صدر كتاب «مبادئ وقيم نظام الحكم في مملكة البحرين»، الذي يرصد تسلسل حكام آل خليفة الكرام ووصايا الحكّام لأولياء عهودهم، بدءاً من الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة (1762-1772) وصولاً إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم.

ويؤكد الكتاب على أن البحرين تُعد مركزاً حضارياً منذ القدم، وقد نتج عن ذلك مجتمع حضاري متقدّم تُضرب به الأمثال، من ناحية التفاني والتآخي والتعايش بين مختلف مكوّناته، وهذا كله ما كان ليكون لولا تمسّك قيادته بمبادئ وقيم نظام الحكم التي مهّدت لميثاق العمل الوطني وما ورد في دستور مملكة البحرين.

ويستعرض الكتاب الأسس التي شكلت ملامح نظام الحكم في البحرين، والمبادئ التي توافق عليها الحكام في وصاياهم لأولياء العهود، وبنية النظام التي رسخت شرعيته، وأسست لعلاقة متوازنة بين القيادة والمجتمع، ورصدها الكتابي في التالي:

1. الشريعة الإسلامية الغراء: حيث كانت البحرين آنذاك من أوائل من استجاب للدعوة الإسلامية طواعية، وقد كانت الشريعة الإسلامية هي المرجع الأساسي للحكم والمبدأ العام في التعاملات والقضاء، واستمر ذلك جيلاً بعد جيل حتى فتح البحرين ومن ثم بناء الدولة الحديثة، وصولاً إلى إقرار ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين الذي نص على أن دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، في الوقت الذي تحتضن فيه مملكة البحرين على أرضها التنوع الديني والفكري وتعدد المعتقدات، في ظل روح التعايش والتسامح التي تعد في مقدمة مبادئ وقيم نظام الحكم في مملكة البحرين.

2. الشورى: والتي جاءت مصداقاً لقوله تعالى «وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ»، حيث كان مبدأ الشورى أحد أهم الركائز لنظام الحكم في مملكة البحرين، فمنذ قيام المؤسس الشيخ أحمد الفاتح بإعادة البلاد كياناً عربياً مستقلاً، تمت ممارسة الحكم من قبل أولي الأمر من آل خليفة الكرام بنظام الشورى والحوار، وقام شعب البحرين بمبايعة المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لتولي الحكم في البلاد، ولتفادي السيطرة الأجنبية، في أول صورة لاستفتاء شعبي يعكس الشورى في أسمى صورها، وقد كانت للشيخ عيسى الكبير فكرة تأسيس أول مجلس شورى في البلاد لولا معارضة القوى الأجنبية. كما شهدت البلاد انتخابات بلدية شاركت فيها المرأة مع الرجل في بناء الدولة الحديثة منذ عشرينيات القرن الماضي، وصولاً إلى العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، الذي شهد استئناف الحياة النيابية بعد إقرار ميثاق العمل الوطني باستفتاء شعبي مثّل توافقاً تعاقدياً بين القائد وشعبه أسّس لنظام المجلسين، واستكمل مبدأ الفصل بين السلطات، ما شهد خروج الحكومة من عضوية المجلس المنتخب وعودة حقوق المرأة السياسية، وقد استُكملت هذه الرؤية الأساسية في لجنة تفعيل مبادئ ميثاق العمل الوطني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله.

3. العدل والإحسان: والذي يعتبر هذا من أهم مقومات نظام الحكم في مملكة البحرين، ذلك بأن العدل أساس الملك، وقد حرص ملوك مملكة البحرين منذ القدم على استقلال القضاء واحترام علماء الدين وتقريبهم ومجالستهم في مجالسهم، وانعكس ذلك في ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين، والذي تمثل في تعزيز استقلالية القضاء واستكمال المؤسسات الدستورية.

4. التضحية في سبيل الوطن: فحسب ما ورد في ميثاق العمل الوطني بأن جلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، واهتمام جلالته بتأسيس قوة دفاع البحرين والحرس الوطني والتطوير المستمر للمنظومة الدفاعية للمملكة، ما يؤكد أن قيم ومبادئ نظام الحكم في مملكة البحرين قائمة على التضحية في سبيل الوطن، ولعل أبرز ما تم تقديمه من تضحيات وطنية في هذا السياق استشهاد حاكم البحرين المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ علي بن خليفة آل خليفة مع نجله الشيخ إبراهيم، طيب الله ثراهما، دفاعاً عن استقلال البلاد ووحدة أراضيها في العام 1869م، كما يستذكر ملوك مملكة البحرين الكرام شهداء البلاد ومن قام بالتضحيات الجليلة من العسكريين والمدنيين دفاعاً عن الوطن، كون حق الدفاع حقاً مشروعاً أقرته جميع المواثيق والأعراف الدولية ومبادئ العدالة.

