حسن الستري

البحرين في عيون العالم.. وطن للسلام ومنصة للحوار والتعايش

البحرين أيقونة سلام.. وشريك موثوق في معادلات الإقليم والعالم

المملكة نموذج إقليمي للتسامح والاستقرار والشراكات الدولية

الأعياد الوطنية ورسائل الخارج.. البحرين ترسخ مكانتها كدولة سلام

القوة الناعمة البحرينية.. إرث حضاري وحضور دولي متنامٍ

خلال احتفال مملكة البحرين بأعيادها الوطنية وعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه وما يصاحبها من مناسبات وطنية، لا تقتصر مظاهر الاحتفاء على الفعاليات المحلية والاحتفالات الشعبية، بل تمتد رمزية المناسبة لتبعث برسائل واضحة إلى الخارج، مفادها أن البحرين دولة مستقرة، متصالحة مع ذاتها، ومؤمنة بالتعدد والانفتاح، وقادرة على صون هويتها الوطنية في خضم عالم سريع التحولات.

وتُترجم هذه الرسائل في الاهتمام الدولي بالمملكة، وفي حضورها المتنامي في المحافل الإقليمية والدولية، حيث يُنظر إليها كصوت عقلاني، ودولة سلام، ومنصة حوار، ومملكة رسخت صورتها كقوة ناعمة وصوت عقلاني بالعالم.

وتحضر مملكة البحرين في الوعي الإقليمي والدولي بوصفها نموذجاً فريداً لدولة صغيرة في المساحة، كبيرة في التأثير، استطاعت عبر تاريخها الطويل أن توازن بين الأصالة والتحديث، وأن تبني لنفسها صورة ذهنية تتجاوز الجغرافيا، لترسخ مكانتها كأيقونة سلام، ومركز للتسامح والتعايش، وشريك استراتيجي موثوق في الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وفي عيون من عاشوا على أرضها، تُرى البحرين كـ«وطن ثانٍ» احتضن مئات الآلاف من مختلف الجنسيات والثقافات، ووفّر لهم بيئة آمنة ومستقرة، واندمجوا في نسيجها الاجتماعي، وحملوا معهم بعد مغادرتها ذكريات دافئة وحنيناً دائماً. أما عالمياً، فتُقدّر البحرين لقيمها الإنسانية، ودفء شعبها، وكرم ضيافته، واستمرارية نموذجها المنفتح الذي يجمع بين التقاليد العريقة ومتطلبات العصر الحديث.

تُعد البحرين واحدة من أبرز النماذج في المنطقة في مجال التعايش الديني والثقافي، حيث تتجاور دور العبادة لمختلف الأديان والمذاهب في مشهد يعكس عمق التسامح المجتمعي. ويشكل هذا النموذج ركيزة أساسية من ركائز القوة الناعمة البحرينية، التي تحظى بتقدير دولي واسع، وتُترجم في استضافة المؤتمرات الإقليمية والدولية المعنية بالحوار والتفاهم بين الشعوب.

وقد أسهم هذا الإرث في ترسيخ صورة البحرين كدولة سلام، قادرة على لعب دور الوسيط، ومركز للحوار، ومنصة لتقريب وجهات النظر، في وقت يشهد فيه العالم تصاعداً في الأزمات والاستقطابات.

ويرى مراقبون أن البحرين تمتلك مخزوناً مهماً من القوة الناعمة غير المستثمرة بالكامل، يتمثل في آلاف المقيمين السابقين الذين عاشوا فيها لسنوات طويلة، وشكّلوا جزءاً من مسيرتها التنموية. وهؤلاء يشكلون، وفق هذا التصور، سفراء غير رسميين للبحرين في مختلف دول العالم، ينقلون صورتها الإيجابية، ويعكسون تجربتهم الإنسانية والمهنية على أرضها.

كما تلعب الثقافة والفنون والتراث دوراً محورياً في هذه القوة الناعمة، حيث تحظى البحرين باعتراف دولي بقيمتها الثقافية والحضارية، واحتضانها لمواقع أثرية مدرجة على قائمة التراث العالمي، ما يعزز حضورها في المشهد الثقافي العالمي.

تُعرف البحرين عالمياً بكونها موطن حضارة دلمون القديمة، إحدى أقدم الحضارات التجارية في التاريخ، ومركزاً حيوياً للتبادل بين حضارات وادي الرافدين ووادي السند. وتضم المملكة معالم أثرية بارزة، مثل قلعة البحرين، ومعابد باربار، وعيون المياه العذبة التي شكّلت أساس الاستقرار البشري والازدهار الزراعي.

