شابة من شابات هذا الوطن التي اجتهدت في دراستها وتخرجت من المدرسة واختارت مجال الهندسة المدنية لتتخصص فيه فواصلت دراستها في جامعة البحرين حتى حصلت على شهادة الدبلوم وبمعدل عالٍ نسبياً ثم شهادة البكالوريوس وحلمها وطموحها للنجاح ما زالا مستمرين.
وحالها كحال غيرها من المهندسات المتخرجات صارت تبحث عن وظيفة تناسب تخصصها وميولها الهندسية فطرقت باب العديد من الشركات الخاصة، بالإضافة إلى وزارات الدولة من خلال ديوان الخدمة المدنية كوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني ووزارة التجارة والصناعة ووزارة الإسكان وغيرها.
وبعد انتظار طويل، تلقت بعض الاتصالات من بعض هذه الشركات الخاصة أو الوزارات لتحديد موعد للمقابلة الشخصية، إلا أن معظم المقابلات كانت شكلية حيث لا يخفى على أحد أن هناك العديد من الجهات التي تقوم بهذا الأمر، أي يتم عمل مقابلات شخصية شكلية ليتم اختيار مهندس أو مهندسة قد وقع الاختيار عليهما مسبقاً أصلاً وهذا ما يسمى عملياً بالواسطة والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص!
المشكلة لا تكمن هنا، فلله الحمد والمنة وبعد إجراء العديد من المقابلات مع وزارة الأشغال باختلاف أقسامها (الصرف الصحي، الطرق، وصيانة المباني) وقع الاختيار عليها لإشغال وظيفة مهندسة مدنية في إدارة صيانة المباني بالوزارة بعد اتصال جاء إليها ذات صباح من قبل قسم الموارد البشرية يفيدها بأنها قد قبلت.
كان أثر هذا القبول كبيراً على نفسيتها ففرحت فرحاً شديداً وشعرت لأول مرة بأن حلمها بأن تكون مهندسة مدنية بدأ يتحقق فعلياً فأخذت تبشر الجميع، زوجها، والديها، أخواتها، وجميع صديقاتها وقد فرحوا جميعهم بهذا الخبر السار الذي طالما انتظروه وانتظرته هي بصبر ولهفة وأمل.
وكما جرت العادة دائماً بعد قبول الموظفين أن تتم مطالبتهم بإجراء الفحص الطبي الخاص بالعمل ثم بإحضار شهادة حسن السيرة والسلوك من قبل وزارة الداخلية، فلم تتأخر أبداً في تسليم هذه المتطلبات إلى قسم الموارد البشرية بالوزارة وسلمت لهم كل ما يريدونه وأمضت على ذلك منتظرة موعد الدوام الرسمي الأول لها كمهندسة مدنية والبسمة والفرحة لا تفارق وجهها ولا قلبها.
مرت أسابيع وشهور (أكثر من 3 أشهر) لكنها لم تتلقَ أي اتصال أو رسالة تتعلق بموعد بدئها للعمل، فأصابتها الدهشة والاستغراب فقامت بالتواصل مع قسم الموارد البشرية لمعرفة السبب والاستفسار عن هذا التأخير في توظيفها فعلياً بعد أن قامت بتسليم جميع المتطلبات، فأخذ الموظفون يماطلون في الرد عليها وكأنما يخفون شيئاً ولا يريدون إعلامها به، فلم تكن المماطلة شيئاً طبيعياً خصوصاً بعد مرور هذه الفترة الطويلة ولم تتلقَ أي رد شافٍ أو واضح يشفي غليلها.
إلى أن جاءت الطامة الكبرى والرد الصادم بشكل واضح وصريح من أحد الموظفين في قسم الموارد البشرية وسأنقله لكم حرفياً هنا.. (للأسف أختي -وذكر هنا منصب المسؤولة- رافضة تعين بنات مهندسات في الإدارة حالياً لأن تجوف إن الشغلة ما تصلح حق بنات وما كنا ندري والحين لما راحت لها الأوراق ما قبلتهم ورفضت التعيين، فالأفضل تجيكين وزارة ثانية يمكن يقبلونج، واحنه بنجوف عقب فترة إذا في شواغر بنكلمج)!