5. العادات والتقاليد المرعية: وهي العادات والأسس الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع المتكاتف قيادةً وشعبًا. منذ عهد المؤسس الشيخ أحمد الفاتح ثم تطبيق العديد من الأعراف الثابتة والمستمرة حتى يومنا هذا، وكانت محور النهضة الحضارية في مملكة البحرين منذ القدم، وقد تجلى ذلك في نهج ملوك مملكة البحرين الكرام بالمجالس المفتوحة التي تجسد أعظم صورة للمشاركة الأهلية المباشرة واحترام الكبير والعطف على الصغير وإكرام الضيف ونصرة المظلوم، والتي طبقها أولياء الأمر طبقة بعد طبقة.

ويستعرض الكتاب وصايا قادة مملكة البحرين لأولياء عهودهم المستمدة من مبادئ وقيم نظام الحكم، بداية من صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى الكبير وصولاً إلى جلالة الملك المعظم.

وصية صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى الكبير لولي عهده الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة:

أقول وأنا حمد بن عيسى آل خليفة بأني قد اخترت ولدي سلمان بن حمد وجعلته ولي العهد من بعدي على الرعية لعلمي بصلاحه وحسن سيرته، فرأيت ذلك صلاحاً لما فيه من براءة من براءة الذمة لكونه من المصالح العامة، وهو من الخصال المهمة، وعليه تقوى الله في السر والعلن، والقيام بحقوق الله وحقوق العباد، والتأني في الأمور المهمة، وإقامة الحدود وإنصاف المظلوم من الظالم، وألا يأخذ في الله لومة لائم، وأن لا يستغني عن المشاورة، وأن يقبل النصيحة. وعليه بالعدل والإحسان الخاص والعام، وأن يكون مع الحق أينما دار ولو على نفسه وولده وأن يغضب لله ويرضى لرضاه، وأسأل الله الكريم المولى الرحيم أن يتولى بحفظه وعنايته وحسن رعايته، وأن يوفقه ويساعده ويعينه على ما ذكر بمنّه وكرمه، ويصرف عنه شر الحاسدين، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير، وهو القوي المتين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والله على ذلك شاهد وكفيل.

حرّر في شهر محرم 1359

وصية صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة لولي عهده الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة

أقول وأنا سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة بأني اخترت ولدي عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة وجعلته ولياً لعهدي من بعدي على الرعية عموماً، لعلمي بصلاحه وحسن سيرته، وعليه تقوى الله في السر والعلن، والقيام بحقوق الله وحقوق العباد، والتأني في الأمور المهمة، وإقامة الحدود، والإنصاف للمظلوم من الظالم، وألا تأخذه في الله لومة لائم، وأن يغضب لله ويرضى لرضاه، وأن يكون دينك إعلاء كلمة التوحيد ونصر دين الله، وأن تتخذ لنفسك أوقاتاً خاصة لعبادة الله والتضرع بين يديه في أوقات فراغك. تعبد إلى الله في الرخاء تجده في الشدة، وعليك بالحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون ذلك كله على برهان وبصيرة في الأمور والصدق في العزيمة، ولا يصلح مع الله سبحانه وتعالى إلا الصدق وإيلاء العمل الخفي الذي بين المرء وربه، وعليك أن تجد وتجتهد في النظر في شؤون الذين سيوليك الله أمرهم بالنصح سراً وعلانية، والعدل في الحب والبغضاء، وتحكيم الشريعة في الدقيقة والجليلة، والقيام بخدماتها باطناً وظاهراً، وينبغي ألا تأخذك في الله لومة لائم. عليك أن تنظر في أمور المسلمين عامة، ومن يوليك الله عليهم وفي أسرتك خاصة، اجعلهم كبيرهم والداً، ومتوسطهم أخاً، وصغيرهم ولداً، وهيئ نفسك لرضاهم، وامحِ زلتهم، وأقل عثرتهم، وانصح لهم، واقضِ لوازمهم بقدر إمكانك. أوصيك بعلماء المسلمين خيراً، احرص على توقيرهم ومجالستهم وأخذ نصيحتهم بقدر الإمكان، واحرص على العلم؛ لأن الناس ليسوا بشيء إلا بالله ثم بالعلم ومعرفة العقيدة. احفظ الله يحفظك، وما توفيقي إلا بالله.

