أيمن شكل

قال وزير الخارجية د. عبداللطيف الزياني: إن «العالم بدأ اليوم يصغي إلى خطاب دول مجلس التعاون الخليجي ودعواتهم للسلام والاستقرار»، مشيراً إلى رغبة إيطاليا في رفع الشراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي إلى المستوى الاستراتيجي، فيما كشف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، عن عقد تمرين عسكري شامل سيجري بين دول المجلس في أبوظبي خلال عام 2027.

وأوضح البديوي أن القبة الدفاعية قطعت شوطاً متميزاً، ويتم العمل عليها بالشراكة مع الشركاء الاستراتيجيين مثل الولايات المتحدة الأمريكية، مشدّدا على أن العمل العسكري الخليجي متميز.

ونوّه البديوي، بالتمرين البحري الخليجي، حيث قال: إن «عام 2027 سيشهد تمريناً مشتركاً لكل القوات الخليجية البرية والبحرية والجوية في أبوظبي».

جاء ذلك، في إجابتهما على أسئلة الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقداه عقب اختتام أعمال قمة البحرين للدورة الـ46 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون التي عقدت برئاسة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، بمشاركة إخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس.

وأكد الزياني، على اعتزاز كل مواطن خليجي بمنظومة مجلس التعاون الخليجي مؤكداً على أنها منظومة متماسكة، وتخدم تطلعات المواطنين، وتدرس وتتابع احتياجاتهم، قائلاً إن «دول المجلس وصلت إلى أعلى المستويات التكامل والتعاون في كافة المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وأن القادة مهتمون بتعزيز التماسك والتضامن لتحقيق المزيد من المكتسبات والإنجازات للمواطنين».

وقال الزياني: إن «أي ازدهار يحتاج إلى أمن واستقرار وسلام، وإذا كنا نريد إقليماً مزدهراً ومستداماً فلا بد أن نكون محاطين ببيئة مستقرة، لذلك تجدون ذلك في رسالة البحرين»، مشيراً إلى أنه في إعلان الصخير أكد القادة العرب على الدعوة إلى السلام ومنطقة تتعايش فيها كافة شعوب المنطقة بتكامل، وتزدهر مع بعضها البعض.

وبيّن أن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، يرغبون في تحقيق هذه البيئة الآمنة المزدهرة والمستقرة، على الرغم من اختلاف الأعراق والأعراف والمعتقدات، وهو ما نرغب أن نورثه للأجيال المقبلة، وقد جاءت القمة هذا العام رسالة سلام وإصرار من القادة على إرسال هذه الرسالة وتحقيق هذا الهدف، رغم صعوبة هذا الدرب الذي يحتاج إلى تماسكنا واتحادنا.

وحول التكامل الاقتصادي، أكد الزياني أن دول مجلس التعاون الخليجي تعمل للوصول للتكامل الاقتصادي والتطور العلمي والتقني. وقال «على الرغم من الصراعات التي برزت في الفترة الأخيرة، إلا أن الآذان بدأت تصغي إلى خطاب دول الخليج ودعواتهم».

وأضاف قائلاً: «على سبيل المثال نرى استجابة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدعوة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالسعودية، بشأن تحقيق السلام في غزة والانخراط في الجهود لحل الأزمة السودانية، ويحق لنا الاعتزاز والفخر».

وأجاب وزير الخارجية الزياني على سؤال حول التعاون مع الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن العمل لا ينحصر في اتفاقية «التجارة الحرة»، لافتاً إلى أن الاتحاد هو تكتل لديه متطلباته وتشريعاته المتغيرة، بينما لدى مجلس التعاون الخليجي تشريعاته التي تحصر أطر التعاون مع الاتحاد الأوروبي.

وقال إن: «هناك تعاون كبير مع المنطقتين، لذلك يهمنا استقرار والسلام والازدهار في الشرق الأوسط، ويهمنا أيضاً الازدهار والسلام في القارة الأوروبية، وما يحدث هناك يؤثر في الشرق الأوسط والعكس».

وحول دور إيطاليا وحضور رئيسة وزرائها دولة جورجيا ميلوني، شدّد الزياني على أهمية إيطاليا في الاتحاد الأوروبي، ونمو اقتصادها بشكل مميز، فضلاً عن قربها من الثقافة العربية، والعلاقة الطيبة التي تجمع شعوب المنطقة معها في كافة المجالات.

ولفت إلى أن دعوة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، لرئيسة الوزراء الإيطالية جاءت لتبعث رسالة اهتمام للدول الغربية والصديقة بتوطيد العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي، سواءً بعلاقات ثنائية، أو على صعيد المجلس ككل.