ليست المشكلة في هذا الموظف أو الموظفة فهم يطبقون التعليمات وينفذون الأوامر إلا أن المشكلة العظمى تكمن في هذا التخبط الواضح والكبير الذي حصل فكيف يغيب مثل هذا التنسيق البسيط عن بال قسم الموارد البشرية وإدارة صيانة المباني الذين يمثلون وزارة من أكبر وزارات المملكة ويفترض بهم ألا يقعوا في هذا الخطأ الكبير الذي كان بمثابة النازلة على نفسية هذه الشابة المهندسة والطموحة التي استبشرت خيراً بعد قبولها وبعد تسليمها لأوراق الاعتماد والتعيين وكانت تنتظر يوماً بعد يوم خبراً يفيدها بموعد التعيين الرسمي إلا أنها فوجئت بهذا القرار الخالي من الإنسانية والإحساس بمشاعر الآخرين، فكيف يرضى أي مسؤول في قسم الموارد البشرية أو صاحب القرار في إدارة صيانة المباني كيف يرضى على نفسه أن ينسف طموح وآمال شابة من شابات هذا الوطن بهذه الحجة الواهية وبالذات بعد إعلامها بالقبول ثم التراجع عنه بهذه السهولة!
وبعد عدة محاولات لتوضيح السبب وراء الرفض تبين بأن إحدى الموظفات (ذات منصب كبير) أتحفظ عن ذكر اسمها أو منصبها في إدارة صيانة المباني ترفض تعيين (امرأة) في هذا المنصب لاقتناعها التام بأنه لا يناسب إلا (الرجال) وأن المهندسة لن تستطيع القيام بالأعمال التي يقوم بها المهندس علاوة على أن المهندسة في النهاية تكون امرأة وقد تتزوج وتنجب الأطفال فيكثر غيابها عن العمل بدءاً من إجازة الوضع ثم ساعات الرضاعة وغيرها! متناسية في الوقت نفسه بأنها امرأة وأن المرأة لا يجب أن يجادلها أحد في حقوقها، فمن حق أي امرأة أن تعمل وتتعين في وظيفة تناسب كفاءتها وتخصصها لتخدم وطنها، كما أن من حقها كذلك أن تتزوج وتكون أسرة وتنجب أطفالاً لتبني المجتمع.
فأين أنتم يا من تطالبون بحقوق المرأة؟ أين تكافؤ الفرص؟ أين نبذ العنصرية الذي تدعونه؟ بل أين ديوان الخدمة المدنية من هذه التصرفات وهذه القرارات المخزية التي يتخذها بعض المسؤولين في الوزارات والتي تسيء لسمعة الوزارة؟
مهما تعددت الأسباب أو المبررات الواهية لا يمكننا أن ننكر أن ما حدث يعد إنقاصاً من حق المرأة في العمل وتقليلاً واضحاً لقدرتها وكفاءتها، بل إن ما حدث ينسف كل القوانين والأنظمة التي طالب بها المجلس الأعلى للمرأة منذ تأسيسه والذي طالما طالب بعدم هضم حق المرأة في العمل ودافع عنها ضد أي انتهاك لحق من حقوقها، ولا يخفى عليكم بأن عمل المرأة ليس فقط حقاً من حقوقها إنما الأمر أصبح حاجة ضرورية وبالذات لدى الأسر ذوات الدخل المحدود.
مر على هذا الأمر قرابة الثلاثة أعوام وما زالت هذه الشابة تعاني من أثر تلك الصدمة، إلا أنها حصلت على وظيفة في إحدى الشركات الخاصة وبراتب دون المستوى ولا يتناسب وتخصصها بالطبع، كما أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تقوم بدفع جزء من راتبها وتقوم الشركة بدفع الجزء المتبقي، ولكنها وبالرغم من ذلك فرحت بهذه الوظيفة وأثبتت جدارتها واجتهدت كثيراً ولكن وللأسف الشديد ولسوء حظها مرت هذه الشركة مؤخراً بضائقة مالية وأصبحت مهددة بالإفلاس!
انظروا إلى أين وصل الحال بهذه المهندسة الشابة التي كانت تتصور مستقبلاً أجمل من هذا، وكانت تنتظر عملاً تجزى به نظير تعبها واجتهادها طوال فترة دراستها الجامعية، كانت تنتظر من وطنها أن يقدر كل ذلك، إلا أنها انصدمت بالواقع المر والذي ما زال يذوق من مره كثير من حديثي التخرج من شباب وشابات هذا الوطن للأسف الشديد.. وسؤالنا هنا إلى متى؟!
