المشروع الإصلاحي ينال احترام قادة وشعوب دول الخليج
الملك تولّى رئاسة مجلس التعاون 4 دورات منذ توليه الحكم
البحرين تحرص على المتابعة وتنفيذ قرارات مجلس التعاون
المملكة من أوائل الدول التي دعت لتأسيس المجلس
منذ أن ترسّخت عروبة واستقلالية مملكة البحرين بتصويت الشعب في استفتاء بإشراف الأمم المتحدة أنها دولة عربية مستقلة ذات سيادة عام 1971، وطوال العهد الإصلاحي الذي انطلق مع بداية الألفية الثالثة، التزمت الدبلوماسية البحرينية بتبنّي طابع العمل الجماعي الخليجي العربي في تحقيق التنمية والازدهار، والتصدّي للتهديدات التي تواجه المنطقة والعالم، فضلاً عن ترسيخ القيم الإنسانية بين مختلف الثقافات والشعوب.
واتّسمت سياسة وأولويات البحرين الخارجية بطابع المرونة وخضعت باستمرار لتقييم ومراجعات وإعادة ترتيب للأولويات، إلا أنها التزمت بثوابت رئيسة منذ انضمامها للأمم المتحدة وإلى وقتنا الراهن، ومن أهمها: تأكيد سيادة مملكة البحرين ووحدة أراضيها وحماية أمنها والدفاع عن مصالحها، وتعزيز مكانتها وسمعتها الخارجية وترسيخ صورتها الحضارية، وتوطيد علاقاتها مع الدول الخليجية والعربية الشقيقة والدول الصديقة وتطوير التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية. ويزخر تاريخ الدبلوماسية البحرينية، بدوائره العالمية والعربية والخليجية، بالكثير من المواقف المشرّفة التي يسجّلها التاريخ بأحرف من نور، وهي مواقف اتّسمت بالعقلانية والشجاعة، والتأكيد على احترام المواثيق والاتفاقيات الدولية، وأن تكون العلاقات الدولية مبنيّة على روح التسامح وقيم التعايش ومبادئ الحوار بين مختلف الدول والشعوب، فاستحقت البحرين بذلك أن تنال تقدير واحترام أشقائها والعالم أجمع.
وكانت مملكة البحرين من أولى الدول التي دعت إلى إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981، وهي من المؤسسين له، ومثلت طرفاً فاعلاً في جهود التأسيس، التي استمرت نحو خمسة أعوام، قبل أن يتوصل أصحاب الجلالة والسمو قادة كل من: مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت، يوم 21 رجب 1401هـ، 25 مايو 1981 في اجتماع بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، إلى صيغة تعاونية تضم الدول الست تهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وفق ما نص عليه النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي أكد أيضاً على تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس.
ولم يكن التأسيس وليد جهود تلك الأعوام، بل تجسيداً مؤسسياً لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الأسري بين مواطنيها، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الجغرافيا التي يسرت الاتصال والتواصل بينهم، وخلقت ترابطاً بين سكان المنطقة وتجانساً في الهوية والقيم. وإذا كان المجلس لهذه الاعتبارات يمثل استمراراً وتطويراً وتنظيماً لتفاعلات قديمة وقائمة، فإنه من زاوية أخرى يعتبر رداً عملياً فاعلاً على تحديات الأمن والتنمية، واستجابة لتطلعات أبناء المنطقة لنوع من الوحدة العربية الإقليمية، بعد أن تعذر تحقيقها على المستوى العربي الشامل.
ومنذ انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم في بداية الألفية الجديدة، اصطبغ النهج السياسي والدبلوماسي البحريني بالشجاعة والعقلانية والإيمان بأهمية العمل الجماعي، الخليجي والعربي والدولي. فاستحقت البحرين بذلك أن تنال تقدير واحترام ومحبة قادة وشعوب الخليج العربي والمنطقة العربية والعالم أجمع. وتصنف السياسة البحرينية طبقاً لميثاق العمل الوطني على طريقتين؛ الأولى: تتعلق بالعلاقات الخليجية، والثانية: ترتبط بالعلاقات الخارجية.
وتقوم العلاقات الخليجية على ضرورة حماية وتطوير المصالح المشتركة بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي بسبب طبيعة الترابط بينها، ولذلك أقر الميثاق الوطني فكرة أن أمن ورفاه البحرين جزء لا يتجزّأ من أمن ورفاه دول الخليج العربية الأخرى. وخلال المسيرة الدبلوماسية البحرينية بالعهد الإصلاحي، حرصت البحرين على تنويع أطر العلاقات مع الدول الخليجية الشقيقة، وسعت المملكة نحو التنسيق والتقارب والتكامل في كيان مجلس التعاون الخليجي المشترك، إدراكاً بحتمية المصير بين شعوب الدول الخليجية وأن عنصر قوتها يكمن في تقاربه. ولعبت السياسة الخارجية والدبلوماسية البحرينية دوراً مهماً في تعزيز وحدة الصف الخليجي والتأكيد على التضامن في مختلف المواقف والقرارات التي يتخذها المجلس، سواء عبر طرح وتفعيل المبادرات، أو المشاركة الفعالة والجادة في الالتزام بتنفيذ التوصيات والقرارات المنبثقة عن القمم والاجتماعات الخليجية الرفيعة على مستوى القادة والوزراء وكبار المسؤولين. وجاءت زيارات جلالة الملك المعظم الرسمية أو الأخوية إلى دول مجلس التعاون، وما شهدته من مباحثات ولقاءات خير برهان على ما تحظى به مملكة البحرين من محبة ومكانة واسعة، والتقدير الكبير الذي تحمله لها دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة. وحرص حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم على المشاركة في جميع قمم المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون، وقد تولى جلالته رئاسة مجلس التعاون في 4 دورات منذ توليه مقاليد الحكم في عام 1999، وكانت أولها في عام 2000 في الدورة الحادية والعشرين لقمة مجلس التعاون، والتي كانت أول قمة تعقد في البحرين في عهد جلالته، كما ترأس جلالته القمة الخليجية الخامسة والعشرين التي استضافتها مملكة البحرين في عام 2004، وترأس جلالته كذلك القمة الخليجية الثالثة والثلاثين التي استضافتها البحرين في عام 2012، وكانت آخر القمم التي عقدت في مملكة البحرين القمة الخليجية السابعة والثلاثين التي استضافتها المملكة برئاسة جلالة الملك عام 2016، وعقدت على هامشها القمة الخليجية البريطانية 2016 بحضور رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك تيريزا ماي، وكان لرئاسة عاهل البلاد المعظم لهذه القمم المهمة ومشاركاته في كافة القمم الخليجية الأخرى أثر كبير في التوصل إلى العديد من المقررات المهمة لتحقيق المصالح المشتركة وتفعيل مجلس التعاون الخليجي ودعم مسيرته بما يلبي التطلعات والطموحات الشعبية لدول مجلس التعاون الخليجي. كما حرصت حكومة مملكة البحرين، على المتابعة الدؤوبة لتنفيذ مختلف قرارات مجلس التعاون ومتابعة المبادرات والمشروعات التنموية الخليجية المشتركة، وتفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وبروتوكولات العمل المشتركة التي استهدفت تعزيز أطر التعاون الخليجي والانتقال به إلى آفاق أرحب من الشراكة والتكامل، لتحقيق الرخاء والاستقرار والأمن لشعوب دول المجلس.