كشف أهداف "ترى عادي5" بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية..

قال الرئيس التنفيذي والمدير الطبي لمستشفى سلوان للطب النفسي د. عبداللطيف الحمادة إن التحول التدريجي في إدراك الصحة النفسية في البحرين يُعتبر خطوة إيجابية نحو تحسين الرعاية النفسية للمجتمع، مؤكداً أنه مع الجهود المستمرة في التوعية الصحية، يبرز دور البحرين في التصدي للوصمة الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية.

وأضاف أن الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار "الصحة النفسية في العمل" في 10 أكتوبر 2024 يسلط الضوء على أهمية التعامل مع الضغوطات النفسية التي يواجهها الموظفون في أماكن العمل وتأثيراتها الكبيرة على كل من الصحة العقلية والجسدية، مشيرا إلى أن هذا الموضوع ذا صلة كبيرة في منطقة الخليج، حيث تُظهر الإحصاءات أن الإجهاد المرتبط بالعمل يتزايد بشكل ملحوظ.

وأوضح د. الحمادة أنه وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية (WHO)، يتسبب الاكتئاب والقلق في فقدان حوالي 12 مليار يوم عمل سنوياً على مستوى العالم، مما يكلف الاقتصاد العالمي حوالي تريليون دولار نتيجة فقدان الإنتاجية.

وتابع أنه في منطقة الخليج، تتكرر هذه التحديات بوضوح حيث أظهر استطلاع أُجري في عام 2023 في الإمارات أن 74% من الموظفين يشعرون بالتوتر في العمل. ويُعتبر هذا الرقم ممثلاً لمنطقة الخليج بأسرها، حيث تزداد الضغوطات نتيجة لساعات العمل الطويلة، التوقعات المرتفعة، والتحديات المرتبطة بالتوازن بين الحياة الشخصية والعمل.

ووفقا للرئيس التنفيذي والمدير الطبي لمستشفى سلوان للطب النفسي، فإن الإجهاد المزمن في مكان العمل لا يؤثر فقط على الصحة النفسية (مثل الاكتئاب والقلق) ولكنه يمتد أيضاً إلى الجوانب الجسدية، مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية فالأشخاص الذين يعانون ضغوطاً نفسية مستمرة يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب. وأوضح د. الحمادة أن الإجهاد في العمل يتسبب بالإصابة بالأرق ومشاكل النوم التي بدورها تزيد مخاطر الإصابة بأمراض جسدية أخرى، كما أن الإجهاد المستمر يضعف المناعة، مما يجعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الجسدية.

وأوصى بأن يتبنى أصحاب العمل في الخليج والبحرين استراتيجيات تعزز الصحة النفسية في العمل، مثل: خلق بيئة تتسم بالدعم النفسي والمعنوي يساهم في تقليل مستويات التوتر. وتوفير جلسات استشارية أو حملات توعوية حول التعامل مع التوتر. ومنح الموظفين مرونة أكبر في العمل تساعدهم على تقليل الإجهاد.

واعتبر د. الحمادة أن أحدث طرق العلاج المعترف بها دوليًا في مجال الصحة النفسية تعكس التحول نحو نهج شامل ومتعدد الأبعاد للرعاية النفسية، حيث تدمج بين العلاجات التقليدية والتقنيات الحديثة والابتكارات التكنولوجية. ومن أبرز هذه الطرق:

1. العلاج بالاسكتامين: وهو من العلاجات الحديثة التي أثبتت فعاليتها في علاج الاكتئاب المقاوم.

2. الاختبارات الجينية لتخصيص الدواء: تستخدم هذه التقنية التحليل الجيني لتحديد كيفية تفاعل جسم الشخص مع الأدوية النفسية، مما يساعد على اختيار الأدوية الأكثر فعالية وتقليل الآثار الجانبية.

3. الطب النفسي الغذائي: يبحث في العلاقة بين التغذية والصحة النفسية، حيث تشير الأبحاث إلى أن تناول نظام غذائي صحي يمكن أن يساهم في تحسين الحالة النفسية.

4. شبكات دعم الأقران: تعتمد على مشاركة التجارب بين الأفراد الذين يعانون مشكلات نفسية مشابهة، حيث يقدمون الدعم والتوجيه لبعضهم البعض. وتُعد شبكات دعم الأقران فعّالة؛ لأنها تعتمد على فهم مشترك وتعاطف عميق، مما يوفر بيئة آمنة للتعبير عن المشاعر والمخاوف.

