أيمن شكل

قالت الأمين العام لمجلس الشورى كريمة العباسي إن منصة «شورى 360» أصبحت اليوم إحدى أبرز النقاط المضيئة في مسار التطوير الرقمي داخل السلطة التشريعية، بعدما حصدت إشادات دولية واسعة، ونقلت العمل البرلماني إلى فضاء أكثر ذكاءً وتكاملاً.

وأضافت كريمة عباسي في حوار مع «الوطن» أن المنصة وفّرت للأعضاء أدوات غير مسبوقة في البحث والتحليل عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، من بينها «الراصد الإعلامي» و«المساعد الافتراضي سناد» اللذان يتيحان الوصول الفوري إلى المعلومات والبيانات التشريعية.

وأشارت إلى أن المضبطة الذكية خضعت لثمانية أشهر من التجارب الدقيقة لضمان التعرف الصوتي وتحويل اللهجات بموثوقية عالية، مؤكدة في الوقت نفسه أن جميع الأنظمة الرقمية تراعي أعلى معايير الأمن السيبراني. وأوضحت العباسي أن عدداً من البرلمانات العربية والدولية طلب الاطلاع على التجربة البحرينية، في حين تستعد الأمانة العامة لتكثيف التعاون الخليجي خلال العام 2026 وتطوير مشاريع ابتكارية شبابية تعزز من قدرات العمل التشريعي.

والتقت «الوطن» الأمين العام لمجلس الشورى كريمة العباسي، للتعرف على أحدث نظام تقني دشنته أمانة المجلس باسم منصة «شورى 360» والذي يمنح أعضاء المجلس إمكانيات ومميزات واسعة من المعلومات والبيانات التي تساعدهم في العمل البرلماني، وفق أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد حصد النظام إشادات دولية واسعة من أمانات المجالس التشريعية عند الاطلاع على تفاصيله، فيما يواصل مجلس الشورى استقبال وفود دولية تأتي للاطلاع على النظام ونقل التجربة الفريدة من نوعها إلى بلدانهم. وفيما يلي نص الحوار:

هل يمكن أن تطلعينا على تفاصيل منصة «شورى 360»؟

- تم مؤخراً تَدشين منصة شورى 360 بالتزامن مع بداية دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي السادس، وهذا النظام يوفر بوابة رقمية موحدة تخدم أعضاء مجلس الشورى، وقد صُمم النظام خصيصاً لمساندتهم في سبيل تنفيذ مهامهم البرلمانية بكفاءة وفاعلية.

منصة شورى 360 تشمل العديد من المميزات التي تساعد وتساند أعضاء المجلس، فعلى سبيل المثال يوفر لهم بنود جدول أعمال جلسات المجلس ومضابط الجلسات، بالإضافة إلى ميزة جداً مهمة وهي «الراصد الإعلامي» والذي يرصد جميع الأخبار الإعلامية التي صدرت عن المجلس وأعضائه سواء من مداخلاتهم في جلسات المجلس أو مشاركاتهم الخارجية واجتماعاتهم، وكل ما يُرصد إعلامياً يجده الأعضاء في أجهزتهم، وفي مكان واحد.

سابقاً كانوا يطلبون من إدارة الإعلام، ويستغرق الطلب فترة زمنية، لكن اليوم يتم ذلك بتقنية الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة للرصد بشكل مباشر والتحديث أولاً بأول، لكافة الأخبار أو المقاطع.

في منصة شورى 360 هناك ميزة أخرى وهي الإحصائيات والتقارير التي تخدم الأعضاء في كثير من أعمالهم، حيث تظهر فيها إحصائيات عدد المرات التي حضروا فيها جلسات المجلس، وعدد حضور لجان المجلس النوعية، وكذلك عدد الأسئلة البرلمانية والمقترحات بقوانين التي تقدم بها الأعضاء.

ومن المميزات المهمة في نظام شورى 360، ميزة المصادر البحثية التي تمنح الأعضاء الفرصة للاطلاع على المصادر البحثية والرقمية لأي موضوع أرادوا البحث فيه، وذلك من خلال أجهزتهم اللوحية، وفي مكان واحد.

