أيمن شكل

تشارك مملكة البحرين، بقيادتها الحكيمة وحكومتها وشعبها، دولة قطر الشقيقة فرحتها بمناسبة عيدها الوطني الثالث والأربعين، ويظهر ذلك بجلاء في عمق العلاقات التاريخية والأخوية الراسخة التي تجمع البلدين منذ استقلالهما في عام 1971، وعاماً بعد آخر تأتي هذه الاحتفالات المتزامنة والمتقاربة بين البلدين في أيام الأعياد الوطنية، لتؤكد وشائج القربى المتينة بين البلدين والمصير المشترك في الماضي والحاضر والمستقبل، بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين في تعزيز مسيرة البناء والتقدم والتطور ويعكس وحدة المصير والمصلحة المشتركة.

يعود الفضل في هذا النهج إلى السياسات الرشيدة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم، وأخوه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، إذ تشهد العلاقات البحرينية القطرية يوماً بعد آخر نمواً في محددات التكامل والوحدة، على طريق مجلس التعاون لدول الخليج العربي الذي يسعى لربط دول المجلس ببعضها البعض وتمتين العلاقات استناداً للروابط التاريخية العريقة بين شعوب المنطقة أجمع، وبالأخص الشعب القطري الشقيق.

ويمثل تحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية هدفاً أساسياً لازماً لمسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أثمرت القرارات التي اتخذتها دول مجلس التعاون خلال الأعوام الماضية، في الدفع بفكرة المواطنة الاقتصادية الخليجية نحو أرض الواقع وتحقيق الاستفادة القصوى لمواطني دول المجلس التعاون.

وتمنح تلك القرارات حقوقاً واسعة لمواطني الدول في تيسير تنقلهم بين دول الأعضاء وإقامتهم فيها وللالتحاق بالمدارس الحكومية، والعلاج في المستشفيات الحكومية، وتملك العقار والمساواة حين العمل في القطاعين العام والخاص مع توفير المظلة التأمينية، وكذلك التمتع بحق ممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والحرف في أي دولة من دول الأعضاء، بالإضافة لشراء وتداول الأسهم وتأسيس الشركات المساهمة وغير ذلك.

وتشير البيانات الإحصائية في جميع مجالات السوق الخليجية المشتركة بصورة شاملة ومفصلة عن مدى استفادة مواطني دول مجلس التعاون من قرارات السوق الخليجية المشتركة، وترجمت هذه البيانات مدى عمق العلاقات بين البحرين وقطر.

وليس أدل على العلاقة الأخوية المتجذرة من الأرقام، حيث سجلت إحصائيات دخول وخروج الأفراد من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي لدولة قطر خلال عام 2023، دخول أكثر من 140 ألف بحريني، وخروج أكثر من 141 ألف بحريني، وذلك بالمقارنة مع دخول قرابة 85 ألف بحريني وخروج 82 ألف خلال العام 2022، وهو ما يؤشر على العلاقة الحميمة والحب والود المتبادل ونمو الزيارات الأخوية بين الشعبين.

كذلك يبلغ عدد الطلبة البحرينيين الدارسين في التعليم العالي بدولة قطر خلال العام الدراسي 2022-2023، من الذكور 144 طالباً، ومن الإناث 154 طالبة، وفي التعليم العام "المرحلة المتوسطة الإعدادية"، 93 طالباً و106 طالبات لنفس الفترة الدراسية، بينما في المرحلة الثانوية، 76 طالباً و80 طالبة.

ويستفيد المواطن البحريني من الخدمات الصحية في مستشفيات دولة قطر حيث بلغ عدد المترددين على المراكز الصحية والمستشفيات خلال عام 2022، قرابة 8 آلاف بحريني، وكان عدد المشمولين بالخدمات الاجتماعية من البحرينيين 10 مواطنين، وعدد المشمولين في التأمين الاجتماعي 196 بحرينياً وعدد المشمولين بالتقاعد 251 بحرينياً وذلك خلال العام 2023.

وتمثل العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين أهمية استراتيجية لأمن واستقرار المنطقة والشرق الأوسط، وتتسع لتعبر عن رؤى أصحاب الجلالة والسمو في القضايا الإقليمية والدولية، ووحدة المواقف في جميع الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حيث تسعى دول مجلس التعاون إلى الوصول لاستقرار وأمن مستدام في المنطقة، وهو أمر يعمل على تحقيقه كل من حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وصاحب السمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني.

