أمل محمد أمين


من المؤسف أن ينتحر طفل او مراهق بسبب تنمر زملائه في المدرسة أو في النادي، والمحزن أكثر أن يكون المتنمر أحد أصدقائه المقربين الذين يلعب معهم أو يثق فيهم ويهتم لكلامهم، وهذا يزيد من درجة تأثره بأفعالهم لأنهم في مكانة مهمة بالنسبة له.

وتُعد ظاهرة التنمر في المدارس من أكبر المشكلات المجتمعية على مستوى العالم أجمع، وهي الأساس في بناء السلوكيات العدوانية لدى الطالب، حيث يُؤثّر ذلك على كلٍّ من الجانب الجسدي، والعاطفي، والنفسي، والاجتماعي، والأكاديمي لدى الطالب، لذلك يُعدّ منع التنمر في المدرسة ضرورياً نظراً لأهمية بيئة المدرسة واعتبارها من البيئات الحرجة التي تُؤثّر بشكل كبير على الطلاب منذ صغرهم، ويُمكن اتّخاذ أساليب عدة من أجل ذلك من قِبل المدرسين والإداريين وكذلك الأهل.

تعريف التنمر

يعرف اليونسيف التنمر بأنه أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة. وقد يأخذ التنمر أشكالاً متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنياً أو لفظياً، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ.

وللتنمر عدة أنواع، منها الجسدي واللفظي، والتنمر الاجتماعي والعنصري، وهناك التنمر المباشر أو التنمر الإلكتروني.

ويشمل التنمر الجسدي الركل والضرب وقد يترك آثاراً أو لا يترك، وهناك أيضاً السرقة وأكل طعام المتنمَّر عليه أو إرغامه على دفع ثمن الوجبات أو الحلوى، وقد يكون في المدرسة أو النادي أو في الباص.

أما التنمر اللفظي فيكون الهدف منه إيذاء الضحية أو إهانته أو ذله والتقليل من شأنه عن طريق التعليق على مظهره، و يمكن أن يكون التنمر اللفظي ضارّاً بشكلٍ خاص لأنه يهاجم احترام الضحية لذاته ويمكن أن يؤدي إلى ضائقة نفسيّة وشعور بالخجل والإحراج وانعدام القيمة، مما يؤدي في النهاية إلى عُزلة اجتماعيَّة.

ويُعدّ التنمر الاجتماعي من أكثر أنواع التنمر المدرسي انتشاراً بين البنات خاصة، ويتضمن نشر الشائعات أو قصص مسيئة عن الآخرين، أو الانفراد ببعض الأصدقاء واستبعاد آخرين من المجموعات.

أما التنمر الإلكتروني فهو تعبير عن استخدام الطفل أو المراهق لوسائل التواصل الاجتماعي لإيذاء زملائه أو مضايقتهم أو نشر معلومات مسيئة عنهم، وقد يقوم الطفل بذلك مع إخفاء هويته ما يصيب الطفل المُتنمَّر عليه بالخوف والشعور الدائم بعدم الأمان.

ما هي العلامات أو المؤشرات التي تدل على تعرُّض الطفل للتنمر المدرسي؟

هناك علامات ودلائل تبدو جليّة وواضحة على الطفل الذي تعرّض للتنمر، فقد لا يتحلّى بالشجاعة لكي يصارح والديه أو أحدهما بالمشكلة، فينبغي أن يلاحظ الأهل هذه العلامات أو بعضها على طفلهم، ومنها تراجع الطالب في أدائه الدراسي وواجباته المدرسية، أو إهمال الطالب الذي تعرّض للتنمر في شكله الخارجي ومظهره، وهذا يعود لاهتزاز ثقته بنفسه، وابتعاده عن أصدقائه ومحيطه العام، ومعاناته من حدة المزاج والغضب والعصبية معظم الوقت.

التعامل مع التنمر

من الضروري بناء جسر من الثقة مع الطفل حتى يستطيع إخبار المعلمين في المدرسة وكذلك آبائهم عن تعرضهم للتنمر وطبيعة التجربة التي مر بها الطالب لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتنمرين، وتجنب الأماكن التي يتسكع فيها المتنمرين في المدرسة لعدم إعطائهم فرصة للممارسة سلوكياتهم العدوانية، وكذلك محاولة السيطرة على الخوف أو الغضب عند مواجهة المتنمرين والحفاظ على الهدوء قدر الإمكان، حيث إن إظهار الخوف أو البكاء يجعل المتنمر يشعر بأنه انتصر، الدفاع عن النفس وإخبار المتنمر بحزم ووضوح أن يتوقف عما يفعل وأنه لا يعير أي اهتمام لما يفعله.

وللآباء دور مهم في علاج التنمر المدرسي من خلال الاستماع إلى أبنائهم بإنصات واستدراجهم للتحدث عما يشعرون به أو ما يغضبهم، وشرح التنمر للطفل أو المراهق وعواقبه على نفسه وعلى الآخرين.

مساعدة الطفل أو المراهق على إدراك تأثير سلوكياته العدوانية على زملائه، وجعله يضع نفسه مكان الآخرين ليدرك شعورهم والضرر الواقع عليهم، وتعليم الطفل احترام الآخرين والتعامل معهم بلطف، وعدم التقليل من شأن زملائه أو السخرية منهم أو إيذائهم، وتعليم الطفل كيفية تقبّل المختلفين عنه في العرق، أو الدين، أو الثقافة.

أيضاً وضع عقاب مناسب للطفل أو المراهق إذا تنمّر على أحد زملائه، وجعل الطفل يدرك أنه لا يوجد تسامح مع السلوكيات العدوانية، وكذلك مراقبة تصرفات الطفل أو المراهق ومقتنياته وطبيعة استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي، وفي غاية الاهتمام التعرّف على الأشخاص الذين يصادقهم الطفل وحثه على الابتعاد عن المتنمرين وأصدقاء السوء.