كشف الباحث نوح خليفة عن رابع إصدارات سلسلة دراسات قرى شمال البحرين الموسوم التغير الثقافي بقرى شمال البحرين المنتظرة نتائجه عبر الصحف الوطنية على غرار أول ثلاث إصدارات من السلسلة المذكورة مبيناً ان جهوده العلمية أعطت التغير الثقافي أهمية خاصة باعتباره أقصر الطرق لبلورة عطاء المجتمعات في مختلف مجالات الحياة أبرزها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وان مختلف التغيرات المنشودة رهن تطور ثقافة وقناعات وتصورات المجتمع إتجاه متطلبات العصر الجديد.
وقال خليفة إن المجتمع القروي يتأثر ثقافياً بأربع متغيرات رئيسية أولها احتفاظ المرأة بالعيش القروي في أطره الحركية والمعيشية والثقافية وحفاظها على العلاقات القروية القرابية كجزء من بنيتها الدينية وانتمائها الاجتماعي وتطور أنماط وأساليب مشاركتها في المجتمع كعنصر ثبات للتغير الثقافي من خلال احتفاظها ببعض أنماط وأساليب العيش التقليدي وتحملها أدواراً جديدة مشيرة إلى أهمية العائد الاجتماعي للتعليم ومحو أمية المرأة وتنويرها وانعكاس ذلك على تمسكها بتعليم الأولاد وتهيئتهم للحياة التخصصية مهنياً والإنفتاح على العالم الخارجي وكذلك إنعكاس تعليمها على شبكة علاقاتها الاجتماعية من حيث علاقتها بزوجها وأولادها ثم علاقاتها بالأقارب والجيران وأودورها الجديدة في اتخاذ القرار الأسري بتحديد عدد الأبناء وتعليمهم وتحديد مساراتهم الحياتية في إتجاهات تدعم بروزهم الفردي.
وأضاف خليفة أن ثاني أبرز العوامل المؤثر ثقافياً في المجتمع تراجع الأدوار الإنتاجية المكثفة بين أفراد المجتمع وتحول المجتمع من منشغل بالإنتاج إلى متفرغ ومستهلك في الوقت الذي تستمر فيه المؤسسة الدينية في مقاومة موجة التحولات الحديثة عن طريق إعادة إنتاج نفسها وإعادة إنتاج المجتمع واحتفاظها بأدوارها التقليدية وأدوار أخرى أحدث موضحا ً أن المؤسسة الدينية الأكثر اشتغالاً في مقاومة موجة التحولات التي تعرفها القرى وأن الجيل المتبقي من الفقهاء مازال يعيد إنتاج نفسه من خلال إنتاج جيل جديد كجزء من الفضاء المتحول.
وأضاف خليفة أن ثالث أهم العوامل المؤثرة ثقافياً في المجتمع القروي استمرارية التفاعل المحلي فيما بين النسيج الاجتماعي القروي ومعرفة الناس بعضهم بعضاً في مختلف القرى وتفاعلهم التلقائي في الزواج وعدم والارتكاز على وسطاء في عملية الزواج وميل المجتمع نحو الزواج المحلي وحرص سكان القرى على التعامل بشكل عام في إطار كل ما هو قروي قروي في مختلف المعاملات الحياتية المعيشية رغم التحولات الكبيرة التي تعيشها المملكة.
وراوح خليفة أن رابع أبرز عوامل بروز هوية ثقافية محلية للمجتمع القروي اقتحام الأجيال حقولاً جديدة عدة أبرزها الحقل الجمعوي وتغيرات ثقافة جديدة بدأت تعرف دينامية قوية أدت إلى خلق فرص جديدة للحركية أمام فئات مختلفة أبرزها الشباب والفئات النسوية وتعاقب الأجيال على النفوذ في المجتمع عبر هذا الحقل الذي تم استثماره من أجل ثبات واستمرارية الحياة الثقافية المحلية.
من جانب آخر، بين خليفة أن الهوية الاقتصادية الفردية وظهور أنماط جديدة من العيش والتطور المطرد في ظهور هذه الأنماط وتغير تصورات الأفراد للحدود القائمة في نظرهم بين المجال الأسري الداخلي بمضامينه الخاصة، والحميمة، والمجال الخارجي العمومي وانتقال المجتمع من كيان اسري خاضع لسلطة الأب إلى الاستقلال الذاتي والحر، والانفصال السكني عن الأسرة والانفراد بالقرارات تغيرات هامة تعرفها بعض الفئات وتعكس إنخراطها في متطلبات العصر الجديد.
وقال خليفة إن أنتاجه الراهن يهدف إلى فك الغموض الذي يحيط معظم الأسئلة التي تتوارد إلى ذهن أي باحث أو أي فرد من أفراد المجتمع وكذلك مختلف المسئولين ذوي العلاقة بالإنسان والمكان موضع الدراسة عند التفكير في مدى التغير الثقافي بالمجال القروي مبيناً أن إشكالية الدراسة تتمثل في ذلك الغموض الذي يحتاج إلى كشف اللثام عنه من خلال تشخيص البيئة القروية من الناحية الثقافية وإبراز التغيرات الثقافية من مختلف أوجهها المجتمعية حيث الإنسان يؤثر ويتأثر بالبيئة المجتمعية وطبيعة التغيرات الثقافية مؤثر حيوي يؤدي إلى تغيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
واختتم خليفة ان المعطيات المذكورة مؤشرات عامة استخلصتها الدراسة وسوف تتبعها نتائج مفصلة تفيد في تعزيز الحياة الجديدة في المجتمع القروي المدروس مضيفاً أن جهوده تصب في اتجاه التشخيص وطرح المؤثرات المفيدة للتنمية المحلية وتطور المجتمع وقوة انخراطه في متطلبات العصر الجديد. وأضاف سأطرح المزيد من التفاصيل حول هذه المؤشرات الثقافية المختزلة من نتائج الدراسة.