في قضية فساد غريبة بطلها مسؤول حكومي وكارتل أجنبي، تحدى أحد كبار المسؤولين في وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني القانون والأنظمة ورفض إنهاء معاملة الدفان البحري لإحدى الشركات الوطنية التي تعمل على إنجاز مشروع استثماري كبير، بل أعلنها أمام المستثمرين في هذه الشركة قائلاً: "لن نعطيكم ترخيصاً للدفان البحري، بل سنعطيه لشركة أخرى، فأنتم غير مرخصين، ولن تدفنوا متراً واحداً".
هذه المعاملة تكررت مع أكثر من شركة لنفس المسؤول الذي يصر على أن تكون كافة مشاريع الدفان البحري واستخراج الرمال مقتصرة على شركتين أجنبيتين وثالثة بحرينية.
المستثمرون استغربوا من تعامل هذا المسؤول الذي يفترض أن يمثل الحكومة في أدائه لمسؤولياته، فهو مازال مصراً بأن يعمل في قطاع الدفان البحري واستخراج الرمال ثلاثة شركات، ومنع الشركات الأخرى رغم أن هناك العديد من الشركات المرخص لها قانوناً بمزاولة هذا النوع من الأنشطة، لكنه يرفض إنهاء معاملاتها، ويؤكد بأن "المسموح فقط لثلاث شركات".
وانتقد المستثمرون عدم تنفيذ وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني القوانين الوطنية، وإصرارها على احتكار ثلاث شركات أنشطة الدفان البحري واستخراج الرمال، في الوقت الذي يجيز فيه القانون فتح المجال أمام كافة الشركات للاستثمار في هذا المجال.
مستثمر آخر تحدث حول معاناته مع هذا المسؤول فيقول: "خسرنا في السابق عدة مشاريع كبرى، والآن فإننا نعمل على مشروع استثماري مهم، ويرفض هذا المسؤول منحنا الموافقة للدفان البحري رغم أنه لدينا تراخيص رسمية، والقانون يسمح لنا بمزاولة ذلك، والسبب أن مسؤولاً بالبلديات يمنع أي شركة بحرينية أخرى من مزاولة أنشطة الدفان البحري، ويكتفي بهذه الشركات دائماً".
حاولت "الوطن" الاتصال بوزارة الأشغال والبلديات والتخطيط العمراني للحصول على تعليق، لكن الوزارة لم تعلق على هذا الموضوع، واكتفت بالصمت.
أحد المقاولين كشف جانباً آخر من المشكلة، فأوضح لـ "الوطن" بأن ثلاث شركات تحتكر نشاط الدفان البحري واستخراج الرمال البحرية منذ عدة سنوات، رغم حصول على العديد من الشركات على تراخيص رسمية بمزاولة هذا النوع من الأنشطة، لأن مسؤولاً معروفاً في وزارة الأشغال والبلديات يرفض دائماً أن تعمل شركات أخرى وتشارك هذه الشركات في الأنشطة، وهو ما يعد مخالفاً للقانون، واحتكاراً تجارياً من الدرجة الأولى.
ويضيف قائلاً: "تحدث كثير من التجار والمستثمرين مع المسؤولين في الوزارة حول هذا الموضوع، لكننا لا نجد آذاناً صاغية، بل يتم تجاهلنا باستمرار، هذه قضية فساد. فلا يعقل أن يكون هناك كارتل أجنبي يتحكم في دفان البحرين، أو يحتكر استخراج الرمال من البحر، ويبيعها لاحقاً على البحرينيين في السوق المحلية عبر وسطاء. الاحتكار التجاري انتهى زمانه، نحن في زمن الرؤية الاقتصادية 2030، ولا أعتقد أن كبار المسؤولين في الدولة يقبلون بذلك، لابد من تدخل عاجل".
كما تحدث حول التأثيرات الاقتصادية، فأوضح بأن القانون يفرض على شركات الدفان البحري واستخراج الرمال أن يكون معها شريك بحريني، إلا أن شركتين من ثلاث ليس لديها شريك بحريني، بالتالي هي شركات أجنبية، وعملها يعد مخالفاً للقانون. ورغم ذلك يتم تجاهل الشركات البحرينية التي تملك ترخيصاً رسمياً، ويتهمها المسؤول بأنه ليس مسموحاً لها مزاولة هذا النشاط حسب مزاجه. مشيراً إلى أن احتكار ثلاث شركات لهذا النشاط يقلل من مدخول الحكومة للرسوم التي تدفعها هذه الشركات نتيجة نشاطها التجاري لأنها ثلاث شركات، في حين هناك فرصة لأن تكسب الحكومة مبالغ أكبر إذا طبق القانون وسمح لبقية الشركات المرخصة مزاولة النشاط.
وكشف بأن هناك "تعقيدات بيروقراطية يعمد هذا المسؤول على وضعها أمام الراغبين في الاستثمار في قطاع الدفان البحري واستخراج الرمال حتى بات المستثمرون عاجزون عن الحصول على تراخيص جديدة في هذا المجال وهو ما يتعارض مع سياسة فتح السوق أمام الاستثمار".
وفي ذات السياق تسائل المستثمرون عن "دور وزير الأشغال والبلديات في وقف هذا التجاوز، وتلاعب هذا المسؤول المتنفذ في وزارته"، كما عبر أحدهم عن دهشته من عدم فتح مجلس النواب هذا الملف المهم حتى الآن. مطالبين بفتح المجال للعمل في قطاع الدفان البحري واستخراج الرمال أمام كافة الشركات البحرينية والأجنبية، وهو ما سيعود إيجاباً على الاقتصاد الوطني.