ويأتي ذلك عبر تفعيل الزيارات الرسمية وتكثيف الاتصالات لدفع عملية السلام في المنطقة وإيجاد حلول ناجعة للتحديات الإقليمية والدولية، وقد كان للتعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات الأثر الكبير في تعزيز وحدة الصف الخليجي والعربي، ودعم الوحدة والتماسك الإقليمي.

وعلى الصعيد الاقتصادي فإن التاريخ العريق بين البلدين يسجل مراحل محورية في تعزيز الاستثمارات وفسح المجال أمام رجال الأعمال والمستثمرين من البلدين للعمل بأريحية في السوق دون عوائق، وذلك منذ زمن بعيد وممتد عبر تاريخ شعوب المنطقة والبلدين على وجه الخصوص.

وتشهد العلاقات الاقتصادية بين البحرين وقطر نمواً مطّرداً حيث بلغ حجم التبادل التجاري مؤخراً أرقاماً قياسية تعكس الأهمية المتزايدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، فوفقاً لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، سجّل التبادل التجاري بين البحرين وقطر ارتفاعاً في الربع الأخير من 2023 بزيادة 136% عن الفترة ذاتها من 2022، ليصل إلى 33 مليون دولار، مقابل 14 مليون دولار لذات الفترة من العام 2022.

وواصلت المؤِشرات ارتفاعها، حيث أكد التقرير الفصلي الاقتصادي الذي أصدرته غرفة تجارة وصناعة البحرين، أن حجم التجارة بين مملكة البحرين ودولة قطر في الربع الأول من العام الجاري "2024"، قد شهد نمواً بلغت نسبته 294% على أساس سنوي وبإجمالي 73 مليون دينار.

كذلك سجل تقرير الغرفة للربع الثاني من 2024، ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البحرين وقطر بنسبة 829% وذلك بالمقارنة بين الربع الثاني من 2023، والربع الثاني من 2024، إذ ارتفعت إلى 115.9 مليون دولار.

كما تظهر الأرقام توسعاً مطّرداً في نطاق الاستثمارات المتبادلة بين البلدين يواصل رجال الأعمال والمستثمرين، توسعة هذه الاستثمارات المتبادلة مستغلين الفرص المتاحة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي في جميع بلدان المجلس والتي تتيح للمستثمرين ورجال الأعمال أنشطة متنوعة وفرصاً استثمارية واعدة وهذا ما وجده رجال الأعمال من مملكة البحرين في دولة قطر الشقيقة وبالعكس.

وبحسب تقرير المجلس الوطني للتخطيط في دولة قطر الشقيقة، فقد حققت الدوحة 20.1 مليار ريال فائضاً في الميزان التجاري لشهر يوليو 2024، حيث بلغت قيمة إجمالي الصادرات القطرية (التي تشمل الصادرات ذات المنشأ المحلي وإعادة التصدير) 30.2 مليار ريال قطري تقريباً أي بارتفاع نسبته 3.9% مقارنة ببيانات شهر يوليو عام 2023، وبارتفاع نسبته 2.5% مقارنة بشهر يونيو عام 2024، كما ارتفعت قيمة الواردات السلعية خلال شهر يوليو عام 2024، لتصل إلى نحو 10.1 مليار ريال قطري بارتفاع نسبته 6.8% مقارنة ببيانات شهر يوليو عام 2023، وبارتفاع نسبته 1.8% مقارنة بشهر يونيو عام 2024، وحقق الميزان التجاري خلال نفس الفترة فائضا مقداره 20.1 مليار ريال قطري، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 0.5 مليار ريال قطري أي ما نسبته 2.5%.

ويبرز تقرير المجلس الوطني للتخطيط بدولة قطر عدد المواطنين البحرينيين الذين اشتروا عقارات، حيث كان العدد في عام 2016، قرابة 49 بحرينياً، وبلغ في العام الماضي 112 بحرينياً، فيما بلغ عدد التراخيص الممنوحة للبحرينيين لممارسة الأنشطة الاقتصادية في قطر 169 ترخيصاً عام 2022، كما بلغ عدد المساهمين البحرينيين في الشركات المساهمة المسموح تداول أسهمها في بورصة قطر 18894 مساهماً.

وتؤكد كل هذه المؤشرات على عمق العلاقات بين البلدين ونموها عاماً بعد آخر، بفضل من الله تعالى وحكمة القيادتين الرشيدتين في البلدين الشقيقين، فيعبر الشعب البحريني اليوم عن فرحته بالعيد الوطني لدولة قطر الشقيقة، معتبراً اليوم الوطني القطري، عيداً بحرينياً تتلاقى فيه قلوب الأشقاء فرحاً وسعادة.