أمل محمد أمين
يقول الله تعالى في كتابه الكريم"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" وتحمل تلك الآية الكثير من المعاني الإنسانية والاجتماعية التي توضح الأسس التي تقوم بها أقدس علاقة تقوم عليها الحياة وهي العلاقة الزوجية..
والمتأمل للآية القرآنية يجد أن الله يجعل من المرأة سكناً للرجل والسكن هو المستقر وحيث يشعر الرجل بالهدوء والسكينة والطمأنينة بعد التعب من العمل وضغوط الحياة ومصاعبها.. وحدوث هذه السكينة يتطلب من المرأة العديد من الصفات منها الصبر والحب والتضحية والتفهم والتقدير الدائم لمشاعر زوجها..وبالتبادل فإن على الزوج أن يمنح زوجته الإحساس المستمر بالأمان والاستقرار وأنها شريكة حياته..وهو ما يخلق علاقة مبنية على المودة والرحمة كما وصفتها الآية الكريمة..
ولكي يستطيع الزوجان بناء هذه العلاقة فلابد من التواصل المستمر بينهما وحل الخلافات فور حصولها لأن حصول تراكمات يزيد من الفجوة بينهما وكثرة الصمت تصل بهما إلى الانفصال العاطفي وبالتالي الطلاق مع تزايد حدة الصراع وشعور كل منهما بعدم احترام الآخر لوجهة نظره..
وهنا سأضع مجموعة من النصائح للزواج الناجح كما يراها الخبراء
يقول إيلي فينكل، أستاذ علم النفس الاجتماعي، ومدير مختبر العلاقات والدوافع في جامعة نورث وسترن، ومؤلف كتاب "زواج كل شيء أو لا شيء": "إن التوقعات ضرورية، وإذا لم تكن تتوقع أموراً جيدة، فمن المرجح أنك لن تحصل عليها، يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا فيما يتعلق بالأمور الضرورية لنا لإنجاح الزواج، وعلينا أن نركز عليها، ونترك الأمور الأخرى". لكن، كما يقول، فإنه لا ينبغي تنحية هذا الهدف جانباً عند مواجهة الزوجين أي نزاع، لأن لكل شريك الحق في عدم الاتفاق، وفي أن يكون غير مثالي.
يقول فينكل: "من المفيد التفكير في الصعوبات، ليس فقط باعتبارها ظروفاً مزعجة لكل منا فإن الواجب تحملها، ولكن أيضاً باعتبارها فرصاً للتعلم عن بعضنا البعض ولتعميق العلاقة.
وبحسب فينكل فإن نجاح العلاقة الزوجية يقوم على الاحترام المتبادل.
وينطوي الاحترام على تقدير كينونة الشريك وآرائه وشخصه، ويظهر في التصرفات بصورة جليَّة وواضحة، فالاحترام هو الذي يدفع الزوجين للتكلم بصوت خفيض حتى في أثناء احتدام المواقف، وهو الذي يمنعهما من التلفظ بالشتائم في المجادلات، وهو الذي يدفع كل منهما إلى إكرام ذوي الآخر والترحيب بهم.
ومن مظاهر الاحترام أيضاً أن يلقي الزوجان التحية على بعضهما في الصباح وعند أي لقاء، والدعاء بالسلامة والتوفيق عند الخروج من البيت، وهو الشكر على أداء الواجبات مهما كانت بسيطة، وهو الاعتذار عن الأخطاء التي قد يتعرض أي شخص للقيام بها، وطرق الباب المغلق قبل الدخول، وهو أيضاً الصمت في المواقف التي يكون الكلام فيها غير مجدٍ، كما أنَّ تعامل الزوجين باحترام مع بعضهما بعضاً يورِّث أبناءهما هذه الصفة، ممَّا يساهم في إنشاء مجتمع مبني على التقدير والاحترام و هذا يتيح للأبناء فرصة النمو في جوٍّ يسوده الحب، فينشؤون مُشبعي الاحتياجات العاطفية والنفسية، أمَّا غياب المودة بين الزوجين، فهو يجعل الشريك كأي إنسان آخر لا تربط الآخر به أيَّة عواطف، وهذا ما يصعِّب على الشريك تقبُّل زلات شريكه وغفر أخطائه ومن الضروري أن لا يُكلِّف الزوج زوجته بما ليس لها طاقة به، ولا تطلب الزوجة من زوجها ما يفوق مقدرته ولا يستطيع احتماله.
ومن أهم أسباب نجاح الزواج الاعتراف بمجهود الآخر، وتقديم الاهتمام والدعم في لحظات الضعف والحوار والنقاش المتبادل مع التغافل وتقبُّل الزلات والحفاظ على خصوصية كل طرف للآخر..
وتظل أُسس الزواج الناجح في الإسلام التي بدأنا بها هي أقوى المعايير والقواعد للزواج الناجح التي يساهم التقيُّد بها في الحصول على حياة زوجية مستقرة وآمنة، ومفعمة بالدفء ومشاعر السكينة والمودة، وهذا ما ينعكس بدوره على تربية الأبناء، ويساهم في تنشئة أشخاص أسوياء متوازنين، يكونون حجر أساس في بناء مجتمع متحاب متفاهم.