أمل محمد أمين

مع اقتراب موسم الامتحانات، تتزايد مشاعر القلق والتوتر بين الطلاب وأسرهم، فيتحول الامتحان لدى البعض من وسيلة للتقييم إلى مصدر للضغط النفسي. غير أن الاستعداد الجيد يظل العامل الحاسم في تحويل هذا القلق إلى دافع إيجابي، ويجعل من فترة الامتحانات مرحلة للإنجاز لا للخوف.

ويأتي تنظيم الوقت في مقدمة عناصر الاستعداد الناجح، إذ يساعد الطالب على السيطرة على حجم المقررات الدراسية بدلاً من الشعور بالعجز أمامها. ويبدأ ذلك بتحديد واضح للمواد المطلوب مذاكرتها، ومعرفة عدد الدروس والفصول، مع إدراك نقاط القوة والضعف في كل مادة، بما يتيح توزيع الجهد بشكل عادل ومتوازن.

ويُعد إعداد جدول زمني واقعي خطوة أساسية في هذا السياق، حيث تُقسَّم الأيام المتبقية قبل الامتحان على المواد المختلفة، مع تخصيص وقت أطول للمواد التي تحتاج إلى مجهود أكبر، دون إغفال فترات الراحة القصيرة بين جلسات المذاكرة، لما لها من دور مهم في تجديد النشاط ومنع الإرهاق.

كما أن تقسيم المادة الدراسية إلى أجزاء صغيرة يسهم في تسهيل عملية المذاكرة، ويمنح الطالب شعوراً بالإنجاز مع الانتهاء من كل جزء، بدلاً من التعامل مع المادة ككتلة واحدة مرهقة. ويُنصح كذلك بتحديد أوقات ثابتة للمذاكرة يومياً، يلتزم بها الطالب قدر الإمكان، خاصة في الفترات التي يكون فيها التركيز أعلى، مثل الصباح الباكر أو بعد فترات الراحة.

ولا تقل المراجعة الذكية أهمية عن المذاكرة نفسها، إذ تساعد المراجعة اليومية لما تم دراسته، إلى جانب المراجعات الأسبوعية الشاملة، على تثبيت المعلومات وتقليل النسيان. كما أن حل النماذج الامتحانية والتدرب على الأسئلة المتوقعة يعزز من قدرة الطالب على إدارة الوقت داخل لجنة الامتحان، ويقلل من رهبة الاختبار.

وفي ظل الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، يصبح الابتعاد عن المشتتات أثناء المذاكرة ضرورة لا غنى عنها، من خلال غلق الهاتف أو وضعه بعيداً عن مكان الاستذكار، وتهيئة بيئة هادئة ومنظمة تساعد على التركيز والانتباه.

ولا يكتمل الاستعداد الجيد دون الاهتمام بالجانب النفسي والجسدي، فالنوم الكافي والتغذية السليمة عنصران أساسيان لرفع كفاءة الذاكرة والتركيز. ويبرز دور الأسرة هنا كعامل أساسي في دعم الطالب، حيث توفر البيئة الأسرية الداعمة أجواءً من الهدوء والاستقرار النفسي، وتساهم في رفع دافعيته وتخفيف مخاوفه من الفشل. ويظهر الدعم الأسري من خلال تشجيع الأبناء على الالتزام بجدول المذاكرة، وتقديم التحفيز الإيجابي بدلاً من اللوم أو المقارنة بالآخرين، وتنظيم نمط حياتهم اليومي بما يشمل النوم المنتظم والتغذية الصحية وتقليل مصادر الإزعاج. ويصبح بذلك حضور الأسرة واحتواؤها للطالب شريكاً حقيقياً في رحلة النجاح، بما يعزز ثقته بنفسه ويحوّل مرحلة الامتحانات إلى تجربة تعليمية إيجابية.

أما داخل لجنة الامتحان، فيبقى الهدوء وتنظيم الوقت مفتاح التفوق؛ قراءة الأسئلة بعناية، والبدء بالأسئلة الأسهل، وتوزيع الوقت على الإجابات، خطوات بسيطة لكنها تصنع فارقاً كبيراً في النتيجة النهائية.

وفي النهاية، تظل الامتحانات مرحلة عابرة في مسيرة التعليم، وليست مقياساً وحيداً لقدرات الطالب أو مستقبله. فالنجاح الحقيقي يبدأ بالاجتهاد، ويترسخ بالتخطيط الجيد، ويؤتي ثماره بتنظيم الوقت والاستعداد الواعي الذي يحول التحديات إلى فرص، ويقود بثبات نحو التفوق.