سماهر سيف اليزل

تتجه العلاقات الدفاعية بين البحرين والإمارات نحو توسّع أعمق في التعاون العسكري، من خلال خطط مستقبلية تشمل تطوير منظومة الشراكة الدفاعية، وتوسيع التمارين المشتركة، وتعزيز تبادل الخبرات، ودعم الصناعة الدفاعية، إلى جانب رفع مستوى التنسيق في الأمن السيبراني والاستخبارات، بما يعزز جاهزية البلدين ويكرّس التكامل الأمني الخليجي.

وتتجسد العلاقات الدفاعية بين مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة في عمقها وتكاملها الاستراتيجي، حيث تمتد لتشمل التنسيق العسكري المباشر، والتدريبات المشتركة الدورية، وتبادل الخبرات، فضلاً عن التعاون في مجالات الأمن السيبراني والاستخبارات. هذه الشراكة تأتي في إطار حرص قيادتي البلدين على تعزيز قدراتهما الدفاعية، ورفع مستوى الجاهزية القتالية، بما يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، ويعكس التزامهما المشترك بالتكامل الخليجي ومواجهة التحديات الإقليمية.

وتظل الشراكة الدفاعية بين البحرين والإمارات نموذجًا متقدمًا للتعاون الإقليمي، حيث يلتقي الطموح الأمني بالخبرة العسكرية، ويترجم الالتزام السياسي إلى عمل ميداني ملموس يسهم في تعزيز استقرار المنطقة ورفع كفاءة القوات المسلحة في البلدين.

وتعتمد هذه العلاقات على عدة ركائز أساسية، أبرزها التدريبات العسكرية المشتركة، والتي تشمل تمارين دورية مثل "ربدان شويمان" و"جلمود 3"، التي تهدف إلى رفع مستوى الكفاءة القتالية، وتطوير القدرات العملياتية والتكتيكية للوحدات المشاركة. كما يشمل التعاون العسكري والأمني تبادل المعلومات الاستخباراتية، والعمل المشترك في مجال الأمن السيبراني، ما يزيد من مستوى التنسيق في تنفيذ العمليات ويعزز القدرة على الاستجابة لمختلف التهديدات الأمنية.

إضافة إلى ذلك، يمثل تبادل الخبرات والمعرفة بين القوات المسلحة في البلدين أحد أبرز أسس الشراكة، حيث يعمل هذا التعاون على تطوير القدرات العسكرية، وتحسين الأداء في جميع الميادين العملياتية، بما في ذلك التدريب على الإنزال الجوي ووحدات الإسناد التكتيكية. وعلى صعيد الصناعة الدفاعية، يوجد تعاون ملموس بين الشركات والمؤسسات الدفاعية في البلدين، بما يساهم في تعزيز القدرات الوطنية وتطوير منظومة التصنيع الحربي المشترك.

الأهداف الاستراتيجية للتعاون الدفاعي

تركز العلاقة الدفاعية بين البحرين والإمارات على مجموعة من الأهداف الرئيسية، يأتي في مقدمتها رفع الجاهزية القتالية للقوات المسلحة، وضمان استعدادها لمواجهة مختلف السيناريوهات العملياتية. كما يسعى الطرفان إلى تطوير القدرات المشتركة من خلال تعزيز التدريب التكتيكي، ورفع كفاءة وحدات الإسناد، والتنسيق في مجال الإنزال الجوي والتدخل السريع.

ويأتي تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ضمن أولويات الشراكة، إذ يسهم التعاون الدفاعي المشترك في الحفاظ على الأمن الوطني والإقليمي، ودعم جهود التنمية المستدامة. كذلك يمثل التكامل الخليجي أحد أهم أهداف هذه الشراكة، من خلال تنسيق الجهود الدفاعية بين البلدين، والعمل على خلق منظومة أمنية متكاملة ضمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما يعكس روح التعاون والتضامن بين الدول الشقيقة.

الاتفاقيات والمجالات المشتركة

تتركز الاتفاقيات الدفاعية بين البحرين والإمارات على التعاون العسكري، وتطوير القدرات الدفاعية، ومن أبرزها اتفاقية التعاون بين قوة دفاع البحرين وشركة "إيدج" الإماراتية في مجال التصنيع الحربي، والتي تم توقيعها عام 2022 لتعزيز القدرات في مجال الصناعة الدفاعية الوطنية. إلى جانب ذلك، يشمل التعاون الأمني المشترك التنسيق الوثيق ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي، لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وتنسيق المواقف السياسية والدفاعية تجاه القضايا الإقليمية والتحديات المشتركة.

وتتضمن الخطط المستقبلية تعزيز التكامل الدفاعي والأمني بين البلدين، من خلال تطوير منظومة التعاون العسكري، وتوسيع نطاق التمارين المشتركة، والاستفادة من الخبرات المتبادلة بما يخدم مصالح البلدين والمنطقة ككل.

تمرين "ربدان شويمان": نموذج للتكامل العسكري

ويأتي تمرين "ربدان شويمان" في إطار العلاقات الأخوية المتينة بين البحرين والإمارات، ويعد رمزًا للتعاون العسكري المستمر بين القوتين، حيث يهدف إلى رفع مستوى الجاهزية القتالية، وتطوير القدرات العملياتية والتكتيكية المشتركة.

وشمل التمرين عددًا من التدريبات الميدانية والعمليات المشتركة، التي ركزت على تعزيز القدرة على التخطيط والتنفيذ، ورفع كفاءة وحدات الإسناد والإنزال الجوي، والتعامل مع مختلف السيناريوهات العملياتية. وأظهر المشاركون مستوى عالياً من الاحترافية والانسجام والتزاماً واضحاً بأهداف التمرين.

وقد أشادت قيادتا البلدين بالنتائج الإيجابية للتمرين، معتبرة إياه تجسيداً للعمق الاستراتيجي للعلاقات بين البلدين الشقيقين، ومؤكدتين حرصهما على تطوير منظومة التعاون العسكري ورفع كفاءة الوحدات المشاركة. كما أعربت القيادتان عن تقديرهما لجميع المشاركين على جهودهم المخلصة التي أسهمت في نجاح التمرين وتحقيق أهدافه.

وتعكس العلاقات الدفاعية بين البحرين والإمارات نموذجًا رائدًا للشراكة الاستراتيجية بين الدول الخليجية، إذ لم تعد تقتصر على التنسيق العسكري، بل امتدت لتشمل التعاون الصناعي والاستخباراتي، بما يحقق الأمن الوطني والإقليمي.

وتظهر التدريبات المشتركة والزيارات رفيعة المستوى، مثل زيارة القادة لمتابعة تمرين "ربدان شويمان"، أن العلاقة بين البلدين مبنية على الثقة والالتزام المشترك، وأن المستقبل يحمل مزيداً من الخطوات لتعزيز التكامل الدفاعي، وتطوير القدرات العسكرية، ورفع مستوى التعاون في مختلف المجالات الأمنية والاستراتيجية.