للبحرين السبق في فكرته ومحتواه..صرح الميثاق الوطني، المجاور بشكل مباشر لقصر الصخير العريق الذي احتضن القمة العربية الثالثة والثلاثين، يقف شامخًا كتحفة معمارية فريدة في تصميمها الهندسي، ويعد من أبرز معالم مملكة البحرين لتميزه ولدلالته الوطنية ولارتباطه بالمشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، لتفرده عالميًا بتوثيق جميع أسماء من صوتوا على ميثاق العمل الوطني.الصرح.. الفكرة والدلالةيحمل صرح الميثاق في كل جزء منه دلالات وطنية مهمة في تاريخ مملكة البحرين، وجدرانه الخارجية تحمل أسماء المواطنين الذين صوتوا على ميثاق العمل الوطني، الذي تم إقراره في 14 فبراير 2001م، ليشكل حدثًا تاريخيًا أسهم في ترسيخ أركان الدولة المدنية الحديثة، وانطلاقة مهمة لمسيرة الإصلاح والتحديث والتنمية في مملكة البحرين.ويعد الصرح من أكبر الصروح الثقافية ذات الدلالة الوطنية، ويحسب للبحرين السبق في فكرته ومحتواه الثقافي والتوعوي التعليمي، وتفرده برسائل وطنية وإنسانية سامية، وجاء إنشاء الصرح تنفيذًا للأمر السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وجرى افتتاحه في الرابع عشر من فبراير 2010م، ليكون رمزا للإجماع الوطني في الاستفتاء الذي جرى لإقرار ميثاق العمل الوطني، بنسبة موافقة 98.4% من المواطنين، والذي كان مقدمة لتصبح مملكة البحرين نموذجا للتحول الديمقراطي بإرادتها الوطنية الحرة، وبمبادرة سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه.جولة داخل فضاء الصرح ومحطاته التاريخيةينفذ الصـرح العديـد مـن الأنشطة؛ كإقامـة البرامـج والأنشطة التثقيفيـة والفكريـة الهادفـة إلـى تطويـر الثقافـة الوطنيـة، وتشـجيع ودعـم كل فكـر إبداعـي وثقافـي علـى الصعيـد الوطنـي، وإقامـة الفعاليـات التـي تحقـق أهـداف الصـرح، وتنظيـم برامـج الزيـارات العامـة والخاصـة لـه، والمسـاهمة فـي البرامـج التعليميـة والتثقيفيـة للطلبـة، إضافـة للتعـاون مـع المؤسسـات الوطنيـة والمنظمـات الدوليـة ذات العلاقـة، بمـا يسـهم فـي تحقيـق أهـداف هذا الصـرح الوطني.ويضم صــرح الميثــاق الوطنــي قاعــات عــرض رئيســة، مزودة بالأجهزة التفاعلية التي تســرد ماضــي مملكــة البحريــن وحاضرهــا، حيث تستخدم الوسائط المتعددة لإبراز مختلف المحطات التي تبيّن عراقة مملكة البحرين وإنجازاتها على كافة الأصعدة، إلى جانب عرض عدد من المجسمات والوثائق الخاصة بتلك المراحل، ومن بينها الإعلانات التي كانت تصدر من حكومة البحرين منذ العشرينات من القرن الماضي، والتي تنظم الشؤون الإدارية في مختلف المجالات، وتضم قاعة العرض الرئيسية النسخة الأصلية من ميثاق العمل الوطني التي صوّت عليها شعب البحرين، والكبسولة الذهبية التي تحتوي على رسالة من جلالة الملك المعظم لشعب مملكة البحرين، وكُتبت عليها الآية القرآنية (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: آية 103]، ورسائل وصايا حكام البحرين من آل خليفة الكرام لأولياء عهودهم، والتي تؤكد على الاهتمام بالقيم العربية الإسلامية وتحقيق الرخاء لشعب البحرين، ومجسم (النخلة الذهبية) الذي يحتوي على عبارات ملهمة لمدارس البحرين حول رؤيتهم للمستقبل محفورة على خوص النخلة.بعدها تنتقل الرحلة إلى ثمان لآلئ مبهرة بتوهجها، وكل لؤلؤة تجسد جوانب مهمة في تاريخ ومسيرة مملكة البحرين وهي؛ (البحرين لؤلؤة الخليج) وتتناول حضارات البحرين، كالفترات الدلمونية وتايلوس وأوال، وعلى أشهر العيون والكواكب (وتعني العيون العذبة وسط البحر)، وموقع المملكة على الخارطة، و(البحرين بوابة العالم) وتحكي بشكل تفاعلي خط سير السفن التجارية المحملة بالبضائع المختلفة المتجهة إلى مملكة البحرين أو المنطلقة منها، وكذلك نماذج السفن التي برع أهل البحرين في صنعها منذ القدم، والأدوات المستخدمة في صناعتها، و(الإسلام والتسامح) وتتناول أهم مظاهر التسامح الديني لدى شعب البحرين، وحرية ممارسة الشعائر الدينية والمعتقدات في جوّ من الاحترام والتعايش والتسامح، و(تحقيق الرخاء) وتسرد إنجازات حكام مملكة البحرين من آل خليفة الكرام من عهد صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، طيب الله ثراه، إلى العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، حيث تجتمع مملكة البحرين قيادة وشعبا على رؤية واحدة لوطن آمن يحتضن الجميع، وقيادة حكيمة واعية، تقود البحرين وأهلها إلى ميناء الازدهار في كنف الاستقرار والسلام.