تشارك مملكة البحرين الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة الاحتفال بالذكرى الثالثة والخمسين لعيد الاتحاد، والذي يصادف الثاني من ديسمبر من كل عام، ويحتفي فيه الإماراتيون قيادة وشعباً بهذه الذكرى الوطنية العزيزة لتأسيس الاتحاد، والإعلان رسمياً عن قيام دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة عاصمتها أبو ظبي.

وتشهد العلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة التي تجمع مملكة البحرين بشقيقتها دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً وتميزاً استثنائياً، يستند إلى أسس صلبة، وضع لبناتها الآباء والأجداد على مر العصور، فيما حرص كل من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظهما الله ورعاهما، على تنمية هذه العلاقات وازدهارها في العصر الحديث، ودعم ورعاية جهود الارتقاء بها إلى أفاق أشمل برؤى طموحة ، متطلعة إلى المستقبل.

كما تحظى هذه العلاقات الأخوية المتميزة بدعم ومساندة صاحب السموّ الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظهما الله، مما أسهم في تعزيز مسارات التكامل الثنائي على مختلف الأصعدة، وتحقيق التطلعات المشتركة بما يعود بالنفع على مسيرة التنمية والازدهار لصالح البلدين والشعبين الشقيقين.

وعلى مر العقود، تمضي العلاقات البحرينية الإماراتية بخطى ثابتة نحو حاضر مزدهر ومستقبل واعد من خلال الدفع بمسارات الشراكة والتكامل الشامل بما يعود على البلدين وشعبيهما الشقيقين بالخير والنماء والازدهار.

وفي هذا الإطار، تواصل اللجنة العليا المشتركة بين مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة تحقيق نتائج مثمرة تضاف إلى منجزاتها خلال العقدين الماضيين ببلوغ مستويات رفيعة ومتقدمة من التعاون والتنسيق الثنائي في مختلف المجالات لاسيما السياسي والاقتصادي، والأمني، والتكنولوجي، والتجاري.

وجاء احتضان مملكة البحرين الأسبوع الماضي لأعمال الدورة الثانية عشرة للجنة الوزارية المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين، في إطار تطوير وتنمية علاقات التعاون الثنائية والدفع بها إلى مستويات أكثر رحابة، واستكمالاً لمسيرة التعاون ومواكبة التوجهات المستقبلية لدعم العمل المشترك وإنجاز الأولويات التي شملت استكمال المشاورات والجوانب التنظيمية والفنية بشأن توقيع حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة في مختلف المجالات.

ويعكس انعقاد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين بشكل دوري وعلى مستوىً رفيع، الالتزام بالعمل الثنائي المشترك لبحث الفرص والإنجازات والجديّة في مناقشة التحديات والقضايا العالقة في مختلف المجالات، والحرص على خلق حلول إبداعية لتذليل أي تحديات وتحويلها لإنجازات ملموسة تخدم شعبي البلدين، إضافة إلى توسيع قاعدة الشراكات الثنائية في قطاعات الصناعة، والتجارة، والطاقة المتجددة، والنقل، والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، والاتصالات.

ومن هذا المنظور التكاملي، فإن البلدين يحرصان على مواصلة التشاور وتبادل الخبرات والرؤى والمعلومات والدعم في مختلف المحافل الإقليمية والدولية إزاء كافة التحديات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم بفاعلية في تحقيق التضامن الخليجي والعربي لمواجهة الظروف والتهديدات الراهنة التي يشهدها الإقليم، وهذا ما تبلور بشكل جليّ، خلال الزيارة الرسمية الأخيرة التي قام بها ، سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، الأسبوع الماضي لمملكة البحرين، والتي التقى خلالها بحضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله ، حيث جرى بحث مجالات تعزيز وتنمية التعاون الثنائي وجوانب العمل المشترك، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية وغيرها من المجالات الحيوية ، بما يفتح آفاقًا جديدة لتحقيق مستويات أعلى من التقدم والتكامل بين البلدين ، ويعزز الرؤية الثنائية تجاه تحقيق التنمية والازدهار للشعبين الشقيقين، والسلام والاستقرار في المنطقة.

