استمرار الحرب في غزة واتساعها إقليمياً يُضعف منظومة الأمن الدولي
الازدهار في المنطقة مقترن بالأمن وكلاهما معتمدان على إرساء السلام
التمسّك بمبادئ القانون الدولي والكيل بمكيال واحد للحفاظ على الأمن العام
أكد وزير خارجية المملكة العربية السعودية الشقيقة سمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، أهمية حوار المنامة 2024 كمنصة رئيسة للحوار تجمع المسؤولين والمختصين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة أهم القضايا التي تمسّ أمن واستقرار المنطقة، في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى تفعيل أطر فعّالة للحوار وإيجاد حلول للقضايا الأمنية والتحديات المشتركة.
وأشاد في كلمة لسموه، ضمن جدول أعمال حوار المنامة 2024، بجهود البحرين على مدى العقدين الماضيين في احتضان الحوار الأمني الأبرز في المنطقة ودعم نجاحه، وذكر سموه أن المملكة العربية السعودية وأشقاءها لطالما تحلّوا بإرادة سياسية جادّة لإحلال السّلام وتجاوز الأزمات، وأنها التزمت مع شركائها في المنطقة بمسار المصالحة الإقليمية وتعزيز روابط التّعاون وتغليب الحوار، لكن الأزمات والحروب أدّت إلى انحراف المنطقة نحو منعطف خطير يتوجب فيه التحرك المشترك والفعّال لتصحيح المسار، والعودة إلى مسيرة السّلام والتعايش.
وأوضح الوزير، أن المبدأ المُسَيّر لجهود السعودية الدبلوماسية في معالجةِ الأزمات الإقليمية هو خلق حيّز للسلام يطغى على التحديات، ويُحبِط أعمال المُخرّبين، فالمنطقةُ تحتاج إلى البناء وشعوبها تطمح لمستقبل أفضل. وأضاف سموه أن هذا الواقع المأمول قابل للتّحقيق لكنه يَستَلزِم جُهداً والتزاماً مشتركاً، ويحتاج كذلك لإرادة سياسيّة وشَجاعة في اتّخاذِ القرار تترفع عن المصالح الآنِيّة والاعتبارات الضّيقة، مؤكداً أنّ إحلال السلام يحتاج إلى تمكين دولي، ومواجهة حازِمة لجميع الأطراف التي تعرقل جهود تحقيقه، مشدداً أن استمرار الحرب في غزة واتساع نطاقها إقليمياً يُضعف منظومة الأمن الدولي، ويهدد مصداقية القوانين والأعراف الدولية، في ظل استمرار إسرائيل بالإفلات من العقاب واستمرارها باستهداف الأمم المتحدة وأجهزتها.
وشدّد على أنه يتحتم على المجتمع الدولي، تكثيف جهوده للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، ورفع كافةِ القيود على إدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، محذراً من انتشار خطاب الكراهية من جميع الأطراف ومن ضمنها التصريحات التي تهدد بضم الضفة الغربية وتوسيع الاستيطان ومحاربة حل الدولتين.
وقال سموه: «إذا كان المجتمع الدولي مهتماً بحمايةِ ما تبقى من مصداقية قواعده ومؤسّساته، فعليه وضع يده بيد المملكة والدّول الإقليمية الجادّة في السلام، من أجل ترجمة الأقوال إلى أفعال وتَجسيد حل الدولتين على أرض الواقع».
ولفت وزير الخارجية السعودي، إلى تمسّك المملكة بالسلام كخيار إستراتيجي وعبّرت عن ذلك بوضوح منذ مبادرة الملك فهد للسلام عام 1981، ثم مبادرة السلام العربية، ووصولاً إلى القمة العربية الأخيرة في البحرين والقمتين العربيةِ الإسلاميةِ المشتركة المُنعقدتين في الرياض، وإطلاقها بالتعاون مع شركائها «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» الذي يهدف لإيجاد خطوات عمليّة لتجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال، دعماً للسلام وتمسّكاً بالحقّ الأصيل للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره.
وأشار سمو وزير الخارجية إلى أن المملكة ترحب بقرار وقف إطلاقِ النار في لبنان، وتأمل أن تقود الجهود الدولية المبذولة في هذا الإطار إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، بما يحفظ سيادة وأمن واستقرار لبنان ويقويّ مؤسّساته. كما لفت إلى أن استمرار الحرب في السودان وتعطل وصول المساعدات إلى محتاجيها فاقم من الأزمة الإنسانية، مؤكداً ضرورة التوصل لحل سياسي مستدام يضمن سيادة السودان ويحفظ أمنه واستقراره ومؤسساته الوطنية.