وقال د. الحمادة إن هذه الأساليب الحديثة تمثل تطوراً في مجال الصحة النفسية، حيث يمكن للممارسين أن يدمجوا بين العلاجات التقليدية مثل الأدوية والعلاج النفسي مع الحلول التكنولوجية والابتكارات العلمية لتحقيق أفضل نتائج للمرضى.

وأضاف أنه من المهم أيضاً ملاحظة أن التحول التدريجي في إدراك الصحة النفسية في البحرين يُعتبر خطوة إيجابية نحو تحسين الرعاية النفسية للمجتمع. ومع الجهود المستمرة في التوعية الصحية، يبرز دور البحرين في التصدي للوصمة الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية.

وأردف أن مستشفى سلوان للطب النفسي وعلاج الإدمان قد وضع على عاتقه أهمية نشر الوعي الصحي حول الأمراض النفسية وسط المجتمع وتغيير النظرة السلبية والوصمة التي تلاحق المرض النفسي.

وتابع أن إحساس المستشفى بالمسؤولية الاجتماعية ودوره في مساندة القطاع الحكومي للقضاء على الوصمة التي تلاحق المرضى النفسيين أدى إلى إطلاق حملة "ترى عادي" وهي حملة توعوية انطلقت منذ خمس سنوات بهدف تقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمرض النفسي، وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الصحة النفسية والطب النفسي.

وحول أهداف الحملة قال إنها تتضمن:

1- تغيير النظرة السلبية تجاه الأمراض النفسية وتعزيز فهمها كأمراض طبيعية مثل غيرها من الأمراض الجسدية.

2- تشجيع الأفراد على طلب المساعدة النفسية دون خوف أو تردد.

3- نشر الوعي حول أهمية الصحة النفسية ودورها في بناء مجتمع صحي ومنتج.

4- دعم المؤسسات الحكومية والخاصة وتشجيع منتسبيها على زيارة الطبيب النفسي – وهذا يأتي متناغماً مع مضمون موضوع اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يناقش أثر الضغوط النفسية في العمل على الصحة النفسية والجسدية للفرد.

وتأتي حملة "ترى عادي 5" لهذا العام على هيئة مسابقة ثقافية في المعلومات العامة بين طلبة الجامعات العامة والخاصة. حيث يشارك في هذه المسابقة الجامعات التالية:

1- جامعة البحرين

2- الجامعة الأهلية

3- جامعة البوليتكنك

4- الجامعة البريطانية

5- الجامعة العربية المفتوحة

ويتنافس الطلبة على كأس مستشفى سلوان للطب النفسي وعلاج الإدمان حيث ستعقد هذه المسابقة في أكتوبر 2024 وسيتم الاحتفال بالفرق الفائزة في حفل خاص يشمل تكريم الجامعات إضافة إلى معرض فني خاص بالطلبة وببعض المرضى النفسيين الذين تعالجوا في سلوان، وتخلصوا من الأمراض النفسية التي كانوا يعانونها.

وخلص د. حمادة إلى القول إن القائمين على مستشفى سلوان للطب النفسي على عاتقهم مسؤولية حملة توعوية والمبادرة بتثقيف وتوعية المجتمع حول الأمراض النفسية تبنى المستشفى رؤية واضحة حول المرض النفسي وأهمية المساهمة في القضاء على "الوصمة" وأن المرض النفسي هو مرض "عادي" مثله مثل الأمراض العضوية الأخرى.

وأوضح أن "التردد على الطبيب النفسي وطلب العلاج يجب ألا يشكل هاجساً أو تحدياً أو خوفاً لدى المرضى، ومن هنا جاءت التسمية من قلب المجتمع البحريني والخليجي لتكون "ترى عادي" لتقول لجميع الناس ترى عادي: الذهاب للطبيب النفسي؛ وأن المرض النفسي ليس شيئاً نخجل منه؛ ترى عادي، نكتشف المرض النفسي ونتحدث عنه بلا مواربة أو خوف، ترى عادي أتحدث عن مرضى النفسي ولا أخجل من تناول أدويتي؛ نعم أعاني مع شريكي ... وأسرتي ووظيفتي.. ترى عادي أطلب المساعدة لأبنائي حتى ينشئوا في بيئة صحية وإيجابية. ترى المرض النفسي عادي".