أيمن شكل
بالإقرار الدستوري والموازنة بين السلطتين والمحكمة الدستورية
أكد أستاذ القانون العام المشارك بالأكاديمية الملكية للشرطة د.عصام خليل، أن المشرّع الدستوري البحريني استطاع أن يضفي حمايته الدستورية على الحقوق والحريات من خلال 3 وسائل، وهي الإقرار الدستوري للحقوق والحريات، والموازنات الدستورية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأخيرا إنشاء المحكمة الدستورية للرقابة على دستورية القوانين واللوائح.
جاء ذلك، ضمن محاضرة إلكترونية نظمتها هيئة التشريع والرأي القانوني تحت عنوان «الحماية الدستورية للحقوق والحريات»، بدأها خليل بالتأكيد على أن وجود الدستور يعدّ ضرورة تنظيمية في الدول المتحضرة، حيث تعتبر الدولة المعاصرة في الأساس دولة دستورية، تجعل من الدستور قاعدة القانون الأعلى الواجبة الاتباع في مواجهة الكافة، وتستمد منه السلطات العامة سندها الشرعي في الحكم، ولذلك كانت الحقوق والحريات من أهم الموضوعات التي ينظمها الدستور، لأن حقوق الإنسان ليست مجرد قواعد توضع في الدستور، وإنما تكمن قيمتها الحقيقية في التطبيق العملي.
وعرف خليل الحماية الدستورية للحقوق والحريات بأنها الضمان الدستوري لحق أو حرية ما بالنص عليها في صلب الوثيقة الدستورية، أو بإقرار القضاء الدستوري لها مع كفالة منع الاعتداء ورده عند وقوعه على هذا الحق أو الحرية.
وحول إمكانية دخول الحماية الدستورية للحقوق والحريات التي لم ترد في الدستور، أوضح، أن مسألة تنظيم الحقوق والحريات أوكلها المشرّع الدستوري للسلطة التشريعية من خلال القوانين الصادرة عنها، أو السلطة التنفيذية من خلال اللوائح التنظيمية أو الإدارية، وقال إن فقهاء القانون العام يجمعون على وجود العديد من الضمانات الواردة في صلب الدساتير من شأنها حماية الحقوق والحريات.
وفند تلك الضمانات إلى 4 أقسام رئيسة يتعين الالتزام بها من قبل سلطات ومؤسسات الدولة عن تنظيم الحقوق والحريات، وهي: مبدأ سيادة القانون «تدرج القواعد القانونية»، والتوازن بين الحقوق والحريات والمصلحة الاجتماعية، والرأي العام، والرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وقال إن «دستور البحرين تبنّى التفسير المرن لمبدأ الفصل المرن بين السلطات من خلال إيجاد قنوات تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفي نفس الوقت منح كلا منهما وسائل لمراقبة أعمال السلطة الأخرى».
وفي مبدأ سيادة القانون، أكد أنه من أهم المبادئ الدستورية التي تعد من ضمانات احترام حقوق الإنسان، لأن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب، ومن ثم فهو يجسد مبدأ السيادة للأمة، ويصبح القانون أداة لتنظيم المجتمع وضمان حماية حقوق الأفراد وحرياتهم، ولفت إلى نص المادة 33/ب من الدستور «يحمي الملك شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون، ويرعى حقوق الأفراد والهيئات وحرياتهم».
وبيّن مبدأ تدرج القواعد القانونية والقصد منه بأنها قواعد تنتمي إلى النظام القانوني في الدولة، إلا أنها ليست جميعاً في مرتبة واحدة من حيث القيمة والقوة القانونية، ويترتب على هذا المبدأ نتيجة هامة وهي وجوب خضوع القاعدة الأدنى للقاعدة الأسمى.
وأعطى أستاذ القانون العام المشارك بالأكاديمية، مثالاً على حماية الحقوق والحريات، بإحالة مشروع قانون المرور للمحكمة الدستورية بشأن دستورية النص المطلوب تعديله بعدم جواز منح الأجانب المقيمين في البحرين رخصة قيادة، حيث انتهت المحكمة إلى عدم دستورية هذا النص.
وحول التوازن بين الحقوق والحريات والمصلحة الاجتماعية، لفت إلى نص المادة 31 من الدستور «يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناء عليه. ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية».
وأوضح، أن المشرّع يتمتع بسلطة تقديرية في إصدار القوانين، ويتعين عليه التزام حدود هذا التقدير لأن السلطة الممنوحة له ليست مطلقة، ولكنها مقيدة بعدة معايير وضوابط، وقال: «لا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية، ولذلك تعتبر الإحالة الملكية لمشروع قانون المرور إلى المحكمة الدستورية قبل إصداره للتقرير بمدى مطابقة المادة 20 منه للدستور، بمثابة نبراس يمكن الاهتداء به».وأشار خليل إلى وسائل الرقابة البرلمانية في حماية الحقوق والحريات، وهي:حق تقديم الاقتراحات برغبة، حق توجيه الأسئلة إلى الحكومة بمختلف أعضائها، حق الأعضاء في تشكيل لجان التحقيق، حق تقديم استجواب إلى الحكومة بمختلف أعضائها، حق أعضاء البرلمان في حجب الثقة عن أحد الوزراء، حق أعضاء البرلمان في عدم إمكان التعاون مع رئيس الوزراء، فيما أضيفت وسيلة أخرى بموجب التعديلات الدستورية لعام 2012 وهى وسيلة تقديم طلبات للمناقشة في أمر محدد ذي أهمية عامة.
وقال: ونحن نضيف علي الوسائل السابقة إقرار مجلس النواب للبرنامج الذي تقدمه الحكومة الجديدة باعتبارها أحد اهم وسائل الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية.
وتطرق إلى حق الرأي العام والذي يمكنه من خلال ممثليه في المجالس النيابية أو الصحافة أو الجماعات التي ينتمي إليها، التقدم بشكاوى مباشرة وتظلمات إلى الجهات الرقابية، فيما نوه بحق الشكوى الوارد في المادة 29 من الدستور بأنه «لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه، ولا تكون مخاطبة السلطات باسم الجماعات إلا للهيئات النظامية والأشخاص المعنوية».