ونوه بأن رؤية السعودية 2030 هي حجر الزاوية لطموحاتها في تعزيز مسيرة التنمية وتمكين التحول الاقتصادي والاجتماعي، وتُعَد سياسةُ المملكة الخارجية انعكاساً لأولويّات هذه الرؤية، حيث تسعى لخلق واقع أكثر إشراقًا، يمتد أثره ونفعه للمنطقة ككل، مضيفاً بأنه وإن كانت أحداث المنطقة اليوم تدعو للقلق، إلا أن المملكة تنظر لمستقبل الشرقِ الأوسط بواقع التفاؤل لما تملكه منطقتنا من موقع جغرافي وفرص اقتصادية وموارد غنية.
وذكر أن إطلاق العنان لإمكانات المنطقة وشعوبها يتطلب قاعدة راسخة من الأمن والاستقرار من أجل تعزيز التعاون الإقليمي وتمكين الشراكات الدولية، وتحقيقِ التكامل الاقتصادي. وقال: «نحن على قناعة راسخة بأن انعدام الأمن في المنطقة ليس أمراً حتمياً، بل هو نتيجة للخلافاتْ السياسيةْ التي تسّتدعي حلولاً سياسية.. ونتطلّع لأن تنتهج المنطقة مساراً بديلاً، يتم فيها تغليب المصالح الجامعة والمشتركة على المصالح أو الاعتبارات الضيّقة، بما يشكل نقطة تحول تعطي الأمل لمستقبلٍ أفضل لشعوب المنطقة».
وأوضح أن المؤتمر ينعقد بدورته الحالية في مرحلة حرجة يمر بها النظام الدولي، مع تزايد وتيرة الصراعات والأزمات التي تشتد حدة، مشيراً إلى أن منطقتنا ليست بمعزل عن تطورات البيئة الدولية، والعكس صحيح، فما يحدث فيها من أزمات وصراعات تتعدى آثارها حدود المنطقة، لتؤثر على الأمن والاستقرار الدولي، وتشكّل خطراً على سلامة الاقتصاد العالمي.
وأضاف أن تحقيق الازدهار في المنطقة مقترن باستتباب الأمن، وكلاهما يعتمدان على إرساء أسس السلام الشامل، الذي لن يكون مستداماً إذا أتى على أعقاب القتل، وعلى حساب حقوق أصيلة في دول وشعوب المنطقة.
وأشار إلى أنه لطالما تحلّت المملكة العربية السعودية وأشقاؤها بإرادة سياسية جادة لإحلال السلام، وتجاوز الأزمات، والاستجابة لمتطلبات التنمية والتكامل الاقتصادي.
كما شدّد على أن إحلال السلام يحتاج لتمكين دولي ومواجهة حازمة لجميع الأطراف التي تعرقل جهود تحقيقه، ويحتاج إلى شركاء جادين، منوهاً إلى أن استمرار الحرب في غزة يؤدي لاتساع نطاقها إقليمياً، ويضعف منظومة الأمن الدولي، ويهدد مصداقية القوانين، والأعراف الدولية، في ظل استمرار إسرائيل بالإفلات من العقاب.
وأكد سمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أن التمسك بمبادئ القانون الدولي، والكيل بمكيال واحد، ضرورة للحفاظ على الأمن والاستقرار العام، وخلاف ذلك يؤدي إلى تآكل أسس النظام الدولي ومؤسساته، كما يتحتم على المجتمع الدولي تكثيف جهوده للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، ورفع كافة القيود على إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، والحد من انتشار خطاب الكراهية، ومن ضمنه التصريحات التي تهدّد بضم الضفة الغربية وتوسيع الاستيطان، ومحاربة حل الدولتين».
واعتبر أن حل الدولتين وتحقيق السلام القائم على العدل، وتلبية الاستحقاقات، هو الضامن الوحيد لأمن الجميع ودول المنطقة، بما فيها إسرائيل، وطالب في كلمته إلى تخطي حالة الجمود الذي شاب عملية السلام، على مدى السنوات الماضية، والانتقال من الحديث عن السلام إلى صناعة السلام، وستظل المملكة داعمة لكافة الجهود الجدية والواقعية للتوصل إلى حل عادل وشامل، وقيام الدولة الفلسطينية بالجانب الإسرائيلي على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وجدّد تأكيده، بأن المملكة تدعو إلى ضرورة العمل الجاد لاحتواء التصعيد الإقليمي، وكبح توسع أزمات المنطقة، لتفادي عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي والدولي، وفي هذا السياق، رحبت بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، وتأمل أن تقود الجهود الدولية المبذولة إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، بما يحفظ سيادة وأمن واستقرار لبنان، ويقوي مؤسساته، وإنهاء المعاناة الإنسانية.