وأضاف: «نسعى لإتمام الاتفاقية الاقتصادية والسوق المشتركة والاتفاقيات الجمركية ووضعنا شروطاً ومعايير لتحديد التجارة الحرة، ولا يمنع أن تكون هناك علاقات ثنائية وتبادل تجاري، وكذلك تعاون دفاعي مع إيطاليا حيث أبدوا رغبتهم في رفع الشراكة إلى شراكة الاستراتيجية»، مشيراً إلى أن رئيسة وزراء إيطاليا دعت إلى عقد قمة في العام المقبل مع الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، لتوطيد علاقة التعاون الثقافي والتعليمي وكافة المجالات.

وأشار وزير الخارجية إلى توجيه جلالة الملك المعظم بأن يكون هناك أولويات لعمل دولة الرئاسة، حيث تم اعتماد هذه الأولويات من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء، وقامت 44 لجنة وزارية بالعمل على تحقيق وتعزيز وتطوير العمل الخليجي في مختلف المجالات خلال رئاسة الدورة الحالية تحت رئاسة وزراء خارجية الدول.

وحول الوضع في اليمن، لفت الزياني إلى الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تقودها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودول مجلس التعاون الخليجي التي تدعم هذه الجهود.

ولفت الزياني إلى أن إيران دولة جارة، منوهاً بتصريحات جلالة الملك المعظم في زيارته لروسيا والصين، حيث قال إنه لا يوجد شيء يمنع من عودة العلاقة مع إيران وهناك تواصل، وقول جلالته «إن البحرين لن تكون عقبة في أي تنسيق وتعاون ومباحثات مع مجلس التعاون».

وعبّر الزياني، عن تشرف البحرين باستضافة القمة، معرباً عن التقدير للجهود الحثيثة التي يبذلها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، لتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك نحو مزيد من الترابط والتعاون والتكامل.

وأشار إلى أن قمة البحرين كانت بحق قمة مميزة ومثمرة اتسمت بروح الأخوة والتفاؤل، بما أسفرت عنه من قرارات بناءة والتزام راسخ بالحفاظ على تماسك مجلس التعاون كمنظومة رائدة، وتعزيز التضامن الخليجي للدفع بمسيرة التعاون المشترك نحو أهدافها السامية لما فيه خير وصالح شعوبها.

وأضاف أن القمة عكست وعياً عميقاً بالأحداث المعاصرة وتداعياتها على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، مؤكدةً على أهمية مواصلة الجهود لتعزيز الإنجازات الخليجية المشتركة وتكثيف الجهود لضمان المزيد من المكتسبات لمواطني دول المجلس.

وأشار إلى أنه في القمة العربية الثالثة والثلاثين في العام الماضي تضمن (إعلان الصخير) الصادر عن القمة رسالة موحدة لقادة الدول العربية تدعو إلى السلام في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والسعي إلى تحقيق تعايش متناغم بين جميع شعوب المنطقة، بغض النظر عن معتقداتهم أو ثقافاتهم.

وفي هذا العام جاء (إعلان الصخير) لقمة البحرين 2025، حاملاً رسالة ثبات مجلس التعاون لدول الخليج العربية على التزامه بتعزيز الروابط التاريخية الراسخة بين الدول الأعضاء، ومؤكداً على صون الأمن والاستقرار، والتكامل الاقتصادي، وتمكين الشباب والنساء، مشيرًا إلى أنه من خلال العدالة والحوار، تهدف دول المجلس إلى بناء سلام دائم في المنطقة، وأن تكون نموذجاً عالمياً للتضامن والتماسك، وبناء مستقبل أكثر إشراقاً لجميع شعوبنا.

وأوضح أن المجلس الأعلى، أكد حرصه على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، والسعي إلى مزيد من التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين، بما يلبي تطلعات مواطني دول المجلس. كما أكد القادة وقوفهم صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس.

وأضاف أن أصحاب الجلالة والسمو القادة أكدوا على أهمية تعزيز علاقات الشراكة والتعاون مع الدول الصديقة والحليفة، وبين مجلس التعاون والدول والمنظمات الإقليمية والدولية، وضرورة مواصلة المفاوضات لإبرام اتفاقات التجارة الحرة مع مختلف الدول والكيانات الاقتصادية الدولية لتعزيز التعاون الاقتصادي.