حرّر في اليوم السابع من شهر ذي الحجة 1376 الموافق اليوم الخامس من شهر جولاي 1957.

وصية صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان لولي عهده حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة

أقول وأنا عيسى بن سلمان آل خليفة بأني اخترت ولدي حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة وجعلته ولياً لعهدي من بعدي على الرعية عموماً، لعلمي بصلاحه وحسن سيرته، وعليه تقوى الله في السر والعلن، والقيام بحقوق الله وحقوق العباد، والتأني في الأمور المهمة، وإقامة الحدود والإنصاف للمظلوم من الظالم، وألا تأخذه في الله لومة لائم، وأن يغضب لله ويرضى لرضاه، وأن يكون دينك إعلاء كلمة التوحيد ونصر دين الله، وأن تتخذ لنفسك أوقاتاً خاصة لعبادة الله والتضرع بين يديه في أوقات فراغك. تعبد إلى الله في الرخاء وفي الشدة، وعليك بالحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون ذلك كله على برهان وبصيرة في الأمور والصدق في العزيمة، ولا يصلح مع الله سبحانه وتعالى إلا الصدق وإيلاء العمل الخفي الذي بين المرء وربه، وعليك أن تجد وتجتهد في النظر في شؤون الذين سيوليك الله أمرهم بالنصح سراً وعلانية، والعدل في الحب والبغضاء، وتحكيم الشريعة في الدقيقة والجليلة، والقيام بخدماتها باطناً وظاهراً، وينبغي ألا تأخذك في الله لومة لائم. عليك أن تنظر في أمور المسلمين عامة، ومن يوليك الله عليهم وفي أسرتك خاصة، اجعل كبيرهم والداً، ومتوسطهم أخاً، وصغيرهم ولداً، وهيئ نفسك لرضاهم وامح زلتهم، وأقل عثرتهم، وانصح لهم، واقضِ لوازمهم بقدر إمكانك.

أوصيك بعلماء المسلمين خيراً. احرص على توقيرهم ومجالستهم وأخذ نصيحتهم بقدر الإمكان، واحرص على العلم لأن الناس ليسوا بشيء إلا بالله ثم بالعلم ومعرفة العقيدة. احفظ الله يحفظك، وما توفيقي إلا بالله.

حرّر في اليوم السابع عشر من شهر صفر 1384، الموافق لليوم السابع والعشرين من شهر جون 1964

وصية جلالة الملك المعظم لولي عهده الأمير سلمان بن حمد آل خليفة

الحمد لله مالك الملك، يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم، والصلاة والسلام الأتمان والأكملان على نبي الهدى والرشاد المبعوث رحمة للعباد سيدنا محمد، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار. وبعد، فإن حقوق الرعية على ولي الأمر حقوق كثيرة، ومسؤوليته في حفظ تلك الحقوق وصونها مسؤولية كبيرة لا تنتهي بمدة حكمه ولا فترة ملكه، وإنما تمتد إلى ما بعد ذلك بالنظر في من يصلح لخلافته على رعيته من بعده، وقيامًا بهذا الواجب، فإنني أنا حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك مملكة البحرين، وأنا أشهد لله تعالى بالوحدانية ولسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة، وبعد الاطلاع على الدستور وعلى المرسوم رقم (12) لسنة 1973 بنظام توارث المملكة، اخترت ولدي سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة وليًا للعهد من بعدي على الرعية عمومًا في مملكة البحرين، لعلمي بصلاحه وحسن سيرته وكفايته وجدارته وحبه لوطنه وشعبه.

