أمل محمد أمين

تحدث في كثير من الأحيان خلافات بين الأبناء في العائلة، وهنا يحتار الأبوان في كيفية فك الشجار بين أبنائهم دون أن يخسرا أحدهم أو يشعر أحد بالظلم، مع العلم أن هذا أمر شائع في العائلات ولا يستدعي القلق، بل يحفز التنافسية، ويكون سبباً في صقل شخصية الأطفال.

أسباب الشجار بين الأبناء:

قد يختلف الأبناء لعدة أسباب، منها الغيرة أو الإحساس بالتفرقة في المعاملة من الوالدين، أو الرغبة في فرض الرأي، فبعض الأطفال يولدون بشخصية قيادية تحب السيطرة، وقد يتشاجر الأبناء لا لشيء إلا للفت انتباه الوالدين فقط، خاصة في حال انشغالهما لوقت طويل في العمل أو المطبخ أو مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد تكون العلاقة الأسرية الموجودة قائمة على القسوة والعنف، سواء في تعامل الزوجين مع بعضهما البعض، أو مع الأبناء، مما يعطي الطفل نموذجاً لطبيعة العلاقة والسلوك الذي يمكن أن ينتهجه مستقبلاً، وفي بعض الأحيان تكون هناك اختلافات بين الأبناء في الطباع مهما كانت مراعاة الوالدين للمعاملة العادلة، فقد يستفز ميل أحدهم للفوضوية أعصاب أخيه محب النظام، أو بتشاجر الأطفال عند اختلاف رغباتهم، فهذا يريد أن يلعب والآخر يرغب في مشاهدة التلفاز على سبيل المثال.

وبطبيعة الحال فإن الأطفال في حداثة سنهم يتميزون بحب الذات، وأحياناً الرغبة في السيطرة وحب التملك، ولذلك تقل الخلافات عندما ينضج الأطفال وتتهذب أخلاقهم.

أفضل طريقة لحل العراك بين الأبناء:

تدخل الأم أو الأب وقت الشجار فكرة فاشلة، خصوصاً وقت العراك نفسه، فقد يأخذ الأب جانب أحد الطفلين، وهذا يعطي انطباعاً بالتحيز والتفضيل، وبمجرد تكوين هذه الانطباع لدى الابن الآخر يصعب تغييره، ولذلك يفضل أن لا يتدخل أحد إذا كان العراك بسيطاً، ويُفضل أن تقوم الأم بحل الخلافات اليسيرة دون تدخل الأب باعتبارها أكثر تلازماً مع الأبناء، أي ليس بالضرورة إبلاغ الأب أولاً بأول، فبعض الأبناء يعتبرها وشاية عليهم، لكن إذا تطورت الخلافات بين الأبناء، ولم تستطع الأم حلها، يتدخل الأب وعليه أن يكون حكيماً في حل هذه الخلافات.

وأفضل طريقة يتبعها الأبوان لحل الشجار بين الأبناء أن يستمعا لهم حتى يشعروا بالحيادية، من المهم أن تستمع إلى أبنائك عن سبب الخلاف وأن تشعرهم أنك محايد وعادل، لا تقارن بين أبنائك (أخوك أفضل منك مثلاً)، فمثل هذه المقارنة تجعل الطفل يكره التشبه والاقتداء بأخيه رغم صفاته الحسنة ويجعله يشعر بالغيظ منه.

وعلى الأم والأب أن يعلما أبناءهم أسلوب الحوار، فإذا اختلفوا على شيء فخذه منهم، وأخبرهم أنه يمكن استرجاعه بعد أن يتوصلوا إلى اتفاق وحل، ولا تنخدع بدموع ابنك الصغير؛ لأنه قد يبالغ في بكائه للفت انتباهك، فحاول أن لا تنحاز مع أحد الأبناء ضد الآخر.

وعلى الأم أو الأب التحكم في غضبهما وطريقة وتعبيرات وجههما أمام أبنائهم، فصوتهما العالي وأسلوبهما في التعامل هو انعكاس لما يرونه في البيت، ومن المهم تجنب العنف تماماً في فض الاشتباك.

كذلك الاستماع إلى الطرفين وتعويدهم بالأساس على أن المخطئ يجب أن يعتذر، وتدعيم ثقافة الاعتذار مع مراعاة الفارق العمري بين الأبناء، وعدم التسرع بمعاقبة الابن المخطئ؛ لأن ذلك ينمي بين الأبناء روح الغيظ والانتقام، وقد يقع عقابك على البريء فيشك الطرفان في حكمك في المستقبل، وعدم استخدام كلمات جارحة للأبناء، ويجب مراعاة الدقة في استخدام العبارات.

يجب امتصاص ثورة الغضب بينهم، وتحويل نقمتهم إلى نوع من العمل الإيجابي السليم، كمساعدة الغير أو دعوتهم مساعدة أمهم أو ما شابه.

إن خلاف الأخوة المتكرر يسبب توتراً للوالدين، ويشكل ضغطاً كبيراً عليهما، وهو أمر لا يمكن تجاهله، لذا يجب التعامل مع الموضوع بجدية وحساسية؛ لأن كل مشكلة قد تشكل فرصة ذهبية لتعلم مهارة جديدة، كتدريبهم على أسلوب التفاوض والتسامح وضبط النفس، إلى جانب أهمية علاقة الأخوة في حياة بعضهم البعض.