شاركت هيئة البحرين للثقافة والآثار بمجموعة فنية من مقتنيات متحف البحرين الوطني في المعرض الفني "الفن عبر الخليج العربي"، الذي ينظمه معهد مسك للفنون التابع لمؤسسة محمد بن سلمان، وذلك بصالة الأمير فيصل بن فهد للفنون بالرياض، في الفترة من 5 نوفمبر 2025 حتى 31 مارس 2026.
شهد معرض "الفن عبر الخليج" حضورًا متألّقًا لروّاد الفن التشكيلي البحريني ممّن كان لهم منعطف بارز في تكوين الحركة التشكيلية بكل مراحلها، ومرجعية مؤثرة باتت أثرًا باقيًا على مدى العقود باختلاف الرؤى الفنية والفكرية، مما ساهم في توثيق مسيرتهم الفنية التي تعبر عن الهوية الخليجية المشتركة في المشهد التشكيلي بشكل مفصل، لكل من الفنان عبد الله المحرقي الذي تميزت ممارساته الفنية بين الرسم والكاريكاتير والتصميم، حيث دمج بين التأثيرات السريالية والتكعيبية والزخارف المستوحاة من التراث الشعبي الخليجي والبحريني والتقاليد البحرية المستندة إلى الأصالة البحرينية.
بينما تجسدت أعمال الفنان الراحل أحمد باقر في دراساته الديناميكية بقلم الرصاص والحبر، حيث انعكف في بداياتها على التشريح الإنساني واستكشاف الضوء والظل والحركة، مع تأكيد على الخطوط التعبيرية والتباينات القوية. ومع تطور تجربته، اتجه أسلوبه نحو التجريد، جامعًا بين مرجعيته الأكاديمية وتعلّقه بالأشكال البسيطة والرمزية.
واستند الفنان الراحل حسين السني على خلفيته الأكاديمية وتفاعله المستمر مع الحياة الثقافية في البحرين، فقد جسّدت لوحاته الأولى مشاهد من الحرف التقليدية والبيئة المحلية، مثل صانعي السفن والصيادين، مستخدمًا ضربات فرشاة حرة وتراكيب إيقاعية. وبحلول سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، اتجهت أعماله نحو التجريد، حيث مزج بين عناصر من الخط العربي والمساحات اللونية المسطحة والأشكال الرمزية.
فيما سار الفنان الراحل عبد الكريم البوسطة على خطى سلسة وتوازن محكم بين الوفاء للتراث والانفتاح على التجريب الشكلي. تناولت لوحاته حياة القرية البحرينية، ثم اتجه أسلوبه نحو التجريد والتكوينات الهندسية، فدمج بين الزخارف المحلية والخط العربي في لغة بصرية معاصرة.
وارتكز الفنان الراحل يوسف قاسم على ممارسته الفنية التي راوحت بين الواقعية والتوثيق الاجتماعي، مع التركيز على التقاط مشاهد من الحياة والتراث البحريني. سعى إلى توثيق أنماط الحياة الآيلة للاندثار في خضم التحديث السريع للمجتمع البحريني، مسلّطًا الضوء على التعابير الهادئة المحفورة في وجوه كبار السن وأفراد الطبقة العاملة.
وشارك في المعرض أكثر من 70 فنانًا رائدًا من دول مجلس التعاون، و150 عملًا فنيًا يحاكي مسارات محورية معمّقة لمراحل تأسيس تاريخ الفن الحديث، الذي يمتد من خمسينيات القرن العشرين حتى تسعينياته، وتجمعهم ذاكرة تتعهد بصياغة الهويات البصرية الوطنية التي استرسلت بتجارب معقدة بالشغف، وسعت إلى توثيق تلك السرديات التي أرست ملامحها الأولى منذ وهلة الإبداع حتى زخم التجديد. لهذا، جاء هذا الحدث الفني ليضيء أسس نهضة الفنون التشكيلية التي رافقتها آليات التجديد والتجريب الفني.
هذا ويتيح المعرض إطلالة مفتوحة على عالم الفنون البصرية، ضمن رؤية شاملة تعكس تباين وتنوع ثقافة الفن في الخليج العربي.