إيمان عبدالعزيز
تعجز الكلمات عن التعبير عن وصف عراقتها، فهي المحرق التي عرفت منذ أن خلقت بأنها واحة ممتدة للعطاءات الثقافية والأدبية والتراثية، بما تحتويه من مساجد لها تاريخها ومدارسها النظامية ومعمار بيوتها الأثرية التي عاصرتها الأجيال البحرينية على مر الأزمان، ولاتزال صامدة أمام العمارة الحديثة إلى يومنا هذا، حيث ولد على ترابها كبار الأدباء والساسة والمفكرين والكتّاب من روّاد العلم والفن والأدب والثقافة، الذين أرسوا مبادئ العلم لينهل منه الأبناء، وقد كان ذلك إيذاناً لقيام الدولة الحديثة ونهضتها.
وكان اقتصادها أيضاً عامراً بحركة النشاط التجاري بوجود سوق المحرق، الذي يعتبر من أشهر الأسواق البحرينية والوجهة الرائدة للسياح العرب والأجانب لما له من تاريخ عريق ومبانٍ لها قصص وذكريات، وأيضاً الأسواق الأخرى مثل سوق القيصرية، وسوق التجار، وسوق الذهب، وسوق التمور، وسوق الحلوى البحرينية، الذي لا يمر أحد من الزائرين والسياح به إلا وتلذذ بطعم الحلوى وكانت على قائمة المشتريات.
وبين أرجاء هذه الأسواق تقع المقاهي القديمة التي مر عليها أكثر من 60 عاماً، حيث يجلس أهالي المحرق ويتبادلون الأحاديث وذكريات الماضي والحنين إلى السوق بتراثه التليد.
بكل ما تحمله المحرق من دواعي الفخر والاعتزاز لما تضمّه على أرضها من صروح تاريخية شامخة، ومراكز حضارية تنطق بكل الأزمنة، جاء مهرجان "ليالي المحرق" بنسخته الجديدة هذا العام، ليثري ليالي ديسمبر بأخذ الزوار من جميع الفئات العمرية إلى رحلة ممزوجة بين أصالة الماضي، وابتكار الحاضر الزاخر بالأنشطة الإبداعية والفعاليات في مسار اللؤلؤ، والأحياء القديمة والبيوت العريقة، مثل بيت سيادي وفخرو، وجمشير، وغيرها في أجواء أصيلة متغنية بصوت الطرب الجميل الذي قدمته الفرق الغنائية ضمن الفعاليات المصاحبة.
كما استعرض المهرجان أيضاً للزوار من جيل اليوم أبرز المقتنيات الخاصة برجالات المحرق الكرام، التي تسرد حكايات كفاحهم ودورهم في نهضة البحرين وتطورها.
فالمحرق بإرثها التاريخي، جديرة بأن توسم بعاصمة الثقافة الإسلامية الذي نالته عام 2018، ذلك بفضل الجهود المستمرة التي توليها هيئة البحرين للثقافة والآثار في سبيل احتضان كل ما يخدم البيئة التراثية، ويصون تقاليد البلاد من الاندثار، لتبقى المحرق هوية خالدة تمثل عراقة البحرين للأجيال اللاحقة.