أظهرت دراسة حديثة أن الأطباء قد يتمكنون في المستقبل من تشخيص مرض السكري بمجرد التحدث مع المرضى.
هذه الدراسة، التي أجراها باحثون في كندا، كشفت عن وجود علاقة غير متوقعة بين مستويات السكر في الدم ونبرة صوت الشخص، مما يفتح آفاقا جديدة لمراقبة الصحة بطريقة مبتكرة وغير تقليدية.
أوضحت الدراسة، التي نشرت على موقع "Study Finds"، أن هناك زيادة طفيفة في التردد الأساسي لصوت الشخص مع ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم. بمعنى آخر، يصبح الصوت أعلى قليلًا كلما زادت نسبة السكر في الدم. هذه الظاهرة لوحظت ليس فقط لدى مرضى السكري، ولكن أيضًا لدى الأشخاص ذوي مستويات السكر الطبيعية.
التشخيص عن طريق الصوت بينما قد يبدو التغيير في نبرة الصوت غير ملحوظ، إلا أنه ثابت بدرجة كافية يمكن اكتشافه عن طريق التحليل الدقيق للصوت.
وفقًا للدراسة، فإن التردد الأساسي للصوت يزيد بمقدار 0.02 هرتز لكل ارتفاع بمقدار 1 ملغ/ديسيلتر في نسبة الجلوكوز في الدم.
فعلى سبيل المثال، إذا ارتفع مستوى السكر في الدم من 80 ملغ/ديسيلتر إلى 180 ملغ/ديسيلتر بعد تناول وجبة، فإن درجة الصوت قد ترتفع بحوالي 2 هرتز. وعلى الرغم من أن هذا التغيير طفيف جدًا بحيث لا يمكن للأذن البشرية ملاحظته، إلا أن التكنولوجيا الحديثة قد تتمكن من رصده بدقة.
صرح جايسي كوفمان، الباحث الرئيسي في الدراسة، بأن هذا الارتباط الإيجابي بين مستويات الجلوكوز والتردد الأساسي للصوت قد يمهد الطريق لمزيد من الأبحاث حول استخدام الصوت كأداة للتنبؤ بمستويات السكر في الدم ومراقبتها بطرق غير جراحية.
وأكد أن مراقبة الجلوكوز عبر الصوت قد تصبح يومًا ما بديلاً مريحًا عن الأساليب الحالية، مما قد يحدث نقلة نوعية في حياة حوالي 463 مليون شخص حول العالم يعيشون بمرض السكري من النوع 2.
آفاق جديدة للمراقبة الصحية
يفتح هذا الاكتشاف الأبواب أمام تطوير تقنيات جديدة لقياس مستويات السكر في الدم بطرق غير تقليدية وغير جراحية، حيث يمكن للمرضى مستقبلاً مراقبة نسبة الجلوكوز لديهم عبر التحدث ببساطة إلى هواتفهم الذكية. على الرغم من أن هذه التكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أن هذه الدراسة تشكل خطوة أولى مهمة في هذا المجال.
تم إجراء الدراسة على مجموعة من الأشخاص شملت الأصحاء، والأشخاص في مرحلة ما قبل السكري، بالإضافة إلى المصابين بمرض السكري من النوع الثاني. وكان من المثير للاهتمام أن العلاقة بين نبرة الصوت ومستويات الجلوكوز كانت موجودة في جميع هذه الفئات، رغم أنها كانت أقل وضوحًا لدى المصابين بالسكري.
استخدم الباحثون في مختبرات كليك بتورنتو الذكاء الاصطناعي لتحليل التسجيلات الصوتية للأفراد، ووجدوا أن هذا التحليل قد يستغرق من 6 إلى 10 ثوانٍ فقط لتحديد مشكلات السكر في الدم بدقة.
تأثير الجلوكوز على الحبال الصوتية يفسر الباحثون هذا التأثير بأن ارتفاع مستويات الجلوكوز قد يؤثر على الحبال الصوتية، مما يؤدي إلى تغييرات طفيفة في توترها أو ترطيبها، وهو ما ينعكس على درجة الصوت. هذا التأثير الدقيق قد يصبح مؤشرًا مفيدًا لصحة المرضى في المستقبل.
ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها دراسة الصوت كمؤشر للصحة؛ فقد أظهرت أبحاث سابقة ارتباطات بين خصائص الصوت وحالات صحية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم ووظائف الرئة. ومع ذلك، فإن هذه الدراسة تعد واحدة من أكثر الدراسات شمولًا التي تركز على تأثير سكر الدم على الصوت تحديدًا.
يذكر أن العديد من العوامل يمكن أن تؤثر على نبرة الصوت، مثل الحالة العاطفية للشخص. لذلك، من المحتمل أن تحتاج تقنيات مراقبة الجلوكوز المستقبلية التي تعتمد على الصوت إلى تخصيصها لتناسب كل مستخدم على حدة، مما يزيد من دقتها وكفاءتها.
هذه الدراسة تفتح آفاقًا جديدة أمام طرق مبتكرة وغير تقليدية لمراقبة صحة المرضى، وتعيد النظر في كيفية استخدام التكنولوجيا لتبسيط حياة الملايين من المصابين بمرض السكري.