تحل ذكرى اليوم الوطني كل عام في 23 سبتمبر، وهو اليوم التاريخي المجيد الذي يخلد ذكرى توحيد البلاد وتوطيد الأمن والاستقرار على يد المغفور له الملك عبدالعزيز الذي أسس السعودية العظمى بإعلانه قيام المملكة العربية السعودية، إن هذا اليوم لا يمثل ذكرى توحيد البلاد فحسب، وإنما يعكس أيضاً الرؤية الحكيمة للملك عبدالعزيز في بناء علاقات دبلوماسية واقتصادية مع دول الخليج مما أسهم في تعزيز التعاون والتنمية في المنطقة، وبالتالي أثر بشكل إيجابي على استقرارها.

إن احتفال مملكة البحرين الشقيقة باليوم الوطني السعودي الـ95 ليس مجرد احتفال وتقليد، بل هو تعبير عن العلاقات الوثيقة والأخوة المتينة بين الشعبين، وتعكس هذه الاحتفالات التاريخ العريق والروابط الثقافية التي تجمع بين البلدين منذ عهد الملك عبدالعزيز-طيب الله ثراه- حيث قام بعد تأسيس المملكة العربية السعودية بزيارتين لدولة البحرين الشقيقة، الأولى كانت في عام 1348هـ-1930م بعد عودته من اللقاء الذي تمّ بينه وبين ملك العراق فيصل بن الحسين على ظهر البارجة لوبن في مياه الخليج العربي للسلام على الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، فتمّ استقبال الملك عبدالعزيز عند الميناء واصطف جند الحكومة النظامي على ظهر الميناء ليقوم بواجب التحية والتهنئة للملك عبدالعزيز بسلامة الوصول، وأطلقت المدافع العديدة التحية للملك عبدالعزيز وعلا هتاف الجند والأهالي في الدعاء للملك عبدالعزيز بطولة العمر وبالعز والتمكين، واستمرت زيارة الملك عبدالعزيز للبحرين مدة يومين استقبل فيها بالحفاوة والتكريم من حكامها ومن الشعب البحريني، واستهلت مسامع الملك عبدالعزيز بدرر من أبيات الشعر التي يستحقها ومنها القصيدة التي مطلعها:

مولاي من حرس الهدى ببقائه

من بعد ما كاد الهدى أن يخذلا

أنت المعيد إلى العروبة مجدها

ولمجدها مازلت أنت مهرولا

ولمجدها حملت نفسك سيدي

ما لا يطيق سواك أن يتحملا

فالمال تنفقه ولم تبخل به

فيما يشيد لها المكارم والعلا

والرأي ترسله كنور صادع

كما تحل من المشاكل معضلا

بدر آل سعود من زكت أعراقه

وحكت خلائقه السحاب الهطلا

اهنأ بنصر قد أتاك تكرماً

ممن حباك الملك منه تفضلا

أما الزيارة الثانية فكانت في عام 1358هـ-1939م وكان في استقباله حاكم البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفه وحشد كبير من جماهير الشعب، واستغرقت زيارته خمسة أيام شهدت استقبالاً وتكريماً في ظل مراسم وبروتوكولات رسمية في احتفال كبير، وتوالت الزيارات بين البلدين حيث قام صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بزيارة الملك عبدالعزيز في المنطقة الشرقية في عام 1366هـ-1947م، وكانت تلك الزيارات تهدف إلى توثيق العلاقات والتشاور وتقريب وجهات النظر تجاه العديد من القضايا التي تهم مصالح البلدين. واستمرت هذه العلاقات بالتنسيق والتعاون الأمني والاقتصادي في عهد أبناء الملك عبدالعزيز البررة، فازداد التواصل بينهم وأدركت حكومة المملكة العربية السعودية إلى أهمية تعزيز هذه العلاقات، فتم تأسيس مجلس التعاون الخليجي بدعم وإسهام كبير من حكومة المملكة العربية السعودية على جميع المستويات بهدف تطويره وتحقيق الهدف المنشود، وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.

تظلّ علاقة المملكة العربية السعودية مع مملكة البحرين وجميع دول الخليج نموذجاً يحتذى به أمام العالم، حيث يجسّد التاريخ المشترك والإرث العريق روح الأخوّة والمصير الواحد، وإن الاستمرار على توثيق هذه العلاقات بما يتوافق مع متطلبات العصر هو ما يضمن استمرارها ووحدتها وازدهارها للأجيال القادمة.

* أستاذ التاريخ الحديث بقسم التاريخ والتراث - جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل