أميرة صليبيخ


زرت مدينة (بالي) الساحرة للمرة الأولى منذ فترة. ولم تكن الرحلة من ضمن مخططاتي، بل ظهرت فجأة وكأن القدر يدفعني لأسافر إليها.

ولأني لم أكن مستعدة لم أضع خططاً لها، واكتفيت بالبرنامج المُعدّ مسبقاً وتركت لنفسي حرية العيش يوماً بعد آخر، فلست إنسانة متطلبة، ودائماً ما تكون هناك خيارات لخطط بديلة.

ولمن لم يزر بالي بعد، فهي وُجهة مثالية لمن يرغب في نفض الطاقات السلبية ويريد أن ينعش روحه ويستمتع بالطبيعة الخضراء المترامية على مدّ النظر، كما أنها مشهورة بأنشطتها البحرية الجوية والأرضية.

فهناك نشاط يناسب كل ذوق وكل عمر، وما عليك فعله هو أن تحجز وتنطلق.

الإشكالية الوحيدة التي واجهتُها، لم تكن في توافر الحجوزات، ولا وجود المواصلات، ولا بُعد المسافات. المعضلة الكبرى كانت أنا! فأنا لستُ من هواة البحر، ولا أحب أن أتسخ بالرمل أو أبتل بالماء، أو «تتكرمش» ملابسي.

باختصار لم تكن هذه البرامج مناسبة لي. هكذا كنت أضع أعذاراً سخيفة لنفسي حتى لا أجرّب أموراً جديدة، مفضّلةً التسكّع في الشوارع المزدحمة والتفرّج على الآخرين وشرب القهوة!

أعرف دائرة الأمان اللعينة هذه ومحاولاتي المستميتة للبقاء فيها تحت مختلف الذرائع، حتى قال لي ابن صديقتي «اخرجي من دائرة أمانك، حان الوقت لتجربة أشياء جديدة».

كان كلامه رسالة من الكون لي لم أستطع تجاهلها. فأنا لا أخاف من النزول بـ»الباراشوت» على سطح جبل لكني أخاف من الفرح! كما أنني لا أخاف من الوقوف أمام نمر هائج لكني أخاف أن أشعر بالاستمتاع والسعادة.

نعم أنا أخاف من الفرح والمتعة ولا أعرف سرّ هذا الخوف الغريب.

جميعنا نخاف من أمر ما: مثل التحدث أمام الجمهور، الأماكن المرتفعة أو الضيقة، البعض يخاف من الفشل، آخر يخاف من الرفض، بعضهم يخاف من القطط وغيرها، لكن في حقيقة الأمر الخوف هو مجرد فكرة صدقناها واقتنعنا بها، ولو استطعنا محوها أو تبنّي فكرة غيرها سنكتشف أن لا شيء يستحق الخوف.

وفي الختام أستطيع القول إنني بنهاية الرحلة كنت قد حظيت بتجربة العديد من الأنشطة ومازلت في داخلي أشكر ابن صديقتي في كل مرة أتجرأ فيها على ركل الخوف وتجربة شيء جديد يثير في نفسي المتعة والفرح.

أذكر أني قرأت ذات مرة اقتباساً يقول «ما الذي يوجد على الضفة الأخرى من الخوف؟ لا شيء». بالفعل لم يكن من شيء هناك، وأسالوا مجرّب.