وحالها كحال غيرها من المهندسات المتخرجات صارت تبحث عن وظيفة تناسب تخصصها وميولها الهندسية فطرقت باب العديد من الشركات الخاصة، بالإضافة إلى وزارات الدولة من خلال ديوان الخدمة المدنية كوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني ووزارة التجارة والصناعة ووزارة الإسكان وغيرها.
وبعد انتظار طويل، تلقت بعض الاتصالات من بعض هذه الشركات الخاصة أو الوزارات لتحديد موعد للمقابلة الشخصية، إلا أن معظم المقابلات كانت شكلية حيث لا يخفى على أحد أن هناك العديد من الجهات التي تقوم بهذا الأمر، أي يتم عمل مقابلات شخصية شكلية ليتم اختيار مهندس أو مهندسة قد وقع الاختيار عليهما مسبقاً أصلاً وهذا ما يسمى عملياً بالواسطة والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص!
المشكلة لا تكمن هنا، فلله الحمد والمنة وبعد إجراء العديد من المقابلات مع وزارة الأشغال باختلاف أقسامها (الصرف الصحي، الطرق، وصيانة المباني) وقع الاختيار عليها لإشغال وظيفة مهندسة مدنية في إدارة صيانة المباني بالوزارة بعد اتصال جاء إليها ذات صباح من قبل قسم الموارد البشرية يفيدها بأنها قد قبلت.
كان أثر هذا القبول كبيراً على نفسيتها ففرحت فرحاً شديداً وشعرت لأول مرة بأن حلمها بأن تكون مهندسة مدنية بدأ يتحقق فعلياً فأخذت تبشر الجميع، زوجها، والديها، أخواتها، وجميع صديقاتها وقد فرحوا جميعهم بهذا الخبر السار الذي طالما انتظروه وانتظرته هي بصبر ولهفة وأمل.
وكما جرت العادة دائماً بعد قبول الموظفين أن تتم مطالبتهم بإجراء الفحص الطبي الخاص بالعمل ثم بإحضار شهادة حسن السيرة والسلوك من قبل وزارة الداخلية، فلم تتأخر أبداً في تسليم هذه المتطلبات إلى قسم الموارد البشرية بالوزارة وسلمت لهم كل ما يريدونه وأمضت على ذلك منتظرة موعد الدوام الرسمي الأول لها كمهندسة مدنية والبسمة والفرحة لا تفارق وجهها ولا قلبها.
مرت أسابيع وشهور (أكثر من 3 أشهر) لكنها لم تتلقَ أي اتصال أو رسالة تتعلق بموعد بدئها للعمل، فأصابتها الدهشة والاستغراب فقامت بالتواصل مع قسم الموارد البشرية لمعرفة السبب والاستفسار عن هذا التأخير في توظيفها فعلياً بعد أن قامت بتسليم جميع المتطلبات، فأخذ الموظفون يماطلون في الرد عليها وكأنما يخفون شيئاً ولا يريدون إعلامها به، فلم تكن المماطلة شيئاً طبيعياً خصوصاً بعد مرور هذه الفترة الطويلة ولم تتلقَ أي رد شافٍ أو واضح يشفي غليلها.
إلى أن جاءت الطامة الكبرى والرد الصادم بشكل واضح وصريح من أحد الموظفين في قسم الموارد البشرية وسأنقله لكم حرفياً هنا.. (للأسف أختي -وذكر هنا منصب المسؤولة- رافضة تعين بنات مهندسات في الإدارة حالياً لأن تجوف إن الشغلة ما تصلح حق بنات وما كنا ندري والحين لما راحت لها الأوراق ما قبلتهم ورفضت التعيين، فالأفضل تجيكين وزارة ثانية يمكن يقبلونج، واحنه بنجوف عقب فترة إذا في شواغر بنكلمج)!
