عبدالله إلهامي | تصوير سهيل الوزير
اليوم الوطني الـ95 مناسبة نستذكر فيها تاريخ المملكة العريق وطموحنا لا حدود له
مجلس التنسيق السعودي البحريني يعزز التعاون.. و"التنفيذية" تجتمع الشهر المقبل
العام الماضي.. 32 مليون مسافر عبّروا جسر الملك فهد ثاني أكبر معبر في العالم
مشروع جسر الملك حمد في مراحله النهائية.. والإعلان عن الخطط قريباً
مدينة الملك عبدالله الطبية صرح إقليمي عالمي تمّ إنجازه في فترة قياسية
إطلاق مشاريع كبرى عبر الصندوق السعودي البحريني للاستثمار برأسمال 5 مليارات دولار
الطلاب السعوديون في البحرين.. حضور أكاديمي يعكس عمق الروابط بين الشعبين
«أنا واحد منكم وفخور بأني منكم»... بهذه الكلمات التي حملت أصدق معاني الأخوّة الراسخة والمودة، خاطب سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة البحرين نايف بن بندر السديري أشقاءه البحرينيين عبر «الوطن»، مؤكداً أن ما يجمع الشعبين السعودي والبحريني يتجاوز العلاقات الدبلوماسية إلى وحدة الروح والمصير.
وفي إطار الاحتفاء باليوم الوطني السعودي الـ95 الذي يُقام هذا العام تحت شعار «عزنا بطبعنا»، شدّد السفير السديري على أن هذه المناسبة ليست مجرد ذكرى وطنية، بل محطة نستحضر فيها تاريخ المملكة العريق وتؤكد أن الطموح لا يعرف حدوداً، مشيراً إلى أن رؤية 2030 في المملكتين تشكّل مساراً تكاملياً للنهضة الشاملة، يترجمها مجلس التنسيق السعودي البحريني الذي تعقد لجنته التنفيذية اجتماعها المقبل لتعزيز التعاون في مختلف المجالات.
وفي حواره مع «الوطن»، استعرض السفير أبرز ملامح الشراكة بين الرياض والمنامة، من عبور 32 مليون مسافر العام الماضي عبر جسر الملك فهد ثاني أكبر معبر في العالم، إلى مشروع جسر الملك حمد الذي دخل مراحله النهائية، مروراً بإنجاز مدينة الملك عبدالله الطبية كصرح إقليمي عالمي في فترة قياسية، ووصولاً إلى إطلاق مشاريع كبرى عبر الصندوق السعودي البحريني للاستثمار برأسمال 5 مليارات دولار.
كما توقف عند الحضور الأكاديمي المتميز للطلاب السعوديين في البحرين كجسر ثقافي واجتماعي، واعتبر أن استعداد البحرين لدخول مجلس الأمن للمرة الثانية «شيء يُحسب لها»، مؤكداً أن هناك تنسيقاً يومياً بين الرياض والمنامة في القضايا الإقليمية والدولية.
وفي القضايا العربية، أكد السفير السديري أن المملكة متمسكة بحل الدولتين للقضية الفلسطينية، وأن البحرين تلعب دوراً محورياً في دعمها، مشيراً إلى أن العمل الخليجي المشترك يظل في الطليعة، فيما تحضر الدبلوماسية السعودية بقوة في الأمم المتحدة. كما لفت إلى أن السعودية والأشقاء العرب يدعمون سوريا للعودة إلى مكانها الطبيعي، فيما يتعزز الأمن العربي برسائل السلام السعودية، مستشهداً بقول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: «الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة».
في إطار الاحتفال باليوم الوطني السعودي الخامس والتسعين والذي يحمل شعار "عزنا بطبعنا"، التقت صحيفة الوطن سفير المملكة العربية السعودية نايف بن بندر السديري في مكتبه بالسفارة.
وإلى نص الحوار:
عزنا بطبعنا
"الوطن": شعار اليوم الوطني السعودي مميّز "عزنا بطبعنا" ما هو سرّ هذا الشعار؟
السفير: أولاً شكراً طبعاً على الزيارة الكريمة، ولم أستغرب على جريدة الوطن وما تتميز فيه، تحدثنا أنها مصدر مهم في المعلومة الموثوقة والمتميزة.
اليوم الوطني الـ95 هو يوم نستذكر فيه تاريخ المملكة العربية السعودية، ونحن أيضاً في مملكة البحرين الغالية والحبيبة نستذكر أيضاً تاريخ المملكة العريقة والنبيلة بقيادتها وشعبها، فكما عودونا قيادتنا ممثلة بمولاي خادم الحرمين الشريفين وأخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظهما الله، بأن طموحنا ليس له حدود، بمتابعة من سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وأخي صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد.