فعليه بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، وخشيته، ومراقبته، والقيام بحقوق الله وحقوق العباد، والتأني في الأمور المهمة، وإقامة شرع الله، وإنصاف المظلوم من الظالم، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم، وأن يغضب لله ويرضى لرضاه، واجعل دينك إعلاء كلمة التوحيد ونصر دين الله، وحافظ على ما فرض الله عليك من الصلوات الخمس، واحضض عليها جماعة من معك، فإنها كما قال تعالى: (تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)، وهي عماد الدين وأفضل العبادات، تعبد ربك في الرخاء تجده في الشدة، وإذا ورد عليك أمر فاستعن عليه باستخارة الله وتقواه، وأكثر مجالسة العلماء وأهل الفكر والرأي والصلاح، ومشاورتهم ومخالطتهم، وعليك بالحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون ذلك كله على برهان وبصيرة في الأمور والصدق في العزيمة، ولا يصلح مع الله سبحانه إلا الصدق، واجعل من شأنك حسن الظن بمعاونيك وتجنب سوء الظن بهم تجد في نفسك قوة وراحة، فإن حسن الظن بالناس يدعوهم إلى محبتك والاستقامة في خدمتك، ولا يمنعك حسن الظن بهم أن تبحث في الأمور بيقظة، وتستقصي الحقيقة بالسؤال، لتكون على بينة، وافتح بابك للناس وأرهم وجهك واسمع شكواهم واقض حوائجهم تنل محبتهم وصفاء مودتهم، وتعاضد ذوي الحاجات واليتامى والأرامل، وابذل وسعك في حض أهل الخير على الإحسان إليهم، واستعمل على رعيتك ذوي الرأي والتدبير والتجربة والعلم والصلاح والعفاف، واجتنب الشح ويسر طريق الجود بالحق. قال تعالى: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). واعلم أن الكف عن أموال الرعية وترك التضييق عليهم يجلب محبتهم لك، كما أن التوسعة على أوليائك والإفضال عليهم يديم صفاءهم، ويلهب عزيمتهم في خدمتك.

واعلم أن العدل أساس الملك، وأن القضاء ميزان الله، به تصلح أحوال الرعية، ويقوم الدين وتجري القوانين والشرائع على مجاريها، وأن السلطان ظل الله في الأرض، يأوي إليه الضعيف وبه ينتصف المظلوم، فكن للعدل حامياً وللظلم مجافياً، وسر في رعيتك سير آبائك وأسلافك الذين صانوا الحقوق، فرزق الله العافية والسلامة للرعية على يدهم، واعلم أن الازدهار الاقتصادي والرخاء المادي والاستقرار العام لا يقوم بشيء كما يقوم بالعدل، فالزمه واحرص عليه يؤتك الله أجرك مرتين، واعلم أن الأمم لا تزدهر وتتقدم إلا بالعلم، فاحرص على تعليم أبناء شعبك، وافتح لهم أبواب اكتساب العلوم والمعارف والتكنولوجيا الحديثة في الجامعات والمعاهد العليا في الداخل والخارج، وخذ بأسباب التطور التحديث في جميع المجالات مع الحفاظ على الثوابت الدينية والوطنية والأخلاق الأصيلة والأعراف والتقاليد التي تميز أصالة وطنك وتحفظ الهوية والانتماء في رعيتك.

هذا وإن أخطر ما يهدد الدولة ويعجل باضطراب أحوالها هو تطرق الفساد إلى دواليبها، فقم في وجه الفساد بكل قوة وعزم، وحاربه في أوكاره بكل حزم، مع التثبت في ذلك والتأني والنظر في العواقب والتفكر والتدبر، ودون عجلة ولا تهور ولا شطط، تأمن على مستقبل بلدك، وتمهد الأرض الصالحة لزرع القيم والفضيلة، وإقامة دولة الحق والقانون والمؤسسات، واحترام حقوق الإنسان، وحفظ وتعزيز نظام الشورى، واستتباب الأمن والاستقرار، وتقديم أحسن صورة للعالم عن بلدك وشعبك، وضمان الاحترام لمملكتك في المحافل الدولية وعند كافة الشعوب والأمم.

إن شعب البحرين شعب أصيل كريم، أحببناه وأخلصنا له، فبادلنا حباً بحب، وإخلاصاً بإخلاص، فقدم راحته على راحتك، وحياته وسعادته على حياتك وسعادتك، وكن رحيماً به مشفقاً عليه، ولا تألو جهداً في خدمته، واجعل للأفراد مكاناً في قلبك لا يقل عن أفراد أسرتك الخاصة، هذا وإن أسرة آل خليفة أمانة في عنقك، واجعل كبيرهم والداً، ومتوسطهم أخاً، وصغيرهم ولداً، وهيئ نفسك لرضاهم، وامح زلتهم، وأقل عثرتهم، وانصح لهم، واقض لوازمهم. احفظ الله يحفظ، وما توفيقي إلا بالله.