وأكد وزير الخارجية، أن المجلس الأعلى رحب بمشاركة دولة رئيسة وزراء الجمهورية الإيطالية الصديقة، جورجيا ميلوني، ضيفة كريمة في الدورة (46) للمجلس الأعلى، بدعوة كريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، وما تم في جلسة المباحثات من مناقشة للقضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والحرب في غزة، ومناقشة سبل تعزيز أواصر التعاون القائم بين الجانبين، في إطار خطة العمل المشترك للفترة 2026-2030 للانطلاق بالشراكة التي تجمع الجانبين إلى آفاق أرحب.

وأضاف أنه خلال مباحثات أصحاب الجلالة والسمو القادة، أشاد المجلس الأعلى بالجهود الحثيثة التي قامت بها دول المجلس خلال الحرب على قطاع غزة، وتواصلها الدائم مع الدول الصديقة من أجل وقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع، والدفع بجهود إحلال السلام المستدام.

كما رحب المجلس الأعلى بنتائج «المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين»، مشيداً المجلس بدور المملكة العربية السعودية، بالشراكة مع الجمهورية الفرنسية في قيادة الجهود الدولية في هذا الخصوص.

وذكر وزير الخارجية، أن المجلس الأعلى أشاد بمخرجات قمة شرم الشيخ للسلام، وبالاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن غزة، وفقاً لخطة السلام التي طرحها فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضيفاً أن أصحاب الجلالة والسمو القادة رحبوا بقرار مجلس الأمن الذي أيد خطة السلام الأمريكية بشأن غزة، وأكد على وقف دائم لإطلاق النار، وعلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

ولفت إلى أن قادة دول المجلس، بحثوا مستجدات الأوضاع الإقليمية، بما في ذلك الصراعات والأزمات التي تعصف بالعديد من دول المنطقة، وأكدوا على ضرورة تغليب الحكمة والعقل، ووقف التصعيد، واللجوء إلى الحوار والحلول الدبلوماسية، والعمل على صون سيادة الدول الشقيقة وأمنها واستقرارها، بما يحقق تطلعات شعوبها في السلام والتنمية والحياة الكريمة.

وفيما يتعلق بالأزمة الروسية الأوكرانية، أوضح أن المجلس الأعلى أشاد بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها الدول الأعضاء للإسهام في التوصل إلى حل سياسي، وتسهيل تبادل الأسرى، ولم شمل الأطفال مع أسرهم، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، بما يعكس التزامها بالمبادئ الإنسانية والتضامن الدولي في تعزيز السلام والاستقرار. وأشار إلى أن المجلس الأعلى أشاد بجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب، بما يحفظ الأمن والاستقرار في أوروبا، ويعزز السلام والأمن الدوليين.

وقال: إن «المجلس الأعلى أعرب عن تطلعه لرئاسة المملكة العربية السعودية للدورة السابعة والأربعين، ورحب بدعوة المملكة لاستضافة القمة القادمة»، موضحاً أن أصحاب الجلالة والسمو القادة اعتمدوا البيان الختامي للدورة السادسة والأربعين للمجلس الأعلى، وإعلان الصخير- قمة البحرين-(2025).

من جانبه، رفع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الشكر والتقدير لمقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، على استضافة أعمال الدورة السادسة والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، متمنياً لجلالته التوفيق والسداد في رئاسة دورة مجلس التعاون لاستكمال وتعزيز منجزات المسيرة المباركة للمجلس.

كما أعرب عن شكره وتقديره لمقام حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، على الدور الإيجابي الذي لعبته دولة الكويت خلال فترة ترؤسها للدورة الماضية لمجلس التعاون، والتي ساهمت في تحقيق الإنجازات والدفع بالمسيرة المباركة للمجلس وتعزيز مكانته دولياً.

وأشار إلى أن أصحاب الجلالة السمو، أطلعوا على العديد من المواضيع المتعلقة بالعمل الخليجي المشترك ووجهوا باعتماد عدد من القرارات المتعلقة بالشأن السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري والتشريعي التي من شأنها خدمة شعوب دول المجلس بما يحقق التنمية والرفاه لهم، ويعزز من أوجه التكامل بين دول مجلس التعاون.

كما أشار، إلى أن اجتماع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الشقيقة وممثليهم مع رئيسة وزراء الجمهورية الإيطالية دولة جورجيا ميلوني، كضيفة شرف يهدف إلى تعزيز علاقات الصداقة مع إيطاليا من جانب، ومع دول البحر المتوسط والاتحاد الأوروبي من جانب آخر، مجددًا التأكيد على ما حملته القمة الخليجية من رسائل إيجابية عميقة تؤكد على صلابة مسيرة العمل الخليجي المشترك وإرادة واضحة وصادقة لتعزيز التكامل بين دول المجلس، والارتقاء بآليات التعاون بما يحقق تطلعات شعوبها، ويعزز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.