أيمن شكل
تعتبر المملكة العربية السعودية قوة سياسية إقليمية وعالمية ذات تأثير كبير على المستويين الإقليمي والدولي، وتتميز المملكة بدورها المحوري في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وتأثيرها الواسع على الاقتصاد العالمي، لذلك هي تتمتع بثقل سياسي واقتصادي فريد من نوعه، حيث تجمع بين الأثر الاقتصادي بثرواتها المعدنية، والأثر السياسي بوجود الحرمين الشريفين على أرضها، واعتبارها قبلة لأكثر من ملياري مسلم حول العالم ترنو أنظارهم إليها، ويحلمون بالحج إلى مكة المكرمة.
ويمتد أثر المملكة على المستوى العالمي من خلال صندوق الاستثمارات العامة، الذي يؤدي دوراً محورياً في تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي، باعتباره أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، التي تضخ استثمارات كبيرة في شركات عالمية واعدة في قطاعات متنوعة مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والعقارات، ولذلك فإن قرارات الاستثمار التي يتخذها الصندوق تؤثر إلى حد بعيد على أسواق المال العالمية، ومن ثم على السياسة الدولية، كما أن تواجدها ضمن مجموعة العشرين التي تضم اقتصادات دولها حوالي 90% من إجمالي الناتج العالمي، و80% من التجارة العالمية يمنحها مزيداً من القوة السياسية الناعمة.
إن تأثير المملكة العربية السعودية على أسعار الطاقة العالمية لا ينكره أحد، وهي بذلك تعتبر أحد اللاعبين الأساسيين في تشكيل المشهد السياسي العالمي، وهنا تظهر المملكة باعتبارها مكوناً رئيسياً للاستقرار السياسي والاقتصادي من خلال الأثر الذي تحدثه قراراتها بشأن رفع وخفض الإنتاج النفطي، وإحداث توازن يسهم في خفض الصراعات الدولية والإقليمية.
وللحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، فإن السعودية تسعى جاهدة للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وذلك من خلال دعم المبادرات والجهود الرامية إلى حل النزاعات، وتقريب وجهات النظر بين الدول، وكذلك من خلال مكافحة الإرهاب والتطرف.
من جانب آخر تتحمل المملكة العربية السعودية مسؤولية كبيرة متمثلة في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية، حيث تنظر إليها الشعوب العربية والإسلامية باعتبارها مركز الإسلام في العالم، وقبلة المسلمين، وأكبر دولة مؤثرة على الصعيد العربي، ولذلك فإن السعودية تسهم إسهاماً كبيراً في حماية الإسلام والذود عنه، والدعوة إليه، وتشارك في نشر السلام في ربوع العالم، وإغاثة المستضعفين ونجدة المنكوبين، وتقديم يد العون والمساعدة لكل المحتاجين في مشارق الأرض ومغاربها.
في المقابل تميزت المملكة العربية السعودية بعلاقاتها الدولية المتوازنة، حيث تسعى لبناء علاقات قوية مع مختلف الدول، بغض النظر عن اختلاف الأنظمة السياسية، وتمكنت المملكة من خلال سياستها الخارجية الحكيمة من دعم علاقتها الثنائية مع الدول الصديقة، بما يحقق المصالح والأهداف المشتركة الإقليمية والدولية، وكان لدورها السياسي آثار إيجابية واضحة في تقوية علاقاتها مع جميع دول العالم، ودعم قضايا السلام والعدل.
وخليجياً كان للسعودية دور سياسي كبير في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، حيث تعمل المملكة على تعزيز التعاون الخليجي، وترسيخ أواصر الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وكان لها دور حيوي تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية بالمشاركة الفعالة في جميع ما يطلب منها في إطار الأمم المتحدة، وارتكزت في ذلك على مبدأ التعامل مع جميع الدول بالطرق والوسائل الدبلوماسية السلمية، والتعامل مع الدول الأخرى على أساس مبدأ السيادة التامة والمساواة.
ووضعت السعودية رؤية استراتيجية طويلة الأمد للتنمية والتحول الاقتصادي، وهي رؤية 2030، بهدف تعزيز الاستقلال الاقتصاد، وتنويع مصادر الدخل، وهو ما ينعكس أيضاً على تأثيرها كقوة سياسية كبيرة.
كما يمثل الموقع الجغرافي للمملكة ومساحتها الشاسعة من الأراضي التي تطل على مجموعة كبيرة من دول منطقة الشرق الأوسط، واحتوائها على العديد من بوابات العبور إلى تلك الدول، أحد أهم المؤثرات الجيوسياسية التي تمنح السعودية قوة أخرى متمثلة في عامل المكان الفريد على مستوى العالم، وذلك الأمر يعزز قدراتها في التأثير على الاستقرار الإقليمي والدولي.
وإجمالاً، فإن المملكة العربية السعودية تعتبر من أكبر دول العالم تأثيراً في الأوضاع السياسية والاقتصادية، بتاريخها وثقلها الديني والاقتصادي ورؤيتها السياسية المتوازنة، وهو ما يشهد به قادة العالم اليوم.