المبارك أنه، ومع المبادرات التي تطلقها البحرين بين الحين والآخر، والمعنية بالأمن الغذائي والتشجير والتجميل والاستزراع السمكي والحيواني وغيرها، باتت الحاجة ملحّة إلى تكثيف الجهود ونسج الرؤى الحصيفة الكفيلة بإيجاد جيل شبابي متسلّح بالخبرة العلمية والعملية لتنفيذ أهداف الملفات الوطنية المذكورة، ليكونوا على دراية واختصاص في إدارة كل ما يتعلّق بالشأن الزراعي.

ويأتي رصد التطور المُحرز وتوحيد المعايير المؤدية إلى النهوض بالقطاع الزراعي في البحرين، كآلية يتداعى لتنفيذ أركانها أصحاب الاختصاص في هذا القطاع، بغض النظر عن أعدادهم، وبصرفه عن وجود تخصص لدراسة الهندسة الزراعية في الجامعات الحكومية والخاصة لتخريج أجيال بحرينية قادرة على مواكبة التحديثات الذي يجود بها علم الزراعة، وهو ما يتماهى وعلى خط متوازٍ مع ما تدأب عليه المملكة وبخطى ثابتة في تنويع مصادر الأمن الغذائي لديها، وضمان وفرة في السلة الغذائية الآتية من إنتاج تربتها، وهي بذلك طامحة بتقليل اعتمادها على الاستيراد من الخارج لبعض الأطعمة الضرورية من الخضراوات والفواكه.

وفي كل ركن من أركان الدولة المدنية الحديثة الزاخرة بالمؤسسات التعليمية الجامعية على اختلاف مراحلها ودرجاتها، كانت المساعي جادّة وما زالت للأخذ بيد المبادرات الزراعية لرؤية نماذجها وصورها واقعاً ملموساً، وهذا لن يتأتّى إلاّ من خلال باقة يتولّى تقديمها الجانب الأكاديمي، وهو ما تصغي إليه آذان واعية، وعقول كيّسة، وشكيمة لا تهدأ، يَبينُ رونقُها من وميض التفاهمات بين الجهات الحكومية والخاصة في تعميم الفكرة المتعلقة باستحداث التخصصات والبرامج الجامعية التي تفي بحاجة السوق، والتي تلوح بالأفق بوادر تطبيقها وجعلها متوفّرة في الخطط الدراسية التي تعتمدها مختلف الجامعات الحكومية والأهلية الموزّعة في جميع مناطق المملكة.

بدوره، لم يتوقّف رئيس جمعية المهندسين الزراعيين البحرينية فؤاد حبيب عند سؤال "الوطن"، حول أهمية وجود تخصص الهندسة الزراعية في الجامعات البحرينية، بل شدّد على مرحلة ما بعد إقرار خططٍ لتدريس هذا النوع من الهندسة في المؤسسات الأكاديمية ورؤية الكوادر الوطنية المتخصصة متخرّجة بعدما أتمّت متطلباتها الدراسية، لتصطدم بواقع البحث عن الشاغر الوظيفي المناسب الذي تطبّق فيه ما تعلّمته خلال المرحلة الجامعية وتجد لها مكاناً في حسابات سوق العمل.
وأكد حبيب، على أهمية وجود تخصص للهندسة الزراعية في مؤسسات التعليم العالي بشكل كبير، وأن تكون هناك خطة ممنهجة تتكامل فيها الأركان تُحاكي كيفية إدماج التخصص في الجامعات، وتعيين مخرجاته، وتحديد الآلية المناسبة لما بعد المرحلة الدراسية في مساعدة المهندسين الزراعيين من حديثي التخرّج على التدريب، ومن بعده الاندماج الوظيفي بين أروقة الجهات الرسمية وشركات القطاع الخاص العاملة في المجال الزراعي.

وأشار، إلى أنه ومن منطلق الاهتمام بتطوير القطاع الزراعي في البحرين لمواكبة القطاعات الأخرى في مسيرة التنمية المتكاملة، واستجابة للرؤية الاقتصادية 2030، لا بد من أن تكون الخطط والمناهج التدريسية لهذا النوع من الهندسات كفيلة بتخريج مهندسين متخصصين في المجالات الزراعية المختلفة، قادرين على تنفيذ تقنيات حديثة في الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي أيضاً لحل المشكلات الزراعية، والتي يستخدم فيها المهندسون الزراعيون الأدوات المعرفية لحل المشكلات في هذا المجال وبخاصة المتعلقة بالإنتاج والإنتاجية المستمرة.