حرّر في اليوم الـ21 من ذي القعدة 1419هـ، الموافق لـ9 من مارس 1999م

كما يرصد الكتاب أهم ما ورد في كلمات قادة مملكة البحرين بمناسبة توليهم مقاليد الحكم، حيث يضم كلمات جلالة الملك المعظم، وصاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وصاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، وصاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى الكبير، والتي جاءت كالتالي:

كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله

شعبنا العزيز، نعاهدكم أن نبقى بينكم ومعكم في كل خطوة ومرحلة من عملنا الوطني، فنحن أقوياء بعون الله معكم وبكم، وسيبقى التواصل بيننا قائماً ومتطوراً بإذن الله من أجل رفعة البحرين ورخائها، وسنطلعكم على أفكارنا وتصوراتنا لمستقبل العمل الوطني، ويهمنا أن نستطلع ما لديكم من آمال وتطلعات لخير البحرين في ظل ما تعارفنا عليه من تواصل بين القيادة والمواطن منذ بدء المسيرة. وثقتنا كبيرة أن مجتمعنا البحريني المتحضر يمتلك الكثير من مقوّمات التقدم الحقيقي التي يمكن البناء عليها في مسيرة التطوير السياسي والإداري والاقتصادي الذي نؤمن به، ونتطلع إليه إغناءً لتقاليدنا في الشورى، ومواصلة لنهجنا في التطوير الحكومي، وبرامج التنمية الشاملة، وتنويع الاقتصاد الوطني، لصالح جميع أبناء هذا الوطن في مختلف مواقعهم، وعلى كل ذرةٍ من ترابه.

كلمة صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيّب الله ثراه

«ونود هنا أن نوجز بعض الأهداف التي نسعى لتحقيقها بعون الله. أولها المحافظة على كيان هذا البلد العربي الآمن ورفع شأنه وتثبيت دعائمه، والسير بالحكم بما يرضي الله ويحفظ شرائعه، ومواصلة السعي في سياسة التطور والسير الحثيث في شتى المجالات التي وضع أسسها الفقيد الراحل، مع بذل الجهد لإيجاد مزيد من الموارد والعوائد بما يحقق الازدهار المأمول، ثم تثبيت وتدعيم الصلات التي تربطنا وأشقاؤنا دول وشعوب البلاد العربية، وآخرون من أصدقائنا وحلفائنا، بما يحقق التعاون المتكافئ ويوفر للجميع الطمأنينة والرخاء».

«وستجدوننا كما كان عليه آباؤنا من قبل، عوناً لكم في السراء والضراء، وما توفيقنا بعد ذلك إلا بالله، عليه توكلنا، ومنه جل وعلا نستمد قوتنا ونستوحي السداد والتوفيق، وهو نعم المولى ونعم النصير».

كلمة صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة طيّب الله ثراه

«إن الحكم حمل ثقيل، ولكني - مستمداً قوتي من الله جل جلاله - سأسعى مجداً في إصلاح حال عشيرتي وشعبي المخلص وبلادي، متمسكاً بديني ساهراً على المصلحة العامة، ثم أعود فأقول إن هذه الحرب أصبحت حرباً ضروساً، لا نعرف ماذا يكون مستقبلها ومتى تنتهي، فمن اللازم علينا أن نحفظ بعون الله حالة المعيشة في بلادنا، وإن حكومتي قد رتبت أنظمة وسترتب أنظمة أخرى نطمئن منها على ترتيب معيشة بلاد البحرين، ولا نسمح لمن يريد مصلحته من إرهاق الطبقة الفقيرة لتزيد المصلحة لنفسه، بل اللازم النظر في حالة الفقير قبل كل شيء».

كلمة صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى الكبير طيّب الله ثراه

«إن بلادك أيها الشعب قد وصلت إلى ما وصلت إليه بهمم أسلافك العظام، وما أبدوه في مختلف الأدوار من التفاني العظيم والتضحية البالغة، فعليكم وخصوصاً في هذا العصر، وفي هذه الظروف، أن تضاعفوا الهمم وتشمروا عن ساعد الجد لخير بلادكم ورفعة أمتكم، وحكومتكم من ورائكم وأمامكم تعين المجتهد وتهدي الضال بحول الله وقوته».

«أيها الأفاضل، إني أغتنم هذه الفرصة، فأوصيكم وأوصي نفسي بالإخلاص في القول والعمل، وبذل قصارى الجهد في ترقية مرافق البلاد وإصلاح شأن الأمة، وسترون مني كل ما يرضيكم من عدل وإنصاف واهتمام بكل ما يعلي شأنكم ويصلح أحوالكم، سواء كان ذلك في المعارف، أو في التجارة والزراعة وغيرها من مصالح العامة، وعلى الله الاتكال».