حسن الستري

أقرّ مجلس الشورى في جلسته أمس مشروع قانون بالتصديق على اتفاقية مكة المكرمة للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين سلطات إنفاذ القانون في مجال مكافحة الفساد، وذلك بحضور وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب غانم البوعينين. وتسعى الاتفاقية إلى تعزيز التعاون بين سلطات إنفاذ القانون في الدول الأطراف من خلال تبادل المعلومات والتحريات بصورة فعّالة وسريعة، بغرض منع الجرائم المشمولة بأحكامها وكشفها والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها، واسترداد الأموال والموجودات المتحصلة منها، بما يعزز فعالية منظومة العدالة الجنائية.

وأكد مقرّر اللجنة حمد النعيمي أن اللجنة ارتأت الموافقة على الاتفاقية لعدة أسباب، منها أن التصديق على الاتفاقية يؤكد التزام مملكة البحرين الراسخ بمكافحة الفساد باعتباره من التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمعات والدول، ويدعم جهودها في تطوير المنظومة التشريعية الوطنية، بما يتوافق مع أحكام الدستور والقوانين الوطنية النافذة، ويتسق مع أهداف رؤية البحرين.

وأشار إلى أن الاتفاقية تعزّز أطر المساعدة الفنية والتدريب وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، على نحوٍ يسهم في رفع كفاءة الأجهزة الوطنية المختصة بمكافحة الفساد، وتطوير قدراتها المؤسسية والفنية في هذا المجال.

كما بيّن المقرر أن هذه الاتفاقية تُبرز مكانة مملكة البحرين ضمن منظومة العمل الإسلامي المشترك، كما تنسجم مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي سبق للمملكة الانضمام إليها، وهو ما يعكس حرص المملكة على توطيد التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الفساد وتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة.

بينما أشارت عضو المجلس إجلال بوبشيت، إلى أن الاتفاقية تعزّز بلا شك من جهود مكافحة الفساد، وتسهم في تسريع الإجراءات المتعلقة بذلك من خلال الآليات المتفق عليها لتبادل المعلومات والخبرات بين الدول الأعضاء.

كما تساءلت حول طبيعة التحريات والمعلومات التي يمكن تبادلها دون تقديم طلب مسبق، مؤكدة أهمية وضع قواعد واضحة لضمان الامتثال القانوني وحماية السيادة الوطنية.

من جهته، أوضح رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، د. علي الرميحي، أن الاتفاقية جاءت بمبادرة من المملكة العربية السعودية لتقوية التعاون في الحد من الجرائم العابرة للحدود، خاصة في ظل التحديات الناجمة عن الانفتاح الإلكتروني.

وأكد أن الاتفاقية تتوافق مع المعايير والاتفاقيات الدولية الموجودة، مشيرًا إلى أنه تم الاستماع إلى مختلف الجهات المختصة كوزارات الداخلية والخارجية والعدل، لذا تم التوصية بالموافقة على مشروع القانون.

وفيما يتعلق بمسألة تبادل المعلومات دون طلب رسمي مسبق، أشار د. الرميحي إلى أن النص يهدف إلى تسريع الإجراءات دون فرض إلزام بذلك، مما يمنح الدول حرية القرار بهذا الشأن بحسب ما تراه مناسبًا.

من جانبه، لفت عضو مجلس الشورى الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، إلى خطورة الفساد المستشري في العديد من المؤسسات التجارية والحكومية عالميًا.

وبيّن أن هناك حاجة ملحّة لتعزيز التدقيق والمساءلة المستمرة، خصوصًا في الجوانب المالية. وأكد أن استغلال بعض الأفراد لمناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية يهدد كفاءة العمل المؤسسي ويضعف الاستدامة، مشدداً على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لمحاربة الفساد بجميع صوره ودعم آليات الردع والمحاسبة.

بدوره، أكد عضو مجلس الشورى د. علي الحداد خلال مناقشته لمشروع القانون أن الاتفاقية تتماشى مع المبادئ الدستورية التي تعزز قيم العدالة وحفظ المال العام، مما ينسجم مع رؤية البحرين 2030.

وأضاف أن انضمام البحرين للاتفاقية يأتي ضمن الجهود الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك المعظم لتعزيز مكانة البحرين الدولية ودعم التنمية المستدامة من خلال مكافحة الفساد.

وأشار إلى أن منظمة التعاون الإسلامي، كجهة دولية حكومية تضمّ الدول الإسلامية، لعبت دوراً محورياً منذ انضمام مملكة البحرين إليها عقب استقلالها، وأن المملكة تُعتبر اليوم عضواً فاعلاً ومتميزاً يدعم القضايا الإسلامية المشتركة على الصعيد الدولي.

وقرّر المجلس أخذ الرأي النهائي بالموافقة على مشروع القانون بصفة مستعجلة، وإرساله إلى رئيس مجلس النواب لإحالته إلى سمو رئيس مجلس الوزراء تمهيداً لرفعه إلى جلالة الملك المعظم.