المساعد الافتراضي «سناد»

كما أن المنصة تقدم ميزة أخرى تخدم العمل التشريعي وهي رصد الاجتماعات التي تُنظم حيث يستطيع العضو متابعة اجتماعات اللجان وما يجري فيها من مناقشة مشاريع القوانين والأدوات القانونية، كما توجد أيضاً ميزة «المساعد الافتراضي» والتي أطلقنا عليها «سناد» وهو يساعد الأعضاء في البحث المتطور وتوفير كافة المعلومات عن ذلك البحث، وفي أنواع مختلفة، فعلى سبيل المثال إذا رغب العضو في البحث عن الخطب الملكية السامية لجلالة الملك المعظم، أو البحث عن موضوعات في مضابط ومراجع جلسات المجلس أو المراجع التشريعية، فإن هذا المساعد الافتراضي تكون مهمته توفير كافة البيانات والمعلومات التي وردت عن هذا البحث في جميع الملفات، وذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي، وستظهر نتائج البحث في ثوانٍ وليس دقائق، وما إذا كان قد تمت مناقشة ذلك الموضوع، وفي أي جلسة تحديدًا وأي مضبطة، خلال الفصول التشريعية الست، كما سيظهر أيضًا المداخلات التي حدثت بشأن هذا الموضوع والقرارات التي تم اتخاذها من قبل المجلس، وبهذا سيسهم «سناد» في اختصار زمن عمليات البحث وتوفير أكبر قدر من المعلومات.

نظام شورى 360 هو نظام شامل متكامل يخدم الأعضاء؛ ولذلك فنحن نسير ضمن استراتيجية في الأمانة العامة، تعتمد على استدامة تطوير العمل التشريعي والاستمرار في دعم ومساعدة أعضاء المجلس في كل ما يخص عملهم باستخدام التقنيات الحديثة.

ذكرتم أن «المضبطة الذكية» تستطيع تحديد شخصية المتحدث من صوته، كما أنها تستطيع تحويل اللهجة إلى كتابة باللغة العربية، فما هي الضمانات التي تضمن الدقة في هذا العمل، فلربما يكون هناك خطأ في التدوين، وهل هناك معايير للدقة، وهل تم تجربة المضبطة الذكية قبل تطبيقها؟

- نظام المضبطة الذكية خضع للمراجعة والمتابعة وإجراء التجارب عليه على مدار ثمانية أشهر، ولم نكن لندشن النظام إلا بعد التوثيق والتأكد من نجاحه وفعاليته، أما فيما يخص اللهجات والتعرف على الأعضاء وكذلك تحويل بعض الكلمات واللهجات العامية إلى اللغة العربية، فقد تم حصر الكلمات العامية وتوظيفها في النظام وتم تجربتها عدة مرات، فلذلك نحن - والحمد لله - واثقون من النظام بعد أن قمنا بعمل تجارب عليه قبل افتتاح دور الانعقاد الرابع، والحمد لله التجارب كلها كانت ناجحة.

هذا القدر الهائل من البيانات الموجودة على نظام الحوسبة السحابية قد يواجه بعض التحديات الخاصة بمعايير الأمن المعلوماتي، فما هي الإجراءات المتخذة لحماية بيانات مجلس الشورى في الفضاء الإلكتروني؟

- جميع البرامج والأنظمة الإلكترونية الخاصة بمجلس الشورى تم تصميمها للحفاظ على الخصوصية وسرية بياناتها، بما يتوافق مع خصوصية الأمور التشريعية والسلطة التشريعية، ودائماً في كل مشاريعنا نحرص على أن تكون متوافقة مع قواعد المركز الوطني للأمن السيبراني، وهناك رقابة من المركز بالإضافة إلى الرقابة الداخلية من قبل إدارة تقنيات المعلومات، لأن الحفاظ على الخصوصية والسرية لتلك البيانات والمعلومات جداً مهم بالنسبة لنا.