ومتابعتهم ومثابرتهم لتحقيق الأهداف المنشودة، ونحن متطابقان في الرؤية 2030 أيضاً، تجعل من الشعبين الشقيقين في حراك دائم، متفائلَين دائماً إن شاء الله بالمستقبل، بأن يكون بالحجم والطموح الكبير.
ونربطها بذكرى اليوم الوطني ونرى ما حققنا وما سوف نحققه إن شاء الله في المستقبل، على الرغم من الظروف والتحديات الاقتصادية، ولكن بهمم وسواعد شباب المملكة العربية السعودية وإخوانهم في مملكة البحرين إن شاء الله نحقق الأهداف المرجوة.
تطابق الرؤى بين المملكتين
"الوطن": تطرّقتَ سعادة السفير إلى "رؤية 2030" تتشارك فيها البحرين والسعودية، هذه نقطة تحول تشهدها السعودية ونقطة تحول تشهدها البحرين، من خلال منظوركم اليوم سعادة السفير، كيف ترون حجم النهضة والتنمية الحاصلة اليوم سواء في السعودية أو في البحرين انطلاقاً من هذه الرؤيتين؟
السفير: بطبيعة الحال، كما يقال: "الشمس ما تغطى بغربال". النهضة الشاملة التي تعيشها المملكة العربية السعودية والنهضة المشابهة التي تعيشها مملكة البحرين في الحقيقة، واقع مشرّف ومتميز ويرفع الرأس، ونحن فخورون به، ولكن يجب أن لا نستكين، يعني الرؤية لها أهداف يجب تحقيقها، وبعون الله من الآن لغاية 2030 وبعدها، هنالك خطط طموحة قادمة في مملكة البحرين.
وجسّد المجلس مفهوم التكامل والتطابق بين المملكتين الشقيقتين برئاسة وليي العهد للبلدين، وتنبثق من المجلس عدة لجان تبحث في كافة المواضيع، لإيجاد نوع من التكامل.
وبالنسبة لمملكة البحرين وضعنا شعاراً لليوم الوطني بالنسبة لمملكة البحرين على مبنى السفارة "محبة وتكامل" في اليوم الوطني، ولا تكفي المحبة فقط بل نتطلع إلى التكامل الشامل في جميع المجالات الاقتصادية والسياسة، وفي النواحي الاجتماعية وغيرها.
والتكامل يجعل منا أكثر قوة، ناهيك عن التكامل أيضاً في إطار مجلس التعاون الخليجي، ولكن تكامل المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين فريد من نوعه، ولا يوجد له مثيل في العالم.
مجلس التنسيق
"الوطن": مجلس التنسيق السعودي البحريني شكّل مرحلة جديدة في العلاقة المشتركة بين البحرين والسعودية، ما أبرز الملفات التي تعتبر أولوية في مجلس التنسيق السعودي البحريني؟
السفير: المجلس معني بكل المجالات، وأحياناً تكون هناك أولويات اقتصادية لأنها هي التي تمسّ المواطن، ولكن يوجد تنسيق في جميع المجالات، ومن المقرر أن تجتمع اللجنة التنفيذية خلال الشهر المقبل التي يرأسها وزراء الخارجية من الجانبين، ليتم التحضير للّقاء القادم للمجلس.
كما أن اللجان المتخصّصة الأخرى تُعقد دائماً على مستوى الوزراء، واللجان الفنية "الفرعية" تُعقد بشكل دائم أيضاً.
ويُعد الحراك اليوم الذي شكله أو دفعه مجلس التنسيق، حراكاً محموداً وسيكون له الانعكاس الإيجابي على لغة الأرقام. فكما تعودنا من قادتنا أن المحصلة أن الأرقام هي النتائج، فهو الشيء المرجو منا نحن كمعنيين وموظفين مكلفين بمتابعة هذه الملفات في مجلس التنسيق.
جسور المحبة
"الوطن": سعادة السفير، الحديث عن جسر الملك فهد أحد أبرز العلاقة المتينة التي تربط المملكتين، حدثنا عن دور هذا الجسر ومشروعات التطوير المقبلة؟
السفير: جزء من الطموح أن نتابع ارتفاع أعداد المرتادين على جسر الملك فهد، وعلى مدى 40 عاماً شهدنا التطور الذي شهدته مؤسسة جسر الملك فهد، حتى وصل إلى 32 مليون مسافر عبروا الجسر العام الماضي، وهذا رقم يعكس حجم التواصل الكبير بين الشعبين، وتشرّفت بالحديث إلى سمو ولي العهد رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد عن هذا الرابط، والذي يُعد ثاني أكبر معبر في العالم بعد جسر بين المكسيك وأمريكا، وعندما نتحدث عن دول متوسطة الحجم، مثل منطقة الخليج والشرق الأوسط، تجد فيها رقماً بهذا الحجم على مستوى العالم، فهو دليل ومؤشر على حجم التنسيق والتعاون والارتباط بين البحرين والسعودية، بل يشمل دول مجلس التعاون الخليجي الذي يفيد جميع الدول.
جسر الملك فهد محاكاة جميلة ومميزة لأشكال التعاون المتعددة التي تربط بين البلدين، لأغراض اقتصادية بالدرجة الأولى ومن ثم السياحية، والاجتماعية، ونشاهد الكثير من إخوانكم السعوديين يعلمون ويدرسون كما هو العكس بالنسبة لأخوانا البحرينيين.
وفيما يخص أوجه التطور في جسر الملك فهد، الذي يُعد مشروعاً استراتيجياً ضخماً، وكان الهدف المتحقق الآن على أرض الواقع هو تقليص مدة الانتظار واليوم لا تتعدى 20 دقيقة بعد أن كانت تستمر ساعة أو ساعتين، ومازال هناك طموح مستمر إلى المزيد من التسهيلات للعابرين، والمشروعات القادمة هي تطوير مؤسسة الجسر وسوف تنعكس إيجاباً في المستقبل على مرتاديه.
"الوطن": فيما يتعلق بجسر الملك حمد، ما هي مستجدات هذا المشروع الاستراتيجي؟
السفير: الجسر الموازي وهو جسر "الملك حمد" هو قيد الدراسات النهائية، وقريباً سيتمّ الإعلان عن الخطط والبرامج المستقبلية.
المدينة الطبية
"الوطن": سعادة السفير، على صعيد المشاريع الاستراتيجية، يتابع الجميع باهتمام مشروع مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية في البحرين، إلى أين وصل هذا المشروع؟
السفير: صرح طبّي وكتب له النجاح بتضافر الجهود ودعم وتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، وتبرّع المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، وهذا الصرح الطبي لمسة محبة لأهلنا وأشقائه في البحرين، والقيادتين في البلدين. والجهود المبذولة من قِبل الدكتور سعد بن سعود آل فهيد رئيس جامعة الخليج العربي مقدّرة، لحرصه على تحريك المشروع وإعادته للمسار وإنهائه في فترة قياسية، والجميع يعلم بأنه سيكون صرحاً طبياً إقليمياً وعالمياً أيضاً، وسوف يستفيد منه الكثير من الأطباء في دول مجلس التعاون بالنسبة لمنح الزمالة والدراسات العليا، ويضاهي كبرى المراكز العالمية، ويخدم البحرين والمملكة والمنطقة بأسرها.
الصندوق السعودي البحريني
"الوطن": وماذا عن الجانب الاستثماري والاقتصادي؟ نسمع كثيراً عن الشركة السعودية البحرينية للاستثمار وهي شكل من أشكال التكامل بين البلدين؟
السفير: بالفعل، تأسّست الشركة "الصندوق السعودي البحريني للاستثمار" برأسمال قدره 5 مليارات دولار، وهي معنية بمشاريع استثمارية نوعية تستهدف إطلاق مشاريع كبرى في قطاعات متعددة، من الصناعة إلى الخدمات والبنية التحتية في مملكة البحرين، وتنظر في الكثير من الفرص قيد الدراسة في الوقت الحالي، وسوف تنطلق أعمالها في أقرب فرصة ممكنة، من ناحية الاستثمار والتنسيق مع الجهات المعنية في البحرين كوزارة المالية والصندوق السيادي البحريني، وسوف نرى مشاريع متميزة ستقوم بها الشركة.
التكامل الأكاديمي
"الوطن": سعادة السفير، للطلاب السعوديين حضور واضح في البحرين، كيف ترون هذه الظاهرة؟
السفير: الطالب السعودي متميز خاصة عندما يتواجد في بلده مملكة البحرين، يشعر بالامتنان بسبب المحبة وحفاوة الاستقبال والتعامل من قِبل إخوانه الشعب البحريني، ووجود الطلاب السعوديين في البحرين طبيعي جداً، وهو يعكس عمق الروابط بين الشعبين.
الطلاب هنا في بلدهم، مثلما أن البحريني عندما يذهب إلى المملكة يكون في بلده. التعليم أحد الجسور القوية التي تعزز التواصل الثقافي والاجتماعي، ونحن نشجع هذه الحركة، لأنها تثري العلاقات وتزيد من التقارب بين الشباب، وهم عماد المستقبل.
والتقارب بين الشعبين لا يتوقف على مستوى الطالب الجامعي، بل هناك أسر سعودية تُلحق أبناءها الصغار في مدارس في مملكة البحرين، وهذا قائم على مشاعر المحبة التي تجمع الشعبين وقرب المسافة بين البلدين.
"الوطن": سعادة السفير قبل الانتقال إلى الجانب السياسي، مضى على تواجدكم في البحرين نحو 7 أشهر، ما هو انطباعك عن المملكة وما الذي يميزها؟
السفير: البارز في البحرين النهضة الشاملة التي تعيشها البلاد في ظل توجيهات حضرة صاحب الجلالة
الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، ومتابعة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، لاشك أن الجهود الكبيرة المبذولة من جلالته وولي عهده تنعكس بشكل واضح على ما نشهده الآن من تطور واستقرار وأمن، وتجنيب البلاد أياً من الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية، من خلال حنكة جلالة الملك ودراية سمو ولي العهد ظاهرة صحية.
وتابعنا زيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى واشنطن، والحديث الذي أدلى به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإشادته بجلالة الملك المعظم وجهودهم المبذولة في تعزيز العلاقات الإقليمية والدولية، وحنكته في تولي مقاليد الحكم، وهو أمر يشرّفنا جميعاً في دول مجلس التعاون والمستقبل سيكون أفضل.
ودائماً مملكة البحرين تتبوأ المكانة التي تليق فيها، وسوف نشاهد الاستحقاق الكبير لمملكة البحرين في دخولها بعد 3 أشهر لمجلس الأمن، للمرة الثانية، وهو عمل ليس بالسهل، فالمجلس يمثل أعلى سلطة على مستوى العالم، في خمسة أعضاء دائمين و10 غير دائمين، وأن تكون البحرين واحدة منهم شيء يُحسب لها.
وفي عام 1998-1999 كنت أعمل في الأمم المتحدة كمسؤول في وفد المملكة العربية السعودية الدائم عن مجلس الأمن، وكانت البحرين هي العضو العربي في المجلس، وكان السفير جاسم بوعلاي ونائبه السفير راشد الدوسري، يقدمان الوجه المشرق للبحرين، ومتأكد في المرة المقبلة سوف يكون التمثيل أكثر إشراقاً في ظل قيادة جلالة الملك المعظم وولي وسمو العهد رئيس مجلس الوزراء.
التنسيق السياسي
"الوطن": سعادة السفير، ننتقل إلى الجانب السياسي. كيف تصفون مستوى التنسيق بين الرياض والمنامة في القضايا الإقليمية والدولية؟
السفير: تَطابق تامّ على مستوى القيادة ووزراء الخارجية، فهنالك تنسيق بين الجانبين شبه يومي، ولدينا ميزة بأننا على تواصل مع الجميع وعلى كافة الأصعدة.
القضية الفلسطينية
"الوطن": العالم اليوم يشهد تحديات كبيرة وعلى رأسها القضية المحورية" الفلسطينية"، والدور السعودي بارز في المشهد العربي، فكيف تصفون هذا الجانب؟
السفير: شاهدنا قرار الجمعية العامة الصادر مؤخراً، وتأييده لحل الدولتين المقدّم من المملكة العربية السعودية والأصدقاء في فرنسا، لاشك أن دعم الدول العربية وفي مقدمتها مملكة البحرين، هو من الدوافع القوية لإنجاح هذا القرار.
القضية الفلسطينية هي من القضايا المهمة للمملكة، منذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود، ورسائله كانت معروفة لقادة دول العالم، ومطالبته بإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، ومن بعدها كان دور للمغفور له جلالة الملك سعود ومن ثم جلالة الملك فيصل رحمه الله.
في عهد الملك خالد آل سعود قدّمت المملكة في قمة فاس عام 1982 "مبادرة سلام" قدّمها الأمير فهد آل سعود ولي العهد حينها، وكانت خارطة طريق لإيجاد حل سلمي، على الرغم من تجاوب إسرائيل.
وفي عام 2002 قدّمت مبادرة جديدة مشابهة في قمة بيروت، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان آل سعود، قدمت مبادرة حل الدولتين بإشراف ومتابعة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، المملكة دائماً متصلة بالقضية الفلسطينية وهي أولوية بالنسبة لها، ولا شك أن دعم الأصدقاء والأشقاء في مقدمتهم مملكة البحرين له دور كبير في إعطاء الزخم لهذه القضية المحورية، لكي نتجنّب الصراعات ونجد مناخاً مستقراً يؤدي إلى الرخاء والسلام، يجب حل هذه القضية.
قمّة الدوحة
"الوطن": شاهدنا التصعيد الأخير للهجوم على الدوحة من قِبل إسرائيل، وتبعه إقامة قمّة عربية إسلامية طارئة، فكيف تنظرون للعمل الخليجي المشترك؟
السفير: العمل الخليجي متميز ودائماً في الطليعة، والتنسيق يكون له أثر كبير، ويكون خلفه أشقاء الدول العربية والإسلامية وفي المقدمة الجمهورية المصرية والمملكة الأردنية الهاشمية، كما أن الجامعة العربية لها دور كبير، وإن كان فيه بعض التراجع، لكن يظل دوراً مهماً وحيوياً.
ولكي تحقق شيئاً ملموساً يجب أن تلجأ إلى المؤسسات الإقليمية، سواء مجلس التعاون أو الجامعة العربية، والجهات الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة وغيرها، لذلك لا تستطيع العمل بشكل منفرد لتحقيق أهداف دولية، وهذا الأساس القائم عليه "الأمم المتحدة" وهو توافق الآراء التي تتطلب وجود تكتل معيّن منسجم في أطروحاته يصبو إلى هدف معيّن.
وبالنسبة لقرار تأييد حل الدولتين في القضية الفلسطينية وحل الدولتين، سوف نشهد نتائجه في الاجتماعات الجمعية العامة في نهاية الشهر الجاري، إذ سوف تشهد حضور مميز للدبلوماسية السعودية بمشاركة الأصدقاء الفرنسيين، لكن الدافع القوي للدبلوماسية السعودية دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الشقيقة، في مقدمتها دول الأعضاء في اللجنة المنبثقة عن القمة الخاصة بحرب غزة، وهي لجنة عربية إسلامية.
نهضة سوريا
"الوطن": على مستوى العمل العربي المشترك، نشاهد اليوم سوريا تنهض بالحضور السعودي المميز، فما سبب الاهتمام السعودي؟
السفير: الطريق إلى المستقبل هو الاستقرار الذي يأتي من إحلال السلام، والذي بدوره يجلب الرخاء والتطور للشعوب، وشاهدنا معاناة الأشقاء في سوريا على مدى سنوات، وأدركنا عودتها لمكانها الطبيعي. يجب أن تحصل على دعم من المملكة العربية السعودية ومن أشقائها باقي الدول العربية، ومساندتها لتعود إلى مكانها الطبيعي في المشهد العربي.
"الوطن": كيف تقيّمون التطور على مستوى العمل في الرئاسة السورية الجديدة؟
السفير: نعم، لاشك في نقلة كبيرة، فالقيادة في سوريا وفخامة الرئيس السوري أحمد الشرع، صريح وواضح ويسعى إلى جلب الاستقرار، والسلام، والرخاء للشعب السوري، وأعلن بشكل واضح بأنه لا يملك أي نوايا تتعلق بالتكتلات السياسية التي كانت تعيشها سوريا في الماضي، وتدخلات بعض الدول الأخرى في الشأن الداخلي.
الأمن العربي المشترك
"الوطن": كيف تصفون الدور السعودي في تعزيز الأمن العربي المشترك؟
السفير: الدور القيادي للمملكة العربية السعودية، يتعزز من خلال رسائل السلام المبعوثة من المملكة، وترجمتها على شكل أجندة وبرامج للسلام والتطور لن تتحقق دون استقرار، ونبذ العنف وتجنّب الشعوب للصراعات الداخلية والخارجية، فالجميع مدرك بأن الحروب لا يوجد فيها منتصر، فهنالك من خسر أكثر من الآخر.
فكما قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن "الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة"، فيجب أن يكون هنالك استقرار لتحقيق هذه الرؤية.
"الوطن": أخيراً، سعادة السفير، ما الرسالة التي تودون توجيهها للشعب البحريني بمناسبة اليوم الوطني السعودي؟
السفير: رسالتي بسيطة وصادقة، البحرين ليست بلداً آخر بالنسبة لي، بل هي بلدي "أنا واحد منكم وفخور بأني منكم"، أشعر أنني بين أهلي وفي وطني، ولا أعتبر نفسي غريباً.
نحن شعب واحد، يجمعنا تاريخ واحد ومستقبل واحد، ومهما كانت التحديات، فإن ما يربطنا أكبر وأعمق من أن يتأثر. البحرين في القلب، وأهلها في القلب، وهذه حقيقة راسخة لا تتغير.