سماهر سيف اليزل

يشكّل مجلس التعاون لدول الخليج العربية أحد أبرز التجارب التكاملية في المنطقة العربية، فيما يمثّل موقع «الأمين العام» حجر الأساس في إدارة ملفات التعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين الدول الأعضاء.

وعلى مدى44 عاماً، شكّل الأمناء العامون للمجلس سلسلة متعاقبة من القيادات الخليجية التي أسست لهيكل تعاون متعدد المستويات، حيث شهدت الأمانة العامة نقل الخبرات بين الدبلوماسية والأمن والإدارة الاقتصادية، في تعبير واضح عن تنوع الملفات التي يتعامل معها المجلس.

ويشكّل منصب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أحد أبرز المواقع القيادية في منظومة العمل الخليجي المشترك، لما يتضمنه من مسؤولية إدارة الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية، ومتابعة تنفيذ قرارات القمم واللجان الوزارية. ومنذ تأسيس المجلس في عام 1981، تعاقب على الأمانة العامة سبعة مسؤولين ينتمون لعدد من دول الخليج.

وفيما يلي عرض تفصيلي:

- عبدالله يعقوب بشارة «الكويت»: 12 عاماً في مرحلة التأسيس: 1981 - 1993:

تولى الكويتي عبدالله بن يعقوب بشارة منصب أول أمين عام للمجلس لمدة قاربت 12 عاماً، من 1 مايو 1981 حتى 31 مارس 1993، بإجمالي 11 سنة و334 يوماً، ما جعله من أبرز صناع البدايات في منظومة التعاون الخليجي.

ارتبط اسمه بمرحلة التأسيس وبناء الهياكل المؤسسية للمجلس ولجانه المتخصصة، وتثبيت آليات العمل المشترك بين الدول الست. جاء من خلفية دبلوماسية رفيعة، حيث شغل منصب مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة، وقاد مرحلة التأسيس، وأرسى القواعد الأولى لعمل اللجان والقطاعات المشتركة.

- الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي «الإمارات»:- تطوير المسارات القانونية:

تلاه الإماراتي فاهم بن سلطان القاسمي من 1 أبريل 1993 إلى 31 مارس 1996، دبلوماسياً وحقوقي، تولّى الأمانة العامة لمدة ثلاث سنوات، عُرف بتركيزه على تطوير الإطار القانوني لعمل المجلس وتحديث المسارات التنظيمية للجان الخليجية، واستمرت جهوده في ترسيخ آليات الحوار والتنسيق السياسي.

- جميل بن إبراهيم الحجيلان «السعودية»:- حضور دبلوماسي ونشط خارجيا: 1996 - 2002:

تولى السعودي جميل بن إبراهيم الحجيلان الأمانة من 1 أبريل 1996 إلى 31 مارس 2002، لمدة 5 سنوات و364 يومًا، وتميزت فترته بتعزيز حضور المجلس في المحافل الدولية ودعم التعاون الاقتصادي الإقليمي.

من الشخصيات البارزة في العمل الحكومي السعودي، تولّى سابقاً وزارتي الإعلام والصحة، وعمل سفيرًا لبلاده في عدد من الدول الأوروبية. خلال قيادته للأمانة العامة، شهد المجلس خطوات واسعة في الملفات الاقتصادية والأمنية المشتركة، وبرز دوره في دفع العلاقات مع المنظمات الدولية والإقليمية وتعزيز موقع المجلس خارجياً.

- عبدالرحمن بن حمد العطية «قطر»: - توسيع برامج التعاون: 2002 - 2011:

أما القطري عبدالرحمن بن حمد العطية، فقد شغل المنصب من 1 أبريل 2002 حتى 31 مارس 2011، لمدة 8 سنوات و364 يوماً، وخلال فترة ولايته شهد المجلس توسعاً في برامج التعاون، خصوصاً في المجالات السياسية والتنموية والتعليمية والطاقة.

دبلوماسي مخضرم مثل بلاده في الأمم المتحدة، وشغل مواقع عدة في وزارة الخارجية، واتسمت ولايته بتفعيل البرامج الاقتصادية المشتركة، وزيادة التنسيق في القضايا الإقليمية، وتطوير آليات التعاون في قطاعات الطاقة والتعليم والبيئة، وكان حاضراً في محطات سياسية بارزة إقليمياً خلال فترة عمله.

- د. عبداللطيف بن راشد الزياني «البحرين» - 2011 - 2020:

أول شخصية عسكرية تتولى منصب الأمين العام. جاء من خلفية علمية وعسكرية متقدمة، وحمل درجات أكاديمية عليا في الهندسة والعمليات العسكرية.

خلال ولايته، شهد المجلس تحولات كبيرة في الملفات الأمنية والسياسية، خصوصاً ما يتعلق بالأزمات الإقليمية. ركّز على بناء منظومة أمنية خليجية وتفعيل هياكل التعاون الدفاعي، إضافة إلى تطوير مسارات التحول الرقمي والتكامل الاقتصادي.

د. نايف فلاح مبارك الحجرف «الكويت» - 2020 - 2023:

ينتمي إلى خلفية اقتصادية وإدارية، حيث شغل مناصب وزارية في بلاده، أبرزها وزارة المالية. تولّى الأمانة العامة أثناء أزمة جائحة كورونا وما رافقها من تحديات صحية واقتصادية. قاد العمل الخليجي نحو تعزيز التعاون في قطاعات الصحة الموحدة، والأمن السيبراني، وإعادة تنظيم الأولويات الاقتصادية للدول الأعضاء.

- جاسم البديوي.. الأمين العام الحالي:

يتولى الكويتي جاسم محمد البديوي المنصب منذ 1 فبراير 2023 حتى اليوم، وتبلغ مدة ولايته حتى آخر احتساب 2 سنة و304 أيام. ويواصل مهامه في تعزيز العمل الخليجي المشترك، وتأكيد حضور المجلس في الملفات الإقليمية والدولية الراهنة.