ليست المشكلة في هذا الموظف أو الموظفة فهم يطبقون التعليمات وينفذون الأوامر إلا أن المشكلة العظمى تكمن في هذا التخبط الواضح والكبير الذي حصل فكيف يغيب مثل هذا التنسيق البسيط عن بال قسم الموارد البشرية وإدارة صيانة المباني الذين يمثلون وزارة من أكبر وزارات المملكة ويفترض بهم ألا يقعوا في هذا الخطأ الكبير الذي كان بمثابة النازلة على نفسية هذه الشابة المهندسة والطموحة التي استبشرت خيراً بعد قبولها وبعد تسليمها لأوراق الاعتماد والتعيين وكانت تنتظر يوماً بعد يوم خبراً يفيدها بموعد التعيين الرسمي إلا أنها فوجئت بهذا القرار الخالي من الإنسانية والإحساس بمشاعر الآخرين، فكيف يرضى أي مسؤول في قسم الموارد البشرية أو صاحب القرار في إدارة صيانة المباني كيف يرضى على نفسه أن ينسف طموح وآمال شابة من شابات هذا الوطن بهذه الحجة الواهية وبالذات بعد إعلامها بالقبول ثم التراجع عنه بهذه السهولة!
وبعد عدة محاولات لتوضيح السبب وراء الرفض تبين بأن إحدى الموظفات (ذات منصب كبير) أتحفظ عن ذكر اسمها أو منصبها في إدارة صيانة المباني ترفض تعيين (امرأة) في هذا المنصب لاقتناعها التام بأنه لا يناسب إلا (الرجال) وأن المهندسة لن تستطيع القيام بالأعمال التي يقوم بها المهندس علاوة على أن المهندسة في النهاية تكون امرأة وقد تتزوج وتنجب الأطفال فيكثر غيابها عن العمل بدءاً من إجازة الوضع ثم ساعات الرضاعة وغيرها! متناسية في الوقت نفسه بأنها امرأة وأن المرأة لا يجب أن يجادلها أحد في حقوقها، فمن حق أي امرأة أن تعمل وتتعين في وظيفة تناسب كفاءتها وتخصصها لتخدم وطنها، كما أن من حقها كذلك أن تتزوج وتكون أسرة وتنجب أطفالاً لتبني المجتمع.
فأين أنتم يا من تطالبون بحقوق المرأة؟ أين تكافؤ الفرص؟ أين نبذ العنصرية الذي تدعونه؟ بل أين ديوان الخدمة المدنية من هذه التصرفات وهذه القرارات المخزية التي يتخذها بعض المسؤولين في الوزارات والتي تسيء لسمعة الوزارة؟
مهما تعددت الأسباب أو المبررات الواهية لا يمكننا أن ننكر أن ما حدث يعد إنقاصاً من حق المرأة في العمل وتقليلاً واضحاً لقدرتها وكفاءتها، بل إن ما حدث ينسف كل القوانين والأنظمة التي طالب بها المجلس الأعلى للمرأة منذ تأسيسه والذي طالما طالب بعدم هضم حق المرأة في العمل ودافع عنها ضد أي انتهاك لحق من حقوقها، ولا يخفى عليكم بأن عمل المرأة ليس فقط حقاً من حقوقها إنما الأمر أصبح حاجة ضرورية وبالذات لدى الأسر ذوات الدخل المحدود.
مر على هذا الأمر قرابة الثلاثة أعوام وما زالت هذه الشابة تعاني من أثر تلك الصدمة، إلا أنها حصلت على وظيفة في إحدى الشركات الخاصة وبراتب دون المستوى ولا يتناسب وتخصصها بالطبع، كما أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تقوم بدفع جزء من راتبها وتقوم الشركة بدفع الجزء المتبقي، ولكنها وبالرغم من ذلك فرحت بهذه الوظيفة وأثبتت جدارتها واجتهدت كثيراً ولكن وللأسف الشديد ولسوء حظها مرت هذه الشركة مؤخراً بضائقة مالية وأصبحت مهددة بالإفلاس!
انظروا إلى أين وصل الحال بهذه المهندسة الشابة التي كانت تتصور مستقبلاً أجمل من هذا، وكانت تنتظر عملاً تجزى به نظير تعبها واجتهادها طوال فترة دراستها الجامعية، كانت تنتظر من وطنها أن يقدر كل ذلك، إلا أنها انصدمت بالواقع المر والذي ما زال يذوق من مره كثير من حديثي التخرج من شباب وشابات هذا الوطن للأسف الشديد.. وسؤالنا هنا إلى متى؟!