وعلى الرغم من صغر مساحتها الجغرافية، فإن البحرين تتمتع بجمال طبيعي فريد، جمع بين البحر والعيون العذبة وبساتين النخيل، وهو ما منحها خصوصية بيئية وثقافية ما زالت حاضرة في الذاكرة العالمية، وإن كانت تواجه تحدياً مستمراً في تسويق هذا الإرث على النطاق الدولي بالشكل الذي يليق به.

تاريخياً، كانت البحرين مركزاً تجارياً رئيساً في الخليج، ولا تزال تحافظ على هذا الدور من خلال تطورها كمركز مالي ومصرفي إقليمي، ووجهة جاذبة للأعمال والاستثمار. ويعزز هذا الحضور بنية تحتية حديثة، وتشريعات اقتصادية مرنة، وبيئة أعمال منفتحة، جعلت المملكة نقطة التقاء بين أسواق الشرق والغرب.

وتُنظر إلى البحرين اليوم باعتبارها بوابة استراتيجية إلى أسواق الخليج، وبالأخص السوق السعودية، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية في جذب الاستثمارات الدولية، ولا سيما في القطاعات المالية والتكنولوجية والخدمية.

على المستوى الدولي، تحظى البحرين بمكانة خاصة كشريك استراتيجي رئيس للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، نتيجة موقعها الجغرافي الحيوي، وتعاونها الأمني والدفاعي، وعلاقاتها الاقتصادية المتينة.

وتستضيف المملكة المقر الدائم للأسطول الخامس للبحرية الأميركية، وهو ما يعكس الثقة الدولية في دور البحرين كركيزة للاستقرار الإقليمي وضمان أمن الملاحة البحرية.

كما أن تصنيف البحرين كحليف رئيس غير عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يعزز حضورها في شبكات الأمن العالمية، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون الدفاعي والتقني، والتدريبات المشتركة، ونقل الخبرات.

اقتصادياً، شكّلت اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة، الأولى من نوعها بين واشنطن ودولة خليجية، نموذجاً للشراكات الاقتصادية المتقدمة، وأسهمت في تعزيز التجارة الثنائية، وجذب الاستثمارات المتبادلة، وترسيخ صورة البحرين كشريك اقتصادي موثوق.

إقليمياً، تُنظر إلى البحرين كفاعل رئيس في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودولة مؤمنة بأهمية العمل الجماعي والتكامل الإقليمي. وتبرز استضافتها للقمم والاجتماعات الخليجية كدليل على ثقة الأشقاء بدورها التوافقي، وقدرتها على جمع الأطراف، وتعزيز وحدة الموقف الخليجي في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وتوفر هذه الاستضافات منصة لإبراز البحرين كمركز حوار إقليمي، وكمحرّك للتعاون في ملفات حيوية، مثل أمن الطاقة، والتحول الرقمي، والاستدامة، والتكامل الاقتصادي، في وقت تتجه فيه دول الخليج إلى تنويع اقتصاداتها وتعزيز حضورها العالمي.

ورغم هذه الصورة الإيجابية، يدرك البحرينيون أن هناك تحديًا قائماً في تسويق البحرين عالمياً بالصورة التي تعكس حجم إرثها الثقافي، وجودة منتجاتها، وخصوصية تجربتها الإنسانية. ويُنظر إلى تعزيز الدبلوماسية الثقافية، وتكثيف الحضور الإعلامي الدولي، والاستثمار في رواية القصة البحرينية، كفرص استراتيجية لتعظيم الاستفادة من رصيد المملكة المعنوي.

في عيون العالم، البحرين ليست مجرد دولة خليجية صغيرة، بل نموذج متكامل يجمع بين تاريخ عريق، وشعب مضياف، واقتصاد منفتح، ودبلوماسية متوازنة. إنها وطن للسلام، وجسر بين الحضارات، وشريك يُعتمد عليه في معادلات الإقليم والعالم. ومع تطلعها المستمر لتعزيز صورتها العالمية، تواصل البحرين ترسيخ مكانتها كقوة ناعمة مؤثرة، وحاضنة للتعايش، ولاعب فاعل في صناعة المستقبل الخليجي والدولي.