عقد المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية اليوم، الثلاثاء، جلسته الاعتيادية الثامنة عشرة بدورته الخامسة برئاسة معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس.
وخلال الجلسة، رفع المجلس أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، وإلى العائلة المالكة الكريمة، وإلى حكومة وشعب مملكة البحرين، وإلى الأمة الإسلامية جمعاء، وذلك بمناسبة العام الهجري الجديد، سائلًا الله تعالى أنْ يجعله عام خير وبركة على الجميع.
وأشاد المجلس بالمضامين والتوجيهات والرؤى السامية التي تفضل بها حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه لدى ترؤس جلالته جلسة مجلس الوزراء، التي تعد نبراسًا لتعزيز التنمية والعمل الوطني في مختلف المجالات.
ونوه بما أكده جلالته من أهمية المحافظة على منظومة القيم والتقاليد البحرينية التي تنطلق من القيم العربية والإسلامية، ومن التزام الأمة منذ القدم بالدين الإسلامي الحنيف، واحترام الأديان السماوية، والفخر بتراثها الراسخ ومكارم أخلاقها، وبما لها من دورٍ حيويٍّ إيجابيٍّ في المنطقة والعالم.
وأعرب عن تقديره العميق للتوجيه السامي بوضع خطة عمل تختص بالمحافظة على الهوية التاريخية والثقافية لمباني ومدن البحرين، وذلك للمحافظة على هويتها التاريخية والثقافية، وتلبية الاحتياجات والبنى التحتية اللازمة للمناطق التاريخية.
وثمن الحرص الملكي الدائم على وحدة البحرينيين وترابطهم كأسرةٍ واحدةٍ، وترسيخ ما يتميز به المجتمع البحريني منذ القدم من انفتاحٍ وتسامحٍ جعل مملكة البحرين واحة إخاءٍ وسلامٍ وتطورٍ وإنجازٍ، وذلك في إطار ما يجمع المجتمع من قيمٍ وعاداتٍ بحرينيةٍ أصيلةٍ وقواسم مشتركة، تعتبر ثوابت أساسية في تعزيز الهوية الوطنية، والحفاظ على النسيج المجتمعي القائم على التعايش والتآلف والتسامح الإنساني.
كما أشاد المجلس بحرص جلالة الملك المعظم على التكاتف وتعزيز العمل العربي المشترك، ونبذ الخلافات، وانتهاج السلم وحسن الجوار في العلاقات الثنائية والإقليمية المشتركة، والابتعاد عن سياسات الاعتداء والحروب بالوكالة، ومد جسور التعاون مع كافة الدول الشقيقة والصديقة، بما يسهم في تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، ومنع الأخطار، ومواجهة سياسات الهيمنة الهدامة.
وفي سياق متصل، نوه المجلس بما يوليه حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه من رعاية ودعم كبيرين للمواسم الدينية، ومنها موسم عاشوراء، في إطار حرص جلالته على تأكيد ريادة مملكة البحرين في مجال كفالة الحقوق والحريات العامة، وخصوصًا الحريات والشعائر الدينية، مقدرًا في الوقت نفسه الجهود الكبيرة والخدمات الجليلة التي تبذلها الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله بالتعاون مع الجهات الأهلية المعنية لإنجاح موسم عاشوراء والخروج به على الوجه الأكمل.
ولفت المجلس إلى أنَّ هذه الحريات المرعيَّة تعكس الثوابت والقيم البحرينية الأصيلة في التآخي والتعايش والوسطية، مثمنًا ما أبداه المشاركون في هذا الموسم من تعاون بنَّاء مع الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة، وما أبدوه من حرص على الحفاظ على قدسية الشعائر الحسينية، والاستفادة منها لإعلاء القيم السامية وتعزيز الألفة والمحبة، والنأي بها عن الاستغلال السيئ والتسييس، وتنزيهها من كل ما هو دخيل عليها، لتبقى كما كانت شاهدًا حضاريًّا على التعايش والتعددية في البحرين.
وفي سياق آخر، هنَّأ المجلس حجاج مملكة البحرين بسلامة العودة إلى وطنهم بعد إنهاء مناسكهم في يسر وطمأنينة، منوهًا بجهود مملكة البحرين بقيادة جلالة الملك المعظم في تسيير شؤون حجاج بيت الله الحرام من مواطنين ومقيمين، ورعايتهم وتقديم كافة الخدمات والتسهيلات والإمكانيات والدعم لهم، مثمنًا في هذا الصدد المساعي الطيبة للجنة العليا لشؤون الحج والعمرة، وبعثة مملكة البحرين للحج، وجميع حملات الحج البحرينية المرخصة.