وتتناول اللؤلؤة الخامسة (كنوز البحر) مهنة الغوص والأدوات المستخدمة في تجارة اللؤلؤ، و(وهج الصناعة) التي تعرض أبرز الصناعات الرائدة مثل النفط والألمنيوم وصناعة وإصلاح السفن، و(جسر النور) وتتناول النقلة النوعية التي حدثت في مملكة البحرين بعد الميثاق، وأخيراً (البحرين اليوم) وتتناول العاصمة المنامة ومراحل تطورها، وكذلك مظاهر التطوّر في مجال تكنولوجيا الاتصالات، وجهود ووسائل الحفاظ على البيئة، واهتمام المملكة بالتعليم والإنجازات التي تحققت على هذا الصعيد، ومن أبرزها؛ إطلاق جائزة اليونسكو - الملك حمد بن عيسى آل خليفة لاستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في التعليم، والتحوّل الرقمي في التعليم من خلال مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل.الصرح: الثقافة والقيم وتربية المواطنةصرح الميثاق يعكس جوانب تربوية مهمة في إعلاء شأن التربية الوطنية المعززة للولاء والانتماء للوطن، إذ إن كثير من العروض التي يوفرها الصرح وشاشاته التفاعلية تسرد قصة الإرادة الملكية التي التقت مع تطلعات الشعب نحو التنمية والازدهار والانتقال إلى مرحلة تاريخية مهمة في تاريخ البحرين، بما تعززه عملية التصويت من ممارسة ديمقراطية أرست الرؤية الملكية دعائمها، ويقدم رسائل تربوية لممارسة خالدة لأجيال متعاقبة، شباب وآباء وشيوخ الكل يشعر بالفخر لهذا الدور الوطني في الوقوف خلف عمل وطني عظيم نشهد اليوم ثماره.وتؤكد المناهج التربوية الجهود البارزة لوزارة التربية والتعليم حرصها على إدراج قيم ومبادئ ميثاق العمل الوطني في المناهج ذات الصلة كالتربية للمواطنة، لتعريف الطلبة بأهمية هذا الميثاق، والمرحلة التاريخية التي تم إقراره بها، وعلى دور ميثاق العمل الوطني كوثيقة تدعو إلى نشر وترسيخ القيم الوطنية والحضارية والإنسانية، مثل التسامح والتعايش والاعتدال وحرية التعبير والحوار والوحدة الوطنية، وذلك بإشراف معلمين أكفاء يقدمون الدروس المتصلة بالميثاق وقيمه باستراتيجيات وأساليب متنوعة وأسلوب تفاعلي ومشوق، إلى جانب تنفيذ أنشطة تبرز دور المدرسة كمؤسسة معززة للمواطنة وحقوق الإنسان، لها دور أساسي في نشر قيم واتجاهات وسلوكيات المواطنة وحقوق الإنسان داخل الصف وخارجه، وفي جميع تفاصيل الحياة المدرسية.وترسيخاً لهذه المعاني الوطنية السامية، وتعزيزاً لمناهج التربية للمواطنة، تنظم إدارة الاتصال بوزارة التربية والتعليم زيارات دورية ضمن برنامج تربوي يستمر طوال أيام العام الدراسي إلى صرح الميثاق الوطني، وتشمل هذه الزيارات جميع المدارس الحكومية للبنين والبنات وكذلك المدارس الخاصة، بهدف تعريف الطلبة على حقبة مضيئة من تاريخ مملكة البحرين والرؤية الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، حيث تتضمن الزيارات الطلابية جولة ميدانية في أروقة الصرح، يشاهد خلالها الطلبة العديد من المقتنيات التاريخية والصور والأفلام التعليمية، كما يستمعون لشرح توضيحي يقدمه مجموعة من التربويين العاملين بالصرح بما يتناسب مع مستوياتهم العمرية والمعرفية.ويجسّد الصرح عدداً من القيم الحضارية والأخلاقية الهامة لمملكة البحرين بهويتها العربية الإسلامية، من خلال عرض روائع الشعر العربي عبر قصائد شعراء البحرين على مرّ العصور، كطرفة بن العبد، وغيره من الشعراء، وتتزين جدران الصرح الداخلية بآيات من القرآن الكريم.وتعتبر قيمة (العطاء) من القيم التي يعبر عنها الصرح بشكلٍ بارز، فقد تميزت الشخصية البحرينية بالعطاء والتفاني في خدمة الوطن، والتكيّف مع مختلف الظروف لتحقيق الحياة الكريمة، فقد غاص البحريني في أعماق البحر لكسب الرزق، وقد كان وما زال خير مثال في الاعتماد على النفس والتحدي في تطوير مهاراته وأفكاره في سبيل النجاح.كما يؤكد هذا الصرح الشامخ ضمن ما يبثه من قيم ضرورة الموازنة بين الرغبة الملحة في التطور وضرورة العيش بانسجام مع البيئة، والحفاظ على الطبيعية باعتبار ذلك أمانة. فعلى الرغم من النمو الكبير الذي شهدته مملكة البحرين إلا أنها تظل تزخر بجمال طبيعي يمثل جزءًا حيوياً في بيئة العالم.إسهامات شعب البحرين عبر العصورإن إنشاء صرح الميثاق الوطني قد حقق مبتغاه في توثيق إسـهامات شـعب البحريـن فـي بنـاء المجتمـع الديمقراطـي، وترسـيخ أسـس الوحـدة الوطنيـة ووقوف الشعب البحريني خلف قيادة جلالة الملك المعظم وإرادته السامية نحو نهضة تنموية شاملة، وليبقى رمزاً لذكرى التصويت على ميثاق العمل الوطني، ومكرماً لكل من أسهم فيه، ونبراساً لما أتى بعده، محتفلاً بالإنجازات الوطنية، ومحفزاً للشباب لمواصلة المسيرة الوطنية تخليدا لتلك اللحظة التاريخية، وليبقى صرح الميثاق أيقونة ومنارة فكر يراها الجميع.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90