ولفت، إلى أنه كان لمعهد البحرين السبق في طرح دبلوم الزراعة عام 2016 للمساهمة في تنمية القطاع الزراعي، وفي عام 2017 أَنشأ المعهد بالتعاون مع المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي مشتلاً علمياً زراعياً ضمن مساحة كبيرة تسمح للمتدربين بإجراء التطبيقات العلمية المتنوعة وإنتاج العديد من المحاصيل الزراعية، وكذلك المساعدة على نشر المعرفة الزراعية.

على ذات الصعيد، بيّن مدير إدارة التعليم المستمر في كلية البحرين التقنية "بوليتكنك البحرين" لـ"الوطن" عبدالرضا دسمان، وجود مبادرة تكتمل ملامحها شيئاً فشيئاً تتبنّاها وزارة شؤون البلديات والزراعة، بالإضافة إلى المبادرة الوطنية الزراعية وبالتعاون مع بوليتكنك البحرين تتعلق بطرح بعض البرامج الزراعية.

وأشار، إلى أن المبادرة في طور المناقشة، وقد تم عقد سلسلة من الاجتماعات بخصوص طرح مثل هذه البرامج وطبيعتها، ومدتها ومستواها، ليتم الاتفاق على عقد طاولة مستديرة من جميع الأطراف في مملكة البحرين خلال الأيام القليلة القادمة.

دسمان أوضح، أن تلك البرامج ستركّز على المستوى السادس، والمقصود هنا، إما أن تكون دبلوماً زراعياً، أو عن طريق إقرار برامج التحويل المهني التي تستهدف المهندسين في القطاعات المختلفة، ومن ثَمَّ سيتم تحويلهم إلى مهندسين في تخصص الزراعة، تحت ما يسمى بالبرامج التحويلية.

وحول تقييمه لحاجة السوق لمثل تخصص الهندسة الزراعية، أشار إلى وجود حاجة ماسّة إلى إحداث وفرةٍ في طبيعة مثل هذه التخصصات الزراعية الجامعية وبأعداد الخرّيجين فيها، ممن أكملوا متطلباتها الدراسية بمجال الاستزراع النباتي والحيواني والسمكي.

وفي الوقت الذي تتبنى البحرين مبادرات بالجملة تُعنى بتوسيع نطاق عملية التشجير فيها، انطلاقاً من رغبتها في إحداث زيادة بمساحة البقعة الخضراء على أرضها بحلول العام 2035 بمضاعفة العدد الحالي للأشجار من 1.8 مليون شجرة إلى حدود 3.6 مليون شجرة، وتماشياً مع التزامات المملكة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP26"، ومن باب تنفيذ سياساتها الحكومية الرامية والمتّسقة مع تعهداتها الدولية بالوصول إلى الحياد الصفري عند حدود العام 2060، تبرز الخطط ويمثُلُ الحرص العميق على تمهيد كل السبل والإمكانات البشرية والفنية والمالية للنهوض بالشأن الزراعي بمجالاته كافّة، ليست فقط تلك المتعلقة بالشق النباتي، بل تتعداه لتصل إلى الحيواني والسمكي منها أيضاً.

دائرة غير مفرغة بل مليئة بالحلول والسبل الكفيلة بربط كيفية الإنتاج وتدعيمه بالجانب العلمي والنظري ليجد طريقه مُعبّدةً نحو الإتمام العملي المقنن والناجع، والمقصود هنا، ما يُبنى من قارب تتولى توجيه دفّته طاقات وكوادر وطنية تكون مؤهلة ولديها من الكفاءة والدراية ما يكفي لأن تنجح في تحقيق الرؤى الوطنية المتوجّهة لإمضاء مشاريع التشجير من جهة، والعمل بروح التعاون الرسمي والشعبي لإنفاذ المشاريع والبرامج الزراعية ذات المخرجات الثريّة من جهة أخرى، لضمان بلوغ الأهداف السنوية الموضوعة والمُؤطَّرَة بجدول زمني محدد.