كما أشاد في هذا السياق بما شهده موسم الحج للعام 1445هـ من نجاح كبير ولله الحمد، بفضل الله تعالى، وبفضل ما تبذله المملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود حفظهما الله، من جهود حثيثة في خدمة الحجاج والزائرين، وما تبديه من حرص كامل على تقديم كافة أوجه الرعاية والعناية لأداء شعائر الحج على أفضل وجه.
إلى ذلك، ندد المجلس باستمرار نهج الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية الصارخة والآثمة ضد الأشقاء في قطاع غزة وفي عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب تواصل جرائم الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، مما أسفر عن استشهاد وتهجير آلاف الأبرياء من المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء، مما يعد انتهاكًا واضحًا يتنافى مع جميع الشرائع والقيم والأعراف والمواثيق الدينية والأخلاقية والإنسانية والحقوقية والدولية.
ودعا إلى موقف حازم وفعال من المجتمع الدولي للوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في غزة، وفرض تطبيق القرارات الدولية بحماية المدنيين والأعيان المدنية، وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل كامل وآمن ومستدام ودون عوائق، وإعطاء الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المسلوبة في إقامة دولته المستقلة.
بعد ذلك، بحث المجلس الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، واستهلها بالوقوف على آخر المستجدات حول مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي الذي يحظى برعاية ومباركة كريمة من صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله، على إثر ما دعا إليه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين في ملتقى البحرين للحوار الذي انعقد في مملكة البحرين في نوفمبر عام 2022م.
واطلع المجلس في هذا الصدد على نتائج الاجتماع المشترك الذي عقده معالي الرئيس مع ممثلي فضيلة شيخ الأزهر الشريف، ووفد مجلس حكماء المسلمين، وذلك للتحضير والإعداد لهذا المؤتمر المهم الذي ستستضيفه مملكة البحرين مطلع العام القادم 2025 ميلادية، بمشاركة كبار العلماء في العالم الإسلامي، وعلماء المؤسسات الإسلامية في العالم، مؤكدًا أهمية هذا الحوار المنشود في تأكيد مساحة الاتفاق الواسع في مجالات الاعتقاد والفكر والقيم باعتبار أن المسلمين جميعًا أمة واحدة.
كما استعرض المجلس مذكرة من الأمانة العامة بشأن صدور التقويم البحريني الهجري للعام 1446هـ بأربعة أنواع (الحائطي والدفتري والمكتبي بنوعيه)، وذلك بأمرٍ كريمٍ من صاحب الجلالة الملك المعظم، وعلى نفقة جلالته رعاه الله. وأعرب المجلس عن شكره وعرفانه لجلالة الملك المعظم على تفضله برعاية هذا التقويم المميز واعتماده وطباعته سنويًّا على نفقته الخاصة، مثمنًا في الوقت نفسه جهود اللجنة العليا للتقويم البحريني برئاسة معالي الرئيس، واللجان التنفيذية العاملة، والأمانة العامة للمجلس، لإعداد التقويم وطباعته وتوزيعه.
بعد ذلك، بحث المجلس تقرير لجنة إبداء الرأي الشرعي بشأن أحد المشروعات بقانون المحال على المجلس من الحكومة الموقرة، وقرر المجلس اعتماد توصيات اللجنة الواردة في التقرير.
ثم استعرض تقرير لجنة متابعة إنشاء الجوامع وملحقاتها بشأن متابعة تنفيذ خطة المجلس في إعمار الجوامع، وتضمن آخر المستجدات في ستة مشروعات لجوامع يتبنى المجلس تنفيذها، وخمسة مشروعات أخرى يتبنى عدد من المحسنين الكرام تنفيذها تحت إشراف المجلس.
وأخذ المجلس علمًا بقرار مجلس إدارة معهد القراءات وإعداد معلمي القرآن الكريم اعتماد الطلاب الذين أنهوا متطلبات التخرج بنجاح حسب الخطة الدراسية في برنامج دبلوم معلم القرآن الكريم، معربًا عن سعادته بتخريج الدفعة الأولى من هذا البرنامج، وتمنياته للخريجين بدوام التوفيق والسداد.
واختتمت الجلسة بالاطلاع على الرسائل والطلبات الواردة، وبحث ما يستجد من أعمال، واتخاذ ما يلزم في ذلك.