هل يمكن لمجلس النواب أو المجالس التشريعية الدولية الاستفادة من هذا النظام «شورى 360»، وهل تلقيتم طلبات للاطلاع على النظام والاستفادة من التجربة سواء في البحرين أو على الصعيد الدولي؟

- لابد هنا أن أنوه بأن السلطة التشريعية للمجلسين هدفها الأساس خدمة مملكة البحرين، ويعتبر عملنا تكاملياً، وكما يقال نحن «عينان في رأس واحد»، فلا فرق بيننا وبين مجلس النواب والمشاريع والبرامج التي ننجزها وننفذها ستكون تحت خدمة أعضاء الشورى والنواب، والعكس صحيح.

أما بالنسبة لإطلاع البرلمانات الأخرى على تجربتنا، فبحسب اجتماعات الأمناء العامين في المحافل البرلمانية، كثيرًا ما يتم تبادل الخبرات، ولقد وردتنا طلبات لزيارات من الأمانات العامة من البرلمانات الأخرى للاطلاع على التجربة، وقريباً سيزورنا الأمين العام لبرلمان مونتينيغرو الجبل الأسود، والذي أبدى رغبة في الاطلاع على نظام شورى 360، والمشاريع التقنية التي استحدثناها لكي تخدم العمل التشريعي، كما أُجريت زيارات لأمانات عمل المجالس الخليجية ومجالس عربية، وإن شاء الله في خطة عام 2026 سوف نكثف استقبال المجالس النظيرة لعرض التجربة عليهم.

هناك تشابه وترابط تشريعي بين مملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي، فهل هناك أفكار للتعاون والاستفادة من الخبرات ورفد منظومة «شورى 360» بالتشريعات الخليجية ذات الصلة بالبحرين وقوانينها، وكذلك الأبحاث التي يمكن أن تخدم العمل التشريعي بين دول مجلس التعاون؟

- بالفعل هناك مبادرات وإن شاء الله قريباً في عام 2026 سيتم تنظيم عدة اجتماعات على مستوى الأمناء العامين للمجالس الخليجية، بهدف تبادل أفضل التجارب البرلمانية.

حاليًا تحدث جولات استطلاعية متبادلة نستعرض خلالها تجربة البحرين في كل ما يتعلق بالأنظمة التقنية المستحدثة بالمجلس. نحن بدأنا منذ سنتين هذه الجولات الاستطلاعية لأعضاء الأمانة للاطلاع على التجارب الأخرى واستعراض تجربتنا وما تم إنجازه في مجلس الشورى أمام البرلمانات الأخرى.

ما هي التجربة التي اطلعتم عليها في البرلمانات الدولية وترغبين في تطبيقها بمجلس الشورى؟

- أثناء زيارة لمجلس المستشارين بالمملكة المغربية، اطلعت على تجربة خاصة بالجانب القانوني، وعرض اللجان النوعية للمشاريع وتنظيمها بشكل قانوني في الجلسات. هذه الجزئية أعجبتني، ولذلك تم ابتعاث مجموعة من الأمانة العامة من هيئة المستشارين القانونيين للاطلاع على هذه التجربة، وتم تنفيذها في جلسات المجلس، ولاقت استحساناً وثناء من قبل أعضاء مجلس الشورى.

ماذا بعد نظام «شورى 360»؟

- التطلعات لن تقف إن شاء الله وهي مستمرة، ولدينا مشاريع نعمل عليها، ومن أبرزها ما نشرته الصحافة قبل 7 أشهر بشأن مسابقة الابتكار الرقمي في المجال البرلماني، والتي تم تدشينها من قبل مجلس الشورى، وقد وصلت للمرحلة النهائية، حيث تم اختيار أفضل 10 مشاريع من أصل 48 مشروعاً، وكلها من فئة الشباب الذين قدموا أفكاراً كانت جميعها تقريباً إبداعية، وسيتم التصفية للوصول إلى أفضل ثلاثة مشاريع، وكلها مشاريع تصب في سياق تطوير العمل التشريعي، وسيتم الإعلان عنها قريباً.

فكرة المسابقة لا تقتصر على تشجيع الشباب، ولكن أيضاً لخلق مشاريع يستفيد منها مجلس الشورى ويقوم بتنفيذها.. وللأمانة فإن الأفكار العشرة المختارة جميعها قابلة للتنفيذ، وسيتم تكريم أصحابها.