أمل محمد أمين
من أصعب المواقف التي تتعرض لها الأسرة أن يدمن أحد الأفراد وخاصة الأب، فللوالد مكانة خاصة في حياة أسرته وهو العمود الفقري للعائلة وجدار الحماية لها، فكيف إذا كان مدمناً يضيع وعيه عند التعاطي؟
وهذا يطرح عدة أسئلة، منها ما هي أسباب إدمان الزوج، وما هي طرق العلاج وما تأثير إدمانه على أسرته ؟
الإحصائيات تؤكد أن نسبة إدمان المراهقين تزيد في الأُسر التي لها تاريخ في الإدمان أو الاتجار في المخدرات.
بالتالي فإن الأب المدمن قد يكون سبباً في إدمان أبنائه لاحقاً، وبالتأكيد أن الطفل يقلّد أبويه كما أن وجود أب مدمن سواء للمخدرات أو الكحوليات يكون نتيجته عنف أسري، فالأب المدمن قد يضرب أولاده أو زوجته سواء بسبب اختلال وعيه أو بسبب طلبه للمال ليحصل على المادة المخدرة. ومشاهدة الأطفال لتلك المشاهد أو تعرّضهم للعنف تعزّز الاضطرابات النفسية لديهم وبالتالي تزيد من فرص انتحارهم وانحرافهم. وهذا يعود بنا إلى السؤال الأول لماذا يدمن الأب الكحوليات أو المخدرات؟
أسباب الإدمان عديدة، منها الجهل بأخطار استعمال المخدر، وضعف الوازع الديني، والتنشئة الاجتماعية غير السليمة، والتفكك الأسري، والفقر والجهل والأمية، أو الثراء الفاحش والتبذير دون حساب، وعدم وجود الرقابة والتوجيه، وكذلك عدم وجود الحوار بين أفراد العائلة، أو مجالسة أو مصاحبة رفاق السوء الذين ينصحون بتناول المخدر سواء للشعور بالسعادة أو للقدرة على الاستمرار في العمل لساعات طويلة. وقد يدمن الأب بسبب البطالة والفراغ، فكثيراً ما يلجأ الأب للإدمان لتخطي أزمة عدم حصوله على عمل أو مروره بضائقة مالية.
على أرض الواقع إن أسوأ ما يحدث في حالة إدمان الزوج أو الابن هو اليأس من المدمن والاعتقاد أنه قد انتهى، فلابد من الإيمان بالله من أنه من الممكن إخراجه من دائرة الضياع عن طريق اتّباع نظام غذائي صحي والحرص على ممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والانضمام إلى مجموعات الدعم، حيث يتيح ذلك فرصة التواصل مع أشخاص آخرين يمرون بنفس التجربة، وهو ما يعزز الدافع ويقلل من الشعور بالوحدة، كما أن هذه المجموعات تُعدّ فرصة لتبادل الخبرات في رحلة التعافي، لكنها رحلة طويلة وتحتاج إلى صبر كبير.
ومن المهم اللجوء إلى طبيب متخصص لمعرفة نوع الإدمان وعلاجه. وتقدّم منظمة الصحة العالمية عدة نصائح لأهل المدمن، منها أنه لا يوجد علاج واحد مناسب لجميع المرضى، ويحتاج المدمن إلى وصول سريع وسهل للعلاج، كما يجب أن يلبّي العلاج الفعّال جميع احتياجات المريض، وليس فقط تعاطي المخدرات، وأهمية الاستمرار في العلاج لفترة كافية أمر بالغ الأهمية، كما أن النصح والاستشارات والعلاجات السلوكية الأخرى هي أكثر أشكال العلاج شيوعاً واستخداماً.
وغالباً ما تكون الأدوية جزءاً مهماً من العلاج، خاصةً عندما تقترن بالعلاجات السلوكية.
كما يجب مراجعة خطط العلاج بشكل متكرر وتعديلها لتلائم الاحتياجات المتغيرة للمريض.
ويجب أن يتم توجيه العلاج لمعالجة الاضطرابات النفسية الأخرى المحتملة.