بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، حذّرت الشاعرة والإعلامية د. بروين حبيب من انحدار مستوى لغة الضاد لدى الأجيال الجديدة، واستبدالها بمزيج "ماسخ وسخيف" من الكلمات العامية والإنجليزية والفرنسية، المكتوبة جميعًا بأحرف لاتينية وأرقام، وهو ما يطلق عليه البعض ظاهرة " الفرانكو آراب".

ويقصد بتلك الظاهرة كتابة كلمات، من العربية غالبًا، إلا أن الحروف المستخدمة في الكتابة هي الحروف والأرقام اللاتينية بطريقة تشبه الشيفرة، فمثلاً رقم (7) يمثل الحرف (ح)، والرقم (3) يمثل الحرف (ع)، والرقم (2) يمثل الهمزة (ء).

وروت الشاعرة البحرينية أنه أثناء حضورها فعاليات "مهرجان بيروت الدّولي لسينما المرأة"، مؤخرًا، في لبنان، احتاجت ذات مرة لمساعدة تقنيّة متعلّقة بحاسوبها، فأرسلت رسالة نصيّة إلى أحد الشّباب المتخصّصين تشرح فيها مشكلتها، فأجابها كتابة: "don’t worry ma7loule ce soir b5alesa".

استعانت د. بروين بصديقة فكّكت لها "الشيفرة" التي كانت ترجمتها: "لا تقلقي، المسألة محلولة، هذا المساء أنهيها".

هنا شردت الشاعرة والإعلامية لتفكر كيف للبنان الذي أنتج معاجم عربية رائدة، مثل "المنجد" للويس معلوف، و"محيط المحيط" لبطرس البستاني، وأنجب نجوم الأدب، مثل: جبران، وميخائيل نعيمة، والأخطل الصغير، أن يجيبها فيه شابّ بهذه "الجملة-المسخ" التي تتضمن خليطًا في النطق بين الإنجليزية، والفرنسية، والعاميّة، وخليطًا في الكتابة بين الأحرف اللاتينية والأرقام.

وتضيف: "لا مشكلة لديّ في الكتابة بلغة أجنبيّة إن كان الإنسان يتقنها، وإن كنت أفضّل بل أحرص على الكتابة بالعربيّة ولو كانت عاميّةً إن كنت أخاطب من يتحدّث بها، ولكن ما المبرّر لاستعمال هذه الطّلاسم والأرقام البديلة عن الحروف في تراسلنا ما دام الجوّال، والحاسوب، والإنترنت، تدعم الكتابة العربية".

وشددت على أنها تتفهّم رغبة الشباب في معرفة الإنجليزية باعتبارها لغة التكنولوجيا والحضارة الحديثة، ويكاد يعدّ من يجهلها أمّيًّا في عصرنا هذا، لكن أن نحتقر اللغة العربية ونشعر بالدّونية والنّقص منها، فهذا انتقاص من الهويّة، وضعف شخصية يجب تحصين الشّباب منهما.

ولفتت إلى أهمية الاقتراب من الشباب وتفهمه وزرع بذرة الاعتزاز بلغته في نفسه مع الابتعاد عن الطرق البالية التّلقينية، وإقحام اللغة العربية في صلب اهتماماته بطرق غير تقليدية.

ويحل، اليوم الأربعاء، ذكرى الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية والذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام وهو نفس التاريخ الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة "لغة الضاد" ضمن اللغات الرسمية للهيئة الأممية العام 1973.

ورغم الأهمية الكبرى للعربية من حيث عدد الناطقين بها والذين يقدر عددهم بنحو 450 مليون شخص، فضلاً عن أنها تتمتع بصفة رسمية في 25 دولة، إلا أنها تواجه واقعًا صعبًا، وتحديات هائلة، وأزمات متنوعة.

وتتمثل أولى ملامح هذا الواقع المأزوم في تلك الحقيقة الصادمة التي تظهر أن نسبة المحتوى العربي على شبكة الإنترنت لا يتجاوز 3% فقط، مما يجعل طرح قضية " التمكين الرقمي" للعربية أمرًا حتميًا بهدف استعادة حضورها عبر الفضاءات الإلكترونية.

وسادت العربية لقرون طويلة باعتبارها لغة عالمية للعلوم والآداب والسياسة، وأثرت بشكل مباشر في لغات أخرى، مثل: التركية، والفارسية، والكردية، والألبانية، والأوردية، وبعض اللغات الأوربية.

في المقابل، تراجع حضورها، حاليًا، بشكل مخيف داخل المؤسسات التعليمية المختلفة، من دور الحضانة حتى الدراسات العليا، لصالح الإنجليزية والفرنسية وغيرهما من اللغات التي باتت تحرص عليها الأسرة العربية باعتبارها "لغات حية" تضمن مستقبلاً جيدًا لأبنائها.

وأصبح التوجه "الأنجلو – ساكسوني" و نظيره "الفرانكفوني" صاحب الغلبة في الحياة الاجتماعية للعرب، من حيث استخدام اللغات الأجنبية في الحياة اليومية، سواء على ألسنة الأفراد أوفي أسماء المحال، والمقاهي، والبرامج التلفزيوينة.

وتعاني لغة الضاد من جهل الأجيال الجديدة بها ونفورهم مما يقال حول صعوبتها، وهو ما يتوازي، بشكل كبير، مع طغيان اللهجات العامية، والمحكيات المحلية في هذا البلد أو ذاك.

ويؤكد خبراء مختصون أن تدريس اللغة العربية في المدارس والمعاهد والجامعات يعاني من فقر الخيال، واللجوء إلى الأساليب القديمة، وعدم الابتكار، مما يجعل فرص الإبداع والنبوغ في هذا المجال ضعيفة.