محمد الرشيدات
في الوقت الذي يتسبب فيه الغرق بحصد أرواح ما يزيد على 250 ألف إنسان سنوياً حول العالم تتبنّى البحرين، وهي المملكة التي يحيط البحر بأرخبيل جزرها من كل جانب، دوراً مسؤولاً عبر مؤسساتها المعنية ما أسهم بالوصول إلى 0% كنسبة حالات الغرق فيها في 2023.

وفي اليوم العالمي للوقاية من الغرق الذي يصادف 25 يوليو من كل عام، لابد من الوقوف عند إنجازات المؤسسة الملكية للإنقاذ والسلامة المائية باعتبارها مؤسسة خيرية تأسست عام 2016، وباتت المنظمة الوحيدة في البحرين التي تقدّم شهادة معترفاً بها دولياً لرجال الإنقاذ العاملين في البحرين، وتقوم على إمضاء رؤية واضحة ترفع منسوب الوقاية من حوادث الوفاة والإصابات المتعلقة بالغرق، من خلال تنمية ثقافة السباحة والاستمتاع بالمياه والترويج لتعلم رياضة السباحة، والحَدّ من حالات الوفاة بالغرق والإصابات المرتبطة بها.

وبفضل الدور المسؤول للمؤسسات المعنية في البحرين، يستطيع أكبر عدد من الناس ممارسة الأنشطة الترفيهية المائية والاستمتاع بها مع الالتزام بقواعد السلامة، وذلك للحَدّ من حالات الوفاة والإصابات المرتبطة بالغرق، وتدريب الأفراد على الإسعافات الأولية والإنعاش القلبي الرئوي وإعداد منقذين محترفين يتم توزيعهم في الشواطئ العامّة وبرك السباحة الخاصّة.

وفي الشق الدولي من المسألة، والأمر الصادم في الرقم الأممي المُعلن عن وفاة 250 ألف إنسان سنوياً غرقاً، أن 50% من هذه الوفيات هي بين الأطفال دون سن الخامسة عشرة، ما يؤكد ضرورة تعاظم الجهود الدولية للتقليل من ذلك الرقم المخيف، والحَدّ من حالات الوفاة بفعل ذلك المسبب، الذي يندرج تحت خانة قضية من قضايا الصحّة العامّة.

وعليه تتولى منظمة الصحّة العالمية مهم تسريع وتيرة العمل للوقاية من الغرق عبر سلسلة من المبادرات الهادفة التي تحاكي النهوض بالجهود الدولية للتصدي لتكرار حالات الغرق حول العالم بحلول سنة 2029.

إن الاحتفاء باليوم العالمي للوقاية من الغرق، والذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون في الـ25 من يوليو من كل عام، يُعدُّ فرصةً لتسليط الضوء على التأثير المأساوي والعميق للغرق على العائلات والمجتمعات وتقديم حلول صائبة تضمحل معها وطأة شبحه بخطف أرواح الأبرياء وغيرهم من الفئات العمرية.

الحكومات ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والأفراد كلهم في قارب واحد تتوجّه دفّته نحو شاطئ الأمان الكلّي عبر الحاجة الماسّة بتنفيذ إجراءات عاجلة ومنسّقة ومتعددة القطاعات تتبنّى القيام بتدابير نافذة، تتعلّق بإنتاج مواد تثقيفية الدعوة ذات الصلة، وإقامة الفعاليات والأنشطة المحلية والإقليمية ودعمها في البلدان والمجتمعات حول العالم، ناهيك عن غير ذلك من الخطوات العملية، كمثل تركيب حواجز للتحكم في الوصول إلى المياه، وإتاحة أماكن مأمونة بعيدة عن المياه كدور الحضانة للأطفال في سن ما قبل المدرسة، إلى جانب تعليم السباحة والسلامة المائية ومهارات الإنقاذ المأمونة، بالإضافة إلى تدريب المارّة على مهارات الإنقاذ المأمون والإنعاش في حال مصادفتهم لأي حالة غرق، فضلاً عن وضع اللوائح وفرضها فيما يتصل بالشواطئ والقوارب والشحن والعبّارات، وصولاً إلى تحسين إدارة مخاطر الفيضانات.

أي شخص يمكن أن يغرق، ولكن لا ينبغي لأحد أن يغرق، هو شعار عنونت به نفسها النسخة الماضية من اليوم العالمي للوقاية من الغرق الذي هو من بين الأسباب العشرة الرئيسة للوفاة في الفئة العمرية ما بين عمر الـ5 والـ14 عاماً.

وبناءً على ما ذُكر من إحصائيات، تعتزم المنظومة الدولية إعداد أول تقرير عالمي عن وضع الوقاية من الغرق، بمشاركة نشطة من بلدان المعمورة قاطبة، يُقدّم معلومات بالغة الأهمية لراسمي السياسات ومديري البرامج للاسترشاد بها في تنفيذ التدخلات منخفضة الكلفة والقابلة للتوسيع والفعّالة للوقاية من الغرق.

ومن المبادرات المهمة الأخرى، إنشاء التحالف العالمي للوقاية من الغرق، الذي صدر به تكليف بقرار من قِبَل جمعية الصحة العالمية، المكوّن من شبكة من الشركاء سيعملون جنباً إلى جنب لتنسيق الجهود الرامية إلى منع الوفيات الناجمة عن الغرق وتعزيز تلك الجهود وتدعيمها وتوسيع نطاقها.

وكانت منظمة الصحّة العالمية قد أصدرت مبرّرات للاستثمار في الوقاية من الغرق، التي تبيّن أنه وبحلول العام 2050، يمكن لزيادة الاستثمار العالمي في تدبيرين فقط للوقاية من غرق الأطفال، يتمثّلان بتوفير الرعاية النهارية للأطفال في سن ما قبل المدرسة، وتعليم الأطفال الذين هم في سن الدراسة مهارات السباحة الأساسية، أن تنقذ حياة أكثر من 774 ألف طفل، وتمنع ما يقرب من مليون حالة غرق غير مميتة في صفوف الأطفال، وتجنّب الإصابات الشديدة والمقيّدة للحياة لعدد كبير من ضحايا الغرق غير المميت، كما يمكن لذلك الاستثمار أن يحول دون وقوع خسائر اقتصادية محتملة تزيد على 400 مليار دولار أمريكي في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط المثقلة بالأعباء.