ناقشت الجلسة الثانية من النسخة الـ20 لحوار المنامة أمس، قضية الاستجابات السياسية والعسكرية للصراع، حيث أكد وزير الدفاع السنغافوري د.نج إنج هين على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة قائلاً إنه بدون حل الدولتين فلن يكون هناك سلام مستدام، فيما أشار نائب وزير الخارجية الأرميني فاهان كوستانيان إلى رغبة أرمينيا في إيجاد ترابط إقليمي مع دول الخليج للدفع بالسلام وخلق نظام أكثر استدامة، مشدداً على دعم دولته لقيام دولة فلسطينية. وأكد مساعد وزير الدفاع للشؤون الخارجية المصري ولاء أبوالفرج أن مصر تُدخل لقطاع غزة 70% من المساعدات التي تصل عبر موانئها ومطاراتها لكن التعنت الإسرائيلي يتسبّب في إعاقة وصول المساعدات وعودة نسبة كبيرة منها.

وفي بداية كلمته في الجلسة، أعرب وزير الدفاع السنغافوري الدكتور نج إنج هين، عن شكره لحكومة مملكة البحرين على استضافتها الحوار على مدار عقدين، مشيراً إلى أن آخر مرة شارك فيها بحوار المنامة كانت في عام 2016 قبل عقد تقريباً، حيث تغيّر العالم وتضاعفت المتاعب والحروب في غزة ولبنان وأوكرانيا واليمن، فضلاً عن التنافس بين أمريكا والصين، وهو ما يزعزع استقرار العالم.

ورصد هين الأحداث التي شهدها العالم منذ بداية القرن الحادي والعشرين وأحداث الحادي عشر من سبتمبر الذي أطلق الإرهاب الذي يهدد العالم، كما استعرض الحرب على الإرهاب والتكاليف الهائلة التي يدفعها العالم بصورة مباشرة وغير مباشرة، مشيراً إلى استقبال أوروبا لقرابة 13.2 مليون لاجئ، وهو ما أطلق ردود فعل من المواطنين ضد المهاجرين وارتفاع التطرّف.

ولفت إلى ما أسماها الدول الفاشلة التي نتجت عن الصراعات والإرهاب، والأحداث المركبة في العالم التي تطرح سؤالاً حول كيفية الخروج من هذا المأزق، مشيراً إلى أن العبء يقع على خبراء السياسة والشراكة بين الدول. وشدّد على أن الوضع في غزة في حاجة ماسة لوقف إطلاق النار، وقال إن سنغافورة تدعم حل الدولتين باعتباره المسار الوحيد القابل للتطبيق ولكن يجب وقف إطلاق النار لمعالجة الوضع الإنساني، وكذلك وقف النزاع الروسي الأوكراني وتحقيق اتفاق دبلوماسي وحل جذري للمشكلة، خاصة وأن الصراع تجاوز ألف يوم، مختتماً: «نحن بحاجة لتغيير المسار الذي يسلكه العالم، وهناك نقاط تلاقي مشتركة يمكن أن تحدث ذلك التغيير».بدوره، أكد نائب وزير الخارجية الأرميني فاهان كوستانيان أهمية الحلول السياسية المستدامة في النزاعات الدولية، وإيمان دولته بالحوار والدبلوماسية في حل مختلف القضايا، فيما عبّر عن امتنانه لحكومة مملكة البحرين للدعوة الكريمة التي وجهت له لحضور هذا الحدث المهم، منوهاً بأهمية جهود المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تعزيز الحوار الدولي على مدار عشرين عاماً. وقال إن «الموضوع الذي يجمعنا اليوم تحت عنوان «الاستجابات السياسية والعسكرية للنزاعات» قد تمّ تعديله بإضافة كلمة «العسكرية»، ولتوضيح أهمية البحث عن حلول للنزاعات التي لم تعد الطرق التقليدية تنجح في معالجتها وهي انعكاس للتغيرات السياسية والعسكرية المتسارعة التي تمر بها المنطقة»، مؤكداً أن الحلول العسكرية ليست حلولاً مستدامة، وعلى الأطراف المعنية السعي نحو حلول سياسية، مشيراً إلى إيمان دولته بهذا المبدأ وقال: «على الرغم من صعوبة الوضع، فإن الأمر يتطلّب شجاعة سياسية لتطبيقه، وفي ظل الظروف التي نعيشها، فمن الضروري الالتزام بالحلول السياسية والانتقال إلى استجابات سياسية وعسكرية واقتصادية». وفي كلمته أعرب مساعد وزير الدفاع المصري ولاء أبوالفرج عن سعادته بالمشاركة في حوار المنامة، فيما حذّر من تطورات الوضع الأمني في المنطقة والتي تؤثر على الاستقرار، قائلاً إن «مصر تواجه انعدام الاستقرار في دول الجوار على جميع الجهات، سواء من جهة الغرب في غزة، أو جنوباً في السودان وفي الشرق من ليبيا، والبحر الأحمر، حيث تستمر التحديات التي تهدد الأمن الإقليمي وتستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية المنطقة».وأوضح أبوالفرج أن الوضع يتطلّب تحركاً سريعاً ومستداماً من جميع الأطراف وحلولاً شاملة وفعّالة وتنسيقاً متبادلاً لضمان الأمن والاستقرار، وقال: «علينا أن نكون أكثر مسؤولية في معالجة الأزمات المتتالية وأن نتخذ خطوات ملموسة لمواجهة التحديات الأمنية التي تهدد الأمن القومي والإنساني، كما يجب أن تكون الأمم المتحدة جزءاً أساسياً في حل النزاعات، وأن يعمل المجتمع الدولي بشكل جاد لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمات الحالية». وأوضح أنه يجب العمل على بناء قدرة المجتمعات المحلية على مواجهة الضغوط الأمنية وتحقيق التنمية المستدامة، مؤكداً أن السلام ليس مجرد توقف للحروب، بل هو عملية مستمرة تتطلّب من الجميع التعاون والعمل معاً لتحقيق الاستقرار والأمن لجميع الدول، منوهاً لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل واستقراراها باعتبارها نموذجاً للسلام المستدام. وأشار مساعد وزير الدفاع المصري إلى التأثيرات السلبية للصراعات الحالية على الاقتصاد المصري، حيث تأثرت حركة الملاحة في قناة السويس بشكل كبير، وانخفض العائد الاقتصادي من القناة بنسبة تصل إلى 60%، مشيراً إلى التغير الذي تشهده طبيعة الصراعات الحالية بسبب ظهور المخاطر السيبرانية وانتشار ظاهرة تجنيد المرتزقة والأجانب، وظاهرة عدم احترام الشرعية الدولية، مما يضيف أعباءً كبيرة على الأمن الإقليمي والعالم.وحول الأزمة في البحر الأحمر والتهديدات الحوثية لحركة الملاحة، قال أبوالفرج: «لقد تركنا صلب الموضوع وهو وقف إطلاق النار في غزة، ونناقش مواجهة التهديدات، لأن الحوثيين يتخذون العدوان في غزة ذريعة، ولذلك يجب بداية وقف إطلاق النار ومن ثم نتحدث عن المفاوضات والسيناريوهات المقترحة». وبشأن المساعدات الإنسانية لغزة، أوضح أن مصر تتلقى المساعدات من كافة دول العالم باستخدام ميناء العريش البحري والجوي وتصل نسبة المساعدات التي تدخل من معبرين 70% من المساعدات التي تتلقاها مصر، ولكن تعنّت الجانب الإسرائيلي عنيف جداً وكثير من المساعدات تدخل ثم تعود لأسباب واهية.