أميرة صليبيخ

يُعّرف الإدمان بأنه «الاستسلام الجسدي والنفسي لاستخدام بعض الأدوية والمواد الأخرى أو ممارسة عادة يومية أو نشاط معين، بحيث يُصبح العيش متوقفاً عليها ويكون الفرد غير قادر على تركها على الرغم من احتمالية تسببّها بأضرار جسدية ونفسية لديه».

ووفقاً للجمعية الأمريكية لطب الإدمان فإنه «مرض مزمن يتضمّن تفاعلات معقّدة ما بين دوائر المخ، والجينات، والعوامل البيئية، وتجارب حياة الفرد، وهو قابل للعلاج»، وبحسب هذا التعريف يبدو بأننا جميعاً مدمنون لشيء أو آخر.

فعن نفسي أعترف بأني مدمنة قهوة، ومدمنة لحسابات التواصل الاجتماعي، وأصبحت ساعات تصفحي اليومية تحتاج لتقليص بشكل عاجل.أما البعض فقد يكون إدمانهم أكثر تعقيداً: كإدمان الكحول، القمار، الجنس، التسوق، العمل، إيذاء النفس، تجميع الأغراض، إجراء عمليات التجميل إلخ.. وجميعها سلوكيات قهرية ناتجة عن شعور مزعج يرغب الشخص في الهروب منه أو عدم تذكره، وكلما كان الألم عميقاً كان الإدمان أشد.

فهي مثل المعادلة الحسابية: كلما زاد الألم زاد الانغماس في السلوك الخاطئ، وأصبح هذا السلوك عادة، ثم إدمان يصعب التخلص منه.

كبذرة سوء زُرعت في العقل وأصبح من الصعب اجتثاثها، ومع الوقت لن يحتاج الشخص إلى مثير حتى يحفز ممارساته وإدمانه لأنه وقع في الفخ بشكل كامل. وتأتي قوة الإدمان نتيجة الدوبامين (مادة كيميائية تعزز الشعور بالسعادة) الذي يفرزه العقل، فتصبح أسيراً لهذا الشعور المريح الذي يخدّر حواسك ويمنحك البهجة المفقودة.

في بعض الأحيان أتمنى لو كنت مدمنة؛ مدمنة تناول الغذاء الصحي أو ممارسة الرياضة واليوغا أو مدمنة كتابة بحيث لا يمكن أن يمر يومي بدونها. هذا النوع من الإدمان مطلوب لأنه يجعلنا أكثر إنتاجية والتزاماً بالممارسات التي تجعل حياتنا أفضل، وأهدافنا أقرب.

فنحن جميعاً قابلون للإدمان ولسنا في منأى عن الوقوع في أي نوع من أنواعه، وفي الوقت ذاته نحن قادرون أيضاً على اختيار الإدمان الذي نريده بذكاء ووعي، إذا عرفنا كيف يتشكل السلوك ويتكون في عقولنا.

إن جوهر الإدمان هو الرغبة في الشعور بالسعادة، فأبحث في أعماق نفسك واسألها ما الذي يجلب لها الفرح ومستعد أن تمارسه كل يوم؟ قد تستغرب من الأجوبة، ولكنها الحقيقة، فقد تجد السعادة في أماكن لا تتوقعها، ومع الوقت ستتعلم أن تكون مدمناً إيجابياً تجيد ضبط سلوكياتك والأخذ بحياتك نحو ضفة النجاح التي تريدها.