كم عدد الخريجين سنوياً المتجهين نحو سوق العمل؟ وكم منهم يجد فرصة وظيفية مباشرة فور تخرجه؟ وما متوسط المدة التي يقضيها الخريجون في انتظار الوظيفة بحسب تخصصاتهم؟
تفتح هذه التساؤلات الباب لمزيد من البحث والتقصي، بهدف تقليص مدة انتظار الوظيفة قدر الإمكان، وفتح قنوات جديدة للخريجين لبدء مسيرة مهنية تتناسب مع تخصصاتهم وطموحاتهم.
ومع أهمية تدريب الطلبة على مهارات البحث عن عمل، مثل إعداد السيرة الذاتية الاحترافية، واجتياز مقابلات العمل، والاستفادة من المعارض المهنية؛ تبرز ضرورة ملحة لتوعيتهم -قبل التخرج- بالخيارات المتاحة خارج نطاق «العمل الوظيفي» التقليدي.
فالمشاريع الصغيرة، والأعمال اليدوية والحرفية، ومجال ريادة الأعمال بشكل عام، هي خيارات قائمة ومتاحة للطالب أثناء دراسته الجامعية وبعد تخرجه. وهذا ما يضاعف من أهمية هذه المجالات، وضرورة إدماجها في المسار التعليمي بشكل عملي قبل التخرج.
بذلك، يتعلم الطالب كيفية توليد الأفكار المناسبة، وأهمية البدء بالمكان والإمكانات المتاحة والتطور مع الممارسة؛ كما يكتسب أساسيات البيع، والتسويق، وخدمة العملاء، والتعامل مع منصات الدفع الرقمية، وغيرها من المهارات التي يحتاجها بشكل عملي وتفاعلي.
عندما يتسلح الطالب بهذه المعارف، يتحول من فرد ينتظر دوراً في طابور البطالة -وقد يتسرب إليه اليأس أو السخط- إلى إنسان منتج وفاعل. يبدأ مسيرته في مجال يختاره، يجرب ويخطئ ويتعلم طرقاً مختلفة للكسب، والتي قد تتحول لاحقاً إلى كيانات اقتصادية كبرى.
فحرفة «النجارة المنزلية» يمكن أن تتحول بالتخطيط السليم إلى شركة متخصصة في صناعة الأثاث. وتصميم الإعلانات قد يتطور من مجرد هواية على «الفوتوشوب» إلى مؤسسة دعاية وإعلان متكاملة. كما أن «بودكاست» متخصصاً يسلط الضوء على المشاريع الناشئة، قد يصبح مع الوقت منصة إعلامية ذات تأثير عالمي.
إن التوجه نحو المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال يحفظ للفرد كرامته ويؤمّن له مصدر رزقه، بعيداً عن عناء الانتظار أو القبول بوظائف مرهقة لا تلبي طموحاته.
وختاماً، فإن التاريخ مليء بنماذج لمشاريع متناهية الصغر تحولت إلى شركات عملاقة، توظف المئات من أبناء الوطن، وتقدم خدمات ذات جودة عالية، وتساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على المستورد.