وترتبط مملكة البحرين مع شقيقتها دولة الإمارات العربية المتحدة بعدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وبرامج عمل مشتركة، تشمل مختلف المجالات والقطاعات التنموية والخدمية الحيوية، لعل أحدثها توقيع اتفاقيتي تعاون في مجال علوم الفضاء، بين الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك على هامش النسخة السابعة من معرض البحرين الدولي للطيران في نوفمبر الماضي. وتهدف الاتفاقيتان إلى الاستفادة من بيانات مراقبة الأرض لتنفيذ تطبيقات فضائية تساهم في تحقيق الاستدامة البيئية، إضافة إلى تصميم حمولة بحرينية لسطح القمر لأغراض البحث والدراسة، وذلك تحقيقاً لمذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين عام 2019 ، واستكمالا لسلسة التعاون بين الجانبين عبر تبادل الخبرات والتقنيات المتقدمة في قطاع علوم الفضاء وتوظيفها في خدمة العديد من المشاريع الوطنية والإقليمية والدولية في قطاعات متعددة، تساعد على الوفاء بالتزامات البلدين تجاه أهداف التنمية المستدامة.

وعلى صعيد التعاون الاقتصادي والاستثماري، استكمل البلدان الشقيقان في نهاية نوفمبر الماضي من العام الجاري، إجراءات تفعيل مذكرة التفاهم بين وزارة الصناعة والتجارة ، ووزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن التعاون بين برامج المحتوى الوطني في دولة الإمارات، وبرنامج القيمة المحلية المضافة في الصناعة (تكامل) في مملكة البحرين، والمبرمة في البحرين مطلع العام الجاري ، بما يمثل خطوةً مهمة تعزز الشراكة الاستراتيجية كركيزة أساسية للتقدم في تحقيق التكامل الصناعي والتنمية المستدامة في البلدين، وبما يدعم مرونة واستدامة سلاسل الإمداد وتعزيز النمو الصناعي المستدام، ودعم جهود الاكتفاء الذاتي وتلبية متطلبات الأمن الغذائي في البلدين الشقيقين.

كما شهد مطلع هذا العام أيضاً توقيع معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني، و معالي محمد بن هادي الحسيني وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية اتفاقيتيّ "تشجيع وحماية الاستثمار"، و"تجنب الازدواج الضريبي"، بهدف توفير وتطوير الفرص الاقتصادية والتجارية، وجذب الاستثمارات المشتركة، بما يخدم جهود المملكة ورؤية البحرين الاقتصادية 2030 - لتوفير البيئة الاقتصادية المواتية لتشجيع وجذب الاستثمارات الخارجية، تعزيزاً لتنافسية الاقتصاد الوطني.

جدير بالذكر، أن اجتماعات اللجنة الوزارية العليا المشتركة الـ 11 والتي عقدت في أبو ظبي في نوفمبر من العام الماضي، كانت قد أثمرت عن توقيع خمس اتفاقيات ومذكرات تفاهم مشتركة بين البلدين، في مجالات الطاقة المتجددة، والثورة الصناعية، والموارد البشرية في الخدمة المدنية، والتأهيل والتدريب المهني، والتعليم الجامعي، كما جرى تفعيل عدد آخر من الاتفاقيات الموقعة سابقاً.

إن العلاقات الأخوية النموذجية التي تربط مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت نموذجاً للعلاقات الاستراتيجية المتكاملة والدبلوماسية الرفيعة، حيث تعتبر دولة الإمارات، شقيقتها مملكة البحرين شريكًا استراتيجيًا مميزاً في كافة المجالات، وجزءً أصيلًا من مسيرة التقدم والازدهار في منظومة مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية برمتها، حيث تعاظم هذا الدور المحوري لمملكة البحرين بشكل أكبر مع تسلم مملكة البحرين قيادة العمل العربي المشترك هذا العام، عبر رئاسة المملكة لأعمال الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية التي استضافت أعمالها على مستوى القادة في شهر مايو الماضي.. وبنفس المستوى من التقدير والاحترام، تنظر مملكة البحرين بكثير من الاعتزاز إلى الدور الريادي والمحوري الذي تضطلع به دولة الإمارات لترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم عبر جهودها في نشر مبادئ السلام وقيم التسامح والتعايش والإخوة الإنسانية وهو ما يتطابق مع نهج ومبادئ مملكة البحرين في اعتماد السلم والتعايش والحوار والدبلوماسية، خيارات استراتيجية لصنع السلام بين شعوب المنطقة والعالم.