أميرة صليبيخ
سنودع العام الجاري قريباً، محمّلين بالكثير من الذكريات والتجارب، تشوبها المشاعر المختلطة الغريبة المتراوحة بين الألم والسعادة، ويبقى الأمل باسط ذراعيه بالوصيد، لأن لنا رب -نعلم علم القين -بأنه لن يخيب آمالنا.
ولو سألني سائل ما الذي سآخذه معي في عامي الجديد وأتبناه في كل أيامي، فلن أتردد في القول بأني سأحمل معي (الامتنان). فهو أجمل الممارسات التي تقترن بها عباداتنا وتتمحور حولها الحياة، وهو الأمر الذي لو التزمنا به بوعي تام سيكون قادراً على تغيير كيميائية عقولنا، ويجعلنا في النهاية نتقبل جميع ما نمر به بصدر رحب وتسليم تام لله. فإلى جانب كونه عبادة عظيمة، هو أيضاً تمرين ذهني يساعد في توجيه بوصلة أذهاننا نحو الإيجابية والأمل ويعيد ضبط توازننا ويذكرنا دائماً بأن ما يحدث لنا إنما هو خيرة، حتى نلتمس مع الوقت النعم في حياتنا ونستشعر لطف الله بنا في كل الأحوال، فلطفه يقف خلف كل شوكة توجعنا، وكل بهجة تغمرنا.
ولا تكتمل ممارسة الامتنان أو عبادة الحمد إلا بالتأمل لأنهما يكملان بعضهما. فبدون التأمل لن تدرك عمق النعم والرحمة التي تغرق بها يومياً دون أن تشكر الله عليها.
ولو فكرت قليلاً، سأرغب في أن آخذ معي شغفي تجاه الأشياء الجديدة، من كتب، أفلام، هوايات، عادات. فلو لا اتقاد الشغف في دواخلنا أعتقد بأننا كنا أموات منذ وقت طويل، فلا الحياة لها طعم ولا الأيام لها معنى، ستصبح مثل الخط المستقيم في جهاز الإنعاش.
وحتى تحافظ على هذه الشعلة عليك أن تغذيها لتكون متقدة وقوية. وخير ما تفعله هو أن تعيد اكتشاف نفسك واهتماماتك وهواياتك. الحياة أكبر من أن تحبس نفسك في أطر معينة وتعيش وفقها. من أجل ذلك خلق الله في نفوسنا الشغف وخلق للطيور الأجنحة حتى نتعلم أن نبتعد عن الأماكن التي ألفناها ونبحث عن الحياة في أماكن أخرى أكثر جدارة بالعيش.
سأحاول أيضاً أن أمارس التدوين أكثر حتى أتذكر أنني على قيد الحياة وحتى لا أفرط ببناتي: (أفكاري). فكثير من الأفكار القيمة نفقدها لأننا نعتقد بأن الذاكرة قادرة على استعادتها في وقت لاحق فنفقدها ونفقد جزءاً أصيلاً من تكويننا وشعورنا وانطباعنا تجاهها، ولو كتبناها لربما كنا قادرين على فهم أنفسنا بصورة أفضل.
فأنت لست الشخص ذاته قبل أيام أو حتى ساعات!هناك الكثير لنأخذه معنا في عامنا الجديد، وكل شخص لديه قائمة طويلة من الآمال، وربما عليك منذ الآن البدء في حصرها.